ترجمة حفصة جودة
كتبت أنستازيا توباليدو وسو داون
بدلًا من النظر إلى السماء لمعرفة إذا كانوا بحاجة لمظلة أم لا، يسأل الناس المساعدين الافتراضيين مثل أليكسا، وربما يكون هذا تصرفًا حكيمًا، فطرق الذكاء الاصطناعي أصبحت قوية وقادرة على أي شيء بداية من تحليل بيانات الفيزياء الفلكية وحتى اكتشاف الأورام والمساعدة في التحكم بنسبة السكر في الدم.
كانت خوارزمية تحليل أنماط التسوق قد تمكنت مؤخرًا من اكتشاف حمل فتاة مراهقة قبل أن يعلم والدها، لذا هل تكون عملية الولادة هدف الذكاء الاصطناعي التالي؟
من أشهر مجموعات الذكاء الاصطناعي مجموعة “التعلم الآلي” التي تسمح للآلة بتعلم المهمة دون برمجة صريحة، ويحدث ذلك من خلال خوارزميات مصممة بقدرتها على اكتشاف العلاقات داخل كمية كبيرة جدًا من البيانات.
تخيل أن نظام ذكاء اصطناعي يمكنه قراءة حركات الأم والجنين بشكل مستمر وكذلك أنماط التنفس والإشارات الحيوية مثل معدل ضربات القلب وضغط الدم، كما يستطيع بكل ثقة تحديد الأنماط الفردية الحاسمة في وظائف أعضاء ومشاعر وسلوكيات الأم والجنين في أثناء الولادة.
ربما يقلل الذكاء الاصطناعي من التدخلات غير الضرورية ويحد من وفيات الأمهات
من خلال التعلم يومًا بعد يوم سوف يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر دقة في تحديد أي مجموعة من الأنماط قد تؤدي إلى نتائج معينة، لكن هل من الممكن استخدام هذا النظام لاقتراح ما يجب القيام به في أثناء المخاض دقيقة بدقيقة وعلى مستوى عالٍ من الدقة، بما في ذلك الاختيار بين إتمام الولادة بشكل طبيعي أم يحتاج الأمر لجراحة قيصرية؟
ربما يقلل ذلك من التدخلات غير الضرورية ويحد من وفيات الأمهات بما يتماشى مع توصيات منظمة الصحة العالمية، وإذا كان الهدف الحد من التدخلات فسيصبح الذكاء الاصطناعي واعدًا من الناحية النظرية.
يرى بعض المؤيدين أن مثل هذا النظام سوف يحفظ الأرواح ويحفظ كذلك أموال دافعي الضرائب، أما الآخرون فيشعرون بالرعب لمجرد تخيل الفكرة، فهم يشعرون أن نتيجة ذلك ستكون خسارة الصحبة البشرية في وقت المخاض وكذلك مهارات القبالة (فن توليد النساء) والتوليد والممارسة.
حقيقة أم خيال؟
لكن ما مدة قربنا بالفعل من تدخل الذكاء الاصطناعي في عملية الولادة وكيف نعرف ما إذا سيكون مفيدًا؟
احتمالية حدوث ولادة مدعومة بشكل كامل من وحدات الذكاء الاصطناعي ليس أمرًا خياليًا
طور مجموعة من الباحثين من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا روبوت ذكاء اصطناعي يساعد في غرفة المخاض، وفي الدراسة التي شارك فيها أطباء وممرضون وجدوا أن توصيات الروبوت مقبولة بنسبة 90% وعدد الأخطاء كان واحدًا سواء في وجود الروبوت أو عدم وجوده، وعلى هذا الأساس اقترحوا أنه سيكون آمنًا وفعالًا استخدام الذكاء الاصطناعي في أثناء الولادة.
ومع ذلك يثير هذا الوضع عدة أسئلة: إذا لم تكن التكنولوجيا أفضل من الخبرة البشرية فلماذا نستخدمها خاصة أن البشر يلتقطون عادة مجموعة من الإشارات الدقيقة التي لا تلتقطها الآلة؟
فعلى سبيل المثال أظهرت تحربة سريرية بعنوان “INFANT” أن استخدام البرامج المصممة لتحسين القرارات التي تتخذها القابلات وأطباء التوليد من أجل النساء اللاتي يخضعن للمراقبة الإلكترونية للجنين في أثناء المخاض، لا تحسن من النتائج السريرية عند المقارنة مع أحكام الخبراء.
لذا ربما نحتاج لبعض الوقت قبل أن يتم طرح الذكاء الاصطناعي في وحدات الأمومة، لكننا لا نستطيع أن نتجاهل ما هو واضح؛ فاحتمالية حدوث ولادة مدعومة بشل كامل من وحدات الذكاء الاصطناعي ليس أمرًا خياليًا.
الدعم العاطفي
لكن الولادة وبداية الحياة ليست مشروعًا تبادليًا يتطلب فقط المراقبة والقياس لتصبح الأم والجنين آمنين، إنها قصة تفاعلية بين الأم والطفل وشريكها وداعمي المخاض ومقدمي الرعاية الصحية.
تم الاعتراف بأهمية الصحبة والمشاعر البشرية والدعم النفسي في تحسين نتائج الولادة الصحية للأم والجنين
بالنسبة لمعظم النساء حول العالم، إنها تجربة عميقة ومهمة لها تأثير على الوالدين، وهي طريقة مستمرة لاحترام الذات تتجاوز لحظة الميلاد نفسها، ومؤخرًا تم الاعتراف بأهمية الصحبة والمشاعر البشرية والدعم النفسي في تحسين نتائج الولادة الصحية للأم والجنين وكذلك لها تأثير كبير وطويل المدى في حياة المواليد عند البلوغ.
أما النسخة الحاليّة من الذكاء الاصطناعي فليست جيدة تمامًا في فهم المشاعر البشرية أو التحدث إلى الناس، وبينما نركز الآن أكثر وأكثر على أولويات القياس والمراقبة والإحصاء والتسجيل عند المخاض بدلاً من التفاعل البشري البسيط، ولأننا نقع في حب أجهزتنا التكنولوجية الشخصية، فهناك خطر فقدان القدرة على معرفة ما يؤثر في رفاهية النفس البشرية في عدة مناطق.
في الحقيقة، إننا نجعل من السهل ترجمة خبرات الولادة إلى وسيط مساعد على غرار “أليكسا”، لذا ما الذي سيحدث للنساء والأطفال إذا تمكن الذكاء الاصطناعي يومًا ما في أن يصبح أكثر ذكاءً ويستطيع التحكم بنا؟ ربما من الممكن استخدام الذكاء الاصطناعي كمساعد لمتخصصي الولادة والنساء الحوامل بدلاً من أن يصبح صاحب القرار النهائي، وبذلك قد يساهم في تحقيق تجربة أفضل وأكثر أمانًا للأم والطفل.
وفي اللحظة الحاليّة يبدو أنه لا أحد يهتم بما قاله بعض المفكرين البارزين مثل الراحل ستيفن هوكينج أو إيلون ماسك بشأن التحذير من المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي فنحن في عجلة من أمرنا، ولأنه من الصعب إيقاف الفيضان فمن الممكن إعادة توجيهه واستخدامه لتحقيق الفوائد بدلاً من أن نتركه يدمر كل شيء في طريقه.
المصدر: ذي كونفرساشين