فشل وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” خلال زياراته المكثفة لمنطقة الشرق الأوسط في إقناع أصدقائه الإسرائيليين بضرورة قطع خطوات عملية نحو حل الدولتين الذي تتبناه أمريكا كحل نهائي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وفي نفس الوقت بدأ رئيس السلطة الفلسطينية “محمود عباس” في قطع خطوات أحادية الجانب للضغط على الإسرائيليين لإجبارهم على قبول حل الدولتين.
ورغم عدم ترحيب الولايات المتحدة الأمريكية بإنضمام السلطة الفلسطينية لعدد من المنظمات الدولية ورفضها لاتفاق المصالحة الذي أبرمته الفصائل الفلسطينية في غزة، فإنه من المستبعد أن يقطع محمود عباس خطوات كهذه دون إذن خارجي، كما أنه من الصعب أن يسمح لوفود الفصائل الفلسطينية بدخول غزة عبر مصر إن كانت أمريكا رافضة بجدية لهذا الأمر.
وفي هذا الإطار يرى محللون أن إدارة الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” سمحت لمحمود عباس بالقيام بهذه الخطوات لاستخدامها للضغط على إسرائيل وتحذيرها بجدية مما يمكن أن تكسبها حركة المقاومة الإسلامية حماس في حال فشل مفاوضات السلام وعودة منظمة التحرير وحركة فتح للتصالح مع حماس وللخروج من دائرة “مفاوضات السلام” التي التزمت بها طيلة السنوات الماضية.
وتأتي هذه القراءة على خلفية تصريحات منسوبة لجون كيري أدلى بها خلال محادثة خاصة مع زعماء غربيين وسربتها الإذاعة الإسرائيلية العامة وموقع “ديلي بيست” الإخباري الأمريكي وأكدت صحتها وزارة الخارجية الأمريكية، قال فيها إنه “لا بديل إلا حل الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية، والبديل أن تتحول إسرائيل الى دولة تمييز عنصري فيها مواطنون من الدرجة الثانية”.
وأعرب كيري خلال الاجتماع عن اعتقاده بأن احتمالات التوصل إلى اتفاق قد تزداد إذا تم استبدال القيادة الإسرائيلية أو الفلسطينية، كما انتقد بشدة أعمال البناء الإسرائيلية في المستوطنات، محذرًا من احتمال “تجدد أعمال العنف الفلسطينية ضد مواطنين إسرائيليين في حال فشل عملية التفاوض بين الجانبين”.
وفي المقابل، قال وزير الاقتصاد الإسرائيلي ورئيس حزب لبيت اليهودي “نفتالي بينت”، إن اتفاقية أوسلو تقترب من نهايتها، قائلًا: “نحن أمام عصر واقعي.. ما يجب القيام به تاليًا هو تكثيف الاستثمارات في الأراضي الفلسطينية لرفع المستوى المعيشي، وزيادة مساحة الحكم الذاتي لسكانها، إلى جانب فرض السيادة الإسرائيلية على جميع المناطق التي يقيم فيها المستوطنون، وعرض التجنيس الكامل على الفلسطينيين المقيمين في مناطق ج”.
وتشكل المنطقة “ج” نحو 60% من مساحة الضفة الغربية، وهي تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، ويتوسع الاستيطان الإسرائيلي عليها في الوقت الذي تفرض فيه إسرائيل قيودًا على البناء الفلسطيني فيها.
ويرى محللون أن المصالحة الفلسطينية ستستمر إلى حين رضوخ الجانب الإسرائيلي للطرح الأمريكي وهو الأمر الذي سيجعل حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية تعود لطاولة المفاوضات مع الإسرائيليين وتتخلى عن حركة حماس التي لن تقبل إسرائيل ولا أمريكا بوجودها في أي من الحلول المشتركة التي تبرم بين الإسرائيليين والفلسطينيين.