سنوات من النزاع في سوريا، ولم تثمر الحرب لأحد، نظرًا للتدخلات الخارجية فيها التي لعبت دورًا بارزًا في تحديد أهداف الفصائل العسكرية المعارضة للنظام السوري، ومن منظور آخر الانقسامات التي شغلت المعارضة فيما بينها، التي تعتبر من أهم مراحل التراجع لحساب النظام وميليشياته والميليشيات المعادية للثورة.
قد تختلف المعاينات من جهة مدنية أو عسكرية، لكن الرأي المدني مسيطر عليه من الجهة العسكرية المسيطرة، ومن ذلك نشبت الخلافات التي جعلت من المعارضة السوريا بشقيها العسكري والمدني متفككة، دون تماسك أو مرجع يحكم قبضته على الهدف المراد من الثورة.
فشلت محاولات شتى من الحكومة المؤقتة لضبط المعارضة العسكرية وجعلها متوحدة الصف، نظرًا لضعف كيانها في المنطقة، لكنها أخيرًا تمكنت من توحيدهم في جيش وطني واحد، من جانب آخر المؤسسات المدنية اختلفت الجهات الداعمة لها، لأن الحكومة المؤقتة ليست قادرة على تحمل نفقات المجالس المحلية التي تدير المناطق المحررة، وفي ظل ضعف الإمكانات حاولت الحكومة المؤقتة إنشاء برامج عمل تدير هذه المجالس عبر الإدارة المحلية التي بذلت جهودًا جيدة، لكنها محدودة النطاق لضعف الإمكانات.
تحضيرات العشائر السورية لمؤتمر تأسيس المجلس
وإلى ذلك نشطت في السنوات الثلاثة الأخيرة، اجتماعات للعشائر السورية التي تعتبر كأساس لترابط المجتمع السوري، بدأت اجتماعاتهم في ولايات تركية من خلال اجتماعات مكثفة للتباحث وتشكيل جسم عشائري يمثل كل عشائر سوريا، أثمرت هذه المحاولات عن إنشاء ديوان للعشائر السورية، يوحد صفهم ويجمع كلمتهم.
تعرف على مجلس العشائر السورية
اجتمعت العشائر السورية الجمعة 21 من ديسمبر/كانون الأول، في مدينة أعزاز شمالي حلب، بعد اجتماعات مكثفة أقيمت فيما بينها خلال الأشهر الماضية، في مختلف مناطق درع الفرات، بعد مساع ٍتركية لتشكيل جسم يوحد صفهم ويجمع كلمتهم، وللحد من التفكك الذي جرى خلال السنوات الماضية.
والتقى “نون بوست” مدير المكتب الإعلامي لمجلس العشائر والقبائل السورية الحرة المشكل حديثًا خالد العجيلي، الذي قال: “حاولنا كثيرًا في السنوات السابقة تشكيل ديوان للعشائر السورية، لكن انعدام الأمن وتشتت القبائل السورية، سبب مشاكل كثيرة”، وأضاف: “الهدف من المؤتمر الذي جمع ممثلي العشائر يوم الجمعة هو توحيد صفوفهم وجمعهم تحت سقف واحد”.
https://www.youtube.com/watch?v=iz8LI5phYXw&feature=youtu.be
وأوضح العجيلي “شاركت 150 عشيرة وقبيلة سورية من مختلف مكونات العشائر، عسكرية ومدنية، حيث تشمل هذه العشائر العربية والتركمانية والكردية والسريانية والدرزية والعلوية والإسماعيلية، من المحافظات السورية كافة، وحضر المؤتمر أكثر من 1500 ممثل عن العشائر والقبائل، وقبل عقد المؤتمر كان ديوان العشائر يضم 55 قبيلة وعشيرة موجودة في الشمال السوري المحرر، وهم من ريف دمشق وحمص وحماة وإدلب والباب وجرابلس وأعزاز وعفرين”.
وأشار إلى أن فكرة تنظيم العشائر ليست وليدة اللحظة أو جديدة فهم قائمون بها منذ أكثر من ثلاث سنوات، والاجتماع كان لجمع شمل العشائر، وأكد أن الحكومة التركية لها رغبة في توحيد صفوف العشائر داخل سوريا وخارجها كتركيا، لذلك ضم الاجتماع شخصيات سورية مقيمة في دول الجوار.
تعد العشائر السورية أكثر المكونات تأثيرًا على المجتمع، إلا أنها فقدت هويتها خلال تهميش النظام السوري لها في الفترات السابقة عندما استخدمها كواجهة ضد معارضيه والانقضاض عليها في مراحل لاحقة لتكون ضحية جرائم النظام
وعين الشيخ رامي الدوش الذي ينحدر من عشيرة العكيدات في محافظة دير الزور، رئيسًا لتجمع العشائر السورية، ويقيم الدوش داخل الأراضي التركية، وسيكون حاضرًا في ديوان العشائر بشكل دائم، وقال خالد العجيلي: “لدى ديوان العشائر ميثاق شرف ونظام داخلي ودستور، وسيتم انتخاب وتشكيل هيكلة التجمع من خلال تشكيل المكاتب التي ستدير هذا التجمع بالأيام القليلة القادمة”، ويعتبر التجمع مؤسسة مدنية مثله كباقي المؤسسات والهيئات التي ستمثل الشعب السوري في المحافل الداخلية والخارجية، وبهذا تكون الجهة الرسمية الوحيدة للعشائر هي الديوان الذي اتفقت عليه كل العشائر التي ستحترم قوانينه بشكل تلقائي.
مجلس العشائر والقبائل السورية في اجتماع له بمدينة أعزاز
ما دور مجلس العشائر في سوريا؟
تعد العشائر السورية أكثر المكونات تأثيرًا على المجتمع، إلا أنها فقدت هويتها خلال تهميش النظام السوري لها في الفترات السابقة عندما استخدمها كواجهة ضد معارضيه والانقضاض عليها في مراحل لاحقة لتكون ضحية جرائم النظام، لكن بعد مواجهتها للنظام السوري أعلنت العشائر وقوفها بجانب الثورة السورية، وتعتبر كل من يعادي المعارضة عدوًا لها لأنها تمثل السوريين ذاتهم، ومن هنا أخذت العشائر السورية دورها البارز وحملت مسؤولياتها في وحدة التكوينات السورية.
https://www.youtube.com/watch?v=vlrWvzZkAMo&feature=youtu.be
وجاء في بيان صادر عن مجلس العشائر والقبائل السورية “نؤكد ضرورة استعادة القبائل والعشائر السورية مكانتها التاريخية والاعتبارية، التي سعى نظام الأسد منذ انقلاب الثامن من آذار، إلى تهميشها وإبعاده العشائر عن القرار السوري وتفرده بالسلطة”، وشدد مجلس العشائر على وحدة النسيج الاجتماعي السوري بمختلف انتماءاته الدينية والإثنية والطائفية والمذهبية.
وقال خالد العجيلي لـ”نون بوست”: “دور العشائر متمثل في توحيد الصف لمواجهة المرحلة الصعبة التي تمر بها الثورة السورية، وجمع كلمة الفصائل العسكرية بعد تفرقهم”، وأضاف “سيكون لمجلس العشائر دور كبير في مستقبل سوريا، وله تأثير في القرارات أو أي شأن يخص السوريين في الداخل والخارج”، كما أوضح أن لهم ممثلين رسميين بأي مؤتمر سيعقد في الخارج، ولن تكون العشائر هي الواجهة، لكنها ستكون أحد أطراف صناع القرار في سوريا المستقبل.
رعت المؤتمر قيادة المعارضة السورية بشقيها السياسي: الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والحكومة السورية المؤقتة، والعسكري الجيش الوطني السوري المعارض، وتعتبر الحكومة التركية الهيئة المراقبة والداعمة معنويًا للمؤتمر الذي انبثق عنه تجمع العشائر والقبائل العربية الحرة
وإلى جانب دورها في الشأن السياسي السوري، ستكون لها نشاطات في الداخل ومن أبرزها مجلس صلح بين العسكريين أو المدنيين، مع اختلاف المرجعيات العشائرية، وبين العجيلي أن لدى الديوان سجل صلح مدون فيه كل المشاكل التي حلها مجلس العشائر ويتكون مجلس الصلح من 15 شيخ عشيرة، ولعل أبرز المشاكل التي أنجزها مجلس الصلح خلافات بين فصائل عسكرية.
ورعت المؤتمر قيادة المعارضة السورية بشقيها السياسي: الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والحكومة السورية المؤقتة، والعسكري الجيش الوطني السوري المعارض، وتعتبر الحكومة التركية الهيئة المراقبة والداعمة معنويًا للمؤتمر الذي انبثق عنه تجمع العشائر والقبائل العربية الحرة.