ترجمة وتحرير: نون بوست
تتزايد الضغوطات على السلطات المصرية بشأن فتح تحقيق في قضية اختفاء مصطفى النجار ومحاولة العثور عليه، خاصة وأن أصدقاء وأنصار عضو البرلمان السابق والناشط قد أطلقوا حملة عبر الانترنت لهذا الغرض.
في الواقع، كان من المفترض أن يقف نجار، الذي انقطعت أخباره منذ شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، أمام المحكمة خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي للطعن في حكم “إهانة القضاء” الموجه ضده. لكنه اختفى منذ ثلاثة أشهر. وفي هذا السياق، صرح صديقه إسلام لطفي لموقع ميدل إيست أي، خلال وقت سابق من هذا الشهر، أنه “يخشى أن يكون النجار قد قتل بالرصاص على أيدي حرس الحدود أثناء محاولته مغادرة البلاد”. وأضاف لطفي، رجل أعمال مصري وصديق قديم للنجار، أن “النائب السابق في البرلمان المصري كان يخطط لمغادرة البلاد عبر الحدود الجنوبية مع السودان بمساعدة مهربين خلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي.
ثلاث روايات مختلفة
في تعليق له على حسابه الخاص على موقع فيسبوك نُشر الأسبوع الماضي، أكد لطفي أنه “سمع ثلاثة سيناريوهات مختلفة لما حدث للنجار، تتراوح بين القبض عليه أو الهرب أو قتله على الحدود”. لكن، استبعد لطفي إمكانية اعتقال صديقه. وفي هذا الصدد، قال إنه “لو نجحوا في اعتقاله، لكانت فرصة ذهبية للسلطات المصرية لتشويه سمعته وتشويه ثورة كانون الثاني/ يناير. وكانوا قد أحالوه على محكمة عسكرية بتهمة التسلل إلى منطقة عسكرية، أو على الأقل، قد نفذوا الحكم الموجه ضده بالسجن لثلاث سنوات”.
كان النجار أحد رموز ثورة 2011 ومن بين المنظمين الرئيسيين لاحتجاجات ميدان التحرير، التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس المصري السابق، حسني مبارك
تجدر الإشارة إلى أن النجار محكوم بالسجن لمدة ثلاث سنوات خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر السنة الماضية،. وكان من المتوقع أن يقف أمام المحكمة للطعن في الحكم يوم 15 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
في الواقع، كان النجار أحد رموز ثورة 2011 ومن بين المنظمين الرئيسيين لاحتجاجات ميدان التحرير، التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس المصري السابق، حسني مبارك. وبعد الثورة، كان النجار أحد الأعضاء المؤسسين لحزب العدل العلماني والعضو الوحيد في الحزب الذي فاز بمقعد في البرلمان. وقد رفض هذا الاتهام الموجه ضده، واصفا إياه بأنه نتاج دوافع سياسية.
في هذا الصدد، قال لطفي إن الرواية التي تؤكد “اختبائه عن طواعية”، والتي تروّج لها الحكومة المصرية، من غير المرجح أن تكون صحيحة نظرا لأن النجار سبق له الاختباء لمدة سنة تقريبا، وليس لديه سبب يدفعه لجذب الأنظار إليه في الواقت الراهن.
في المقابل، أكد لطفي أن الفرضية المرجحة أكثر من غيرها تتمثل في إطلاق النار على النجار عند محاولته اجتياز الحدود؛ مضيفا أن تقديم الدليل على هذه الرواية يقع على عاتق السلطات المصرية لتوضيح ما حدث للنجار. وحيال هذا الشأن، قال: “لم يظل أمامنا سوى الاحتمال الأخير، الذي نأمل أن يكون غير صحيح. لكن لا يمكن تأكيده أو نفيه في حال لم تتعامل الدولة بشفافية فيما يتعلق بهذه القضية”.
تجدر الإشارة إلى أن موقع ميدل إيست آي لم يتمكن من البحث بشكل مستقل في تفاصيل اختفاء النجار. ومن جهة أخرى، لم يتجاوب المسؤولون المصريون مع طلبات الموقع بشأن تقديم تعليقات حول التوقعات التي تفيد بإمكانية قتل الناشط الحقوقي.
دعوات لفتح تحقيق
في تصريح له لموقع ميدل إيست آي في وقت سابق من هذا الشهر، قال لطفي إنه “سمع روايات قدمها بعض الشهود المزعومين تفيد بأن النجار قُتل على أيدي حرس الحدود المصري، علما وأن بعض التقارير السابقة قد أشارت إلى أنه قد اعتُقل أثناء قيامه برحلة سياحية إلى مدينة أسوان”. ودعا لطفي الحكومة المصرية إلى فتح تحقيق رسمي في قضية الاختفاء وتقديمها طلبا للحصول على إفادات شهود العيان من الأماكن التي شوهد فيها آخر مرة. وعبر تغريدة نشرها على موقع تويتر، دعا السياسي المصري البارز، محمد البرادعي، إلى ضرورة اتخاذ الدولة المصرية للإجراءات اللازمة حول هذه القضية.
الدولة القوية هى التي تحتل المقدمة فى مؤشرات التعليم والصحة وليس فى مؤشرات انتهاكات حقوق الإنسان؛ هى التي تستمع برحابة صدر لأصحاب الرأى المخالف ولا تنكل بهم؛ هى التي تعرف مصير مواطنيها " المختفين" وتطمئن أهاليهم ؛ هى الدولة القوية بشعبها كله، المعارض منه والمؤيد.
— Mohamed ElBaradei (@ElBaradei) December 22, 2018
الدولة اللي رافضة تحقق في بلاغات اختفاء مصطفي النجار ورفضوا حتي يعملوا تتبع لتليفونه من وقت اختفائه في سبتمبر لحد دلوقت هي المسئولة عن سلامته وحياته..الوقت بيزيد القصة رعب..يطمن أهله وحبايبه ويرحمهم #مصطفى_النجار_فين
— رشا عزب (@RashaPress) December 21, 2018
في بيان له، قال محامي النجار، نجاد البرعي، يوم الخميس إن “الحكومة المصرية أكدت عدم وقوع اشتباكات على الحدود الجنوبية للبلاد وقت اختفاء النجار. كما صرّح عمرو الشوبكي، صديق النجار، لموقع ميدل إيست آي أن صديقه ربما قٌتل لكنه أشار مع ذلك إلى أن الأمر ليس مؤكدا بعد.
في عمود خاص في صحيفة المصري اليوم، قال الشوبكي إن “مدير دائرة المعلومات العامة في مصر، ضياء رشوان، قد أخبره بأن النجار لم يُقتل بالرصاص، لكنه اختبأ هربا من تنفيذ الحكم الصادر عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات، وذلك بسبب إهانته للسلطة القضائية”. وقد كتب الشوبكي في العمود: “إنه أمر مفجع، لماذا نحن في وضع اختفى فيه طبيب أسنان بارز وكاتب موهوب ونائب سابق؟”.
في الوقت الذي أفاد فيه بأن لديه ثقة كبيرة في رواية رشوان، التي تقول إن النجار لم يعتقل من قبل قوات الأمن، قال الشوبكي إن “الدولة يجب أن تتحمل مسؤولية البحث عنه باعتباره شخص مفقود”.
العائلة مصدومة
شوهد النجار، وهو طبيب أسنان وناشط حقوقي بارز شارك في أول برلمان منتخب ديمقراطيا في بلاده بعد ثورة 2011، آخر مرة يوم 28 أيلول/ سبتمبر الماضي. وهذا ما أخبرت به شيماء زوجته موقع ميدل إيست آي في أواخر تشرين الأول / أكتوبر. كما صرحت أن زوجها قد أخبرها في آخر مكالمة هاتفية أنه كان في مدينة أسوان الجنوبية وأنه سيعود قبل جلسة المحكمة في تشرين الأول /أكتوبر. وأفادت بأنه لم يعلمها بأنه ينوي مغادرة البلاد قبل مثوله أمام المحكمة.
في ظل عدم مثوله أمام المحكمة يوم 15 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي لحضور جلسة الاستئناف، بيّن محامي النجار، نجاد البرعي، أن موكله ربما قد احتجز في مركز اعتقال عسكري في مدينة أسوان
في مقابلة مع قناة العربي، التي مقرها لندن، قالت شيماء إن “الأسرة تمر بوضع صعب، إضافة إلى أن أطفالها الثلاثة يرون الكوابيس حول مصير والدهم”. وقد صرحت أيضا أنها “تخفي أخبار النجار عن ابنهما الأصغر”. وتوسلت شيماء الحكومة أن تكشف لها عن أي معلومات قد توصلت إليها حول زوجها، حيث قالت مخاطبة السلطات: “إذا كان محتجزا لديكم فدعونا نراه ونتأكد أنه بخير، وإذا كان متهما في قضية فنحن نتقبل ذلك، المهم هو أن نراه حيًا أمامنا”.
في ظل عدم مثوله أمام المحكمة يوم 15 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي لحضور جلسة الاستئناف، بيّن محامي النجار، نجاد البرعي، أن موكله ربما قد احتجز في مركز اعتقال عسكري في مدينة أسوان. لكن، بعد بضعة أيام من هذا التصريح، نفى المسؤولون المصريون رسميا خبر اعتقاله. وفي بيان بتاريخ 18 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قالت الهيئة العامة للاستعلامات إنها “تنفي بشكل قاطع” اعتقال النجار أو إنه “قد اختفى قسرا”. وأضافت الهيئة أن النجار تهّرب بمحض إرادته من جلسة المحكمة المقرر عقدها في شهر تشرين الأول/ أكتوبر.
المصدر: ميدل إيست آي