من لوائح الاتهام الجديدة الناشئة عن التحقيق الخاص لروبرت مولر، إلى إعلان ترامب المفاجئ بسحب القوات الأمريكية من سوريا، كان عام 2018 مليئًا بالمفاجآت، ولكن أكثر من ذلك، من المقرر ألا يكون 2019 مختلفًا، خاصة مع سيطرة الديموقراطيين على مجلس النواب والكونغرس متعهدين بمحاسبة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتورطه بمقتل الصحفي السسعودي جمال خاشقجي، إليكم ما يُتوقع في عام 2019:
الديمقراطيون قادمون
تنتهي السيطرة الكاملة للجمهوريين على الكونغرس الأمريكي في يناير 2019، وذلك عندما تؤدي مجموعة جديدة من السياسيين اليمين الدستورية، وكثير منهم ليسوا معجبين بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فقد أدى تزايد عدد الناخبين الديمقراطيين في نوفمبر/تشرين الثاني إلى إزاحة العديد من الجمهوريين خلال انتخابات التجديد النصفي للكونغرس.
ونتيجة لذلك، فإن مجلس النواب الأمريكي سوف يتغير، ليسيطر عليه الحزب الديمقراطي للمرة الأولى منذ 8 سنوات، ويُتوقع أن تتولى المتحدثة السابقة نانسي بيلوسي منصب زعيمة الديمقراطيين بمجلس النواب الأمريكي من جديد، وقد وعدت بمحاربة ترامب بشأن الرعاية الصحية والهجرة والاتفاق الجديد الذي تم توقيعه بشأن التجارة.
تعهد الديمقراطيون الذين يؤيدون مستوى ما من التمويل لأمن الحدود الذي لا يشمل الجدار بإصدار تشريع لإنهاء الإغلاق بمجرد توليهم السيطرة على مجلس النواب
ومنذ أن سيطر حزب الأغلبية الآن على مهام اللجان، تعهد العديد من الديمقراطيين بإجراء مزيد من التحريات عن العلاقات المزعومة لحملة لترامب مع الحكومة الروسية، وكذلك تعاملاته التجارية، أحد هؤلاء هو عضو الكونغرس الديمقراطي آدم شيف الذي من المرجح أن يتولى رئاسة لجنة الاستخبارات في مجلس النواب.
ومن المتوقع أن نشهد تجمعًا جديدًا وجريئًا ومتقدمًا أيضًا داخل الحزب الديمقراطي، فعضوة الكونغرس المنتخبة ألكساندريا أوكاسيو كورتيز تقود المسؤولية عن “الصفقة الخضراء الجديدة“، في حين أن عضوة الكونغرس في ولاية ميشيغان رشيدة طلب، تعتزم قيادة رحلة لمشرعين أمريكيين قادمين إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
استمرار إغلاق الحكومة
أُغلقت أجزاء رئيسية من الحكومة الأمريكية في 22 من ديسمبر/كانون الأول بعد رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التراجع عن طلبه للحصول على 5 مليارات دولار لتمويل جدار على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، وهو ما يعارضه بشدة الديمقراطيون.
ولم يبد ترامب أي علامات على التراجع عن طلب تمويل الجدار الحدودي، وهو اليوم الـ12 من إغلاق الحكومة الفيدرالية الجزئي، حيث خرج قادة الكونغرس من اجتماع مغلق مع ترامب يوم الأربعاء دون قرار، ومن المتوقع أن يعودوا إلى البيت الأبيض لإجراء محادثات يوم الجمعة، مما يشير إلى أن من المرجح أن يمتد الإغلاق إلى نهاية الأسبوع.
وتعهد الديمقراطيون الذين يؤيدون مستوى ما من التمويل لأمن الحدود الذي لا يشمل الجدار بإصدار تشريع لإنهاء الإغلاق بمجرد توليهم السيطرة على مجلس النواب، لكنهم سيظلون بحاجة لدعم من الحزب الجمهوري الذي يسيطر عليه مجلس الشيوخ وترامب.
سباق الرئاسة 2020
هل سيصمد ترامب في البيت الأبيض بانتخابات 2020؟ طُرح هذا السؤال منذ بداية رئاسته، ولكن في عام 2019، سوف يتطلب الأمر معنى جديدًا مع قيام المتنافسين بإعلان ترشحهم، على أمل استبداله، ومن المتوقع سباق مزدحم جدًا على الجانب الديمقراطي، حيث تخطط اللجنة الوطنية الديمقراطية لفتح مناقشاتها أمام مجموعة أوسع، مما يسمح للمرشحين غير المعروفين نسبيًا بمرحلة وطنية من شأنها أن تحشد أكثر من ذلك.
يتردد أن الديمقراطيين الذين سيسيطرون على مجلس النواب في عام 2019، يناقشون خطة للدفع باتجاه وضع حد لمبيعات الأسلحة الأمريكية للسعوديين
وقد أشار جوليان كاسترو السكرتير السابق للإسكان والتطوير الحضري بالفعل إلى أنه يحب هذه الوظيفة، وكذلك السيناتور إليزابيث وارين، ومن بين المرشحين المحتملين الآخرين رئيس بلدية نيويورك السابق مايكل بلومبيرغ ونائب الرئيس السابق جو بايدن والسيناتور بيرني ساندرز وعضو الكونغرس تولسي غابارد والسيناتور عن ولاية نيوجيرسي كوري بوكر.
واحد من مرشحي “الحصان الأسود” الذي سُلطت الأضواء عليه، هو العضو الليبرالي بمجلس النواب بيتو أورورك الذي خسر الانتخابات على مقعد بمجلس الشيوخ عن ولاية تكساس، بفارق بسيط أمام الجمهوري الذي يشغل المقعد تيد كروز، فلقد جعلته خطبه العاطفية عن كل شيء بداية من العرق إلى الاقتصاد محببًا لدى جيل شاب ومنفتح من الناخبين، قد يدعوه لخوض السابق الرئاسي المحتمل.
الحملة على السعودية
منذ مقتل الكاتب الصحفي السعودي بصحيفة “واشنطن بوست” جمال خاشقجي، الذي قُتل في القنصلية السعودية بإسطنبول 2 من أكتوبر/تشرين الأول، واجهت الرياض سيلاً من الانتقادات الدولية وردود الفعل، وعلى الرغم من التساؤلات الجدية عما إذا كان ولي العهد محمد بن سلمان، أو كما يُعرف في الغرب بـ”مبس” متورط أم لا، فقد دعم ترامب العائلة المالكة.
لكن المشرعين الأمريكيين على جانبي الكونغرس (مجلس الشيوخ ومجلس النواب) تعهدوا بمعاقبة السعوديين عام 2019، وفي ديسمبر/كانون الأول، أصدر أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي قرارًا بالإجماع يلقون فيه باللوم على جماعة محمد بن سلمان في مقتل خاشقجي، فضلاً عن قرار بإنهاء الدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن.
ويتردد أن الديمقراطيين الذين سيسيطرون على مجلس النواب عام 2019، يناقشون خطة للدفع باتجاه وضع حد لمبيعات الأسلحة الأمريكية للسعوديين، كما تعهد الرئيس الجديد للجنة الاستخبارات في مجلس النواب آدم شيف الذي يتسلم مهامه مطلع العام الحاليّ، بفتح تحقيقات في المعاملات المالية بين الرئيس ترامب وعائلته والسعودية، والبحث فيما إذا كان لها أي تأثير على قراراته السياسية فيما يتعلق بتبعات قتل خاشقجي.
ترامب وكيم يجتمعان مرة أخرى
عُقد أول لقاء لترامب مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في شهر يونيو الماضي، لم يجتمع رئيس أمريكي بالبيت الأبيض في أي وقت مع زعيم كوريا الشمالية، وفي أوائل عام 2019، سيقابله مرة أخرى، وفقًا لمستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جون بولتون.
ومنذ اجتماعهم الأول، أعلن ترامب مرارًا وتكرارًا أن برنامج كوريا الشمالية للصواريخ النووية انتهى، وهو أحد أهدافه الرئيسية في مقابلة كيم، لكن التقارير الأخيرة تشير إلى خلاف ذلك.
ووفقًا لمراجعة نوفمبر/تشرين الثاني من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، وسعت كوريا الشمالية 13 قاعدة قادرة على إسكان الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي لديها القدرة على حمل رؤوس حربية نووية إلى الولايات المتحدة.
هل سيأتي بوتين إلى واشنطن؟
في يوليو، عندما أعلن البيت الأبيض دعوة معلقة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لزيارة الرئيس الأمريكي في واشنطن العاصمة، وبعد فترة وجيزة، أرجأ البيت الأبيض الدعوة إلى عام 2019، لكن مع توتر العلاقة بين ترامب وبوتين مؤخرًا، قد تكون هذه الرحلة موضع شك.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، وبينما كان في طريقه إلى اجتماع زعماء مجموعة العشرين في الأرجنتين، تراجع ترامب عن وعده بعقد محادثات ثنائية مع بوتين على هامش القمة، وألقى باللوم على صدام روسي مع السفن الأوكرانية بالقرب من شبه جزيرة القرم.
من المرجح أن يشكك الديمقراطيون في مجلس الشيوخ عما إذا كان المدعي العام الجديد سيخدم الدستور أم سيحمي الرئيس
إلا أن ترامب واجه أيضًا أسئلة جديدة عن صفقة كان قد عمل عليها خلال سعيه للانتخابات الرئاسية لعام 2016 التي شملت خططًا لبناء برج ترامب في موسكو، وقد ظهرت تفاصيل تلك المناقشات خلال التحقيق الذي يجريه مكتب التحقيقات الفيدرالي “إف بي آي” في علاقات حملته مع الكرملين، الأمر الذي أعطى سببًا أكبر للرئيس لنبذ نفسه عن بوتين.
وفي أوائل ديسمبر، قال متحدث باسم الكرملين إن زيارة بوتين لواشنطن غير واردة في المناخ الحاليّ، مشيرًا إلى أن الخيار الأفضل للقاء محتمل أن يكون على هامش اجتماع دولي.
“صفقة القرن” في الشرق الأوسط
منذ نقل السفارة الأمريكية في “إسرائيل” إلى القدس مايو الماضي، انتظر العالم خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط، التي تتضمن نوعًا من الحل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لكن يُنظر إليها في الوقت نفسه على أنها “صفقة القرن” لتصفية القضية الفلسطينية.
في سبتمبر، بينما كان يجلس إلى جوار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نيويورك، قال ترامب إنه يفضل حل الدولتين الذي سيعطي الفلسطينيين دولتهم، وقد تعهد مرارًا وتكرارًا بالإفصاح عن تفاصيل الخطة “قريبًا”، ولكن يبدو أن ذلك لن يحدث حتى عام 2019 على الأقل.
غير أن نيكي هالي سفيرة الأمم المتحدة التي استقالت مؤخرًا، ألمحت إلى الخطة مؤخرًا قائلة إنها ستكون مختلفة عن المقترحات الأمريكية السابقة وتحتوي على “تفاصيل مدروسة”، وقال داني دانون السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، إن حكومته طُلب منها أن تتوقع كشف النقاب عنها في وقت مبكر.
معركة المدعي العام
في ديسمبر، أعلن ترامب رسميًا عن مرشحه الجديد الذي حلَّ محل المدعي العام السابق جيف سيسيز الذي ترك منصبه في نوفمبر بعد فترة صاخبة، وكان ذلك هو ويليام بار المدعي العام في عهد الرئيس جورج بوش الأب، وأثنى عليه ترامب بأنه “واحد من أكثر القضاة احترامًا في البلاد”، لكن مع ذلك لا يُتوقع أن تسير جلسات استماع الكونغرس لبار في 2019 بسلاسة تامة.
لم يكن سرًا أن ترامب كان مستاءً للغاية من الجلسات، لأن جمهوري ولاية ألاباما نأى بنفسه عن الإشراف على تحقيق وزارة العدل فيما إذا كانت حملة ترامب الرئاسية قد تواطأت مع الحكومة الروسية أم لا.
في عام 2019، سيطلع العالم على المزيد من التفاصيل عما إذا كانت حملة ترامب الرئاسية عام 2016 قد عملت مع الكرملين للفوز بالبيت الأبيض أم لا
ويريد ترامب أن ينتهي التحقيق على الرغم من أنه طال العديد من أعضاء فريق حملة ترامب بالإضافة إلى محاميه الشخصي السابق مايكل كوهين، فيما انتقد بار التحقيق الذي قاده المستشار الخاص مولر وسيشرف عليه إذا تأكد، ومن المرجح أن يشكك الديمقراطيون في مجلس الشيوخ عما إذا كان سيخدم الدستور أم سيحمي الرئيس.
نتيجة تحقيق “مولر”
في عام 2019، سيطلع العالم على المزيد من التفاصيل عما إذا كانت حملة ترامب الرئاسية عام 2016 قد عملت مع الكرملين للفوز بالبيت الأبيض أم لا، فقد أدَّى تحقيق وزارة العدل الذي يقوده روبرت مولر إلى اعتقال عدد من مستشاري ترامب المقربين، بما في ذلك مستشاره السابق للأمن القومي مايكل فلين، ومدير حملته السابق بول مانفورت، ومحاميه الشخصي السابق مايكل كوهين.
حتى الآن، كانت تفاصيل أي تواطؤ مباشر ضئيلة، وفي عام 2019، سوف يعود كل من فلين ومانافورت إلى المحكمة ليواجهان الحكم بعد الإقرار بالذنب في تهم مختلفة، فقد تعاون كلا الرجلين مع المحققين، ولم يتم بعد كشف مدى تعاونهما الكامل.
وفي ديسمبر/كانون الأول، اعترف كوهين بالذنب في انتهاكات تمويل الحملات الانتخابية وسيبدأ في قضاء مدة الحكم الصادر ضده في مارس/آذار، لكنه أشار أيضًا إلى أنه لديه المزيد لإبلاغ المحققين الفيدراليين عن حملة ترامب.
معركة “أوباما كير”
كان إصلاح نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة بمثابة الإنجاز الذي حققه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وقام الرئيس ترامب بكل ما في وسعه لتدميره، في عام 2019 يُتوقع أن يشتد الجدال بشأن قانون إصلاح نظام الرعاية الصحية، المعروف باسم “أوباما كير”، مرة أخرى.
في الآونة الأخيرة، حكم قاض اتحادي في ولاية تكساس أن “أوباما كير” غير دستوري، ويأتي هذا الحكم بعد سنوات من الدعاوى القضائية التي قام بها المحافظون الجمهوريون وأنصارهم لمحاولة تفكيك شركة “أوباما كير” التي أجبرت الأمريكيين على الحصول على تأمين صحي أو مواجهة غرامات.
يعتقد بعض المحللين القانونيين أن معركة “أوباما كير” قد تشق طريقها إلى المحكمة العليا
ويستاء الجمهوريون من ذلك في المقام الأول لهذا السبب، في حين أن الديمقراطيين يقولون إن القانون جعل الرعاية الصحية في متناول المزيد من الناس، ويشيرون أيضًا إلى حقيقة أنه يجبر شركات التأمين على توفير تغطية الرعاية الصحية لكثير من الناس بغض النظر عما إذا كانت لديهم ظروف موجودة مسبقًا، مثل مرض السكري أو السرطان، وهو الشيء الذي كانت الشركات تستخدمه سابقًا لحظر التغطية.
وهناك عدد من الولايات الأمريكية، بما في ذلك نيوجيرسي وكاليفورنيا، تخطط الآن للطعن في قرار قاضي ولاية تكساس، ويعتقد بعض المحللين القانونيين أن معركة “أوباما كير” قد تشق طريقها إلى المحكمة العليا.