يبلغ عدد البعثات الدبلوماسية لأنقرة حول العالم، 240 ممثلية،وتُصنّف تركيا بذلك كخامس دولة تملك أكبر شبكة بعثات دبلوماسية حول العالم، فيما تحتضن أنقرة 273 بعثة دبلوماسية أجنبية على أراضيها ولعل هذا الترتيب وهذا الرقم المرتفع يشير إلى أن البعثات التي تعتبر من أهم أدوات السياسة الخارجية التركية تعبر عن وجود أهداف كبرى للسياسة الخارجية التركية كما أن الارتفاع المطرد في عدد هذه البعثات خلال السنوات القليلة الماضية يشير أيضا إلى سباق مع الزمن لتفعيل السياسة الخارجية التركية في مناطق جديدة من العالم.
وعدا البعثات كان هناك عشرات الزيارات التي قام بها الدبلوماسيون الأتراك رفيعو المستوى حيث أجرى وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو 76 زيارة دبلوماسية خارج تركيا في عام 2018 وتقدر المسافات التي قطعها وهي 435 ألف كيلومترا بما يعادل 11دورة حول الكرة الأرضية. وفي نقس العام أيضا أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال عام 2018، 29 زيارة خارجية، ورئيس الوزراء (بن علي يلدريم رئيس البرلمان الحالي) 8 زيارات خارجية.
على صعيد الأزمات أشرفت وزارة الخارجية على تحسين العلاقات مع عدة دول سادت فيها التوتر مرحلة من المراحل في العام الماضي ومن هذه الدول الولايات المتحدة وألمانيا وهولندا والنمسا.
وبغض النظر عن مؤشر الكيلومترات التي يراها وزراء الخارجية على أنها مؤشر للنشاط والتميز فقد كان تشاوش أوغلو الذي يقود وزارة الخارجية التركية في فترة تتميز فيها السياسة الخارجية التركية بنشاط عال جدا وانخراط مكثف في قضايا عدة، يتابع العديد من الملفات الحساسة والمهمة وعلى رأسها أعمال مجالس التعاون الاستراتيجي مع 24 بلدا.
ومن الفعاليات التي تابعتها الخارجية التركية في عام 2018
– قمة ثلاثية ضمت صربيا والبوسنة والهرسك وتركيا
– مؤتمر المراجعة الوزاري الثاني لشراكة تركيا – إفريقيا
– منتدى الاقتصاد والأعمال للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا – تركيا
– القمة الثلاثية التي ضمن كلاً من أنقرة وموسكو وطهران.
– قمة أوراسيا الاقتصادية الـ 21
– قمة الجمعية البرلمانية للتعاون الاقتصادي للبحر الأسود
– المؤتمر الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي
– المنتدى الاقتصادي التركي الإفريقي الثاني
– القمة الرباعية حول سوريا والتي ضمت أنقرة، وموسكو، وبرلين وباريس.
– قمة ثلاثية ضمت مع أذربيجان وجورجيا الأذري والجورجي
– قمة مماثلة لوزراء خارجية أنقرة وطهران وباكو
– اجتماع مجلس وزراء خارجية البلدان النامية.
وفي هذا السياق تابعت وزارة الخارجية أعمال قمتين لمنظمة التعاون الاسلامي من أجل القضية الفلسطينية على أثر القرار الامريكي بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. كما انخرطت في أعمال مكافحة الهجرة غير النظامية والسعي للتوصل لحل للأزمة السورية وقد أخذت منها مسألة إدلب جهودا كبيرة حيث عقدت تركيا من أجلها 3 قمم ثلاثية مع روسيا وإيران وثنائية مع روسيا ورباعية مع روسيا وألمانيا وفرنسا وقام الرئيس أردوغان بجهود واتصالات دبلوماسية كبيرة ونجح في نهاية المطاف من إيقاف معركة في إدلب ولو مؤقتا.كذلك الحال كان لها جهود في ملف إعادة إعمار العراق.
تبدأ تركيا عام 2019 بتحديات كبيرة على رأسها ما أحدثه موضوع قرار الانسحاب الأمريكي من شمال سوريا وحقيقته ومستوى تنسيق تركيا إزائه مع كل من روسيا والولايات المتحدة
وفي سياق الحديث عن العلاقات التركية العراقية قال وزير الخارجية العراقي محمد الحكيم، إن رئيس البلاد برهم صالح سيبدأ زيارة إلى تركيا غدا الخميس لبحث عدة ملفات، على رأسها “القضايا الأمنية في المنطقة، وملف سوريا”، كما سيلتقي نظيره التركي رجب طيب أردوغان. وهذه أول زيارة لصالح إلى تركيا منذ انتخابه رئيسا للعراق في الثاني من تشرين الأول / أكتوبر الماضي.
وعلى صعيد الأزمات أشرفت وزارة الخارجية على تحسين العلاقات مع عدة دول سادت فيها التوتر مرحلة من المراحل في العام الماضي ومن هذه الدول الولايات المتحدة وألمانيا وهولندا والنمسا.
وفيما يتعلق بالاستراتيجية الجديدة التي مارستها الإدارة الأمريكية كان على تركيا أن تنتهج سلوكا تجاه الأزمة الخليجية مع قطر وكان عليها أن تتبنى موقفا تجاه تداعيات الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران كما كان عليها هي أيضا أن تدير الأزمة مع واشنطن والتي بدأتها واشنطن بسبب قضية القس اندرو برانسون.
ومن الجدير بالذكر هنا أن عملية إدارة السياسة الخارجية في تركيا قد حدث فيها عدة تغييرات بعد الانتقال إلى النظام الرئاسي في حزيران 2018 حيث “أصبحت الحكومة بما فيها وزارة الخارجية تابعة للرئيس وليس لرئيس الوزراء وهو المنصب الذي تم إلغاؤه في النظام الجديد، وقد تم دمج وزارة الاتحاد الأوروبي بوزارة الخارجية التي تمت إعادة صياغة القوانين المنظمة لهيكليتها هي الأخرى، وأصبح هناك 3 مساعدين لوزير الخارجية كما تم استحداث هيئات جديدة تابعة للرئاسة ستكون ذات دور مهم في صناعة قرار السياسة الخارجية مثل هيئة السياسات الأمنية والخارجية”.
تريد تركيا أن تلعب دورا أكبر في السياستين الدولية والإقليمية ولكنها تحتاج لتجاوز الكثير من التحديات ومراكمة المزيد من الامكانات خلال العامين القادمين لتستطيع المناورة على المستوى الدولي بشكل أفضل.
تبدأ تركيا عام 2019 بتحديات كبيرة على رأسها ما أحدثه موضوع قرار الانسحاب الأمريكي من شمال سوريا وحقيقته ومستوى تنسيق تركيا إزائه مع كل من روسيا والولايات المتحدة، وحاليا أيضا مع فرنسا التي لها تواجد بقدر ب 200 جندي يقدمون دعما عسكريا ولوجيستيا لوحدات الحماية الكردية وقد عارضت فرنسا قرار الانسحاب الأمريكي وبالتأكيد يضاف لكل هذا إدارة تركيا لقضية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي والتي ما زالت تبعاتها مستمرة وكذلك الحال على الصعيد الاقتصادي فقد صدرت عدة تقارير مثل تقرير مركز ستراتفور لتوقعات 2019 أن “التحدي الأكبر لتركيا يظل هو معالجة اقتصادها الهش في عام 2019، ومعالجة المستوى العالي من التضخم، فيما قد يجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه مجبرا على القبول بفاتورة دين تعادل ربع الناتج المحلي، وفي الوقت ذاته تجنب أزمة جديدة لليرة”.
تريد تركيا أن تلعب دورا أكبر في السياستين الدولية والإقليمية وتبدو حاليا أفضل من ذي قبل على مستوى السياسة الإقليمية ولكنها تحتاج لتجاوز الكثير من التحديات ومراكمة المزيد من الامكانات خلال العامين القادمين لتستطيع المناورة على المستوى الدولي بشكل أفضل.