شهدت الأيام القليلة الماضية اشتباكات عنيفة بين حركة نور الدين الزنكي وهيئة تحرير الشام بعد محاولة الأخيرة القضاء على الحركة نتيجة خلافات سابقة تأزمت مع اتهامات الهيئة بقتل الزنكي لأربعة عناصر من فصيلها نهاية العام الماضي.
تحرير الشام تسيطر على أبرز معاقل الزنكي غربي حلب
تحرير الشام تسيطر على أبرز معاقل الزنكي
سيطرت هيئة تحرير الشام الجمعة 4 من يناير/كانون الثاني على أبرز معاقل حركة نور الدين الزنكي المنضوية تحت الجبهة الوطنية للتحرير، بعد معارك دامية دامت لأربعة أيام على التوالي في الريف الغربي لمدينة حلب، حيث استنزفت هيئة تحرير الشام حركة نور الدين الزنكي، مستفردةً بها عبر العديد من البيانات التي خصت فيها الحركة دون الفصائل الأخرى المنضوية تحت راية الجبهة الوطنية للتحرير التي تشكلت من عدة فصائل عسكرية معارضة في ريف إدلب مطلع أغسطس/آب من العام الماضي.
واستقدمت هيئة تحرير الشام تعزيزات عسكرية ضخمة لها من معسكراتها في محافظة إدلب نحو مدينة دارة عزة التي شنت أولى عملياتها نحوها في 1 من يناير/كانون الأول الحاليّ، وخلال الاشتباكات المفاجئة التي وجهت حركة نور الدين الزنكي، خسرت الزنكي المدينة بعد مقتل العديد من عناصرها، وانسحابهم نحو القرى المحيطة بالمدينة، وهذا ما جعل حركة نور الدين الزنكي في انحسار مستمر.
وشاركت العديد من التشكيلات المنضوية تحت هيئة تحرير الشام في معركتها ضد حركة نور الدين الزنكي، ومن أبرزها جيش عثمان بن عفان والعصائب الحمراء وجيش النخبة وجيش البادية وجيش حلب، إضافًة إلى مشاركة عدد من المجموعات التابعة لهيئة تحرير الشام التي هجرت مؤخرًا من ريف دمشق، ومن أبرز القياديين المشاركين في الحملة، شرعي الهيئة أبو اليقظان المصري وأبو العبد أشداء وإبراهيم سلامة وأبو أحمد شدود إضافة إلى شرعي الجناح العسكري أبو عبد الله الدمشقي.
بسطت هيئة تحرير الشام سيطرتها خلال الأيام القليلة الماضية على كل من مدينة دارة عزة وبلدات عينجارة وبابيص ومعارة الأرتيق وعرب فطوم وقيلون وبلنتا وسنخار وخان العسل وكفر بسين وكفرنتين والهباطة إضافة إلى تحييد بلدة عويجل باتفاق مع أهالي البلدة
بينما استمرت الاشتباكات بين الهيئة والزنكي لعدة أيام بعد محاولة الهيئة التقدم على حساب الزنكي واستنزاف قواه في القرى والبلدات الواقعة تحت سيطرته، وتعتبر المعركة التي نشبت غير سابقاتها، حيث رفضت تحرير الشام أي اتفاق ينهي الخلاف، مصرة على القضاء على حركة نور الدين الزنكي واستئصالها من المنطقة، وأسفرت المعارك الدائرة عن مقتل أكثر من 15 مدنيًا وعشرات الجرحى، بينما لا توجد إحصائية دقيقة إلى الآن لقتلى الطرفين.
وبسطت هيئة تحرير الشام سيطرتها خلال الأيام القليلة الماضية على كل من مدينة دارة عزة وبلدات عينجارة وبابيص ومعارة الأرتيق وعرب فطوم وقيلون وبلنتا وسنخار وخان العسل وكفر بسين وكفرنتين والهباطة، إضافة إلى تحييد بلدة عويجل باتفاق مع أهالي البلدة، كما سيطرت على الفوج 111 وجمعية الأرمن وجمعية الرحال، بعد انسحابات متتالية نفذتها الزنكي.
وانسحبت مجموعات حركة نور الدين الزنكي مع آلياتها وسلاحها صباح اليوم السبت 5 من يناير/كانون الأول نحو مناطق غصن الزيتون بعد محاولاتها فتح ممر أمنٍ لها للخروج من ريف حلب الغربي، إلا أنها تعرضت للاستهداف من قوات النظام من جهة وهيئة تحرير الشام من جهة أخرى لتستكمل انسحابها عبر الجبال والطرق العشوائية بين دارة عزة الواقعة تحت سيطرة تحرير الشام ومناطق سيطرة ميليشيات النظام قرب بلدتي نبل والزهراء شمالي حلب.
الزنكي بقي وحيدًا في مواجهة تحرير الشام
هل ساندت فصائل المعارضة الزنكي في المعركة؟
تعتبر حركة نور الدين الزنكي إحدى المكونات الرئيسية في الجبهة الوطنية للتحرير، وعلى الرغم من ذلك فإنها بقيت وحيدةً في معركتها غربي حلب ضد هيئة تحرير الشام، وكانت مشاركة الفصائل الأخرى ضعيفة جدًا.
وعلى الرغم من إعلان الجبهة الوطنية للتحرير النفير العام لصد عدوان هيئة تحرير الشام في بيان لها، نشرته على معرفاتها الرسمية الأربعاء 2 من يناير/كانون الأول، فإنها لم تشارك بكامل قواها ضد هيئة تحرير الشام دفاعًا عن حركة نور الدين الزنكي، واقتصرت المشاركة على صقور الشام وأحرار الشام وجيش الأحرار الذين يبسطون نفوذهم على منطقة معرة النعمان جنوبي إدلب.
فيما شنت هذه الفصائل عمليات عسكرية على منطقة جبل شحشبو لتسبط سيطرتها الكاملة على المنطقة بعد طرد عناصر هيئة تحرير الشام، بينما اعتقلت عشرات العناصر في المنطقة ذاتها وبعض القرى والبلدات في ريف حماة الشمالي، فيما توجهت عدد من الأرتال التابعة لتحرير الشام إلى ريف إدلب الجنوبي بعد سيطرتها على غرب حلب، لكن سرعان ما توقفت المعارك هناك نظرًا لتوقف المعارك غرب حلب.
شاركت بعض المجموعات المنضوية تحت مظلة الجيش الوطني السوري ككتائب من فرقة الحمزة وكتائب من الفرقة التاسعة ولواء سمرقند، في المعركة قرب منطقة غصن الزيتون، لكنها لم تشارك بشكل رسمي في المعركة
بينما لم تشارك باقي الفصائل في الدفاع عن الزنكي وهي كلٍ من جيش النصر وجيش العزة وجيش إدلب الحر، فيما اعتبرت مشاركة فيلق الشام أبرز التشكيلات العسكرية في الجبهة الوطنية للتحرير ضعيفة جدًا، إذ توقفت التصريحات في اليومين الماضيين بعد إعلان النفير العام على عكس ما جرى خلال الأربعاء 2 من يناير/كانون الاول، إذ لم تهدأ قيادات الفيلق بالتصريحات للقضاء على تحرير الشام التي بغت في المنطقة حسب تعبيرهم.
وشاركت بعض المجموعات المنضوية تحت مظلة الجيش الوطني السوري ككتائب من فرقة الحمزة وكتائب من الفرقة التاسعة ولواء سمرقند، في المعركة قرب منطقة غصن الزيتون، لكنها لم تشارك بشكل رسمي في المعركة إذ نفى القائد العسكري في الجيش الوطني مشاركة قواته في المعركة إلى جانب الزنكي ضد هيئة تحرير الشام.
تعتبر تحرير الشام ذريعة النظام لشن عملية عسكرية نحو إدلب للقضاء على الإرهاب
تحرير الشام ذريعة النظام لشن معركة نحو غرب حلب
بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على ريف حلب الغربي، وتعزيز وجودها في المنطقة، تكون قد أعطت شرعية للنظام وميليشياته لشن عملية عسكرية نحو الريف الغربي لحلب بهدف القضاء على الإرهاب، الذي يدعيه أصلاً.
بينما كانت تركيا قد تولت مسألة القضاء على هيئة تحرير الشام ضمن اتفاق سوتشي إلا أنها لم تقض عليها، وبذلك تكون لروسيا الأحقية في القضاء على هيئة تحرير الشام التي تسيطر على نحو 80% من محافظة إدلب وأرياف حلب وحماة واللاذقية، وبذلك تكون تحرير الشام حققت مصالح النظام في صبغ المنطقة بالإرهاب، إلى جانب الفصائل المتشددة كحراس الدين وأنصار الدين والحزب التركستاني.
وقد تكون الهيئة في معركتها هذه تبسط النفوذ والتمدد، ليكون لها مقعدًا في المفاوضات مع روسيا وتركيا، إذا إن لها تواصل وثيق مع روسيا وتركيا، وذلك عندما سلمت شرق السكة للنظام في العام الماضي وفق اتفاق تضمن انسحابها بشكل تدريجي، وربما تتخلى عن الطريق الدولي الذي يمر قرب حيان وحريتان وصولاً إلى مدينة حلب، لتكون أكملت مهمتها.
روسيا والنظام يخرقان اتفاق سوتشي.. أين تركيا؟
النظام يعزز قواته وروسيا تقصف المدنيين.. أين تركيا مما يجري؟
حاولت قوات النظام مدعومة من الميليشيات الموالية لها التقدم على جبهة البحوث العلمية والواقعة تحت سيطرة قوات المعارضة، إلا أنها فشلت في الوقت ذاته نظرًا لوجود عناصر الجبهة الوطنية للتحرير على خطوط التماس، وفشلت قوات النظام التقدم على جبهة الراشدين بحسب شبكة إباء التابعة لتحرير الشام التي نقلت مقتل أكثر من 7 عناصر خلال محاولتهم التقدم على المنطقة، مستغلةً اقتتال الفصائل.
ومن جانب آخر، قال ناشطون إن قوات النظام تعزز وجودها على الجبهات الممتدة قرب ريف حلب الغربي، بهدف شن عملية عسكرية في المنطقة مستفيدةً من انشغال الفصائل بالاقتتال فيما بينها، واستهدفت مدفعية النظام في حندرات بلدة حيان بريف حلب الشمالي بقذائف المدفعية مخلفةً أضرار مادية بممتلكات المدنيين، بينما طال القصف بلدة خان العسل غربي حلب بالصواريخ والمدفعية الثقيلة مصدرها قوات النظام المسيطرة على الأحياء القريبة من البلدة.
اتفاق سوتشي تضمن وقف إطلاق النار في المنطقة إلا أن قوات النظام والميليشيات الموالية لها عمليًا لم تتوقف عن قصف المناطق المحررة منذ عقد الاتفاق بين تركيا وروسيا
وإلى ذلك نفذت الطائرات الروسية عدة غارات على ريف حلب الغربي ليل الجمعة/السبت، حيث استهدفت مدينة دارة عزة غربي حلب بغارتين، مما أدى إلى مقتل ثلاثة من عائلة واحدة وإصابة آخرين بجروح، وفي ذات السياق استهدف الطيران الحربي الروسي بلدة أورم الكبرى بريف حلب الغربي بغارتين جويتين، مما أدى إلى إصابة بعض المدنيين ومقتل واحد على الأقل، وطال القصف كلاً من ريف المهندسين وجمعية الرحال وعددًا من القرى والبلدات بالتزامن مع سيطرة هيئة تحرير الشام على مناطق غرب حلب.
يذكر أن اتفاق سوتشي تضمن وقف إطلاق النار في المنطقة إلا أن قوات النظام والميليشيات الموالية لها عمليًا لم تتوقف عن قصف المناطق المحررة منذ عقد الاتفاق بين تركيا وروسيا، لكنه صعد في الآونة الأخيرة إلى جانب قصف الطيران الروسي للمنطقة، وبالتزامن مع محاولات النظام ونقض روسيا والنظام للاتفاق لم تبد تركيا أي ردة فعل بخصوص خرق الاتفاق واقتتال الفصائل، إذا إنها تبدو على علم مسبق بما يجري في المنطقة، ولعل المجريات الأخيرة هي أولى الخطط قبل بدء عملية شرق الفرات، كي تضمن روسيا عدم تدخل قوات النظام في المنطقة، فهل تتخلى تركيا عن إدلب مقابل أمن حدودها شرق الفرات؟