أطلق سكان حي “الكيلومتر 5” في عاصمة أفريقيا الوسطى بانغي،الذي تقطنه أغلبية مسلمة وأقلية مسيحية، مبادرة شعبية تهدف إلى إعلاء قيمة “التماسك الاجتماعي” بين المسلمين والمسيحيين، وذلك تحت اسم “تعاونية 236-كم 5 للسلام والتنمية”.
المسؤول الإعلامي للمبادرة بالا إبراهيم قال لوكالة الأناضول أن “الرقم 236 يشير إلى الرمز الهاتفي لأفريقيا الوسطى، وذلك للتعبير عن انتمائنا لهذا البلد وللتأكيد على أن مشاغلنا مشتركة، فيما يشير (كم 5) إلى اسم الحي المسلم في بانغي”.
وأضاف إبراهيم أن “الهدف من المبادرة هو إحلال السلام والتماسك الاجتماعي في البلاد، ولا شيء غير ذلك”.
ومضى قائلًا: “ليست لنا أي أغراض سياسية، لقد انطلقنا من فكرة أنه من المخزي رؤية أشخاص من الجيل نفسه، نشأوا جنباً إلى جنب وتعايشوا مع بعضهم البعض ولعبوا سوياً، يصبحون أعداءً بين عشية وضحاها، دون أن يتحملوا أي مسؤولية عن انقسامهم”.
وأضاف إبراهيم: “قررنا ألا ندع الأمور تفلت من أيدينا، ومثلما يمكنكم أن تلحظوا، فإن سكان الكيلومتر 5 من مسلمين ومسيحيين لم يرحلوا من الحي” .
ونددت المبادرة بما أسمته بـ”التشويه والخلط والتلاعب في المعلومات بخصوص حي الكيلومتر 5″، معربة عن “أسف أهالي الحي، الذي تقطنه أغلبية مسلمة، من تعرض حيهم إلى إهمال تام” من السلطات.
وفي خطوة مشابهة، تولى شبّان مسلمون في العشرين من أبريل الجاري مهمة حماية كنيسة في الحي الرئيسي للمسلمين في بانغي عاصمة أفريقيا الوسطى التي تجتاحها موجة من أعمال العنف والقتل الطائفي منذ أشهر.
وعلى غير عادتها في موسم أعياد الفصح، بدت كنيسة “سانت ماتياس”، الكائنة في حي “الكيلومتر 5” في بانغي، خالية من المصلين هذا العام، حيث التحق المسيحيون بذويهم في مطار “بانغي-مبوكو” (حيث يتجمع عدد من مسيحيي الحي المسلم)، حيث جرى الاحتفال بالقداس تحت حماية قوات حفظ السلام الفرنسية.
وقال أحد سكان حي “الكيلومتر 5” ، ويدعى “محمد شايبو في حديث سابق لوكالة الأناضول أنه “قبل هذا الصراع كان مسيحيو الحي، يحتفلون بأعيادهم ويقيمون شعائرهم في سلام هنا. اليوم، لا المسيحيون، ولا المسلمون يقيمون الشعائر في أمان”. وأضاف :” في الماضي، كنا نعيش في سلام، وكل طائفة كانت تحترم معتقدات الطائفة الأخرى”.
وأشار إلى أنه “حتى اليوم ما زال هناك في (الكيلومتر 5) مسيحيون لا يرغبون في المغادرة، أو أن يغادر المسلمون”.
وفيما كانت كنيسة “سانت ماتياس” خالية من الناس، كان المسجد المركزي في بانغي يعج باللاجئين الذي فرّوا من أحيائهم، خشية من ميليشيات “أنتي بالاكا” المسيحية.
وعن ذلك قال “شايبو”: “لم يعد باستطاعتنا الالتزام بمواعيد الصلاة، حيث نضطر إلى أدائها قبل موعدها لدواعي السلامة”.
وتعيش أفريقيا الوسطى منذ ديسمبر الماضي صراعاً طائفياً بين مليشيا “السيليكا” ذات الأغلبية المسلمة، وميليشيا “أنتي بالاكا” المسيحية، ذهب ضحية هذا الصراع المئات من المدنيين.
وحسب إحصائيات الأمم المتحدة تم إجبار حوالي 200 ألف مسلم على الرحيل من البلد الأفريقي، منذ بدء الصراع، نحو دول الكاميرون وتشاد وجمهورية الكونغو الديمقراطية والكونغو برازافيل.
وأثار هذا النزوح مخاوف السلطة السياسية والقادة الدينيين من انقسام البلاد بين جنوب مسيحي وشمال مسلم.
وكانت هيومان رايتس ووتش قد زارت عدة بلدات وقرى في الجزء الشمالي الغربي من البلاد، حيث قالت بعد ذلك أن السكان المسلمين قد فروا جماعات في مواجهة الهجمات المستمرة التي تشنها ميليشيا مكافحة بالاكا، وذلك لأن تواجد القوات الفرنسية والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في تلك المناطق كان غير كافٍ لحماية السكان المسلمين الذين تم استهدافهم من قبل ميليشيا مكافحة بالاكا انتقامًا من انتهاكات ارتكبتها جماعة سيليكا الذى يغلب عليها العنصر المسلم على مدار العام الماضي.
وقال “بيتر بوكارت” مدير قسم الطوارئ في هيومن رايتس ووتش: “إننا نرى تجمعات سكانية مسلمة كاملة كانت تعيش في جمهورية أفريقيا الوسطى منذ أجيال وهي تفر من ديارها. المسلمون في جمهورية أفريقيا الوسطى يتعرضون لظروف لا تحتمل وأعمال عنف مروع، ولم تتمكن القوات الأفريقية والفرنسية من حماية هؤلاء السكان”.
منظمة العفو الدولية بدورها قالت أن على أفريقيا الوسطى وقف التطهير العرقي الممنهج ضد المسلمين على وجه السرعة، داعية الرئيسة المؤقتة الجديدة كاثرين سامبا إلى “كبح جماح ” ما أسمها الميليشيات المنفلتة والمعروفة باسم “مناهضي بالاكا” المسيحية، والتي تدفع حالياً عشرات من السكان المسلمين بمغادرة البلاد للنجاة بأنفسهم من الانتهاكات المخيفة.