في الوقت الذي تتحدث فيه الأمم المتحدة وعدد من المراقبين والأطراف الدولية عن تخلص النظام السوري من معظم ترسانته من الأسلحة الكيماوية، أصدرت منظمة هيومان رايتس ووتش تقريرًا يكشف عن انتهاكات النظام ضد المدنيين عبر شن غارات عشوائية عديمة التمييز على مدينة حلب.
ورغم أن هجمات البراميل اعتاد النظام على تنفيذها منذ بدايات المواجهات العسكرية مع المعارضة المسلحة، إلا أن قرارًا تبناه مجلس الأمن بالإجماع، صدر في 22 فبراير الماضي، طالب النظام بوقف الاستخدام العشوائي عديم التمييز للقنابل البرميلية وغيرها من الأسلحة في المناطق المأهولة بالسكان.
وينتظر أن تجتمع الأمم المتحدة في 30 أبريل/ نيسان لمناقشة الجولة الثانية من التقارير المتعلقة بالامتثال للقرار.
ومنذ تبني القرار قامت هيومن رايتس ووتش بتوثيق ما لا يقل عن 85 موقعًا للغارات في أحياء مدينة حلب الواقعة في قبضة الجماعات المسلحة المعارضة للحكومة، بما في ذلك غارتين حكوميتين بالقنابل البرميلية على مستشفيات رسمية تعلوها علامات واضحة تفيد كونها منشآت طبية، وقد قال اثنان من أطباء تلك المنشآت وبعض موظفيها لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم تكن هناك أهداف عسكرية قريبة، وهم يعتقدون أن الحكومة استهدفتهم عمدًا.
وتتكون هذه البراميل من قوالب معدنية أو أسمنتية مزوّدة بمروحة دفع في الخلف وبصاعق ميكانيكي في المقدمة، وهي تحمل ما بين 200 و300 كلغ من مادة “تي إن تي” المتفجرة، مضافة إليها مواد نفطية تساعد في اندلاع الحرائق، وقصاصات معدنية مثل المسامير وقطع الخردة المستخدمة في السيارات لتكون بمثابة شظايا تحدث أضرارًا مادية في البشر والمباني.
وقال “نديم حوري” نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يتحدث الأسد عن الحملة الانتخابية، إلا أن الحملة الوحيدة التي يشهدها سكان حلب هي حملة عسكرية من القنابل البرميلية والقصف العشوائي، لقد حان الوقت لتتوقف روسيا والصين عن عرقلة مجلس الأمن، والسماح بفرض حظر للتسلح على الحكومة السورية وغيرها من الجماعات المسيئة”.
مارس 2014
أبريل 2014
وتعكس شهادات الشهود، وصور الأقمار الصناعية، والأدلة المستمدة من مقاطع الفيديو والصور الفوتوغرافية، أن القوات النظامية لم تقم بتخفيض ملحوظ لمعدلات قصفها للمدينة منذ تبني قرار مجلس الأمن.
وكانت هيومن رايتس ووتش قد حددت ما لا يقل عن 340 موقعًا منفصلاً للدمار في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة غير الحكومية في حلب بين 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2013 و20 فبراير/ شباط 2014، وهي فترة طولها 113 يومًا، عن طريق تحليل أربع صور التقطتها أقمار صناعية فوق المدينة في تلك الفترة.
فبراير 2014
أبريل 2014
وفي الأيام الأربعين المنقضية بين 22 فبراير/ شباط و2 أبريل/ نيسان، تمكنت هيومن رايتس ووتش من تحديد ما لا يقل عن 85 موقعاً إضافياً للدمار الملحوظ في أحياء المدينة الواقعة في قبضة جماعات مسلحة معارضة للحكومة، والأغلبية العظمى لهذه المواقع المشار إليها تظهر أنماطًا من الدمار تتفق إلى حد بعيد مع تفجير القنابل البرميلية.
وتميل القنابل البرميلية وغيرها من القنابل غير الموجهة شديدة الانفجار إلى ترك مساحات من الدمار في المباني تزيد عن المعتاد مع الأنواع الأخرى من الغارات الجوية ونيران المدفعية، وكثيرًا ما تخلف حفرًا انفجارية غير منتظمة الشكل وضحلة العمق بحواف متعرجة.
علاوة على هذا، فإن ثمة أدلة قوية على قيام القوات النظامية على الأرض بإطلاق المئات من قذائف الهاون والمدفعية الثقيلة خلال هذه الفترة، بحسب تقدير هيومن رايتس ووتش.
وأفادت إحدى المنظمات المحلية، وهي مركز توثيق الانتهاكات، بأن الغارات الجوية تسببت في مقتل 651 مدنيًا في محافظة حلب بين 22 فبراير/ شباط و22 أبريل/ نيسان، كما أفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بأنه بين 22 فبراير/ شباط و16 أبريل/ نيسان، أدت هجمات القنابل البرميلية إلى قتل ما لا يقل عن 920 مدنيًا في سوريا، وأكثر من نصفهم في محافظة حلب.
وقالت هيومان رايتس ووتش في تقريرها إن القوات النظامية السورية، باستخدامها للقنابل البرميلية على مناطق كثيفة السكان، استخدمت وسائل وأساليب حربية لا يمكنها التمييز بين المدنيين والمحاربين؛ مما يجعل الهجمات عشوائية عديمة التمييز ومن ثم غير مشروعة.
وطالبت المنظمة الحقوقية مجلس الأمن بفرض حظر للتسلح على الحكومة السورية وكذلك على أية جماعات متورطة في انتهاكات واسعة النطاق أو ممنهجة لحقوق الإنسان، كما طالبت أيضًا بفرض حظر السفر وتجميد الأصول على الأفراد المتورطين بمزاعم ذات مصداقية في انتهاكات جسيمة، وإحالة الوضع إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ومن شأن حظر كهذا أن يحد من قدرة الحكومة السورية على شن غارات جوية عن طريق ضمان عدم تلقي سوريا لطائرات مروحية جديدة أو إجراء صيانة لمروحياتها في الخارج.
وكانت المعارك في حلب قد تصاعدت بحدة قبل عدة أسابيع عندما شنت جماعات مسلحة مختلفة هجومًا مشتركًا مفاجئًا على مواقع الحكومة، ويعتقد أن نحو 70 في المئة من سكان حلب تركوا المدينة.
وكان نشطاء سوريون قد أطلقوا على مواقع التواصل الاجتماعي حملة باسم “انقذوا حلب” وذلك بعد أن شهدت المدينة وريفها في الآونة الأخيرة مقتل مئات المدنيين إثر القصف الجوي بالبراميل المتفجرة.
ويرى الناشطون أن النظام بدأ باللجوء إلى هذا السلاح البدائي الرخيص بعد أن قاربت ذخيرته من القنابل التقليدية على النفاذ، بينما يفسر آخرون هذه الاستراتيجية بتعمد إحداث الدمار على أوسع نطاق عملاً بمبدأ “الأرض المحروقة” فهو سلاح لا يتطلب أي توجيه ويتم إلقائه من المروحيات على المناطق السكنية المكتظة ليتسبب بدمار كبير داخل دائرة قطرها 250 مترًا.
ووفقًا للشبكة السورية لحقوق الإنسان، تسبب أكثر من 1673 برميلاً متفجرًا ألقاه سلاح الجو النظامي على مختلف المحافظات السورية بمقتل ما لا يقل عن 2748 شخصًا، بينهم قرابة نحو 284 طفلاً، مؤكدة أن 97% من هؤلاء الضحايا مدنيون، كما تسببت البراميل المتفجرة في دمار وتضرر نحو 5400 مبنى.
لكن طبقا لبيان الهيئة الصحية التابعة للائتلاف السوري فإن قوات النظام قتلت اكثر من 20 ألف مواطن سوري فيما جرح ما يقرب 100 الف بهجمات طائرات النظام بالبراميل المتفجرة على المدن السورية.
وأضافت الهيئة ان طائرات النظام القت اكثر من 5000 برميل متفجر على المدن والقرى السورية مما اوقع اعداد كبيرة من القتلى المدنيين من النساء والاطفال والرجال والشيوخ .
للاطلاع على تقرير هيومان رايتس ووتش كاملا