ترجمة وتحرير: نون بوست
في الماضي تم التوصل إلى بعض الاكتشافات العلمية الهامة، بفضل ما يراه البعض ضربة حظ، ويراه آخرون عشوائية وقلة كفاءة. هذه الاكتشافات العلمية التي حصلت عن طريق الصدفة، كان لها تأثير كبير على العالم.
1. أشعة إكس هي من أشهر الاكتشافات العلمية العرضية
أثناء قيامه بتجارب على أشعة أنبوب الكاثود، تمكن عالم الفيزياء الألماني فيلهلم رونتجن من اكتشاف أشعة إكس عن دون قصد. فقد لاحظ أنه عندما يكون الأنبوب مشغلا تطلق بعض الكريستالات القريبة منه ضوء مشعا غريبا.
بعد ذلك قام بإجراء تجارب من خلال وضع طبقة لتغطية الأنبوب ليرى ما هو تأثير هذا الأمر على هذه الظاهرة. وقد خلص هذا العالم إلى أن أنبوب الكاثود يصدر نوعا من الأشعة الجديدة، وبدأ يقوم بمحاولات لاعتراض هذه الأشعة.
في تجربة شهيرة في العام 1895، استخدم فيلهلم رونتجن يد زوجته لإصدار أول صورة بأشعة إكس لعظام الإنسان
في البداية استخدم فيلهلم رونتجن لهذا الغرض ورقا أسود غليظ، ولكن هذا الورق لم يفي بالغرض. بعد ذلك أجرى سلسلة تجارب على مواد أخرى أكثر كثافة، ولكنه لم يتوصل إلى نتيجة تذكر.
وسرعان ما لاحظ هذا العالم الألماني أن هذه الأشعة الجديدة قادرة على اختراق معظم المواد والأدوات، ولكنها تترك ظلا مميزا عندما تصطدم بمواد صلبة مثل العظام والمعادن.
وفي تجربة شهيرة في العام 1895، استخدم فيلهلم رونتجن يد زوجته لإصدار أول صورة بأشعة إكس لعظام الإنسان. هذا الاكتشاف مثل حجر الأساس لثورة كبيرة في مجال التشخيص الطبي بعد ذلك. وقد جاء هذا الاكتشاف بمحض الصدفة، والقليل من عبقرية فيلهلم رونتجن.
2. لاصق الفيلكرو اكتشف عن طريق الصدفة
في العام 1941، سافر المهندس السويسري جورج دي ميسترال في رحلة للتنزه، ولاحظ شيئا غريبا، وبدأ يتساءل لماذا تلتصق بذور القرع بمعطفه وبفرو كلبه. وبعد إلقاء نظرة فاحصة على هذه البذور، لاحظ دي ميسترال أنها توجد فيها نتوءات صغيرة. هذه الأشكال كانت مثل الخطاطيف الدقيقة لها قدرة عجيبة على الالتصاق بأي شيء تلامسه.
ورغم أنه لم يكن في الأصل ينوي تصميم نوع جديد من تقنيات لصق الملابس، فإنه قرر القيام بمحاولة لتقليد هذه الظاهرة. وقد أدى هذا لابتكار ما أصبح يعرف لاحقا بلاصق الفيلكرو أو لاصق الأهداب والخطاطيف.
وبعد مجموعة من المحاولات الفاشلة، تمكن هذا المهندس من استخدام النايلون والبوليستر وقام بتسجيل براءة اختراعه في 1955.
أما الإسم نفسه، فيلكرو فهو مشتق من كلمتين فرنسيتين تعنيان المخمل والخطاف. وقد أطلق هذا الاسم على المنتج والشركة التي أسسها دي ميسترال، وهي لا تزال تصنع الفيلكرو إلى غاية اليوم.
3. الميكروويف كان مجرد حادث
فرن الميكروويف تم اكتشافه في الواقع بمحض الصدفة. إذ أن المهندس الأمريكي بيرسي سبنسر كان منهمكا في صناعة تكنولوجيات متعلقة بأجهزة الرادار، عندما لاحظ شيئا مثيرا للإهتمام.
ففي العام 1946، بينما كان هذا المهندس منهمكا في بعض تجاربه، لاحظ أن قطعة الشكلاطة الموجودة في جيبه ذابت بشكل سريع. وهذا الأمر أثار حيرته، وسرعان ما استنتج أن هذا الأمر له علاقة بموجات الرادار الذي كان يعمل عليه. فقام بتوجيه الجهاز لأشياء أخرى لمشاهدة تأثرها مثل البيض والذرة، ليلاحظ أنها هي أيضا أصبحت ساخنة.
وسرعان ما اكتشف بيرسي أن هذا له علاقة بطاقة الموجة القصيرة (الميكروويف)، فقامت شركة رايثون التي يعمل فيها بالحصول على براءة اختراع أول فرن ميكروويف في 1953. هذا أدى إلى تطور أول ميكروويف في العالم، ولكن وزنه كان حينها يناهز 340 كيلوغرام، وارتفاعه حوالي 1.8 متر. ولم يبدأ إنتاج أجهزة أقل حجم صالحة للوضع في المطبخ إلا في العام 1965.
4. البنسلين كان ضربة حظ
ربما يكون البنسلين من أشهر الأمثلة على الاكتشافات العلمية التي حصلت عن طريق الصدفة. إذ أن العالم ألكسندر فليمنغ لاحظ في العام 1928 نموا غير طبيعي في الصحن الزجاجي المستخدم في التجارب العلمية.
وبعد ذلك قام هذا الباحث الأسكتلندي في مجموعة من البحوث مجال بكتيريا المكورات العنقودية، وقد اكتشف أن ذلك النمو يمنع البكتيريا من التكاثر.
يعود أول استخدام رسمي للبنسلين كعلاج إلى العام 1933
بعد ذلك طور اكتشافه وأثبت أن مصدر مادة البنسلين هو عفن الخبز. ولاحقا قام فليمنغ بإطلاق عبارة بنسلين على عملية تصفية هذا العفن لاستخراج المضاد. وبعد أبحاث إضافية أثبت أن هذا الدواء له تأثيرات مطهرة من الجراثيم تساهم في إنقاذ حياة الناس.
ويعود أول استخدام رسمي للبنسلين كعلاج إلى العام 1933. وقد فتح هذا الدواء الباب أمام عصر جديد من المضادات الحيوية التي أنقذت أرواحا كثيرة.
5. الصمغ الممتاز
الغراء اللاصق من النوع الممتاز، أو كما يسمى الغراء السريع، كان هو أيضا اكتشافا عن طريق الصدفة أثناء الحرب العالمية الثانية. وقد كان حينها الباحث هاري كوفر جونيور، الذي كان في الواقع يقوم بأبحاث لصنع مهداف (جهاز بصري يساعد في توجيه العين وتصويب السلاح) مصنوع من مادة البلاستيك.
وأثناء قيامه بتجارب على مجموعة من المواد الكيميائية المسماة الأكريلات، لاحظ هذا الباحث أن إحدى المعادلات أنتجت مادة شديدة الإلتصاق. وسرعان ما تخلى عن أغراض بحثه الأصلية وتوجه نحو هذا الاكتشاف الجديد.
وبعد سنوات قليلة كان كوفر يقوم بمحاولات لإيجاد حل آخر لإنتاج غلاف لقمرة الطائرة مقاوم للحرارة. وقد قرر هو وزملائه البحث مجددا عن استخدام لمادة الأكريلات.
وأثناء هذا البحث قام زميله فريد جوينر بوضع المادة بين عدستين، حتى يقوم لاحقا بفحص تأثير ذلك على انكسار الضوء. ورغم أن التجربة فشلت، فقد لاحظوا أن العدستين التصقتا ببعضهما بشكل قوي جدا، ولذلك التقط كوفر هذا الأمر وبدأ بالتفكير في الاستخدامات التجارية لهذه المادة اللاصقة. وقد بدأ بيعها لأول مرة تحت الاسم التجاري إيستمان، في شكل مادة سريعة الالتصاق.
6. بلي-دو أو معجون تشكيل القوالب
معجون تشكيل القوالب الذي يستخدمه الأطفال للعب، ظهر هو أيضا عن طريق الصدفة. فهو في الواقع تم تطويره كمنظف لورق الجدران في ثلاثينات القرن الماضي.
وقد تم اختراع هذا الصلصال لأول مرة على يد نواه ماكفيكر وشقيقه، لفائدة شركة لإنتاج الصابون. وفي ذلك الوقت كان استخدام الفحم لإشعال النار يتسبب بتلويث الجدران وكل الأشياء المحيطة به. ولذلك تم البحث عن نوع من الصلصال يمكن تمريره فوق السطح الملوث، لإزالة سواد الفحم. ولاحقا مع انتشار ورق الفينيل أصبح تنظيف سواد دخان الفحم أكثر سهولة بواسطة إسفنجة مبللة.
هذا جعل من صلصال التنظيف يفقد قيمته بين عشية وضحاها. إلا أن مدرسة سمعت أن الأطفال يحبون استخدامه لصنع الأشكال. وبعد تجارب أجرتها هذه المدرسة في قسمها، ولاحظت أن تلاميذها يحبون اللعب بهذا الصلصال. لذلك طلبت من صهرها جو ماكفيكر، العمل على هذه الفكرة، باعتبار أن كان يعمل في شركة لصنع الصابون. وسرعان ما اقتنعت إدارة الشركة بفائدة هذا الصلصال، فتوقفت عن ترويجه كمنتج للتنظيف، وبدأت ببيعه على أساس أنه لعبة للأطفال.
7. المطاط المقوى
في البداية كان العمل على تطوير المطاط يتم بشكل بطيء. حيث أن هذه المادة كانت دائما تتجمد وتصبح قاسية جدا في الشتاء، أو تذوب في الصيف، إلا أن أحد العلماء، وهو تشارلز غوديير، أجرى تجارب بواسطة المواد المتاحة لديه، وعمل على تلافي هذه العيوب. وبعد الكثير من المحاولات الفاشلة، قرر إضافة قليل من حمض النيتريك ذو اللون الذهبي.
إلا أن هذه المادة بعد استخدامها تحولت إلى اللون الأسود، فقام برميها معتقدا أن هذا فشل آخر. ولكن عند إعادة استخدامها بعد فترة، لاحظ تشارلز غوديير أنها تحولت إلى مادة ملساء وجافة. ولكنها رغم ذلك كانت لا تزال تتعرض للذوبان تحت تأثير الحرارة المرتفعة.
فواصل هذا العالم إجراء التجارب، وأضاف مادة الكبريت. بعد ذلك وبمحض الصدفة المطلقة وقلة انتباه هذا العالم، وقع جزء من هذا المطاط المعالج بالكبريت في موقد النار، ولكنه لم يتعرض للذوبان بل تفحم وأصبح أكثر صلابة مثل الجلد، ومقاوما للحرارة والماء. وهكذا تم إنتاج المطاط المقوى لأول مرة بفضل قلة انتباه هذا الباحث.
8. لعبة سلانكي كانت في الأصل تهدف لإنتاج تكنولوجيا للسفن الحربية
خلال فترة الحرب العالمية الثانية، كان أحد المهندسين البحريين، وهو ريتشارد جيميس، يعمل على تقنية لفائدة السفن الحربية. كان هذا المهندس يحاول إيجاد طريقة لاستخدام السلك النابض من أجل حماية المعدات الحساسة من التعرض للضرر بسبب الاهتزازات العنيفة على متن السفينة.
وأثناء عمله على بعض النماذج الأولية، سقطت إحداها بالصدفة من الرف، ولكنها عوضا عن الارتطام بالأرض، قامت بمجموعة من الارتدادات ولم تتعرض للتلف.
قام هذا المهندس بتجارب مع عدد من أنواع أسلاك الفولاذ، وطور في النهاية نموذجا عرضه على أطفال الحي الذين أعجبوا به كثيرا
وكانت هذه الملاحظة مثيرة للدهشة بالنسبة لريتشارد الذي قال لزوجته لاحقا: “إذا حصلت على الكمية المناسبة من الفولاذ ودرجة الشد، فبإمكاني جعل هذه اللفائف تتحرك وتمشي من تلقاء نفسها.”
بعد ذلك قام هذا المهندس بتجارب مع عدد من أنواع أسلاك الفولاذ، وطور في النهاية نموذجا عرضه على أطفال الحي الذين أعجبوا به كثيرا. وكانت زوجته هي أول من أطلقت على هذه اللعبة اليدوية اسم سلانكي.
9- البارود كان في الأصل يهدف لإطالة حياة الناس
ربما تكون هذه الحادثة هي أكبر تعبير على كلمة سخرية، حيث أن اكتشاف البارود كان في الأصل يهدف لعكس التأثير الذي أحدثه لاحقا على الإنسانية. حيث أنه كان يراد منه صنع إكسير للخلود، إلا أن أصبح مستخدما لاحقا لإنهاء حياة الناس.
وفي الواقع، يسمي الصينيون مادة البارود “هوياو”، التي تعني ترجمتها العلاج بالنار. وقد كان علماء الكيمياء الصينيون القدماء في حوالي القرن التاسع ميلادي يقومون بتجارب لتطوير دواء يحمي الناس من الموت. وفي إحدى المحاولات غفلوا عن وضع مادة الملح الصخري والكبريت والفحم، فكانت النتيجة مفاجئة صادمة. حيث لاحظوا مباشرة أن الخليط الجديد كان شديد الإنفجار. وسرعان ما استنتجوا أن هذه المادة ستكون لها استخدامات متنوعة.
وكان البارود في البداية يستخدم في الألعاب النارية، ولكن سرعان ما انتقل إلى ساحات القتال في حوالي سنة 1000 ميلادي. ومنذ ذلك الوقت أدى البارود لتغيير وجه الحروب بشكل جذري.
ترجمة وتحرير: موقع انترستنغ إنجينيرينغ