نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية مقالا للوزير المصري الأسبق يحيى حامد، تحدث فيها عن أسباب تخوف عبدالفتاح السيسي من نشر مقابلته التي أجرتها معه قناة “سي بي أس” الأمريكية.
وقال حامد، في المقالة التي ترجمتها “عربي21″، إنه من المعلوم أنه “بعد فترة وجيزة من جلوس عبد الفتاح السيسي أمام محطة الإذاعة الأمريكية (سي.بي.إس)، حاولت الحكومة المصرية منع بث المقابلة. وقد سعى السيسي إلى المشاركة في مقابلة “60 دقيقة” ليروج لنفسه، لكنه سرعان ما أدرك أن الأسئلة -وإجاباته- ليست هي التي يريد أن يراها العالم. كان محرجا لمشاهدة ذلك. كان من الواضح أنه لم يكن مستعدًا للمقابلة، وأن محاولة فريقه منعها جعلها قصة أكبر وأوسع انتشارا”.
وتابع: “مزاعمه كانت مدهشة. خلال المقابلة، أدلى بتصريحات معروفة على نطاق واسع أنها غير صحيحة. وزعم، على سبيل المثال، أنه “ليس لدينا (في مصر) سجناء سياسيون”، لكن هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية وعشرات من المنظمات الأخرى وثقت عن كثب انتهاكات حقوق الإنسان في حقبة السيسي، وتحديدا منذ توليه السلطة في عام 2013. وقد وجد الجميع أن الأشخاص من مختلف الخلفيات السياسية، (وحتى من غير ذلك الوسط)، ممثلون بأعداد كبيرة في السجون المصرية، بما في ذلك الرئيس محمد مرسي (الذي كان لي شرف في الخدمة معه)”.
“بعد أن نفى (السيسي) في السابق أن مصر و”إسرائيل” تعملان معاً في شبه جزيرة سيناء، حيث “الحرب الخفية” التي يخوضها السيسي على المدنيين، والتي ترقى إلى “أزمة إنسانية تلوح في الأفق”، اعترف لـ”سي بي إس” بأنهم يتعاونون في الواقع
وقال: “النفي لم يتوقف عند هذا الحد. عندما سئل سيسي عن المجازر التي وقعت في ميادين النهضة ورابعة عام 2013، اعتقد (السيسي) أنه يستطيع أن يدافع عن أفعاله من خلال الادعاء بأن تقرير هيومن رايتس ووتش حول عمليات القتل لم يكن “سليمًا”. بناء على أوامره، قتل أكثر من 800 شخص بدم بارد، وكانت جريمتهم “الاحتجاج السلمي”. وكان رده على ذلك هو الإشارة إلى أن شبكة (سي بي إس) لا “تتابع عن كثب الوضع في مصر”، قبل أن يناقض نفسه بالقول إنه “جرب كل الوسائل السلمية لتفريق” المتظاهرين”.
وأردف: “بعد أن نفى (السيسي) في السابق أن مصر و”إسرائيل” تعملان معاً في شبه جزيرة سيناء، حيث “الحرب الخفية” التي يخوضها السيسي على المدنيين، والتي ترقى إلى “أزمة إنسانية تلوح في الأفق”، اعترف لـ”سي بي إس” بأنهم يتعاونون في الواقع. في فبراير/ شباط 2018، كجزء من جهوده لتصوير نفسه كزعيم حديث ومؤيد للعرب ومعاد لـ”إسرائيل” في قالب الجنرال جمال عبد الناصر، أخبر السيسي صحيفة نيويورك تايمز أنه لا توجد علاقة عسكرية”.
وقال: “لذلك ينبغي ألّا نتفاجأ بأنه طالب بألّا تبث شبكة “سي بي إس” المقابلة. ولما كذب في المقابلة، بأن عدم ارتياحه بشكل واضح. كان يتصبب عرقاً بشكل ملحوظ، وأصبحت ردود فعله دفاعية بشكل متزايد. وفي مواجهة وسائل الإعلام الحرة، أظهر نفسه بأنه حساس وهش ومخيف من أن يخضع للمساءلة عن جرائمه. لقد جرّأ السيسي على أفعاله الدعم من أشخاص مثل الرئيس ترامب وزعماء غربيين، وتم تصديق روايته بأنه “يحارب التطرف” بطريقة ما، معتقداً أن ذلك يمنحه تفويضاً مطلقاً ليفعل ما يحلو له. ظهر على “60 دقيقة”، ظانا أنه سيكال المديح له باعتباره “صديقا عظيما وحليفا” للولايات المتحدة، على حد تعبير ترامب، وبدلاً من ذلك، تمت مواجهته بأفعاله”.
وأضاف أن “محاولة منع المقابلة من البث كانت بمثابة عمل يائس. وكان الدافع وراء ذلك هو الوهم العميق”.
سيكون المصريون في داخل الوطن خائفين جداً من الحديث عن المقابلة، لكن بالنسبة لنا نحن الذين نعيش في المنفى، منحنا الأمر دافعا لمواصلة معارضة نظام السيسي
وتابع: “في ظل نظام السيسي الخانق، لا توجد صحافة حرة في مصر، مثلما لا يوجد تعبير حر عن الرأي أو الفن أو الأدب. لقد أدت الحرب العشوائية التي شنتها حكومته على كل المنشقين المفترضين و”أعداء الدولة” إلى خلق جو وطني يشبه “سجنًا مفتوحًا”. لكن تكتيكات البلطجة التي استخدمها (السيسي) في مصر لا تعمل في الولايات المتحدة. لقد اعتاد السيسي على الحصول على طريقه،
لذا فإن قبضته المطلقة على مصر”.
وقال حامد إنه منذ بث المقابلة، تم منع جميع وسائل الإعلام المحلية في مصر من التطرق إليها.
سيكون المصريون في داخل الوطن خائفين جداً من الحديث عن ذلك، لكن بالنسبة لنا نحن الذين نعيش في المنفى، منحنا الأمر دافعا لمواصلة معارضة نظام السيسي.
وأضاف: “هناك قضية واحدة لا يمكننا التغلب عليها بمفردنا. طالما بقيت القوى الدولية الرئيسية صامتة، سيستمر السيسي بأفعاله. لقد حرصت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر على أن يكون للغرب مصالح تجارية وسياسية في الشرق الأوسط. حتى أن ترامب دعمه. ولهذا السبب، يجب على منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام الحر ممارسة ضغط مستمر على السيسي للإجابة عن جرائمه”.
وختم بقوله: “في مرحلة ما خلال المقابلة، سئل السيسي مباشرة عما إذا كان أمر رجاله بفتح النار على المتظاهرين. لم يعط إجابة، لكن الجواب واضح. والحقيقة هي أنه قام بالفعل بإصدار أمر القتل الجماعي على الرجال والنساء، وكثير منهم شباب.
إن كارثة مقابلة السيسي مع “60 دقيقة” يجب أن تحذر الديكتاتوريين في كل مكان أنه على الرغم من أنهم قد يتمتعون بدعم السياسيين من الدول الديمقراطية، إلا أن الشعب والصحافة هي التي ستحاسبهم”.
المصدر: واشنطن بوست
ترجمة وتحرير: عربي21