واشنطن بوست: ابن سلمان يتواصل مع القحطاني والأخير زار الإمارات

بعد مرور مائة يوم على جريمة قتل جمال خاشقجي، يمضي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قدماً في حملاته الموجهة ضد المعارضين وما يزال في تواصل مستمر مع سعود القحطاني، مستشاره الإعلامي الذي تعتقد وكالة المخابرات الأمريكية (السي آي إيه) أنه ساعد في تنظيم عملية قتل خاشقجي، وذلك بحسب ما صرحت به مصادر أمريكية وسعودية.
وبدلاً من أن يغير سلوكه الأرعن أو الإيحاء بأنه تعلم دروساً من قضية جمال خاشقحي، كما كانت ترجو إدارة ترامب، يبدو أن ولي العهد السعودي مستمر في نمط حكمه الاستبدادي وفي شن الحملة تلو الأخرى، بلا هوادة، على المعارضين، كما أفادت المصادر الأمريكية والسعودية هذا الأسبوع.
يقول مسؤول أمريكي قابل محمد بن سلمان مؤخراً: “محلياً، يشعر محمد بن سلمان بالثقة أن مقاليد الأمور بيده، وطالما أن قاعدته آمنة، فهو يشعر بأن ما من شيء سيضره.” يوافق على ذلك أحد أكثر البريطانيين خبرة في الشأن السعودي، حيث يقول: “إنه لا يعبأ إطلاقاً بأي لوم أو توبيخ على ما جرى، وهذا أمر مقلق بالنسبة للحكومات الغربية.”
من المؤشرات التي تدل على أن محمد بن سلمان لم يتخل عن أسلوب القحطاني في ممارسة التنمر تلك الحملة الشرسة التي شُنت هذا الأسبوع لمهاجمة خاشقحي والمعارض السعودي المقيم في كندا عمر عبد العزيز.
لم يزل محمد بن سلمان يتواصل مع القحطاني ويطلب مشورته، وذلك بحسب ما تقوله المصادر الأمريكية والسعودية. وذكر مصدر سعودي أن القحطاني التقى أيضاً مؤخراً في منزله بالرياض بكبار مساعديه في مركز الدراسات والشؤون الإعلامية التابع للديوان الملكي، وهي المؤسسة التي ظل يديرها إلى ما بعد مقتل جمال خاشقجي بقليل. وينقل عن القحطاني قوله لمساعديه السابقين: “إنني يوجه إلي اللوم ويجري تقديمي ككبش فداء.”
يقول الأمريكي الذي قابل محمد بن سلمان مؤخراً: “يمسك القحطاني بالكثير من الملفات والقضايا. ومن غير الواقعي الزعم بأن القطيعة التامة معه أمر ممكن.” ويوافق على ذلك سعودي مقرب من الديوان الملكي حيث يقول: “هناك أمور كان القحطاني مكلفاً بها لا مفر من أن ينهيها أو يسلمها لغيره.”
من المؤشرات التي تدل على أن محمد بن سلمان لم يتخل عن أسلوب القحطاني في ممارسة التنمر تلك الحملة الشرسة التي شُنت هذا الأسبوع لمهاجمة خاشقحي والمعارض السعودي المقيم في كندا عمر عبد العزيز.
ظهر هاشتاغ باللغة العربية يوم الخميس يدعي تقديم “الحقيقة” عن التورط المزعوم للرجلين في مؤامرات تمولها قطر ضد المملكة العربية السعودية. ونشرت تدوينة باللغة الإنجليزية صورة للرجلين معاً وقد كتب عليها التعليق التالي: “جمال وعمر: عملاء قطر”.
حتى أشد أنصار محمد بن سلمان في الولايات المتحدة بدوا قلقين من الحملة الجديدة في السوشال ميديا
كما ظهر على تويتر فيديو عنوانه “فضح النظام القطري” يبدو أنه من إنتاج شركة تحمل نفس الاسم الذي يحمله ستوديو يتخذ من دبي مقراً له. يزعم الفيديو، الذي تظهر له على الشاشة ترجمة باللغة الإنجليزية، أن جمال خاشقجي كان متورطاً في مؤامرة “لإيجاد ربيع عربي جديد لإثارة القلاقل في الأقطار العربية، وبشكل خاص في المملكة العربية السعودية.”
ويرد في فيديو آخر ذكر الواشنطن بوست وأنها ما كان ينبغي أن تمنح جمال خاشقجي منصة لنشر مقالاته بينما كان يتلقى مساعدة تحريرية لإنجاز مقالاته من رئيس مؤسسة قطر الدولية، وهي مجموعة تمولها قطر وتتخذ من واشنطن مقراً لها.
والمفارقة هي أن الدليل الوحيد الذي يقدم لإثبات هذه التهم التي تربط خاشقجي بقطر هو المقال الذي نشرته الواشنطن بوست في الثاني والعشرين من ديسمبر بقلم سعاد مخنت وغريغ ميلر. والحقيقة أن العلاقة مع مؤسسة قطر لم تكن سراً، وقد ذكرتها في مقال طويل لي عن خاشقجي نشر يوم الثاني عشر من أكتوبر، بعد عشرة أيام على اختفائه في إسطنبول.
حتى أشد أنصار محمد بن سلمان في الولايات المتحدة بدوا قلقين من الحملة الجديدة في السوشال ميديا. ففي رسالة إيميل وجهها إلي يوم الخميس، علق علي الشهابي، رئيس أرابيا فاونديشن التي تدعمها السعودية قائلاً: “ليست لدي أدنى فكرة من يقف وراء هذه الحملة الجديدة، ولكن من المؤكد أنها لا تبدو حكيمة.” وأضاف إنه “بالرغم من الحملة المنظمة التي تمولها قطر وآخرون …. مارست الأجهزة الإعلامية التابعة للمملكة منذ مأساة جمال وحتى الآن درجة عالية من ضبط النفس، وأرجو أن يستمر الحال على ذلك.”
توحي التدوينات والفيديوهات التي تشتمل عليها الحملة الجديدة أنها من إنتاج الاستديوهات الإعلامية الحديثة في دبي. وبحسب ما يقوله مصدر سعودي، فقد قام القحطاني مؤخراً برحلتين إلى الإمارات العربية المتحدة، وذلك بالرغم من أنه من المفروض أن يكون تحت الإقامة الجبرية في الرياض. ولكن لم يتسن تأكيد حدوث هاتين الرحلتين من مصادر مستقلة.
قال الأمريكي الذي قام مؤخراً بزيارة محمد بن سلمان بأنه حذره من أن كبار المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين في الولايات المتحدة ينظرون الآن فيما إذا كان ولي العهد طاغية مثل صدام حسين، يعلن رسمياً التزامه بالتحديث ولكنه غير أهل للثقة ولا يمكن الاعتماد عليه كحليف راسخ للولايات المتحدة.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أعلنت في الخامس عشر من نوفمبر إثر فرضها عقوبات على القحطاني إنه “كان ضالعاً في تخطيط وتنفيذ العملية ” التي أدت إلى وفاة خاشقجي.
وقال الأمريكي الذي قام مؤخراً بزيارة محمد بن سلمان بأنه حذره من أن كبار المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين في الولايات المتحدة ينظرون الآن فيما إذا كان ولي العهد طاغية مثل صدام حسين، يعلن رسمياً التزامه بالتحديث ولكنه غير أهل للثقة ولا يمكن الاعتماد عليه كحليف راسخ للولايات المتحدة. وقال الزائر إنه حذره قائلاً: “طالما احتفظت بالقحطاني فسوف يقول الناس إنك لا تختلف عن صدام حسين.”
إلا أن كبار المسؤولين السعوديين الذين ناقشوا علاقة محمد بن سلمان المستمرة مع القحطاني حثوا الولايات المتحدة على الصبر. ويقال إن واحداً من كبار الأمراء نصح الإدارة الأمريكية بهذا الشأن قائلاً: “لئن حاولت منعه فسوف يجد القحطاني قناة أخرى.” في هذه الأثناء تستمر آلة القمع السعودية في الدوران بسرعتها القصوى.
المصدر: واشنطن بوست
ترجمة وتحرير: عربي21