من الصعب تخيل الحياة اليومية بمعدل تضخم سنوي يبلغ مليون في المائة، عند هذا المعدل، يتضاعف سعر فنجان القهوة بين نفقات راتبك الأسبوعي، هذا ما يواجهه مواطنو فنزويلا، وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن صندوق النقد الدولي، إن قصة الكيفية التي انتقلت بها البلاد من الاستقرار النسبي إلى التضخم المفرط تنطوي على أكثر من الاقتصاد، إنها قصة الفساد والاضطرابات الاجتماعية وسياسات الخدمة الذاتية وضوابط رأس المال وتثبيت الأسعار وانقطاع السلع العالمي.
من الصعب أيضًا تصديق ذلك، لكن اقتصاد فنزويلا كان في يوم من الأيام موضع حسد دول أمريكا الجنوبية، وبامتلاكها لأكبر احتياطات نفطية في العالم، كانت البلاد لديها تدفق مستمر من العائدات الدولارية وثروة هائلة للفرد، إذًا كيف يمكن لدولة تفتخر بأكبر احتياطات نفطية في العالم أن تجد نفسها على حافة الانهيار الاقتصادي؟
فنزويلا نحو الهاوية
فنزويلا، بالأرقام، تشبه بلدًا ضربته الحرب الأهلية، ويُقدر أن اقتصادها الذي كان في يوم من الأيام الأغنى في أمريكا اللاتينية، قد تقلص بنسبة 10% العام الماضي، وهو أسوأ من اقتصاد سوريا في زمن الحروب والنزاعات.
تعاني فنزويلا من نقص الغذاء والاحتياجات الأساسية من السلع إلى درجة أن 3 من كل 4 مواطنين انخفض وزنهم بشكل غير طوعي
تقلص الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 19%، كما تعاني هذه الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية من أسوأ معدلات التضخم في العالم بأكثر من 700%؛ أي ضعف معدل التضخم في جنوب السودان الذي يحتل المرتبة الثانية، مما يجعل عملتها عديمة القيمة تقريبًا، وهذا هو التضخم المفرط الذي لم يشهده العالم منذ ألمانيا في العشرينيات أو زيمبابوي عام 2008.
في بلد لديه أكبر احتياطي نفطي مثبت في العالم، تعاني فنزويلا من نقص الغذاء والاحتياجات الأساسية من السلع إلى درجة أن 3 من كل 4 مواطنين انخفض وزنهم بشكل غير طوعي، بمتوسط 9 كيلوغرامات في السنة.
تتميز شوارع المدينة بالأسواق السوداء والعنف، وكان آخر معدل للقتل المبلَّغ عنه، عام 2014، يعادل الضحايا المدنيين عام 2004 في العراق، إلى أن جاءت أزمة فنزويلا من خلال سلسلة من الخطوات التي حققت تقدمًا واضحًا في الماضي، وبعضها أثبت شعبيته في البداية.
التضخم المتصاعد يجعل السلع الاستهلاكية الأساسية لا يمكن تحملها بالنسبة لمتوسط الفنزويليين
لقد أصبحت ديمقراطية فنزويلا التي كانت لفترة طويلة مصدر فخر أقدم الديمقراطيات التي سقطت في شراك الاستبداد منذ الحرب العالمية الثانية، وأدت عمليات الاستيلاء على السلطة التي حلت محل الدستور في الآونة الأخيرة إلى اندلاع احتجاجات وعمليات قمع أسفرت عن مقتل العشرات في الشهور الأخيرة.
“من غير المفترض أن تنهار الديمقراطيات القائمة هكذا”، يقول ستيفين ليفيتسكي أستاذ العلوم السياسية بجامعة هارفرد، مضيفًا أن فنزويلا هي واحدة من “4 أو 5” دول، من بين هؤلاء، لم يكن أي منهم ثريًا أو سقط حتى الآن، ففي معظم الحالات يستقيل النظام قبل أن يقع هذا القدر من السوء.
دولة الحزبين أكثر عرضة للانهيار
عند تأسيس الديمقراطية عام 1958، وافقت الأحزاب الثلاث الرئيسية في البلاد (أصبحت فيما بعد اثنين فقط) على تقاسم السلطة فيما بينها وإيرادات النفط بين ناخبيها، فاختارت النخبة الحزبية المرشحين وحجبت الغرباء، مما جعل السياسة أقل استجابة، وعزز الاتفاق على تقاسم الفساد للثروة.
أدت الصدمات الاقتصادية في الثمانينيات بالعديد من الفنزويليين إلى معاداة النظام الذي جاء بالتزوير، وفي عام 1992، حاول ضباط الجيش اليساريون، بقيادة المقدم هوغو تشافيز آنذاك، الانقلاب على نظام الحكم، لكنهم فشلوا وسُجِنوا، ورغم ذلك كان لرسالتهم المعادية للمؤسسة صدى في أقطار الدولة، وهو ما صعد بنجم تشافيز.
وضعت الحكومة سلسلة من الإصلاحات التي كان الهدف منها إنقاذ نظام الحزبين، ولكن حُكم عليهما بها، فقد سُمح بتخفيف قواعد الانتخابات للأحزاب الخارجية بالانفصال، وأُطلق سراح الرئيس تشافيز أملاً في إظهار التسامح، لكن الاقتصاد ساء أكثر مما كان عليه.
في ديسمبر 1998، تولى تشافيز منصب الرئيس، ووعد بالتعامل مع الفساد والفقر، وحققت رسالته الشعبوية – المتمثلة في إعادة السلطة إلى الشعب – الكثير من النصر، وعلى الرغم من انتصار تشافيز، استمرت هيمنة الحزبين على المؤسسات الحكومية التي رأى فيها تهديدات محتملة لحكمه، فمرر دستورًا جديدًا وأزال الوظائف الحكومية، وكانت بعض التحركات شائعة على نطاق واسع، مثل الإصلاحات القضائية التي خفضت الفساد، وكان لتحركات أخرى هدف أوسع مثل إلغاء الهيئة التشريعية الخاصة.
كان تشافيز يحد من عمليات التفتيش المحتملة على سلطته، وتحت اللغة الثورية كان هناك هندسة مؤسسية ذكية، فغالبًا ما يؤدي عدم الثقة في المؤسسات إلى قيام الشعبويين – الذين يرون أنفسهم البطل الحقيقي للشعب – بتعزيز السلطة، مما يؤدي إلى صراعات متبادلة يمكن أن تضعف كلا الجانبين، وعندما اعترض أعضاء المؤسسة التجارية والسياسية على سلسلة من المراسيم التنفيذية عام 2001، أعلن تشافيز أنهم أعداء لثورة الشعب.
ولأن الشعبوية تصف عالمًا مقسمًا بين الأشخاص الصالحين والنخبة الفاسدة، فإن كل جولة من المواجهة، من خلال رسم خطوط صلبة بين وجهات النظر المشروعة وغير المشروعة، يمكن أن تستقطب المجتمع، فأنصار وخصوم زعيم مثل تشافيز ينظرون إلى بعضهم البعض على أنهم مقاتلون في صراع شديد الخطورة، مبررين بذلك العمل المتطرف.
لعنة النفط
عام 2002، وفي خضم الركود الاقتصادي، تصاعد الغضب ضد سياسات تشافيز في احتجاجات هددت بانهيار القصر الرئاسي، وعندما أمر الجيش باستعادة النظام، قام بدلاً من ذلك باعتقاله وتثبيت قائد مؤقت، فقد أغضبت سياسة تشافيز الخارجية والمواءمة مع كوبا وتسليح المتمردين الكولومبيين بعض القادة العسكريين، واتضح أن حربه على النخبة تحمل الكثير من المخاطر.
سرح تشافيز 18 ألف عامل من شركة “PDVSA”، العديد منهم من الفنيين والمديرين المهرة، واستبدلهم بنحو 100 ألف من المؤيدين
تجاوز قادة الانقلاب حل الدستور والهيئات التشريعية، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات مضادة سرعان ما عادت بتشافيز إلى السلطة، لكن رسالته عن النضال الثوري ضد الأعداء الداخليين لم تعد تبدو كرسالته عن الحد من الفقر، وكانت هذه لحظة استقطابية هائلة سمحت لتشافيز بتصوير المعارضة على أنها تحاول بيع المصالح الفنزويلية.
لقد رأى هو ومؤيدوه السياسة على أنها معركة خاسرة من أجل البقاء، وأصبحت المؤسسات المستقلة مصدرًا لخطر لا يُطاق، حيث تم تعليق تراخيص وسائل الإعلام المنتقدة، وعندما احتجت النقابات العمالية، أضعفتها القوائم السوداء أو اُستبدلت بالكامل، وعندما تحدت المحاكم تشافيز، قام بتدميرها وتعليق عمل القضاة غير الصالحين وتعبئة المحكمة العليا بالموالين له، وكانت النتيجة الاستقطاب الشديد بين قطاعين من المجتمع رأيا بعضهما البعض بمثابة تهديدات وجودية، مما يدمر أي احتمال للتوصل إلى حل وسط.
بعد وقت قصير من الانقلاب، واجه تشافيز معركة أخرى من شأنها أن تكون مصيرية، حيث أضرب العمال في شركة النفط التابعة للدولة “PDVSA”، التي طالما ندد بها بسبب ارتباطاتها بنخب رجال الأعمال والولايات المتحدة، وهدد الإضراب بتدمير الاقتصاد ورئاسة تشافيز، لكنه قدم أيضًا فرصة لتفادي انتفاضة أخرى.
بعد انهيار الإضراب، سرح 18 ألف عامل من شركة “PDVSA”، العديد منهم من الفنيين والمديرين المهرة، واستبدلهم بنحو 100 ألف من المؤيدين، وقد تم تحويل معظم الميزانية التشغيلية للشركة إلى برامج قاعدة تشافيز السياسية، ومكافآت للمقربين والموالين له في الحكومة، وإعانات للإبقاء على وعده بتوفير الطعام بأسعار معقولة.
استخدم تشافيز ثروة فنزويلا النفطية المتنامية بسرعة لإنشاء برامج اجتماعية، تُعرف باسم “Misiones”، بهدف القضاء على الفقر والحد من عدم المساواة، فقد ادعى الكثيرون أنه كان هناك حاجة ماسة للتدخّل في التباين المتأصل بين الأغنياء والفقراء في فنزويلا.
ومع سعي تشافيز إلى تحويل الأمة لما أسمَّاه اشتراكية القرن الحادي والعشرين، بدأت سياساته الشعوبية تأخذ منحى أكثر راديكالية، فقد أمم الصناعات وعزز بيروقراطية الدولة على حساب النفقات الوطنية، وكلها ممولة من ارتفاع أسعار النفط والاقتراض غير الخاضع للرقابة، حتى أصبحت فنزويلا مثقلة بمستويات قياسية عالية من الديون.
عام 2011، كان مبلغ 500 مليون دولار (385 مليون جنيه إسترليني) من صندوق معاشات شركة “PDVSA” في طريقه إلى مخطط هرمي يديره ممولون مرتبطون بالحكومة، ولم يواجه أي منهم المقاضاة، وبعد أن عمل تشافيز على تحطيم النخبة الفاسدة، أسس شركته الخاصة.
أدى ذلك إلى تخريب شركة “PDVSA” بعد أن كانت واحدة من شركات النفط العملاقة، حيث انخفض الإنتاج على الرغم من الارتفاع العالمي في أسعار النفط، وفي عام 2012، انفجرت مصفاة نفط، مما أسفر عن مقتل 40 على الأقل، وتسبب في أضرار بقيمة 1.7 مليار دولار، مما يشير إلى أنه حتى ميزانيات الصيانة قد اُستنزفت، وتوقفت مشاريع التنمية، وتركت “PDVSA” – وبالتالي الاقتصاد الفنزويلي – دون متكأ عندما انخفضت أسعار النفط عام 2014.
يمثل النفط 96% من صادرات فنزويلا، لذلك عندما انهار سعر النفط الخام عام 2014، حصل الاقتصاد على ضربة قوية أخرى، ووفقًا لصندوق النقد الدولي، تقلص الاقتصاد الفنزويلي بنسبة 30% من عام 2013 حتى عام 2017، ويتوقع صندوق النقد الدولي انخفاضًا في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 18% في عام 2018 وحده، وإلى جانب أسعار النفط تراجعت عائدات الحكومة، ومع قلة الإنفاق على الواردات الأمريكية، هناك ندرة في العديد من المنتجات، ولكن بالمقارنة مع عام 2003، فإن التأثير أكثر عمقًا.
كوليكتيفو.. ما هو أبعد من الإيديولوجية
كان تشافيز يحكم من خلال جاذبيته وأمواله، لكن هذين الشيئين اختفيا في عام 2013، بعد أن قاد تشافيز فنزويلا ليس فقط لانهيار اقتصادي، ولكن أيضًا لأزمة سياسية، فإذا كان دعمه يعتمد على عائدات النفط، فماذا سيحدث عندما تنفد هذه الأموال؟
علَّم انقلاب عام 2002 تشافيز أن تحالف المصالح مع الجماعات المسلحة المعروفة باسم “كوليكتيفو” (Colectivos) يمكن أن يساعده في السيطرة على الشوارع، حيث كان المتظاهرون على وشك إسقاطه، أصبح “كوليكتيفو” الممولون بالمال والسلاح من الدولة بمثابة المنفذين السياسيين لأوامرها، وتعلم المتظاهرون أن يخافوا هؤلاء الرجال الذين وصلوا على دراجات نارية صينية الصنع لتفريقهم، في كثير من الأحيان بوحشية.
نمت سلطة “كوليكتيفو”، وهم الفنزويليون الذين ينضوون تحت لواء عصابات مسلحة، مما شكل تحديًا للشرطة من أجل السيطرة، ففي عام 2005، طردوا قوات الشرطة من منطقة في كاراكاس العاصمة، التي كان بها عشرات الآلاف من السكان.
بسبب عدم قدرته على دفع ثمن الإعانات وبرامج الرعاية الاجتماعية، طبع مادورو المزيد من الأموال، وأدى ذلك إلى ارتفاع التضخم، ومن ثم ارتفاع أسعار السلع الأساسية
وعلى الرغم من أن الحكومة لم توافق أبدًا على هذا النوع من العنف، فإنها أشادت علنًا بعصابات “كوليكتيفو”، ومنحتهم الإفلات من العقاب ضمنيًا، فاستغل كثيرون منهم هذه الحرية للمشاركة في ارتكاب جرائم منظمة، وفي وقت لاحق انضمت هذه المجموعات إلى الانتهازيين الإجراميين الذين تعلموا أن “إضافة القليل من الأيديولوجية إلى عملياتهم الإجرامية” يمكن أن يكسبهم الإفلات من العقاب، ما أدَّى إلى تفشي الإجرام وغياب القانون وارتفاع معدلات القتل.
بعد وفاة تشافيز عام 2013، تولى الرئيس نيكولاس مادورو السلطة، وورث اقتصادًا فوضويًا ودعمًا ضعيفًا بين النخب والجمهور، وقد تمكن الجيش، الذي كان له نفوذ أقل من عهد سلفه، من السيطرة على تجارة المخدرات والأغذية المربحة وكذلك تعدين الذهب.
وبسبب عدم قدرته على دفع ثمن الإعانات وبرامج الرعاية الاجتماعية، طبع مادورو المزيد من الأموال، وأدى ذلك إلى ارتفاع التضخم، ومن ثم ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل لم يمكِّن المواطنين من تحملها، كما وضع الضوابط للتحكم في الأسعار وثبَّت سعر صرف العملة.
كل هذا جعل العديد من الواردات غالية الثمن، فأُغلقت الشركات، وطبع مادورو المزيد من المال، ونما التضخم مرة أخرى، وأصبح الغذاء نادرًا، وتعمقت الاضطرابات، ونما بقاء مادورو في السلطة أكثر من نمو المساعدات التي لا يستطيع تحملها، ودمرت هذه الدورة اقتصاد فنزويلا.
ساد العنف في الشوارع، ومع تفريغ المتاجر الحكومية، انتشرت الأسواق السوداء، وقد تولت عصابات “كوليكتيفو” الأقل اعتمادًا على الدعم الحكومي قيادة الاقتصاد غير الرسمي في بعض المناطق، ونمت بشكل أكثر عنفًا وأصعب في كبح جماحها.
حاول مادورو استعادة النظام عام 2015، فنشر وحدات شرطة ووحدات عسكرية مدججة بالسلاح، لكن العمليات خلًّفت وراءها “حمامات من الدماء”، وتحول العديد من الضباط إلى الإجرام بأنفسهم.
أصبح النظام السياسي، بعد سنوات من التآكل، مزيجًا من السمات الديمقراطية والسلطوية، وهو مزيج غير مستقر للغاية، يمكن لقواعده الداخلية أن تتغير يومًا بعد يوم، حيث تتنافس فيه مراكز القوى بضراوة من أجل السيطرة، وأثبتت مثل هذه الأنظمة أنها أكثر قدرة على تجربة الانقلاب أو الانهيار.
كافح مادورو، كما يفعل قادة هذه الأنظمة الهجينة في كثير من الأحيان لتأكيد السيطرة، ودون علاقات تشافيز الشخصية أو جيوبه العميقة، يبقى لمادورد القليل من النفوذ إلى جانب العناصر السلطوية التي تهيمن عليها النخب السياسية والعسكرية، ولأنه لا يحظى بشعبية كبيرة، قد تكون قبضته على المؤسسات الديمقراطية أضعف من ذلك.
ما المتوقع بعد ذلك؟
بعد أن فازت جماعات المعارضة بالسلطة التشريعية عام 2015، انفجر التوتر بين هذين النظامين ليصبح نزاعًا صريحًا، وسعت المحكمة العليا إلى حل السلطات التشريعية، وقال مادورو إنه قد يسعى للحصول على دستور جديد.
وفي الكثير من الأحيان، امتد المحتجون إلى الشوارع، لكنهم وجدوا أنفسهم أمام طريق مسدود مع قوات الأمن ومجموعات “كوليكتيفو”، ومن غير الواضح الجهة التي سيدعمها الجيش إذا تمت دعوته للتدخل مع أي طرف، ومع عدم قدرة أي من الطرفين على بسط سيطرته، ألقت فنزويلا بنفسها من الثروة والديمقراطية إلى حافة الانهيار.
وفي 23 من يناير، دعت المعارضة إلى سلسلة من المظاهرات، شبيهة بتلك التي وقعت في 2014 و2017، ويصادف هذا التاريخ ذكرى نهاية ديكتاتورية ماركوس بيريز خيمينيز، وتحاول المعارضة أن تستأنف رمزية ذلك اليوم، لكن السؤال الذي ما زال يتعين طرحه هو: هل ستخاطر المعارضة بتعبئة الشوارع والمواجهة العنيفة؟ وهل ستكون مسؤولة عن هؤلاء الضحايا؟
من المتوقع أيضًا أن يتكثف الضغط الدولي، مع سحب بعض الدول لدبلوماسييها والبعض الآخر ينظر في الاعتراف برئيس الجمعية الوطنية خوان غوايدو كرئيس للبلاد بدلاً من الرئيس نيكولاس مادورو الذي أدَّى اليمين الدستورية منذ أيام قليلة، وفي حال سمح للجمعية الوطنية بأن يؤدي غوايدو اليمين الدستورية كرئيس، فإنه يجب أن يدعو إلى إجراء انتخابات.
ثمة احتمال آخر لا يغيب عن المشهد، وكاد أن يقع بالفعل منذ ساعات قليلة، ففي محاولة تمرد هي الأولى من نوعها على حكومة الرئيس الفنزويلي، أعلن عسكريون السيطرة على منشأة عسكرية بالعاصمة، مطالبين الرئيس نيكولاس مادورو بالتنحي، لكن الحكومة أعلنت أنها أحبطت محاولة التمرد وألقت القبض على الجنود.
وأما هذه التوقعات، فإن الطريق المسدود ليس سياسيًا فقط، فالضغوط الخارجية على الاقتصاد والارتباك الداخلي أيضًا يضرب البلد المحاصر، في حين المجتمع الدولي يزيد من ضغوطه، لكن هذا لا يعني أن النظام سيسقط، وإذا كان هناك شيء أظهرته “التشافيزية” فإنها تعرف كيف تعيد اختراع نفسها.