توجّه الملايين من الأمريكيين صوب صناديق الاقتراع مع الساعات الأولى من صباح الثلاثاء 5 نوفمبر/ تشرين الأول 2024 لاختيار الرئيس الـ 47 للولايات المتحدة، حيث يتنافس على منصب الرئيس عدد من المرشحين على رأسهم مرشحة الحزب الجمهوري كامالا هاريس (60 عامًا)، ونظيرها الجمهوري دونالد ترامب (78 عامًا)، بجانب مرشحين مستقلين آخرين بينهم روبرت كينيدي جونيور ابن شقيق الرئيس الأمريكي السابق جون كينيدي٬ ومرشح الحزب الليبرالي تشيس أوليفر، ومرشحة الحزب الأخضر جيل شتاين، كذلك سيجرى في الوقت ذاته انتخاب أعضاء مجلس النواب (435 مقعدًا) و34 مقعدًا من أصل 100 مقعد في مجلس الشيوخ، بجانب انتخاب حكّام 13 ولاية وإقليم وعدد من المناصب المحلية الأخرى.
وفُتحت صناديق الاقتراع أبوابها تمام الساعة 5 صباحًا (10:00 بتوقيت غرينتش) يوم الثلاثاء، وتستمر حتى الساعة 1 صباحًا (06:00 بتوقيت غرينتش) يوم الأربعاء 6 نوفمبر/ تشرين الأول 2024، مع الوضع في الاعتبار امتداد الولايات المتحدة عبر 6 مناطق زمنية، بما يجعل مواعيد فتح وغلق صناديق الاقتراع تختلف من ولاية إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى، أما الإعلان عن النتيجة فقد يستغرق بين يوم إلى 4 أيام للإعلان بشكل غير رسمي عنها، إما بفوز أحد المرشحين وإما الذهاب إلى جولة أخرى من التصويت المعقّد.
ويبلغ عدد من يحق لهم التصويت 230 مليون ناخب، إلا أن المسجلين منهم رسميًا في قوائم الناخبين لا يتجاوز 160 مليون ناخب، ومع ذلك يسمح قانون الانتخابات الأمريكي للمواطنين بالتسجيل في يوم الانتخابات في نصف الولايات الأمريكية تقريبًا (25 ولاية)، وفي الوقت ذاته يسمح بالتصويت من دون تسجيل في ولاية داكوتا الشمالية، وقد صوّت أكثر من 70 مليون شخص بالفعل من خلال صناديق الاقتراع البريدية أو في مراكز الاقتراع المبكرة.
المجمع الانتخابي.. كيف يتم التصويت؟
من الاعتقادات الخاطئة الشائعة بين الكثيرين أن الفائز في تلك الانتخابات هو من يحصل على أكبر عدد من أصوات الناخبين، وأنهم ينتخبون الرئيس بشكل مباشر، غير أن الدستور الأمريكي له رأي آخر، فالفيصل هنا هو عدد الأصوات التي يحصل عليها المرشح من أعضاء “المجمع الانتخابي” أو ما يُعرف باسم “الهيئة الانتخابية”، وهو عبارة عن مؤسسة يصوّت فيها الأعضاء نيابة عن المواطنين، وتنشأ كل 4 سنوات لاختيار رئيس البلاد ونائبه.
ويتألف المجمع الانتخابي من 538 مندوبًا عن الشعب، وهو العدد الذي يضاهي أعداد الأعضاء في غرفتَي البرلمان والكونغرس والشيوخ (100 عضو في مجلس الشيوخ + 435 عضوًا في الكونغرس) إضافة إلى 3 أصوات للعاصمة واشنطن، ويحتاج المرشح من أجل الفوز الحصول على 270 صوتًا على الأقل من أصوات المجمع.
ويعطي الدستور كل ناخب في المجمع حق منح صوت واحد للرئيس وصوت آخر لنائب الرئيس، وتختلف الولايات في ثقلها الانتخابي من ولاية إلى أخرى حسب عدد أعضائها الممثلين في المجمع الانتخابي، تتصدرهم 6 ولايات توصف بأنها الأكثر تأثيرًا، إذ تستحوذ على 191 صوتًا بما نسبته 35% من إجمالي عدد أصوات المجمع، وهي: ولاية كاليفورنيا (55 صوتًا)، وتكساس (38 صوتًا)، وفلوريدا (29 صوتًا)، ونيويورك (29 صوتًا)، وإيلينوي (20 صوتًا)، وبنسلفانيا (20 صوتًا).
وعليه ليس كل من يحصل على أعلى عدد من أصوات الناخبين في عموم الولايات المتحدة يفوز في الانتخابات، فهناك نماذج كثيرة لانتخابات حصل فيها المرشح على العدد الأكبر من أصوات الأمريكيين لكنه لم يفز في النهاية، بسبب عدم حصوله على العدد اللازم من أصوات المجمع الانتخابي (270 صوتًا على الأقل)، منها ما حدث مع هيلاري كلينتون في انتخابات 2016 ومن قبلها مع الرئيس جون كوينسي أدامز في عام 1824، والرئيس روثرفورد هيز في عام 1876، والرئيس بنجامين هاريسون في عام 1888، والرئيس جورج بوش في عام 2000.
تبدأ مؤشرات النتائج الأولية لتلك الانتخابات مساء الثلاثاء، عقب الانتهاء من عملية الإدلاء بالأصوات، لكن الأمر قد يستغرق عدة أيام أخرى، ربما تصل إلى 4 أيام بحسب تقديرات شبكة “سي إن إن” الأمريكية، وفي حال عدم اعتراف أي من المرشحين بالخسارة مبكرًا فالأمر قد يمتد أكثر من ذلك، خاصة إذا ما قُدمت طعون وأُعيد فرز بعض الأصوات في عدد من الولايات.
انتخابات استثنائية
تأتي تلك الانتخابات هذه المرة وسط أجواء استثنائية، سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها، حيث شهدت الأسابيع الماضية التي سبقت انطلاق الماراثون العديد من الأحداث التي كان لها وقعها وتأثيرها الكبير على طبيعة المشهد، وربما يكون لها تداعياتها المحتملة في تحديد اسم وهوية ساكن البيت الأبيض الجديد.
– في أبريل/ نيسان الماضي، بدأت أول محاكمة جنائية لترامب بسبب اتهامه دفع أموال بطريقة سرية لنجمة أفلام إباحية خلال حملته الانتخابية عام 2016، ورغم توقع الكثيرين أن تلك المحاكمة ستنال من شعبيته في صفوف أنصاره، لكن سرعان ما استعادها مرة أخرى حتى فاز بثقة الجمهوريين في تمثيل الحزب في تلك الانتخابات.
– في 27 يونيو/ حزيران الماضي شهدت الساحة الأمريكية المناظرة الأكثر جدلًا بين ترامب وبايدن، وهي المناظرة التي عززت من شعبية المرشح الجمهوري بسبب تلعثم منافسه وعدم تركيزه في بعض المرات، الأمر الذي أثار قلق الديمقراطيين على مستقبلهم السياسي وحظوظهم في الانتخابات إذا ما أكمل بايدن الطريق.
– في 13 يوليو/ تموز تعرّض ترامب لمحاولة اغتيال خلال تجمع انتخابي في ولاية بنسلفانيا، حيث أُصيب إصابة طفيفة في الأذن، إلا أن الواقعة زادت من شعبيته بشكل كبير، لا سيما بعدما حاول استثمارها جيدًا عبر صوره التي دخلت التاريخ مع رفعه قبضته وهو مصاب صارخًا: “قاتلوا”، كما تعرض لمحاولة اغتيال أخرى الشهر الماضي في فلوريدا.
– في 21 يوليو/ تموز أعلن بايدن، وتحت ضغوط قوية من الديمقراطيين، الانسحاب من الترشح في رسالة بثّها عبر منصات التواصل الاجتماعي، وهو القرار الذي أحدث جدلًا كبيرًا لدى الشارع الأمريكي رغم أنه كان متوقعًا بنسبة كبيرة، ليعلن نائبته كامالا هاريس مرشحة للديمقراطيين في تلك الانتخابات.
– في 10 سبتمبر/ أيلول أجرى المرشحان، هاريس وترامب، مناظرة هي الأولى والأخيرة بينهما (شاهدها 67 مليون شخص)، حيث تبادلا الاتهامات وإلقاء التهم وتحولت إلى ما يشبه السجال الخالي تمامًا من أي برامج انتخابية لكلا المرشحَين، وهو ما أثار حالة من الإحباط لدى الناخب الأمريكي حول مستوى المرشحَين، وعليه غاب تأثيرها على نسب التصويت وشعبية كل منهما، إذ لا تزال استطلاعات الرأي تتوقع نتائج متقاربة جدًّا.
سباق حتى اللحظات الأخيرة
حتى قبل فتح صناديق الاقتراع بدقائق معدودة، لم يتوقف ترامب وهاريس عن مساعيهما للوصول لأكبر قدر ممكن من أصوات الناخبين، لا سيما المترددين منهم والذين لم يحسموا قرارهم بعد، فضلًا عن تكثيف الجهود لاستمالة الناخبين في الولايات السبعة المتأرجحة (بنسلفانيا، ميشيغان، أريزونا، نيفادا، جورجيا، كارولينا الشمالية، وويسكونسن)، وهي الولايات التي تتقارب نسبة تأييد الحزبَين الرئيسيَّين، الجمهوري والديمقراطي، فيها بشكل كبير جدًا، ويعوَّل عليها في حسم الموقعة.
ونتيجة لاقتراب نسب التأييد بين المرشحَين في استطلاعات الرأي الأخيرة، كان آخرها استطلاع أجراه موقع “ذا هيل” بالتعاون مع كلية إيمرسون، يكون للصوت الواحد تأثيره، ومن هنا يحاول كلا المرشحَين استمالة كافة الأصوات بمختلف انتماءاتها، حيث تبنيا خطابًا يمزج بين الشعبوية والاعتدال، اليمين واليسار، الثيوقراطية والنيوليبرالية، وإن كان بنسب متفاوتة حسب الجمهور المستهدف بالخطاب.
وركّز المرشحان طيلة الأشهر الخمسة الأخيرة من عمر حملتيهما الانتخابية على عدد من القضايا التنافسية، التي توصف بأنها الأكثر جدلًا وحساسية في تاريخ الولايات المتحدة، وأبرزها:
-الاقتصاد.. حيث تعهّد ترامب بفرض رسوم جمركية بأكثر من 10% على جميع الواردات، ما سيمكّنه من تمويل تخفيض كبير في الضرائب، كما التزم بجعل بلاده “عاصمة العالم للبيتكوين والعملات المشفرة”، فيما قدّمت هاريس نفسها مرشحة للطبقات المتوسطة وخلق ما تسميه “اقتصاد الممكن”، متوعّدة بوضع ائتمان ضريبي عند الولادة، ومساعدة في الوصول إلى ملكية العقارات ودعم إنشاء الشركات.
-الهجرة.. حيث تبنّى ترامب خطابًا شعبويًا بامتياز إزاء هذا الملف، متعهّدًا بترحيل المهاجرين غير النظاميين خارج الولايات المتحدة، وهو الذي تعهّد لدى ترشحه عام 2016 ببناء جدار على طول الحدود المكسيكية، وفي المقابل شددت هاريس على تبنّي سياسة صارمة حيال تلك القضية، متعهّدة بضرورة أن تكون هناك “عواقب لمن يدخلون بشكل غير قانوني”.
-الإجهاض.. يعدّ هذا الملف أحد أبرز الركائز التي تستند عليها حملة هاريس في دعايتها الانتخابية، فلها سجلّ طويل في دعم حقوق النساء في الإجهاض، وهو ما زاد من شعبيتها لدى النساء تحديدًا، وفي المقابل يحاول ترامب تجميل صورته المشوّهة بسبب مواقفه المناهضة لهذا الحق وذلك من خلال مغازلة الأمريكيات، متوعّدًا بأن تكون إدارته “رائعة للنساء” على حد قوله.
-المناخ.. ربما يتراجع اهتمام المرشحَين بهذا الملف، رغم أن أمريكا هي ثاني أكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم بعد الصين، وهو ما يفسّر حقيقة تبايُن وجهات النظر بشأنها، ففي الوقت الذي وعد ترامب، الذي يشكّك في التغير المناخي، بإلغاء الدعم للطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، تعهّدت هاريس “بمواصلة وتطوير القيادة الدولية للولايات المتحدة بشأن المناخ”.
–السياسة الخارجية.. تمثل مواقف الولايات المتحدة إزاء الملفات الخارجية قضية هامة وحساسة لدى الناخب الأمريكي، مقارنة بما كان عليه الوضع في السنوات الماضية، لا سيما بعد التداعيات المؤثرة لتلك السياحة على الداخل الأمريكي، إذ تأتي تلك الانتخابات في وقت تشتعل فيه بعض المناطق بالحروب والنزاعات التي تلعب فيها أمريكا دورًا محوريًا، أبرزها الحرب الإسرائيلية في فلسطين ولبنان والتوترات في الشرق الأوسط بجانب الحرب الروسية الأوكرانية.
كما أبدا المرشحان دعمهما الكامل لأوكرانيا في مواجهة روسيا، كذلك دعم “إسرائيل” في حربها ضد الشعوب العربية، لكن هاريس ربما أقل حدّة من ترامب في هذا الأمر، إذ حاولت موازنة خطابها بالتأكيد أيضًا على معاناة الفلسطينيين، فيما قفز المرشح الجمهوري من هذا الفخ بالإشارة إلى أنه لو كان رئيسًا لما حدث ما حدث من الأساس، دون أن يكشف عن تفاصيل هذا الأمر.
العرب والمسلمون.. هل يحسمون المعركة؟
رغم أن عدد العرب الأمريكيين لا يتجاوز 4 ملايين شخص (التقديرات تشير إلى تأرجحهم بين 3.5 ملايين إلى 4 ملايين)، ولا يشكّلون سوى 1% تقريبًا من إجمالي سكان الولايات المتحدة، لكن من الممكن أن يكون لهم تأثير يحدد بشكل أو بآخر الفائز في تلك الانتخابات، لا سيما في ولايات الحسم المعروفة (بنسلفانيا، ميشيغان، أريزونا، نيفادا، جورجيا، كارولينا الشمالية، وويسكونسن) التي تتقارب فيها نسب تأييد المرشحَين، الجمهوري والديمقراطي.
الذي يعزز من تلك الفرضية أن غالبية العرب والمسلمين يتمركزون في تلك الولايات المتأرجحة (قرابة مليونَي ناخب عربي ومسلم وفق مؤسسة Targetsmart National Verifier، المعروفة بقيامها بتزويد الأحزاب والمؤسسات المعنية بإحصائيات الناخبين)، ما يضيف قيمةً إضافية إلى أصواتهم الانتخابية، فالصوت الواحد قد يفتح الطريق أمام مرشح ما للفوز وآخر قد يطيح به.
وتعدّ انتخابات عام 2020 النموذج الأوضح على حجم وثقل وتأثير الصوت العربي والمسلم في الانتخابات الأمريكية، حيث فاز الرئيس بايدن على ترامب في جورجيا بفارق 11 ألفًا و779 صوتًا فقط، علمًا أن عدد الناخبين المسلمين المسجّلين في الولاية هذا العام نحو 70 ألفًا، ما يعني أنه لولا أصوات المسلمين ما فاز المرشح الديمقراطي بتلك الولاية ومن ثم الانتخابات في مجملها، الأمر تكرر في ولاية أريزونا، حيث فاز بايدن بفارق 10 آلاف و457 صوتًا، بينما بلغ عدد الناخبين المسلمين فيها نحو 60 ألف ناخب.
ومن هنا جاءت الزيارات المكوكية لكل من هاريس وترامب لتلك الولايات لخطب ودّ العرب والمسلمين، لا سيما بعد الغضب والاحتقان اللذين يخيّمان على الجالية العربية هناك بسبب دعم إدارة بايدن لـ”إسرائيل” في حربها ضد غزة ولبنان، ودعم ترامب اللامحدود كذلك للكيان المحتل خلال ولايته الأولى وتعهّده بذلك حال نجاحه في تلك الانتخابات، وهو ما دفع الصوت العربي للبحث عن مرشح ثالث بعيدًا عن الشرَّين، الديمقراطي والجمهوري.
وكان استطلاع رأي للناخبين العرب والمسلمين في الولايات المتحدة حول تأييد المرشحين في تلك الانتخابات، نشره مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR)، أظهر أن 42% من المستطلع آرائهم يفضّلون مرشحة الحزب الأخضر جيل شتاين للرئاسة، بينما يفضل 41% نائبة الرئيس كامالا هاريس، وحصل الرئيس السابق دونالد ترامب على 10% من الأصوات، فيما أعرب 95% من المصوتين عن نيتهم المشاركة في تلك الانتخابات، في خطوة إن حدثت ستكون غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات الأمريكية.
7 سيناريوهات محتملة
يرى الكاتب السياسي آرون بليك في تحليل نشرته صحيفة “واشنطن بوست“، أن من يظن أنه يعرف ما سيحدث يوم الانتخابات الرئاسية الأميركية، إما إنه مخدوع وإما إنه بالغ الذكاء، لافتًا إلى أن استطلاعات الرأي الأخيرة تظهر تقاربًا غير مسبوق لكلا المرشحَين في الولايات المتأرجحة الحاسمة، ما يجعل الحسم بنتيجة الماراثون الانتخابي عملية غير موضوعية.
ويستعرض بليك 7 سيناريوهات محتملة لنتائج تلك الانتخابات:
أولًا: فوز هاريس من خلال “الجدار الأزرق”، حيث قدرة المرشحة الديمقراطية على الفوز بالولايات الشمالية الثلاثة (أريزونا – جورجيا – كارولينا الشمالية) التي يتمتع فيها الديمقراطيون بالأغلبية، تضاف إليها الدائرة الثانية في الكونغرس في نبراسكا، حيث تتقدم المرشحة بنحو 10 نقاط، ما يجعلها تحصل على 270 صوتًا بالضبط.
ثانيًا: فوز ترامب من خلال ولايات الشرق، جورجيا وكارولينا الشمالية وبنسلفانيا، وذلك رغم تقدُّم هاريس عليه بأقل من نقطة في بنسلفانيا في استطلاعات الرأي الأخيرة، ويعوّل المرشح الجمهوري هناك على الناخبين السود الذين يتواجدون بأكثرية في تلك الولايات، الذي يحاول مغازلتهم من خلال تعديل النظام القضائي في الولايات المتحدة.
ثالثًا: ترامب يركب ولايات حزام الشمس، خاصة أريزونا وجورجيا وكارولينا الشمالية، وهي الولايات التي أظهرت استطلاعات الرأي تفوقه الطفيف فيها، لكنه هنا بحاجة إلى ولاية شمالية إضافية حتى يحسم المعركة بشكل كبير، علمًا أن تلك الولايات كانت قد صوتت له في الانتخابات الماضية.
رابعًا: الفوز الساحق لهاريس، وهذا يعني اكتساحها للولايات السبعة المتأرجحة، وهو احتمال رغم صعوبته لكن قابل للتحقيق، عكس نتائج استطلاعات الرأي تمامًا، وقد حدث هذا السيناريو عام 2012 حين أظهرت النتائج تضاؤل فرص الرئيس الأسبق باراك أوباما، لكنه فاجأ الجميع واكتسح تلك الولايات.
خامسًا: فوز ترامب الساحق، وهو نفس الرؤية الخاصة بهاريس، حيث اللاتعويل بشكل مطلق على نتائج استطلاعات الرأي في قراءة وتقييم المشهد، فقد تأتي النتائج الميدانية مغايرة تمامًا لمراكز استطلاع الرأي، وهو ما حدث مع ترامب نفسه عام 2016 وعام 2020، ففي الأولى تضاءلت فرص الفوز وفاز وفي الثانية كانت التوقعات بالاكتساح وخسر.
سادسًا: المزيج غير المتجانس، بمعنى حدوث انقسام كبير في مواقف الولايات الشمالية وولايات حزام الشمس، فقد تخسر هاريس ولاية شمالية لكنه تعوض بولاية أخرى، والوضع ذاته بالنسبة لترامب، ما يعني في النهاية فوز أحدهما رغم خسارته لأي من الولايات المتأرجحة، شريطة أن يعوض في ولايات أخرى، لتأتي النتائج في المجمل غير متجانسة ديموغرافيًا ولا مناطقيًا.
سابعًا: التعادل بين المرشحَين، بمعنى حصول كل مرشح على 269 صوتًا في المجمع الانتخابي، وهو أمر نادر الحدوث، وحينها ستدخل البلاد منعطفًا جديدًا قد يخلق أزمة، ويمنح البرلمان حق انتخاب الرئيس الجديد، ولم تعرف أمريكا هذا الأمر إلا في الانتخابات الرئاسية عام 1800، حين كان توماس جيفرسون مرشحًا عن الحزب الجمهوري-الديمقراطي وجون آدامز عن الحزب الفيدرالي، وأُوكل الأمر إلى مجلس النواب لتحديد الفائز والفصل بينهما، حيث تمَّ انتخاب جيفرسون بعد 36 جولة تصويت.
في ضوء ما سبق تبقى الساعات المقبلة وحدها من تحدد هوية ساكن البيت الأبيض الجديد، وبعيدًا عن نتائج استطلاعات الرأي المختلفة، وما تفرزه من قراءات عدة، يبقى صندوق الاقتراع وحده من يملك الإجابة عن السؤال الأكثر أهمية للمواطن الأمريكي والشرق أوسطي حاليًا: من رئيس أمريكا القادم؟ ترامب أم هاريس؟