ترجمة حفصة جودة
يبدو أن شركة فيسبوك انتهكت بشكل صارخ قوانين آبل وذلك بإقناع بعض المستخدمين بتحميل تطبيق خاص بالآيفون يجمع البيانات الشخصية، هذا ما كشفه تقرير “TechCrunch” وتسبب في غضب شديد بين المدافعين عن الخصوصية، وأثار تكهنات بشأن معاقبة آبل لفيسبوك باستخدام الخيار النووي: إلغاء تطبيق فيسبوك من متجر آبل.
هذه الخطوة تعد غير مسبوقة في تاريخ التقنية الحديثة ورغم أنه من حق آبل أن تفعل ذلك، فإن الواقع أكثر تعقيدًا، فكلا الشركتين تحتاجان لبعضهما البعض لكسر روابطهما التجارية.
يقول مات ستولر الزميل بمعهد الأسواق المفتوحة وباحث في المجموعة التي ساعدت في توجيه الاتهام ضد هيمنة بعض شركات التقنية على السوق ومن بينها فيسبوك: “تمتلك آبل الكثير من النفوذ هنا، وبإمكانها حظر تطبيق فيسبوك، لكنها تعلم بالطبع عواقب ذلك، فالناس لن يرغبوا في شراء آيفون لأنهم يريدون استخدام منتجات فيسبوك”.
شركة فيسبوك تتحايل على قواعد آبل
ما زال العداء بين آبل وفيسبوك مستمرًا منذ سنوات، فقد انتقد تيم كوك المدير التنفيذي لآبل فيسبوك علانية بسبب ممارسات الخصوصية، وردًا على ذلك طلب مارك زوكربيرغ المدير التنفيذي لفيسبوك من فريق إدارة الشركة التخلص من هواتف الآيفون الخاصة بهم وشراء أجهزة منافسة تستخدم نظام تشغيل جوجل أندرويد.
لكن التوترات وصلت ذروتها هذا الأسبوع بعد تقرير “TechCrunch” بأن فيسبوك تدفع للمستهلكين بعمر 13 عامًا لتحميل تطبيق يسمى “بحث فيسبوك” (Facebook Research)، هذا التطبيق هو شبكة افتراضية خاصة “VPN” يمكن استخدامه لمراقبة كل ما يفعله المستخدمون على هواتفهم الذكية.
وبدلاً من نشر هذا التطبيق على متجر التطبيقات، وزعته فيسبوك من خلال عملية تحميل خاصة “sideloading” أنشأتها آبل لتسمح للشركات بتوزيع تطبيقات آيفون داخليًا على موظفيها، وقال مسؤول آبل إن استخدام فيسبوك لتلك الخاصية يعد تعديًا واضحًا على قوانين آيفون.
ردًا على ذلك، ألغت آبل شهادات الأمان لجميع التطبيقات التي توزعها فيسبوك بتلك الطريقة، هذا لا يعني أنها ألغت تطبيق “بحث فيسبوك” فقط لكن ذلك يشمل جميع التطبيقات الداخلية التي يعتمد عليها موظفو فيسبوك في القيام بعملهم والتواصل اليومي بينهم، وتسببت تلك الخطوة في فوضى داخل فيسبوك لأنها عطلت جميع التطبيقات بشكل أساسي.
في بعض الأحيان يحتاج المتنمر لصفعة على وجهه
يقول جون جروبر مدون آبل إن الشركة ستكون منصفة إذا سحبت جميع تطبيقات فيسبوك الاستهلاكية من متجر آبل، ويضيف: “في بعض الأحيان يحتاج المتنمر لصفعة على وجهه وليس فقط إقصاؤه”.
يقول أنيل داش المدير التنفيذي لشركة “Glitch” الرائدة في تطوير التطبيقات: “التوقيت مناسب الآن لكي يوضح مستخدمو آبل أنهم يرغبون في محاسبة فيسبوك مثلما يُحاسب الآخرون، فأي شركة أخرى تقوم بهذا التحايل على منصات آبل كانت لتطرد فورًا من المتجر”.
حظر تطبيق فيسبوك بمثابة هجوم مباشر على واحدة من أقوى الشركات في العالم
حظرت آبل تطبيق فيسبوك “Onavo Protect” من متجرها في شهر أغسطس بعد أن اكتشفت أن التطبيق يراقب أنشطة المستخدمين على هواتفهم وفيسبوك تستخدمه لجمع بيانات عن تطبيقات منافسة، وكان تيم كوك قد منع “أدوبي” من العمل مع منتجات آبل بسبب بعض التجاوزات.
لكن حظر تطبيق فيسبوك الذي يملك ملياري مستخدم قد يكون خطوة من مستوى مختلف تمامًا، فهو بمثابة هجوم مباشر على واحدة من أقوى الشركات في العالم، وقد يتسبب في ألم عميق لكلا الطرفين، ربما لن يكون الدمار متبادلاً لكنه سيسبب الكثير من الضرر.
ربما لا تحب آبل فيسبوك لكن مستخدمي آبل يحبونه، كما أن التطبيق المجاني رقم 1 على متجر آبل هو تطبيق إنستغرام المملوك لفيسبوك، وفيسبوك ماسنجر رقم 6، وواتساب المملوك لفيسبوك من ضمن أول 20 تطبيقًا، وهذه التطبيقات جميعًا ليست تطبيقات خاملة على هواتف المستخدمين، فقط أثبتت العديد من الدراسات أن المستهكلين يقضون أوقاتًا طويلة كل يوم على تطبيقات فيسبوك، لذا إذا كانت آبل ستطرد فيسبوك من متجرها، فإن ذلك يمنح المستخدمين سببًا مقنعًا للتخلي عن آيفون والانتقال لأجهزة أندرويد.
فيسبوك يحتاج آبل والعكس كذلك
في الحقيقة يقول مراقبو الصناعة إن فيسبوك لها نفوذ قوي وتهديد آبل بسحب تطبيقاتها من متجرها سيسبب خسارة كبيرة لآبل، لكن مع ذلك ففيسبوك لن تنجح تمامًا دون آبل أيضًا، فإعلانات الهاتف تشكل الآن 93% من عائدات إعلانات فيسبوك التي توفر تقريبًا إجمالي مبيعات فيسبوك مثلما أوضحت الشركة في تقرير أرباح الربع الأخير من العام الماضي.
نحو نصف عائدات فيسبوك تأتي من أمريكا وكندا وفي أمريكا يستخدم نحو 50% من الناس أجهزة آيفون، ورغم أن حصة آيفون أقل في بقية دول العالم، فإنها لا تزال لاعبًا كبيرًا في بعض الأسواق المهمة مثل اليابان.
بمعنى آخر، إذا كانت فيسبوك ستسحب تطبيقاتها من متجر آبل فإنها بذلك تخاطر بجزء كبير من عائدتها، حيث تأتي خُمس العائدات من مستخدمي آيفون في الولايات المتحدة فقط، وفي النهاية فتلك الحقائق تثبت أن هناك الكثير مما لا يمكن التغلب عليه، فبقدر التناقض بين فيسبوك وآبل إلا أن مقدار المال الذي قد يخاطران به يشجعهما على الاستمرار في التعامل مع بعضهما البعض، ورغم أن نزاعهما قد يكون شخصيًا إلا أنه ما زال عملًا.
المصدر: بيزنس إنسيدر