ترجمة وتحرير نون بوست
يستمر نظاما إيران والسعودية في الحفاظ على سمعة رديئة فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وبينما يعزل العالم إيران من خلال العقوبات والتصريحات المضادة المستمرة، يغفل الحلفاء الغربيون عن انتهاكات النظام السعودي ضد المعارضة السياسية.
الأمر مستغرب، ليس فقط لأن عدد المعتقلين السياسيين في السعودية يبلغ أكثر من 30 ضعف عددهم في إيران، لكن أيضًا لأن أوضاع حقوق الإنسان في السعودية أسوأ كثيرًا، وظروف السجون في المملكة لا تخفى على أحد!
قدرت هيومان رايتس ووتش عدد السجناء الإيرانيين بـ1000 سجين كحد أقصى، مع حوالي 850 حالة موثقة، فيما يصر الإيرانيون على أنه لا “سجناء سياسيين” في البلاد، مع أن قائمة المعتقلين تشمل مدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء وصحفيين ومعارضين سياسيين.
هيومان رايتس ووتش ومنظمات حقوقية أخرى ترى أن السجناء السياسيين في إيران هم من يحاكمون بموجب قوانين إيران تحت تهم فضفاضة تتعلق بتهديد الأمن القومي والإرهاب، تعرفهم الحكومة على أنهم سجناء يهددون الأمن القومي.
ففي مادة بالقانون الإيراني، تجريم واضح لإنشاء “المجموعات التي تهدف لزعزعة الأمن القومي” وفي مادة أخرى تجريم “للدعايا ضد نظام الجمهورية الإسلامية في إيران” و تجرم المادة “التجمعات أو التواطؤ ضد الأمن القومي” وتصل العقوبات في تلك التهم إلى السجن لمدة تتراوح بين عام وخمسة أعوام.
كثير من الجرائم تتعلق بانتهاج “سلوك غير إسلامي” وكثيرًا ما تُستخدم القوانين المناهضة “لإهانة المقدسات الإسلامية” لحبس المواطنين بناء على تهم غير واضحة، كما أن إيران تنتهك حقوق الأقليات والعرقيات الدينية بحسب تقارير عدة.
هيومان رايتس ووتش أصدرت كذلك العديد من النداءات للمسؤولين الحكوميين الإيرانيين بشأن مضايقات وسوء معاملة وتعذيب للسجناء السياسيين بما في ذلك الحرمان من الرعاية الطبية اللازمة.
هناك حوادث تُروى عن سوء المعاملة التي يتعرض لها السجناء السياسيين، واحدة منها هي حادثة سجن إيفين سئ السمعة في طهران في وقت سابق من الشهر الماضي، فقد اعتدى حراس السجن الذين يرتدون الزي الرسمي وملابس مدنية أيضًا على عشرات من المساجين السياسيين ما أدى إلى إصابة العشرات منهم بإصابات خطيرة وانتهى الأمر بجميع السجناء إلى الحبس في زنازين انفرادية.
وبينما تنفي طهران تلك الرواية، وتؤكد أن ما حدث كان تفتيشًا اعتياديًا في السجن، إلا أن هيومان رايتس ووتش وثقت مقتل عدد قليل من السجناء، وتأكدت من أن من تعرضوا لذلك الاعتداء كانوا ممن اعتقلوا في المظاهرات التي عمت البلاد في أعقاب الانتخابات الرئاسية عام 2009.
هؤلاء السجناء بدأوا إضرابًا عن الطعام بعد ما حدث.
ورغم سوء الأوضاع في إيران، إلا أنه وبشكل عام، تُعتبر الأوضاع في السجون الإيرانية أفضل بكثير مما هي عليه في المملكة العربية السعودية.
تحتفظ الحكومة السعودية بواحد من أكثر أنظمة السجون وحشية في العالم – وفقًا لنادر انتصار – وهو أستاذ في جامعة جنوب آلاباما الأمريكية.
“لا يوجد نظام سجن يُعتبر ناديًا!، لكن السجون في إيران مقارنة بالسعودية، تُعد جيدة جدا” بحسب انتصار.
ورغم وجود عدد من الحوادث الخطيرة والعنيفة، يشير انتصار إلى أن السلطات أحيانًا ما تسمح لعدد من السجناء بزيارة عائلاتهم أو حتى باستخدام الهواتف النقالة أو أجهزة الكمبيوتر المحمولة.
لكن على جانب آخر، أظهرت صور مسربة في عام 2012، اكتظاظ السجون بشكل غير إنساني في جدة، ووفقًا لأحد المسجونين، فقد كانوا 23 معتقلاً في زنزانة مساحتها 5X6 أمتار. لقد كانوا يتناوبون على النوم، أو ربما حتى ينامون في المرحاض.
يقول مواطن سعودي كان قد اعتُقل في 2009 في تصريح للغارديان، إنه تعرض للسجن في زنزانة كبيرة بما يكفي لاستيعاب 100 شخص، لكنهم كانوا 500 هناك، في قيظ صحراء السعودية! لقد كان هناك عدد كبير من المغتربين، بينهم صبي نيجيري لم يتعد التاسعة من عمره حينها.
بالإضافة إلى الاكتظاظ، وثقت العديد من المنظمات أدلة على تعرض السجناء للضرب والتعذيب، والجدير بالذكر أن حكومة بريطانيا، والمقربة كثيرًا من الرياض، تتجاهل كثير من هذه الأدلة.
أعداد السجناء السياسيين في المملكة العربية السعودية هي أعلى كثيرًا من مثيلتها في إيران، هناك أكثر من 30 ألف معتقل سياسي، في بلد عدد سكانه أقل من نصف عدد سكان إيران.
قد يختلف الرقم بين المصادر الحكومية والمصادر المستقلة بالطبع، تقول الحكومة على موقع “نافذة” أن عدد السجناء السياسيين هو 2742 سجينًا، لكن النشطاء يؤكدون أن العدد أكبر كثيرًا. في 2011 قال مصدر رفض ذكر اسمه لبي بي سي إن عدد السجناء يمكن أن يكون عشرات الآلاف.
الأرقام الحقيقية من الصعب الحصول عليها إذ أن العديد يُعتقلون بشكل سري، كما أن عددًا من السجون تديره أجهزة المخابرات السعودية.
يقول “آدم كوجل” من هيوامن رايتس ووتش إن الحكومة السعودية اعتقلت في منتصف العقد الماضي أكثر من 11000 شخص يشتبه تورطهم في الإرهاب، كثير منهم كانوا رهن الاعتقال التعسفي دون تهمة أو محاكمة لسنوات.
وترجح العديد من المصادر في العربية السعودية أن هؤلاء السجناء لم يرتبكوا جرائم تتعلق بالإرهاب، وإنما اعتُقلوا بناء على معتقداتهم السياسية.
في عام 2008 أنشأت السلطات محكمة جديدة لمحاكمة هؤلاء، ومثل إيران، يُتهم هؤلاء باتهامات غامضة مثل “الخروج على الحاكم” أو “المس بالنظام العام” أو “زرع الفتنة” أو “الإساءة إلى سمعة المملكة” أو غيرها من التهم غير المحددة.
ومن الحالات الأخيرة التي شهدتها السعودية، اعتقال “فاضل المناسف” والحكم عليه بداية الشهر الماضي بالسجن لخمسة عشر عامًا، والمنع من السفر لمدة مماثلة تليها، وبغرامة 100 ألف ريال، فقط بسبب نشاطه السياسي. كما اختُطف “وليد أبو الخير” قبل أسبوعين وهو الآن قيد المحاكمة كذلك. الأحكام في السعودية للنشطاء السياسيين تتراوح بين عدة أشهر إلى عشر سنوات في السجن.
الغريب هو التقبل الدولي للانتهاكات السعودية! فطبقًا لاستطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث في العام الماضي، يعتقد 61٪ من 31 بلدًا أن إيران لا تحترم حريات مواطنيها، لكن بيانات الاستطلاع المتعلقة بالسعودية غير متوفرة مع الأسف.
الرياض نادرًا ما تحصل على نفس مستوى الانتقادات الذي يتلقاه الإيرانيون من ذات الأطراف التي تشمل المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
هناك عشرات الآلاف من المعتقلين السعوديين في سجون المملكة معرضون لخطر حقيقي خلاف الاعتقال والتعذيب، إنه خطر النسيان!
المصدر: ميدل إيست مونيتور