توّج منتخب قطر لكرة القدم، بلقبه الأول في بطولة كأس أمم آسيا بفوزه على منتخب اليابان 3-1 في نهائي البطولة التي احتضنتها الإمارات بين الـ5 من الشهر الماضي والأول من الشهر الحاليّ، ليسجّل اسمه بالسجل الذهبي للبطولة حارمًا اليابان من تحقيق لقبها الخامس في المسابقة، تتويج تاريخي، يرى العديد من المحللين أنه جاء ثمرة عمل سنوات في أكاديمية أسباير، خاصة أن معظم لاعبي منتخب العنابي تلقوا تكوينهم هناك.
أرقام قياسية كثيرة
إلى جانب تتويجه باللقب القاري، حقق المنتخب القطري في هذه الدورة، العديد من الأرقام القياسية جعلته يصل إلى العالمية، فطوال مشواره في نسخة 2019 سجل العنابي إجمالي 19 هدفًا، ولم تهتز شباك الفريق سوى بهدف وحيد جاء خلال المباراة النهائية أمس.
وتوج المعز علي بلقب أفضل لاعب، وحصل على 30 ألف دولار كجائزة مقابل حصوله على لقب أفضل لاعب في البطولة، كما تسلم جائزة هداف البطولة بعدما سجل 9 أهداف ليصبح أكثر لاعب يسجل أهدافًا في نسخة واحدة ببطولة كاس آسيا لكرة القدم، متفوقًا على الإيراني على دائي الذي سجل 8 أهداف في نسخة 1996 التي أقيمت بالإمارات.
تولي قطر اهتمامًا على أعلى مستوى برياضييها، ويتولى هذه المهمة الابن الأكبر للشيخ حمد بن خليفة آل الثاني أمير البلاد
تقاسم المعز علي صدارة هدافي العرب في بطولات كأس آسيا مع الإماراتي علي مبخوت، علمًا بأن مبخوت سجل 5 أهداف في نسخة 2015 و4 أهداف في النسخة الحاليّة، كما توج سعد الشيب بجائزة أفضل حارس مرمى في البطولة بعدما تلقت شباكه هدفًا وحيدًا فقط جاء في المباراة النهائية وحصل على جائزة مالية قدرها 10 آلاف دولار.
واستطاع منتخب قطر في هذه الدورة أن يفوز بكل المباريات، ليكون بذلك المنتخب الأول عالميًا من حيث عدد مرات الفوز المتتالي، حيث حقق 7 انتصارات متتالية في سابقة تاريخية بالنسبة للمنتخبات حول العالم، كما استطاعت قطر أن تمحو الرقم السلبي للعنابي في بطولة كأس آسيا بالفوز في 7 مباريات من أصل 7، حيث لم يستطع خلال مشاركاته السابقة في بطولة كأس آسيا الفوز إلا بـ6 مباريات من أصل 32 مباراة خلال البطولة.
إنجاز عربي
هذا الفوز التاريخي، اعتبره أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، انتصاراً لكل العرب، وغرد الأمير على حسابه الرسمي في تويتر: “ألف مبروك لمنتخبنا ولقطر وشعبها هذا الفوز التاريخي بكأس آسيا 2019.. ألف تحية لأبطالنا وللجهازين الفني والإداري الذين جعلوا هذه البطولة إنجازًا عربيًا وقدموا ملحمة كروية مثيرة وحققوا أحلام الملايين من مشجعي الكرة القطرية عبر الوطن العربي الكبير”.
من جهته، اعتبر الصحفي التونسي المقيم في قطر راشدي الفرجاني، تتويج قطر بهذا الكأس إنجازًا تاريخيًا، وقال في تصريح لـ”نون بوست”: “تتويج قطر بكأس آسيا للمرة الأولى في تاريخيه يعتبر إنجازًا، خاصة أنه جاء في قلب دولة الإمارات التي تشنّ حصارًا جائرًا على البلاد”.
ألف مبروك لمنتخبنا ولقطر وشعبها هذا الفوز التاريخي بكأس آسيا ٢٠١٩ .. ألف تحية لأبطالنا وللجهازين الفني والإداري الذين جعلوا هذه البطولة إنجازا عربيا وقدموا ملحمة كروية مثيرة وحققوا أحلام الملايين من مشجعي الكرة القطرية عبر الوطن العربي الكبير..
— تميم بن حمد (@TamimBinHamad) February 1, 2019
وأكّد الفرجاني في تصريحه لنون بوست، أن الفوز بهذه البطولة القارية المهمة، هي فرحة ليست للقطريين فقط بل لكل الدول العربية التي راهنت على هذا الفريق الشاب والطموح، الفريق الذي احتضن المواهب الشابة وساهم في صقل مواهبها لتصنع جيل أبهر العالم، وفق قوله.
وتولي قطر اهتمامًا على أعلى مستوى برياضييها، ويتولى هذه المهمة الابن الأكبر للشيخ حمد بن خليفة آل الثاني أمير البلاد، فهو مغرم بالرياضة لا سيما كرة القدم، ويستثمر الكثير من الأموال بهدف مجاراة المستوى الرياضي العالمي.
منتخب قوي قادر على الأفضل
الصحفي الرياضي التونسي إلياس بن صالح، رأى أن هذا التتويج لم يأت بالصدفة، وليس وليد اللحظة بل كان نتائج عمل كبير لسنوات، وقال في تصريح لنون بوست، أعتقد أنه تتويج مستحق، خاصة بالروح العالية التي ظهر بها الفريق منذ المباراة الأولى”.
وأضاف “فريق قبل هدف فقط طيلة المسابقة ويملك لاعبًا مميزًا مثل المعز علي هداف المسابقة بـ9 أهداف وأفضل حارس مرمى بـ6 تصديات حاسمة، لا يمكن أن تقول عنه إلا أنه منتخب مميز”، وفي خصوص مستقبل الكرة القطرية بعد هذا الإنجاز، قال بن صالح: “قبل كأس العالم، قطر ستشارك في كوبا أمريكا في صيف 2019 وكأس القارات في صيف 2021، أكيد سنرى أداءً مشرفًا للكرة العربية، لأن القطريين عودونا على العمل والمثابرة وتسخير ما لديهم من موارد مالية للاستثمار”.
وتابع “لاعبون مثل المعز علي وهشام الراري وسعد الشيب وبيدرو وبوعلوم الخوخي وأكريم وعلي عفيف وغيرهم، يحتاجون لمزيد من الاحتكاك بالكرة القوية وأظن أن المشاركة في كوبا أمريكا ستضيف الكثير لقطر استعدادًا لاحتضان مونديال 2022”.
يجري في الأكاديمية إعداد 9 آلاف رياضي بينهم 250 رياضيًا موجودين بصورة كاملة في المدرسة ويحصلون على أفضل فرص التعليم
بدوره قال الصحفي التونسي المختص في المجال الرياضي زياد عطية: “هذا الإنجاز المحقق وغير المسبوق، يجعل الجمهور القطري مطمئنًا ومتفائلاً بمستقبل الكرة القطرية الذي أراه في أمان نتيجة العمل والتخطيط السليم الذي يقوم به اتحاد الكرة القطري مع أهمية الاستمرارية التي تعد عاملاً مهمًا للنجاح، حيث يمثل هذا الجيل المتوج بكأس آسيا 2019 نفسه الجيل الذي حصد كأس آسيا للشباب قبل سنوات قليلة وبقيادة نفس المدرب الإسباني فيلكس سانشيز”.
وتابع في تصريح لنون بوست “هذا التتويج يؤكد أن هذا الجيل قابل للتطور وتحقيق نتائج أفضل على الصعيد العالمي في حال واصل بنفس التركيبة مع التحسينات اللازمة عند الطلب، ما يؤكد أن مستقبل كرة القدم القطرية في أمان وتطور”.
وأكد زياد أن منتخب قطر هو “أكثر المنتخبات العربية تطورًا في العشرية الأخيرة، وسيكون رقمًا في كرة القدم العالمية في العشرية الثالثة من الألفية الجارية إذا نجح في مواصلة العمل بنفس الروح والتخطيط، أعتقد مسابقة كوبا أمريكا هذا الصيف ستكون حافزًا آخر إذ نجح العنابي في تقديم عروض مميزة وأظهر للعالم كونه منتخب قادم على مهل”.
أكاديمية أسباير سر النجاح
أرجع إلياس بن صالح تميز المنتخب القطري إلى التكوين الجيد الذي تلقاه اللاعبون في أكاديمية أسباير التي استقبلت مليونا شاب من أجل إخراج الزبدة التي رأيناها في المنتخب القطري الذي يقوده الإسباني المحنك فيليكس سانشيز، ابن مدرسة لاماسيا ببرشلونة أفضل مركز تكوين شبان في العالم”.
وأكد الصحفي التونسي أهمية الاستثمارات التي وضعتها قطر في مجال الرياضة، وقال: “قطر استثمرت بشكل جيد رياضيًا على المستويين المعماري والبشري، وذلك من خلال توفير البنية التحتية من مراكز تكوين لاعبين إلى ملاعب ومراكز علاج متطورة بالإضافة إلى الزاد البشري الذي يعد المادة الخام التي تحتاج للصنع والتصدير فيما بعد”.
وشبه إلياس بن صالح أكاديمية أسباير، بـ”ذلك المصنع الذي يحول اللاعبين الشبان من مادة خام أي لاعبين عاديين إلى منتجات جاهزة أي إلى لاعبين محترفين قادرين على تحقيق إنجازات كبيرة مثل ما حققوه اليوم”.
وأكاديمية أسباير مشروع رياضي عملاق وهو الأكبر من نوعه في العالم، وتدعم الأكاديمية بصفة خاصة فرق كرة اليد وكرة القدم المختلفة، وتنفق قطر بسخاء على أكاديمية أسباير، ويتكون الفريق الدولي العامل هناك من أكثر من ألف موظف أساسي جاءوا من 55 دولة، بينهم أطباء وعلماء في المجال الرياضي ومدربون وقمم رياضية سابقة.
وتضم ساحة الأكاديمية مدرسة خاصة بها، ومستشفى كبيرًا وملعب كرة قدم يتسع لـ50 ألف متفرج، و14 ملعبًا لكرة القدم، وأكبر صالة رياضية مغطاة ومكيفة في العالم، علاوة على حمامات سباحة وأماكن رياضية أخرى إلى جانب فندقين.
يجري في الأكاديمية إعداد 9 آلاف رياضي بينهم 250 رياضيًا متواجدون بصورة كاملة في المدرسة ويحصلون على أفضل فرص التعليم، ويقول بلايشر “سكان قطر مليون وثمانمئة ألف شخص ونحن نقوم بعملية اكتشاف للمواهب على مستوى قطر” فكل موهبة في البلاد يجب أن تكتشف وتدعم.
من جهته، اعتبر زياد عطية أكاديمية أسباير، بمثابة الظاهرة الكروية بامتياز، وقال: “قد يستغرب لذلك الكثيرون، لكن تلك الحقيقة التي لا بد أن يقتنع بها المتابعون حتى يفهموا التطور المذهل الذي حققته الرياضة القطرية، فالمنتخب القطري الذي توج بلقب آسيا أكثر من نصف لاعبيه من خريجي هذه الأكاديمية التي ترتكز لا على مواصفات عالمية فحسب بل على مواصفات عابرة للقارات واكتست شهرة منقطعة النظير”.
وتابع “هذه الأكاديمية تتوافر على بنية تحتية عالية الجودة ومزودة بأحدث الإمكانات، يصح القول على أنها مقر لصناعة الرياضة، فهي أكاديمية تؤطر وتكون اللاعب بأشكال عصرية تضاهي تكوين اللاعب في أعرق الأندية الأوروبية والأكاديميات العالمية”.
وأوضح عطية أن دور أسباير بالأساس هو “الارتقاء بواقع الرياضة القطرية، حيث وضعت أهداف محددة لبلوغها على رؤية طويلة المدى وفق دراسة علمية دقيقة وليس من فراغ، ومن بين أدوارها الأساسية تنشئة المواهب في لعبة كرة قدم الذين يتلقون التكوين الأكثر عصرية وأحدث تأطير، كما تعمل الأكاديمية على احتراف هذه المواهب ضمن الفرق العالمية لتطويرهم وإكسابهم مهارات إضافية بالاحتكاك مع اللاعب الأوروبي خصوصًا.