أظهرت النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة الأمريكية لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، فوز المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، على حساب منافسته الديمقراطية، كامالا هاريس، بعد فرز الجزء الأكبر من صناديق الاقتراع فجر يوم الأربعاء 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، حيث حصل ترامب على 267 صوتًا من أصوات المجمع الانتخابي مقابل 214 صوتًا لهاريس، فيما أعلن فوزه بالمنصب في خطاب أمام أنصاره، بعد حسم فوزه في ولاية بنسفانيا.
وقال ترامب في كلمة أمام حشد من أنصاره، في مقر حملته الانتخابية بولاية فلوريدا، إنه “حققت فوزًا تاريخيًا، لقد فزنا في الولايات المتأرجحة وفي التصويت الشعبي وحققنا 315 صوتًا، وهذا شعور رائع يدل على محبة الشعب”.
وأضاف: “الرب أنقذني لينقذ البلاد، هذا فوز سياسي لم ير بلدنا مثيلًا له من قبل، انتصاري توافق سياسي تاريخي، ونشكر الشعب الأميركي على هذا الشرف بانتخابي رئيسًا مجددًا، اليوم انتصار للديمقراطية”.
وكد ترامب الذي بات الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، أن الحزب الجمهوري سيطر على مجلسي الكونغرس بعد استعادة الأغلبية في مجلس الشيوخ.
ويحتاج المرشح الفائز لـ270 صوتًا ضمن المجمع على الأقل لضمان الفوز رسميًا بالانتخابات، ما يعني أن ترامب هو الأقرب، غير أن عدم حسم الولايات السبعة المتأرجحة بعد قد يجعل من السابق لأوانه الجزم بهوية الفائز، وإن كانت المؤشرات تذهب باتجاه المرشح الجمهوري الذي استطاع الفوز بـ3 ولايات من تلك الولايات السبعة (جورجيا: 16 صوتًا ضمن المجمع + كارولينا الشمالية: 16 صوتًا ضمن المجمع + بنسلفانيا 19 صوتًا ضمن المجمع)، فيما بدأ أنصاره في الاحتفالات فرحًا بالفوز رغم عدم حسمه بشكل رسمي.
ويبلغ عدد من يحق لهم التصويت 230 مليون ناخب، إلا أن المسجلين منهم رسميًا في قوائم الناخبين لا يتجاوز 160 مليون ناخب، ومع ذلك يسمح قانون الانتخابات الأمريكي للمواطنين بالتسجيل في يوم الانتخابات في نصف الولايات الأمريكية تقريبًا (25 ولاية)، وفي الوقت ذاته يسمح بالتصويت من دون تسجيل في ولاية داكوتا الشمالية، وقد صوّت أكثر من 70 مليون شخص بالفعل من خلال صناديق الاقتراع البريدية أو في مراكز الاقتراع المبكرة.
الولايات الملونة.. لا جديد
لم تأت الولايات الملونة ذات الهوية المعروفة مسبقًا، ديمقراطية كانت أو جمهورية، بنتائج مفاجئة للجميع، حيث حصل كل مرشح على أصوات الولايات المعتاد الحصول عليها خلال الجولات الماضية، وهو ما ذهبت إليه نتائج استطلاعات الرأي التي سبقت العملية الانتخابية.
فاز ترامب بأصوات 18 ولاية – حتى الساعة – هي: تكساس (حصتها 40 صوتًا بالمجمع الانتخابي) وفلوريدا (30 صوتًا) وأوهايو (17) وإنديانا (11) وتينيسي (11) وميزوري (10) وألاباما (9) وكارولاينا الجنوبية (9) وكنتاكي (8) ولوزيانا (8)، إضافة إلى أوكلاهوما (7) وميسيسيبي (6) وأركنساس (6) وفرجينيا الغربية (4) وداكوتا الشمالية (3) وداكوتا الجنوبية (3) ووايومنغ (3) ونبراسكا (3).
أما هاريس فحصلت على أصوات 10 ولايات هي: نيويورك (28 صوتًا) وإلينوي (19) ونيوجيرسي (14) وماساتشوستس (11) وماريلاند (10) وكونيتيكت (7) ورود آيلاند (4) وفيرمونت (3) وديلاوير (3)، نيوهامشير(4)، فيما تستمر عمليات الفرز في بقية الولايات التي من المرجح أن تحسمها تلك المتأرجحة السبعة.
الولايات المتأرجحة.. ترامب يحسم ثلاث منها
استطاع ترامب الفوز بأصوات 3 ولايات من الولايات السبعة المتأرجحة، هم: جورجيا والتي تمتلك 16 صوتًا انتخابيًا، وكارولينا الشمالية والتي تمتلك نفس عدد الأصوات، وبنسلفانيا (الجائزة الكبرى) والتي تمتلك 19 صوتًا، وبذلك حصل المرشح الجمهوري على 51 صوتًا من الولايات السبعة، في انتظار حسم ولاية على أقصى تقدير للفوز بشكل نهائي ورسمي بتلك الانتخابات.
كان الديمقراطيون يعولون على جورجيا في الفوز بأصواتها خاصة أنها ساعدت في فوز جو بايدن بانتخابات 2020، لكن في المجمل تعد الولاية ذات هوي جمهوري على مدار عقود طويلة، فما حدث في الانتخابات الماضية ربما كان الاستثناء منذ 30 عامًا حين فاز المرشح الجمهوري بفارق 11779 صوتًا فقط، الأمر ذاته مع ولاية كارولاينا الشمالية والتي تعد الولاية الوحيدة من بين الولايات السبعة المتأرجحة التي صوتت للجمهوريين في 2020، فلم تصوت تلك الولاية للديمقراطيين منذ عام 2008، لكن في المقابل تنتخب حاكمًا ديمقراطيا منذ 2017.
وبحسب المؤشرات الأولية يتقدم ترامب في بقية الولايات المتأرجحة بنسب تؤهله للفوز (أكثر من 51%) بمعظمها: ميشيغان (15 ناخبًا رئيسيًا)، ويسكونسن (10 ناخبين رئيسيين)، أريزونا ( 11 ناخبًا رئيسيًا)، وولاية نيفادا (6 ناخبين رئيسيين).
وبحسب تلك النتائج والتقدم الملحوظ قد لا يحتاج المرشح الجمهوري للصوت العربي في ولاية ميشيغان التي تحتضن أكبر عدد من الناخبين العرب، إذ يقدر عددهم بنحو 310 ألف ناخب، وكان يُنظر لها على أنها إحدى الولايات الحاسمة للانتخابات بشكل كبير، قياسًا بما حدث في الجولتين السابقتين من الانتخابات، ففي انتخابات 2016 فاز ترامب في تلك الولاية بفارق نحو 10 آلاف صوت عن منافسه الديمقراطي، أهلته في النهاية لحسم الانتخابات بأكملها، الأمر تكرر في ماراثون 2020، لكن هذه المرة كان لصالح المرشح الديمقراطي بايدن وذلك بفارق 150 ألف صوت عن منافسه الجمهوري، مما ساعده أيضًا في الفوز بتلك الانتخابات.
كلمة السر: الاقتصاد؟
بات واضحًا أن اختيار ترامب للاقتصاد كفرس رهان في حملته الانتخابية، قد نجح، حيث ركّز على الفشل الواضح لإدارة بايدن في تحسين الأوضاع المعيشية للمواطن الأمريكي، وعزف على هذا الوتر بشكل مكثف في مخاطبته للشباب وكبار السن تحديدًا، هذا بخلاف مغازلته للأمريكيين اللاتينيين وتبنيه الخطاب الشعبوي الذي يبدو أن جمهوره في الداخل لم يتأثر بكل ما تعرض له ترامب من هجوم وانتقادات على مدار السنوات الأربعة الماضية.
وفي المقابل لم يُسعف الوقت المرشحة الديمقراطية التي دخلت السباق منذ 13 أسبوعًا فقط، بعد انسحاب الرئيس بايدن، وهي فترة غير الكافية لتقديم أوراق اعتمادها بشكل كاف، هذا بخلاف الانتقادات التي تعرضت لها حملتها الانتخابية بسبب قائمة أولوياتها والتي تصدرها ملف الإجهاض ثم الهجرة وفي المرتبة الثالثة جاء الاقتصاد رغم ما يحتله من أهمية كبيرة للشارع الأمريكي.
ويبدو أن هاريس ستدفع اليوم ثمن سياسة الديمقراطيين المائعة إزاء العديد من الملفات، الداخلية والخارجية، طيلة السنوات الأربعة الماضية، حيث محاولة مسك العصا من المنتصف دون اتخاذ مواقف حاسمة وحازمة، وهو ما رسم صورة مهزوزة عن إدارة بايدن لدى المواطن الأمريكي الذي بات يفقد الثقة رويدًا رويدًا في قدرة بايدن العجوز على خرق أي من تلك الملفات.
وبالتوازي مع الماراثون الرئاسي، نجح الجمهوريون في حسم معركة مجلس الشيوخ (51 مقعدًا للجمهوريين مقابل 41 للديمقراطيين)، أما في مجلس النواب فحصل الجمهوريون على 191 صوتًا مقابل 166 صوتًا للديمقراطيين، وسط توقعات بفوز الجمهوريين بالأغلبية في الغرفتين، وهو ما سيكون بمثابة المفاجأة للجميع.
وتشير التقديرات وفق مؤشرات التصويت الحالية والتي وصلت إلى منعطفها الأخير في العديد من الولايات، إلى احتمالية حصول ترامب على أكثر من 300 صوت من أصوات المجمع الانتخابي، بما يمنحه الفوز بأريحية مطلقة، وهي النتيجة غير المتوقعة بالمرة، فلم يتوقعها أكثر المتفائلين من الجمهوريين، الأمر الذي سيكون له ارتداداته السلبية على الديمقراطيين الذين يعانون من واحدة من أسوأ محطاتهم التاريخية.