نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا للكاتبة شيرلي غي ستولبرغ، تحت عنوان “من الاحتفال للشيطنة.. النائبتان المسلمتان تحاولان استيعاب الضربات بسبب “إسرائيل” “، تتناول فيه الحملة التي تشن على النائبتين المسلمتين رشيدة طليب وإلهان عمر في الإعلام الأمريكي.
ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، إلى أن النائبة الديمقراطية عن ميتشغان، رشيد طليب، وزميلتها إلهان عمر عن مينسوتا، احتفل بهما بصفتهما رمزا للتنوع عندما أقسمتا اليمين في الكونغرس في الشهر الماضي؛ لكونهما أول مسلمتين تدخلان الكونغرس، لافتا إلى أن طليب دخلت بثوب فلسطيني طرزته لها أمها، أما إلهان عمر فقد دخلت بحجاب جميل.
وتقول ستولبرغ إنه بعد أربعة أسابيع فإن المواقف غير المتنازلة لهما من “إسرائيل” أدت إلى تحويلهما إلى أكثر نائبتين محاصرتين في الكونغرس، مشيرة إلى أن النواب الجمهوريين يقومون في كل يوم باتهامها بمعاداة السامية والتعصب، أملا في تحويلهما إلى نسخة عن النائب الجمهوري ستيف كينغ الذي كان عرضة للنقد، وهي محاولة من الجمهوريين لتشويه سمعة الحزب الديمقراطي بسبب نقدهما للدولة اليهودية.
يجد التقرير أن النزاع بشأن عمر وطليب كشف عن الانقسام الجيلي المتزايد داخل الحزب الديمقراطي، يقف فيه الحرس القديم المدافع المتحمس عن “إسرائيل” ضد الجيل الشاب الصاعد الليبرالي
وتبين الصحيفة أنه مع أن قادة الحزب الديمقراطي قدموا الدعم لهما، إلا أن بعض النواب يشعرون بعدم الارتياح، فالنائب الديمقراطي عن فلوريدا تيد دوتيش، مؤسس اللجنة المشتركة في الكونغرس لمكافحة العداء للسامية، قال إن بعض تصريحات النائبتين تقعان ضمن التصريحات المعادية للسامية، مشيرة إلى أنه عندما رشحت عمر لعضوية لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، فإن رئيسها النائب إليوت إنجل أخبرها في حديث خاص أنه لن يسمح بأن يتم سحب تصريحاتها “المؤذية تحديدا” تحت البساط.
ويجد التقرير أن النزاع بشأن عمر وطليب كشف عن الانقسام الجيلي المتزايد داخل الحزب الديمقراطي، يقف فيه الحرس القديم المدافع المتحمس عن “إسرائيل” ضد الجيل الشاب الصاعد الليبرالي، ومن بينهم عدد من اليهود المستعدين لانتقاد الحكومة الإسرائيلية وسجلها في مجال حقوق الإنسان ويدعمون دولة فلسطينية.
وتقول الكاتبة إنه بالنسبة للحزب الديمقراطي، الذي ظل بيت اليهود الذين صعدوا فيه سياسيا، فإن المخاطر واضحة وجلية عبر الأطلسي، ففي أوروبا، تقوم الأحزاب اليسارية بالتقرب للمهاجرين المسلمين للحصول على أصواتهم من خلال مواقف معادية لـ”إسرائيل”، فيما تقوم أحزاب اليمين بالتقرب لليمين المتطرف، من خلال التقرب من الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، لافتة إلى أن زعيم حزب العمال في بريطانيا حوصر باتهامات العداء للسامية، بشكل دفع اليهود البريطانيين للتظاهر في الشوارع.
وتلفت الصحيفة إلى أن الرئيس دونالد ترامب والحزب الجمهوري يحاولان البحث عن الانقسام ذاته داخل الديمقراطيين، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن يصوت مجلس الشيوخ في الأسبوع المقبل على قانون يهدف للحد من حركة المقاطعة لـ”إسرائيل”، وتجريم من يتعاون معها، والتصدي للأصوات الديمقراطية، مثل عمر وطليب، اللتين تدعماها.
تستدرك الصحيفة بأن النقاش ليس سياسيا فقط، لكنه يتقاطع بطريقة غير مريحة مع العرق والجنس والدين في الكونغرس الذي تغيرت ملامحه بشكل دراماتيكي
ويفيد التقرير بأن القانون يسمح للدولة والحكومات المحلية بقطع العلاقات مع أي شركة تدعم الحركة، التي تهدف من بين أمور أخرى، للضغط على “إسرائيل” لتنهي احتلالها للضفة الغربية، مشيرا إلى أن الحركة تحظى بدعم من يدعمون حل الدولة الواحدة بحقوق متساوية للفلسطينيين، بدلا من دولة فلسطينية إلى جانب “إسرائيل”.
وتذكر ستولبرغ أن حركة المقاطعة والداعمين لها، مثل طليب وعمر، تناقشون أن المقاطعة الاقتصادية تدخل ضمن الحقوق الدستورية لحرية التعبير، أما المعادون لها فيقولون إن الهدف الرئيسي هو تدمير “إسرائيل” بصفتها دولة يهودية، لافتة إلى أن القانون يحظى بدعم عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، ووصفه مسؤول المناطق الانتخابية الديمقراطية حكيم جيفريز، بأنه “خبطة سياسية”.
وتستدرك الصحيفة بأن النقاش ليس سياسيا فقط، لكنه يتقاطع بطريقة غير مريحة مع العرق والجنس والدين في الكونغرس الذي تغيرت ملامحه بشكل دراماتيكي، من خلال وصول مجموعة من النواب الجدد المتنوعين، مشيرة إلى أن حلفاء كل من طليب وعمر يتهمون الجمهوريين بالتنمر والتعصب، ويقولون إن الجمهوريين يبحثون عن توأم ديمقراطي معادل للنائب الجمهوري عن إيوا كينغ، الذي عنفه الكونغرس لتبنيه مواقف داعية للتفوق العنصري الأبيض.
وينقل التقرير عن المدير التنفيذي للحملة الأمريكية من أجل حقوق الشعب الفلسطيني يوسف منير، قوله: “أنظر للأمر على أنه هجوم يحمل الكراهية للمسلمين ضد امرأتين ملونتين تحاولان هز الأمور، وتقفان بجرأة مع القضايا الحيوية”، وأضاف أن نقادهما يفشلون في الاعتراف بأن “فلسطين أصبحت وبشكل متزايد جزءا من سياسة العدل التقدمية للجميع”.
وتنوه الكاتبة إلى أن كلا النائبتين تعرضتا للهجوم بسبب تعليقات تم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، فطليب بسبب ارتباطها بالنشطاء الحقوقيين الفلسطينيين الذين استخدموا وسائل الإعلام الاجتماعي للمقارنة بين الصهيونية والنازية، مشيرة إلى أن عمر وطليب رفضتا مقابلة الصحيفة، لكنهما أرسلتا بيانات مكتوبة، أكدتا فيها الوقوف مع العدل وضد الكراهية.
تقول الصحيفة إن عمر وطليب صنعتا التاريخ، فرشيدة طليب هي أول أمريكية فلسطينية تدخل الكونغرس، أما إلهان عمر فقد هربت من بلدها الصومال وهي صغيرة
وتورد الصحيفة عن طليب، قولها: “احترام حرية التعبير لا يمكن مساواته بمعاداة السامية”، وأضافت أن دعمها لحركة المقاطعة سلمي ومحمي بالدستور، وقالت: “أحلم أن تعيش جدتي الفلسطينية بحقوق متساوية وكرامة إنسانية، ولن أسمح لهذا الحلم بأن يتشوه بأي شكل من أشكال الكراهية”.
ويشير التقرير إلى أن عمر حاولت قلب الطاولة على الجمهوريين، “خاصة في وقت يتصاعد فيه عنف المتفوقين عنصريا.. علينا شجب الكراهية ضد أي دين، وهو أمر فشل الرئيس الحالي في القيام به”.
وتلفت ستولبرغ إلى أن المدافعين عن النائبتين حذروا من أن نقاد المرأتين يدخلون منطقة خطرة عندما يخلطون بين معاداة الصهيونية، وهي عداء ضد “إسرائيل” بمعاداة السامية، التي هي عداء لليهود، وهو ما يراه رئيس مجموعة “جي ستريت” جيرمي بن عامي “مثيرا
للقلق”، مشيرة إلى أن “جي ستريت” لم تدعم عمر، وتراجعت عن دعمها لطليب؛ لرفضها حل الدولتين، إلا أنه قال إنهما “تفتحان نقاشا تحتاجه السياسة الأمريكية”، وتدفعان الحزب الديمقراطي باتجاه المواقف التي تدعمها “جي ستريت” والشباب اليهود “الذين يعتقدون أن لا تناقض بين التعاطف مع “إسرائيل” ودولة فلسطينية”.
وتقول الصحيفة إن عمر وطليب صنعتا التاريخ، فرشيدة طليب هي أول أمريكية فلسطينية تدخل الكونغرس، أما إلهان عمر فقد هربت من بلدها الصومال وهي صغيرة، لافتة إلى أن الكونغرس غير قاعدة عمرها 181 عاما، تمنع دخول النساء بغطاء الرأس من أجلها.
وينوه التقرير إلى أنهما ليستا الوحيدتين الداعمتين للفلسطينيين، فالنائبة بيتي ماكولام، الديمقراطية عن مينسوتا، جمعت 31 اسما داعما لقانون يحظر وصول أموال دافع الضريبة الأمريكي للجيش الإسرائيلي الذي يعتقل الأطفال.
تستدرك الصحيفة بأن طليب تواجه نقدا من المحافظين وبعض الجماعات اليهودية والإعلام الإسرائيلي، وهو ما تراه طليب نقدا غير نزيه
وتنقل الكاتبة عن طليب، قولها في أثناء حملتها الانتخابية إنها ستصوت و”بالتأكيد” ضد الدعم العسكري لـ”إسرائيل”، وقالت المحامية وعضو مجلس الولاية أيضا إنها منفتحة على أي حل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني يوجد دولة واحدة تضم “إسرائيل” في مناطق 1948 مع الضفة الغربية ومن المحتمل قطاع غزة في ظل حكومة ديمقراطية، وهو موقف تخشى منه “إسرائيل”؛ لأنه سيجرد الدولة من صفتها اليهودية، فيما قال مكتبها إنها ترى أن “الحل هو في يد الناس الذين يعيشون هناك، لا الأمريكيين”.
وتورد الصحيفة نقلا عن عمر، المتخصصة في التغذية وعضو مجلس الولاية سابقا، قولها: “لن أعتذر لأنني وقفت ضد الاضطهاد والظلم في “إسرائيل” أو أي مكان آخر”، مشيرة إلى أنه عندما تقدم مجلس الشيوخ بقرار تجريم من يدعم حركة المقاطعة، فإن طليب كتبت على “تويتر” عن الشيوخ الذين يدعمون القرار، قائلة: “لقد نسوا البلد الذي يمثلونه”.
وبحسب التقرير، فإن السيناتور الجمهوري عن فلوريدا ماركو روبيو، رد قائلا: “إن الولاء المزدوج الكاذب هو نوع من معاداة السامية”، فيما قال رئيس لجنة مجلس النواب لشؤون الشرق الأوسط دويتش، إنه وجد التغريدة مقلقة وتشير إلى أن هناك ولاء مزدوجا، وأن اليهود أكثر ولاء لـ”إسرائيل” من بلدهم الحقيقي، وهذا شكل من معاداة السامية.
وتفيد ستولبرغ بأن طليب ردت قائلة إنها لم تعن في تغريدتها اليهود، لافتة إلى أنه تقدم بمشروع القرار المجرم للمقاطعة كل من السيناتور ماركو روبيو، والديمقراطي عن ولاية ويست فيرجينيا جوي مانشين، وهما ليسا يهوديين.
وتستدرك الصحيفة بأن طليب تواجه نقدا من المحافظين وبعض الجماعات اليهودية والإعلام الإسرائيلي، وهو ما تراه طليب نقدا غير نزيه، مشيرة إلى عباس حمادة الذي يترأس جماعة حقوقية فلسطينية، ومدح حزب الله، الجماعة المصنفة إرهابيا، وقارن بين الصهيونية والنازية.
ويلفت التقرير إلى ماهر عبد القادر، الذي تبرع لطليب، ونظم مناسبة لها، وتشارك في فيديو معاد للسامية على “فيسبوك”، مشيرا إلى أن الصحيفة المحافظة “ديلي كولر” هاجمت النائبة وربطتها بعبد القادر، الذي تم محو الفيديو من صفحته، واعتذر على مشاركته الفيديو .
بحسب الصحيفة، فإن عمر أثارت جدلا حول تغريدة كتبتها عام 2012، ودافعت عنها حتى الأسبوع الماضي، وأكدت فيها أن ” “إسرائيل” نومت العالم، أدعو الله أن يوقظ الناس، ويساعدهم على رؤية الشر التي تفعله إسرائيل”
وتورد الكاتبة نقلا عن طليب، قولها: “من غير العدل تحميلي مسؤولية تصريحات الآخرين، خاصة أن أفعالي، بما فيها التصويت كوني عضوا في مجلس ميتشغان، وقيادتي حملتي لنواجه الكراهية، تؤكد معاداتي لأشكال الكراهية كلها، وشجبي لمن يقللون من إنسانية الآخرين”.
وبحسب الصحيفة، فإن عمر أثارت جدلا حول تغريدة كتبتها عام 2012، ودافعت عنها حتى الأسبوع الماضي، وأكدت فيها أن ” “إسرائيل” نومت العالم، أدعو الله أن يوقظ الناس، ويساعدهم على رؤية الشر التي تفعله إسرائيل”، وهي لغة قال دويتش إنها تعطي صورة عن أن “اليهود يسيطرون عن العالم”.
وينوه التقرير إلى أن عمر وضحت موقفها الأسبوع الماضي، في “ذا ديلي شو” مع تريفر نوح، قائلة إن التغريدة جاءت في سياق الحرب على غزة، واعترفت بأن ما جاء فيها كان خطأ، وتلميحات معادية للسامية، لكن إنغل كان يرغب “لو صدر منها اعتذار”.
وتقول ستولبرغ إن عمر أثارت الجدل مرة أخرى عندما بدا وكأنها تقارن “إسرائيل” بإيران، في مقابلة مع “ياهو نيوز”، حيث انتقدت قانون القومية اليهودي عام 2018، الذي منح حق تقرير المصير لليهود، وقلل من مستوى اللغة العربية، وقالت إنها عندما تسمع الأمريكيين يتحدثون عن ديمقراطية “إسرائيل””اضحك تقريبا.. لأننا في مجتمعات أخرى سننتقدها وسنفضحها كما نفعل مع إيران”.
وتفيد الصحيفة بأن القانون مثير للجدل في “إسرائيل”، إلا أن الجناح الجمهوري في مجلس الشيوخ رد بتغريدة، يقول فيها “الديمقراطيون يجعلون العداء للسامية جزءا من الخطاب”، مشيرة إلى أنه في السياق ذاته فإن الجمهوريين في مجلس النواب يحاولون التقدم بقرار يشجب معاداة السامية، وذكر اسم كل من طليب وعمر بالاسم.
وينقل التقرير عن الديمقراطية عن واشنطن باراميلا جايلبال، التي انتقدت بحدة سياسات التعسف ضد المتظاهرين الفلسطينيين، قولها إن هجمات الجمهوريين على النائبتين المسلمتين غير مناسبة وغير مهنية.
وتختم “نيويورك تايمز” تقريرها بالإشارة إلى قول جايلبال: “أعتقد أن هناك الكثير من الناس حول البلاد يشعرون بالقلق العميق تجاه القضايا الحقيقية التي نشاهدها في الشرق الأوسط”.
المصدر: نيويورك تايمز
ترجمة وتحرير: عربي21