في قرننا الـ21 ومع ازدياد نشاط الحركات النسوية على اختلاف مطالبها، نجد أن عمل المرأة يشغل حيزًا كبيرًا بين فكر النساء والرجال على حد سواء، فبعد كل المطالبات التي تسعى النساء إليها من مساواة بالرجل كانت النتيجة زيادة أعداد النساء العاملات وقلة عدد غير العاملات بالتدريج، كأول طريق للمساواة بالرجل لأن الاستقلال المادي أبرز ما يعوق حياة المرأة بشكل طبيعي.
وبعيدًا عن الاختلاف الفكري الذي يواجهه الطرفان، في أحقية المرأة بالعمل والحياة ومن يرون أن مكان المرأة التقليدي هو المنزل لأن هناك واجبات تحتاجها من رعاية لأطفال المنزل وتنفيذ طلبات الزوج كي تحيا الأسرة بشكل طبيعي ومتوازن، وكحال أي شيء ليس عليه إجماع نجد أن النساء العاملات يعانين من مشاكل رغم رغبتهن في اكتساب الاستقلال المادي والإحساس بقيمتهن داخل الأسرة على صعيد المستوى المادي والنفسي.
وبجانب ذلك نجد أن المرأة غير العاملة بالطبع كان لها نصيب من المشاكل والصعوبات النفسية والمادية على حد سواء، وهذا ما سأذكُره هنا، لكن قبل أي شيء يجب أن نضع في الأذهان أن لكل قاعدة استثناء، وما سأقوله لا ينطبق على شخصية معينة أو على الجميع.
المرأة العاملة والتحديات التي تواجهها
من المثير للريبة أن نصل إلى عصرنا هذا وعامنا هذا وأتحدث عن موضوع يصنف المرأة إلى عاملة وغير عاملة، ليس لعدم رغبة بعض النساء في العمل، فلكل امرأة وفتاة الحق في اختيار مسار حياتهن كما يردن، بل تكمن المشكلة في المجتمع والضغوط الأسرية التي تُفرض على الكثير من الفتيات تحت مسميات عدة، ولكن ما يمكننا قوله إن علينا مقاومة المجتمع حتى يصبح حق العمل كالحق في الحياة والتنفس.
مع اختلاف عمل المرأة تختلف الصعوبات والعوائق، فنجد مثلًا أن الطبيية تعاني من مشكلة رئيسية وهي العمل الذي يحتاجها في أي وقت خصوصًا في الليل وإن لم يكن الزوج متفهمًا لوضع زوجته لانهارت حياتهم الزوجية بسبب عدم تقبل الزوج لهذا الدور
يمكننا أن نقسم المرأة العاملة إلى قسمين: امرأة عاملة متزوجة وامرأة عاملة غير متزوجة، وعلى الأغلب فإن التحديات تواجه النساء المتزوجات بجانب المسؤوليات الأسرية، فيمكننا القول إن المرأة العاملة المتزوجة متأزمة من عدة جهات منها تنظيم الوقت وإرضاء الزوج والاعتناء بالمنزل وحمل عاتق الأسرة على كاهلها، هذا كله بجانب دورها البيولوجي الرئيسي في الحمل والرضاعة ورعاية الأطفال.
ومع اختلاف عمل المرأة تختلف الصعوبات والعوائق، فنجد مثلًا أن الطبيية تعاني من مشكلة رئيسية وهي العمل الذي يحتاجها في أي وقت خصوصًا في الليل وإن لم يكن الزوج متفهمًا لوضع زوجته لانهارت حياتهم الزوجية بسبب عدم تقبل الزوج لهذا الدور.
نجد أعمالاً أخرى تتطلب حياة خاصة مثل الشرطيات ومضيفات الطيران والصحافيات وهؤلاء يمكن أن يكون عملهن عبئًا حقيقيًا على حياتهن الأسرية إن لم يكن أزواجهن متقبلين أوضاعهن بما فيه الكفاية، وعلى الصعيد الآخر نجد أن هناك مهنًا بعينها ترتاح النساء فيها نوعًا ما ولا يتطلب جهدها إلا وقت معين داخل مؤسسة محددة مثل التدريس أو الوظائف الإدارية العادية، وتعد النسوة العاملات بهذه المجالات الأكثر انتشارًا بوطننا العربي ويرغب الرجال في وجود مثيلاتهن حيث يؤدين عدة أدوار مهمة دون قلق أو إحداث ضرر على الحياة الأسرية إذا استطاعت المرأة تنظيم وقتها بشكل سليم.
المرأة غير العاملة وضغوطات الحياة
عند التحدث بحيادية عن حياة المرأة بين العمل والتفرغ للأسرة، نجد أن النوعين من النساء متأزمين ولا يمكننا أن نجزم بأن نوعًا محددًا منهن مرتاح البال، فإن كان الرجل يشتكي من عدة أمور في وجود المرأة العاملة مثل ضيق الوقت المخصص للأسرة وشعوره بندية المرأة له في بعض الأحوال.
بغض النظر إن كانت المرأة عاملة أو لا ليس المهم أن تنضم لنمط معين أكثر من غيره بسبب مميزاته أو عيوبه بل الأهم أن يكون للمرأة الحق في أن تختار كل ما لها من حقوق
نجد أن المرأة غير العاملة تعاني من الفراغ الزائد والإحساس بعدم الثقة في النفس إذا ما قورنت بنظيراتها العاملات، خاصة في المجالس العائلية وبين الأصدقاء نجد أن من يتحدثن عن العمل وأمور الحياة العملية أكثر جدية وأهمية ممن يتحدثن عن شؤون المطبخ وتربية الأولاد والأشياء النمطية المتكررة، هذا بالإضافة إلى التأثير المباشر الناتج عن غياب المرأة عن سوق العمل ورؤيتها لعوالم جديدة وتحملها لمسؤوليات شتى.
بجانب كل هذا نجد أن المرأة تواجه عوائق أخرى على الصعيد النفسي مثلًا، في أثناء تربية الأطفال هناك أمهات يشعرن بالقلق من عدم القدرة على السيطرة على أولادهن أو شعورهن بأنهن قدوة ومثال لهم يمكن أن يحتذوا به، ورغم أن الوجود في الحياة دون عمل للمرأة يمكن أن يكون له فوائد أخرى مثل التفرغ لعمل شيء بجانب تربية الأطفال خاصة إن كانت المرأة من أصحاب المواهب الفريدة.
بغض النظر إن كانت المرأة عاملة أو لا ليس المهم أن تنضم لنمط معين أكثر من غيره بسبب مميزاته أو عيوبه، بل الأهم أن يكون للمرأة الحق في أن تختار كل ما لها من حقوق وأن تحدد أي حياة تفضلها بغض النظر عن سلبياتها التي يمكن أن تتعلم كيف تتحاشاها وتحولها لنقاط قوة.