نجحت الفصائل الفلسطينية مجدداً في إبرام اتفاق مصالحة جديد في قطاع غزة بعد 7 أخريات بدول عربية مختلفة منذ عام 2006، العام الذي اوقع شرخا عميقا في علاقة الكل الفلسطيني بعد الصدام الدامي الذي وقع بين حركتي فتح وحماس، وما تبعه من تداعيات على الأرض وقتال كاد أن يؤدي إلى حرب اهلية بين الطرفين.
الشارع الفلسطيني يعيش اليوم أجواء من التفاؤل الحذر، في انتظار ما سينتج عن الجولات الجاري لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الرئيس محمود عباس، الذي تعهد بمواصلة مساعيه للملمة الشمل الفلسطيني بكل ما أوتي من قدرة.
ستكون هناك أجواء فرحة غامرة بتشكيل الحكومة الفلسطينية، ولكن بعد أن تنتهي “الأفراح”، وتبدأ الحكومة التي يقودها الرئيس أبو مازن أو أي شخص آخر في العمل على الأرض، “وتذهب السكَرة وتأتي الفكرة”، كيف سيكون الوضع في اليوم التالي؟
أمام كل هذا، لا بد من طرح العديد من القضايا المتعلقة بما بعد المصالحة والمتعلقات الخاص به وما يترتب عليها في اليوم التالي لتشكيل الحكومة.
أهم هذه القضايا، الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وما سيحل بها بعد تنفيذ الاتفاق، هذه الجزئية المهمة التي لم تعلن أي جهة فلسطينية طبيعة الحال التي ستكتنفها.
أكبر المعضلات
هذه القضية تعتبر أكبر “المعضلات” إن صح التعبير والتي سيبذل جهد كبير من قبل طرفي المصالحة لإيجاد حل يرضي الجميع فيها، فهي أساس الانقسام الذي دام لـ 8 سنوات طوال، وبدون حلها ستعتبر المصالحة كذر الرماد في العيون.
والسؤال المطروح في الشارع الفلسطيني الآن يدور في خلد المراقبين هو، هل سيتم الإبقاء على الحال كما هو عليه الآن فيما يتعلق بعمل الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة؟ ام سيتم دمجهما تحت قيادة واحدة يصطلح عليه الجميع؟
عضو مكتب حماس السياسي موسى أبو مرزوق قال في تصريحات صحفية “إن حكومة الكفاءات ستعمل على توحيد المؤسسات بين الضفة الغربية وقطاع غزة”، موضحا أن “الأمن سيبقى كما هو في الضفة وغزة حتى تشكيل الحكومة التي تفرزها الانتخابات”، في حين قال القيادي البارز في الحركة محمود الزهار في حديث لوكالة “رويترز”: “إن حركته ستظل المسؤولة عن قواتها في القطاع بغض النظر عن الاتفاق الأخير أو عمن سيفوز في الانتخابات العامة المقررة في وقت لاحق، ولن يُمس أحد من المستوى الأمني، ولن يمُس أحد من الجماعات المسلحة، سواء من “حماس” أو منظمات أخرى”.
لكن ممارسات تلك الأجهزة خلال تلك الفترة هل سيكون عليها ضمان بألا تمس مساعي توطيد العلاقة بين الفصائل الفلسطينية، والامتناع عما يعكر صفو الأجواء التصالحية القائمة، وما هو الضامن لتحقيق ذلك؟
ألغام موقوتة
بالنسبة للأجهزة الامنية في قطاع غزة، يقول المشرفون عليها، إنها “تعتبر الضمانة الأولى لخط الدفاع عن المقاومة الفلسطينية في القطاع، ولا يمكن المساس بهذا الموضوع لحساسيته وصعوبة تغيير واقعه.”
فمعظم عناصر الأجهزة الامنية في قطاع غزة هم عناصر في فصائل الفلسطينية المسلحة بنسبة تزيد عن 60% منهم هم عناصر في كتائب القسام ذراع حماس العسكرية، فكيف يمكن أن تحل هذه القضية؟
وفي الضفة الغربية، تحتفظ الأجهزة الأمنية بعلاقة تنسيقية متواصلة مع الجيش الإسرائيلي يخص العديد من القضايا المشتركة، وهو امر اعلنت السلطة الفلسطينية مؤخرا عن استمراريته رغم توقف جولات المفاوضات التي كانت تجريها منذ 9 أشهر مع حكومة الاحتلال، فهل من الممكن تجاوز هذه القضية بالنسبة لحماس التي تعتبرها “جريمة وطنية”؟
هذه القضايا وغيرها تعتبر بمثابة ألغام موقوتة تحف المصالحة الموقعة، وستكون موجهة لوجه الحكومة الفلسطينية المقبلة، تنفجر في وجهها إن لم تحسن الفصائل الفلسطينية تسويتها، مع الاخذ بعين الاعتبار أن “إسرائيل” لن تسمح بوجود أي أجهزة امنية على الأرض خصوصا في الضفة الغربية يمكن أن تشمل عنصرا واحدا متهم من قبلها بممارسة أية أعمال مقاومة أو انشطة ضد اهداف إسرائيلية.
هذا المقال جزء من سلسلة تقارير ينشرها نون بوست بالتعاون مع شبكة قدس الإخبارية