ترجمة وتحرير: نون بوست
عرض لينتون كروسبي العمل على حملة تهدف لسلب قطر حقها في استضافة كأس العالم 2022 ومنحه لبلد آخر مقابل 5.5 مليون جنيه إسترليني، وذلك وفقا لخطة تم تسريبها تقدم نظرة ثاقبة فريدة من نوعها عن أنشطة أشهر النشطاء السياسيين في العالم. وقد كُتبت الوثيقة الأولية المفصلة التي تقدم “اقتراحا لحملة تهدف إلى فضح حقيقة نظام قطر وإلغاء كأس العالم 2022 المقرر إقامته في قطر”، خلال شهر نيسان/ أبريل من السنة الماضية وتم توقيعها شخصيًا من قبل كروسبي.
في هذه الوثيقة، قال كروسبي إنه “إذا شارك ستحتاج شركته سي تي في بارتنر، التي تعد من إحدى مؤسسات الضغط السياسية إلى إنفاق 300 ألف جنيه إسترليني شهريا لمدة 18 شهرًا للتركيز على الجهود المبذولة لنزع الشرعية عن الحكومة القطرية والضغط على الفيفا لإعادة بدء عملية طرح المناقصات” ومنح كأس العالم إلى بلد آخر.
تقدم هذه الوثيقة لمحة عن الدور السري الذي يلعبه الخبير الاستراتيجي الأسترالي السابق، فبعد النجاح الذي حققه في وطنه ساعد في إدارة حملات الانتخابات العامة الأربع الأخيرة في المملكة المتحد
في جزء من هذه الوثيقة الأولية تحت عنوان “بوجيكت بول “، ذكر كروسبي أنه “يمكن لشركة سي تي في بارتنر أن تنشئ غرف عمليات حربية تتفرغ في جميع أنحاء العالم لنشر قصص سلبية عن قطر في وسائل الإعلام الرئيسية، وتنظيم حملات شعبية مضللة على مواقع التواصل الاجتماعي، ناهيك عن الضغط على الساسة والصحفيين والأكاديميين بصفة ودية”.
في الواقع، تقدم هذه الوثيقة لمحة عن الدور السري الذي يلعبه الخبير الاستراتيجي الأسترالي السابق، فبعد النجاح الذي حققه في وطنه ساعد في إدارة حملات الانتخابات العامة الأربع الأخيرة في المملكة المتحدة. وعلى ضوء ذلك، منحه رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون وسام فارس بعد أن ساعد في تأمين حكومة ذات أغلبية محافظة بصفة غير متوقعة في الانتخابات العامة لسنة 2015.
عودة إلى سنة 2010، عندما تسلم أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني وزوجته موزة بنت ناصر المسند كأس العالم من رئيس الفيفا جوزيف سيب بلاتر بعد الإعلان الرسمي عن استضافة قطر لكأس العالم 2022.
إن كروسبي مقرب من وزير الخارجية السابق بوريس جونسون، الذي تطرق في أكثر من مناسبة إلى استخدام كروسبي استراتيجية “القط الميت” الإعلامية لإلهاء الصحفيين. وقد حصل جونسون، مؤخرًا، على قرض دون فوائد بقيمة 20 ألف جنيه إسترليني من شركة كروسبي، والذي قام بسداده. وكان عميل كروسبي المحتمل لخطة “بروجكت بول” زعيماً معارضاً قطرياً يقيم في لندن، يدعى خالد الهيل، الذي صرّح بأنه هرب من بلده بعد اعتقاله وتعذيبه.
واجه الهيل أسئلة متكررة بشأن تمويله وطبيعة أنشطته في الحملة الانتخابية في لندن، التي تشمل دفع شركاته التجارية أموالا لأعضاء البرلمان ولاعبي كرة القدم البارزين من أجل الظهور في الأحداث المناهضة لدولة قطر. وغالبًا ما تكون الفعاليات التي ينظمها موائمة لأهداف السياسة الخارجية لأعداء قطر الإقليميين في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. ومع ذلك، يصر الهيل على أن التمويل الذي يقدمه متأتٍ من ثروته الشخصية وينكر تلقي الأموال من بعض الحكومات.
أشار محامو كروسبي إلى أنه “من المشروع أن تستخدم إحدى الجهات الخدمات التي يقدمها الأشخاص أو الكيانات على غرار عملائنا، لنشر معلومات مهمة عن المشهد السياسي العام بطريقة فعالة”
في هذا السياق، أفاد محامو كروسبي بأنه لم يبرم أي عقد مع شركة الهيل ولم يتم تنفيذ أي من الأعمال الواردة في الاقتراح الذي كشفته الوثيقة. وهم يصرون على أن العمل المقترح يصعب الاختلاف عليه نظرا للانتقادات الواسعة التي وُجهت لطريقة فوز قطر بعرض استضافة فعاليات كأس العالم 2022، ناهيك عن اضطهادها لحقوق العمال الأجانب.
حيال هذا الشأن، أشار محامو كروسبي إلى أنه “من المشروع أن تستخدم إحدى الجهات الخدمات التي يقدمها الأشخاص أو الكيانات على غرار عملائنا، لنشر معلومات مهمة عن المشهد السياسي العام بطريقة فعالة”. وقد أكدت شركة “سي تي في بارتنر” أنها قدمت لشركة الهيل “قدرا ضئيلا من النصائح الإعلامية” خلال الزيارة التي أداها الأمير القطري إلى المملكة خلال شهر تموز/ يوليو. خلال هذه الزيارة، قامت شركة علاقات عامة، عملت من قبل مع شركة الهيل، بمحاولة هزلية بشكل كارثي تمثلت في الدفع لمئات الممثلين للاحتجاج خارج داونينغ ستريت أثناء زيارة الأمير لتيريزا ماي.
من جهتها، صرحت شركة سي تي في بأنها “لم تلعب أي دور في تنظيم الاحتجاجات الزائفة، فضلا عن أنها توقفت عن التعامل مع الهيل عندما سمعت برواج مثل هذه المعطيات”. أما كروسبي فلم يعلق على الادعاءات التي تفيد بأن شركته قدمت الدعم لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال الزيارة الرسمية التي أداها إلى المملكة المتحدة السنة الماضية.
قمصان للبيع في سوق واقف في الدوحة
بالنسبة لصحيفة “الغارديان” ومنظمة “سبين ووتش”، مثلت الوثيقة المسربة جزءا من تحقيق يجريانه حول كيفية تحول المملكة المتحدة إلى مركز رئيسي لحملات ممارسة الضغط العالمية باعتبارها طرفا في الحروب بالوكالة التي تدور رحاها في الشرق الأوسط. ويقترح كروسبي في محتوى هذه الوثيقة توحيد الانتقادات العالمية الموجهة لدولة قطر و”فضح وتقويض أعمال النظام الحالي” في الدوحة، بما في ذلك الترويج لفكرة أن الدولة تمارس أنشطة إرهابية في كامل أرجاء العالم.
فضلا عن ذلك، أشار كروسبي في الوثيقة إلى “تمتع سي تي في بارتنر بعقود من الخبرة في إدارة الحملات التي تغير أو تعزز آراء الناخبين وسلوكهم. وتخبرنا هذه التجربة أن الحملة المتكاملة، التي تدار باحتراف وتستخدم جميع وسائل الضغط المتاحة، يمكن أن تكون ناجحة. ونحن واثقون من أنه على الرغم من صعوبة هذا التحدي، إلا أن الأمر نفسه ينطبق على ممارسة الضغط على الفيفا من أجل تجريد قطر من حقها في استضافة كأس العالم، على غرار أي حملة أخرى قمنا بتنظيمها”.
خلال السنة الماضية، قدمت شركة كروسبي هدايا بقيمة عشرات الآلاف من الجنيهات إلى نواب حزب المحافظين. وفي شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من سنة 2017، حضر وزراء الحكومة والعشرات من نواب حزب المحافظين، بمن فيهم وزير الدفاع البريطاني غافين ويليامسون، ووزير الصحة مات هانكوك، حفل عيد الميلاد السنوي لشركة سي تي في الذي نُظم في متحف فكتوريا وألبرت. في المقابل، أصر خالد الهيل على أنه يقوم بتمويل هذه الأحداث على حسابه الشخصي، فضلا عن أنه لم يستجب لطلبات التعليق على هذه الادعاءات، حيث مول سلسلة من الفعاليات التي تكتسي طابعا فخما ومعاديا لقطر في الوقت ذاته في لندن على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية والتي تضم سياسيين بارزين ولاعبي كرة قدم.
أضاف كروسبي “سنحدد هوية جميع الحلفاء المحتملين في وسائل الإعلام ومجال السياسة والصناعة، ناهيك عن الأوساط الأكاديمية والحكومة، وسنتواصل معهم لتوجيههم في محاولة متعمدة لإعلامهم وتحفيزهم بشأن الحاجة إلى إعادة النظر في استضافة قطر لكأس العالم 2022”.
في الوثيقة ذاتها، أخبر كروسبي شركة خالد الهيل أنه “إذا ما انخرط في هذه الحملة ستحتاج شركته إلى 300 ألف جنيه إسترليني شهريًا لتقويض مصداقية حكومة قطر بالإضافة إلى 100 ألف جنيه إسترليني لإجراء البحوث التي من شأنها ربط الدوحة بالإرهاب في أذهان الشعب. بالإضافة إلى ذلك، ستسلط شركة سي تي في بارتنر ضغطًا مباشرًا على الفيفا للتراجع عن قرار منح كأس العالم 2022 إلى قطر من خلال إنشاء قواعد حملة معادية لهذا القرار في لندن، وواشنطن، وميلانو، وسيدني، وكانبرا”.
في سياق متصل، أضاف كروسبي “سنحدد هوية جميع الحلفاء المحتملين في وسائل الإعلام ومجال السياسة والصناعة، ناهيك عن الأوساط الأكاديمية والحكومة، وسنتواصل معهم لتوجيههم في محاولة متعمدة لإعلامهم وتحفيزهم بشأن الحاجة إلى إعادة النظر في استضافة قطر لكأس العالم 2022”. وأكد كروسبي أنه بإمكان شركته إدارة حملات إلكترونية لوضع قطر تحت الضغط، عن طريق استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على غرار تويتر، وفيسبوك، وإنستغرام، وسناب شات لقلب الرأي العام الدولي واستخدامه كأداة تخدم مصالح هذه الحملات.
إلى جانب ذلك، أفاد كروسبي “سيركز فريقنا المتخصص على إنشاء نشاط والتفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، وتشجيع المستخدمين على الانضمام إلى مجتمعات الكترونية معينة والاشتراك فيها، ومشاركة منشوراتها مع أفراد أسرهم وأصدقائهم. وبعد ذلك، يمكن تعبئة هؤلاء المؤيدين للتواصل المباشر مع صانعي القرار الرئيسيين في الفيفا”.
لقد عرض اقتراح كروسبي مراقبة وتوفير “البيانات” إلى الهيل حول أنشطة أفراد من الجمهور الذين كانوا على استعداد لاتخاذ إجراءات على الإنترنت ضد قطر، بالإضافة إلى إدارة حملة إعلامية عالمية. وقال كروسبي في نص هذه الوثيقة: “لا يجب علينا ترك مجال للاعتراض على المزاعم الخاطئة أو المضللة أو غير المنصفة عن قطر أو كأس العالم، ويجب على الحملة العمل بصفة سريعة على إلغاء هذا القرار دون فسح المجال لقطر أو أي من أنصار البلاد لاتخاذ أي هجوم معاكس. وسيتكفل هذا الفريق المتخصص بجميع الجوانب الأخرى للحملة”.
ليس كروسبي أول شخص في الخارج يناقش معه خالد الهيل حملات مناهضة لدولة قطر. فقد حاول سابقا تنظيم حدث معادٍ لقطر في لندن من خلال الاستعانة بخدمات رئيس الجمعية الملكية البريطانية توماس مايس آرتشر ميلز
خلال العديد من المناسبات، اتهمت قطر بالفوز بعرض استضافة كأس العالم من خلال تقديم رشوة لمسؤولي الفيفا في عملية الاختيار، وهي ادعاءات نفتها قطر بشدة وجعلتها عرضة لوابل من الانتقادات بسبب تجاهل حقوق الإنسان فيما يتعلق بالعاملين الذين يقومون بتشييد البنية التحتية للمونديال.
في الواقع، ليس كروسبي أول شخص في الخارج يناقش معه خالد الهيل حملات مناهضة لدولة قطر. فقد حاول سابقا تنظيم حدث معادٍ لقطر في لندن من خلال الاستعانة بخدمات رئيس الجمعية الملكية البريطانية توماس مايس آرتشر ميلز، الذي كان يتحدث الإنجليزية بلهجة بريطانية من أجل العمل كمذيع بالتلفزيون الملكي، لكن في وقت لاحق تبين أنه إيطالي أمريكي، نشأ وترعرع في نيويورك.
المصدر: الغارديان