أشعلت الذكرى الثامنة للثورة الشبابية السلمية (11 فبراير) جدلاً واسعاً بين أوساط اليمنيين في ظل أجواء مضطربة يعيشها اليمن واليمنيون، وسط انقسام البلد بين جماعة الحوثي التي نفذت انقلابها نهاية العام 2014م، وبين نفوذ التحكم والسيطرة التي يمارسها التحالف العربي منذ العام 2015م في المناطق الخاضعة لسيطرته.
ومع حلول ذكرى ثورة فبراير الثامنة يسيل حبر غزير في الدفاع عنها والتشنيع بها، كاشفاً مدى تهافت التفكير السياسي السائد وتفاهته وانفعاله، من القضايا المصيرية التي تعد بمثابة مصلحة عليا للوطن وبين مطالب شخصية ضيقة ومناكفات حزبية عقيمة.
وخلافا للأعوام السابقة بدا الاحتفال بهذه الذكرى خافتا، اذ لم يكن هناك احتفالات رسمية في غالبية المدن وما شهدته تعز وبعض المحافظات من احتفالات وفعاليات هي جهود شبابية لبعض المكونات الثورية، وأن أسباب المقاطعة الرسمية تعود إلى ضغوط من التحالف للتطبيع مع قوى الثورة المضادة في المرحلة القادمة، وفق مغردين.
ضد الظلم والكهنوت
وفي هذا الشأن قال وزير الشباب والرياضة نايف البكري “تحل علينا 11 فبراير في عيدها الثامن وما زالت الثورة في أوجها ضد الظلم والكهنوت والسعي للحياة الكريمة في كل ربوع الوطن”.
انتقد الناشط السياسي همدان الحقب، وهو أحد شباب ثورة فبراير الدور السلبي للحكومة الشرعية وتعاملها غير اللائق بذكرى ثورة فبراير.
واضاف البكري: “لقد كشفت الثورة الكثير من الأقنعة المزيفة وأوضحت العدو الحقيقي للوطن”.
اختلالات
من جانبه تساءل الكاتب الصحفي فتحي أبو النصر قائلا: كيف حكمنا علي عبد الله صالح 33عاما وكيف أراد توريثنا كمتاع؟ مضيفا “شكرا 11 فبراير، وأما الأنموذج الأسوأ من صالح فقد جلبه صالح كانتقام وتبقى 11 فبراير ضده أيضا، بإشارة منه إلى جماعة الحوثيين.
وتابع ابو النصر “في 11 فبراير كبر حزني وكبر حلمي، لكنني انتشيت بهما كأي معتوه أصيل، وبالرغم من كل الخيبات والخذلانات والمكائد، سنظل نردد أن 11 فبراير هو الأفق الذي في الأفق، وان لا شيء سيكسر جذوة اليمنيين للتغيير ما دامهم يهتدون بنجمته الخالدة من أجل دولة الكرامة والخبز والحرية، دولة المواطنة المتساوية والديمقراطية والعدل”.
وأردف: “أما الآن فقد تشوه كل شيء في بلدنا.. البلد التي لم تعد وطناً وقد تحولت الى زريبة لنعاج الانقلاب والطوائف وتجار الدين والاعلام والارهاب والسياسة وفسدة الشرعية وحقوق الإنسان، كل شيء تشوه بالطبع ماعدا روح 11 فبراير التي ضد تخلف وجبروت ومناطقية واحتكار واستغلال وفساد الفنادم والمشائخ والشيوخ ومن يسمون انفسهم بالسادة وبقايا السلاطين ووكلاء الخارج”.
وأشار إلى أن هناك اختلالات وقال “الحق ان هنالك اختلالات نعم.. وهناك خيانات من داخل صف الثورة الذي انشق، كما ان هناك تجيير وقح حصل لـ 11 فبراير، وبالمقابل فإن القوى ما قبل الوطنية، تلك القوة المنتقمة من 26 سبتمبر و14 أكتوبر، اللذان هما الامتداد التاريخي الطبيعي لـ11 فبراير، مازالوا يريدون إجبار الشعب على مشاريعهم الضيقة.
قال الناشط السياسي هشام المسوري، “مع كل ذكرى لفبراير المحطمة بفعل عوامل ذاتية وموضوعية واخفاق النخب وعجزها وفشلها، يزدهر سوق بيع الاحلام والأمل الزائف من قبل الذين يهربون من واقع الثورة وواقع المشهد العام وواقع البلاد”.
وقال “يضيقون خياراتنا في قيام دولة حقيقية وسيادة قانون وعدالة اجتماعية، كل جماعة مغلقة وعنيفة وعصبوية تختزل خلاص الوطن في أفكارها شمالا وجنوبا”.
فبراير والدفاع عن الغثاء
من جهته انتقد الناشط السياسي همدان الحقب، وهو أحد شباب ثورة فبراير الدور السلبي للحكومة الشرعية وتعاملها غير اللائق بذكرى ثورة فبراير.
وقال الحقب “المشكلة أن ثوار فبراير الحقيقيين أصبحوا يرون الدفاع عن ثورتهم والتشبث بها دفاعا عن الغثاء الذي تسلق على تضحياتها وأهدافها، إنهم مصدومون من هذا المنتج الرث والذي لا يمكن ان تأتي به ثورة مهما كانت بساطتها فما بالكم بثورة تتمتع بعنفوان كالذي تمتعت به فبراير”.
واضاف: أن “هذا الغثاء الذي طفح على فبراير لا يمثلها وإنما هو تعبير عن انتكاستها بالثورة المضادة، لو آمنا أن من تسلقوا على تضحيات فبراير هم ممثلوها لما استحقت في أعيننا أن ندافع عنها إطلاقا، لكننا نؤمن أنهم أوضح تعبير عن العثرة التي تعترض طريق التغيير”.
وتابع: “لا شك أن ممارسات الفساد لا تعبر عن فبراير وإن كان العابثون قادمون من صفوفه، هذه الحقيقة ففبراير قيمة سامية وأهداف نبيلة لا لصوص ومتسلقين”.
اخفاق النخبة
من جهته قال الناشط السياسي هشام المسوري، “مع كل ذكرى لفبراير المحطمة بفعل عوامل ذاتية وموضوعية واخفاق النخب وعجزها وفشلها، يزدهر سوق بيع الاحلام والأمل الزائف من قبل الذين يهربون من واقع الثورة وواقع المشهد العام وواقع البلاد”.
قال الشاعر اليمني عامر السعيدي “لا تحتاج ثورة فبراير إلى استنفار للدفاع عنها وتبرير أسبابها، دعوا القادح يقدح، والحاقد يترنح”
واضاف المسوري وهو ايضا احد شباب الثورة “يتجاهلون الوقائع والحقائق ويرفضون مواجهتها ولا يملكون حتى الإرادة للبحث عن اجابات لتآكل إطار فبرار واخفاق نخبها وللتوقف عند عجز وفشل إدارة سلطة هادي وحكومته ومكوناتها الحزبية والسياسية للعملية الانتقالية وللمناطق المحررة في مرحلة ما بعد الانقلاب”. مشيرا إلى أن الجميع يكتفون وخاصة شبكات المصالح التي تشكلت داخل وخارج السلطة برمي دوافع وأسباب الفشل إلى عوامل خارجية .
وتابع: “تهرب “النخب الثورية” من مواجهة كل ذلك للتغطية على انتهازيتها وفشلها إلى المبالغة في التمسك الكاذب بجذرية الثورة ومنحها طابعا اسطوريا حالما وتحويلها إلى وهم وذكرى حالمة وعقيدة مقدسة، وطرح سرديات رومنسية حالمة تتظاهر بأمل فقير وزائف وتفكير تافه يعد الناس بانتصارات كاملة وناجزة للثورة، دون أن يكون هناك أي توجه للتحول إلى حالة سياسية ناظمة ومنتظمة وفاعلة وحيوية تعمل باستمرار على توسيع القاعدة الاجتماعية والشعبية للثورة وبناء جماعات تلائم التحديات الجديدة وابتكار اليات تعطي فبراير صفة واقعية وفاعلة ومؤثرة وتكسبها حضور وتأثير وتحول تضحيات ومعاناة الناس الى مكاسب سياسية وطنية”.
فبراير هي رغبة التسامح
بدروه قال الشاعر اليمني عامر السعيدي “لا تحتاج ثورة فبراير إلى استنفار للدفاع عنها وتبرير أسبابها، دعوا القادح يقدح، والحاقد يترنح”. مضيفا “حين يتهمون فبراير بالحوثي، ذكروهم أن فبراير هي التي وقفت في وجه الحوثي حين فتحتم له الأبواب”.
وتابع السعيدي: “فبراير هي حميد القشيبي حين وقف في وجه الميليشيا فقلتم عنه إرهابيا، ومات واقفا فوصفه أسيادكم بالكلب الأعرج، فبراير هي عبدالرب الشدادي حين كان الحوثيون يحرقون بيته بلهب المدفعية في صنعاء، و كانت بيوتكم متارسا للمسلحين، وحين وقع شهيدا كنتم توقعون مع الحوثيين على العار والدمار”.
وأردف “فبراير هي حميد التويتي وأحمد العقيلي وآلاف الشهداء الذين قضوا نحبهم وهم يرفعون علم الجمهورية التي باعها ماضيكم للغبار، فبراير هي تعز التي بصقت في وجه الحوثي حين كنتم تحتفلون به في صنعاء وتقولون للميليشيا دقوهم بالقناصات، فبراير ليست عدوا للوطن ولا الدولة، لقد كانت محاولة شعبية لحماية الدستور واحترام الوطن والمواطن، فبراير هي الشباب الذين سقطوا على أسوار عمران وصنعاء، هي المحاربون والمشردون وهي السلام الذي حفظ لكم أنفسكم وأموالكم ومناصبكم التي أضاعها حقدكم وانتقامكم قبل أن تشردكم الكارثة التي انتقمتم بها من فبراير.
قال القيادي في الحزب الناصري الدكتور عبده العديني “قد نختلف مع البعض لكن ثورة 11فبراير كانت خيارنا الذي لا رجعة عنه نثق بخياراتنا ونؤمن أن طريق النضال لا زال مستمرا حتى تحقيق أهدافنا
وقال الشاعر السعيدي “فبراير هي استمرار الرفض لكل مشروع عائلي سواء باسم الجمهورية او باسم الإمامة، وسنمضي رافضين، انظروا كيف وقف شباب ورموز فبراير في صف الجمهورية مجتمعين ومن أول لحظة، وكيف افتلخ خصوم فبراير كالراكب على جملين”.
وختم السعيدي قائلا “فبراير هي رغبة التسامح التي ترشقونها كل يوم بالحقد، حاولوا أن تتصالحوا معها لنجد اليمن التي أضاعها الحقد فلا هي عادت إليكم بالانتقام من فبراير ولا أنتم الذين تركتم لها فرصة للتغيير والبناء”.
11 فبراير خيار لا رجعة عنه
وفي السياق ذاته قال القيادي في الحزب الناصري الدكتور عبده العديني “قد نختلف مع البعض لكن ثورة 11فبراير كانت خيارنا الذي لا رجعة عنه نثق بخياراتنا ونؤمن أن طريق النضال لا زال مستمرا حتى تحقيق أهدافنا في بناء الدولة الاتحادية دولة الديمقراطية والعدل والمواطنة المتساوية، رغم كل العراقيل التي وضعت في طريق نجاح ثورة 11فبراير حتى الآن”.
وقال الصحفي ياسر عقيل “فبراير حُلمنا العظيم المغدور ببشاعة حقد صالح، وسلاح الميلشيات، ورداءة الحامل السياسي الذي فشل، وسلم كل شيئ لرئيس ضعيف مثل هادي”.
ناقمون وشامتون
اما الكاتب الصحفي خالد عبد الهادي فقال “مع حلول ذكرى ثورة فبراير الثامنة يسيل حبر غزير في الدفاع عنها والتشنيع بها، كاشفاً مدى تهافت التفكير السياسي السائد وتفاهته وانفعاله”.
واضاف: “يعتقد المدافعون عن فبراير أن خير دفاع عن الثورة يكمن في إسباغ صفتي الرأفة والسلمية عليها والقول إنها هيأت مصيراً لائقاً لعلي صالح فأبى إلا الانتقام منها بالحوثيين الذين لم تهيئ لهم الثورة غير مساحة لخيمة في إحدى ساحاتها، وفق مرافعة المدافعين عنها، وفي المقابل يعتقد الناقمون على الثورة وغالبيتهم مؤتمريون يغلب عليهم الغباء والحس التعييري كالعادة أن الوصمة البالغة التي يمكن دمغ الثورة بها تتكثف في القول إن ساحاتها آوت الحوثيين ودمجتهم في صفوف الملايين الثائرة”.
اللمصدر: المسند