قبل أقل من شهرين على موعد انطلاق معركة الانتخابات داخل “إسرائيل”، بدأ حبل الضغوطات والإبتزازات السياسية يشتد كثيرًا حول عنق رئيس الحكومة الحالية بينيامين نتنياهو، في مشهد متصاعد ومتشابك غير مسبوق قد تتسبب نهايته المظلمة في قلب الأوضاع داخل دولة الاحتلال وتغيير مساراتها بأكملها.
الضغوط العسكرية وكذلك السياسية وحتى الفضائح التي تلاحق نتنياهو من كل مكان وتقربه من دخول السجن والمحاكمة، كلها باتت تؤرق رئيس الحكومة الذي تخلى عنه الجميع في معركة الانتخابات حامية الوطيس وتركه الجميع هو وحزبه الذي يترأسه “الليكود” يواجهون الرياح الشديدة وحدهم.
ما يشغل بال الإسرائيليين الآن ليس من سيفوز في الانتخابات المقبلة المقررة بشهر أبريل، ولكن ما بدأ يطغى على الإعلام العبري وحديث المحليين والمسئولين الإسرائيليين بكثرة خلال الأيام الأخيرة، حول مدى صمود نتنياهو وقوفه أمام تلك الضغوطات الكبيرة التي يتعرض لها.
نتنياهو يستغل سلطته
مسئولين إسرائيليين وعلى رأسهم وزيرة الخارجية السابقة تسيفي ليفني، ووزير الجيش السابق ورئيس حزب “يسرائيل بيتينو”أفيغدور ليبرمان، بدأ يلعبان صراحةً على هذا الوتر الحساس، إذ توقعوا أن لا يكمل نتنياهو معركة الانتخابات ويعلن الاستقالة من الحكومة مقابل أن لا يتم محاكمته، ليفتح بذلك باب جدل طويل وواسع داخل دولة الاحتلال.
يواجه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي تهمة بتلقّي رِشى، وقضايا فساد، وفق ما أفادت المدعية القضائية في دولة الاحتلال الإسرائيلي، ليئات بن آري.
وقال ليبرمان، أنه في حال تقرر توجيه لائحة اتهام ضد نتنياهو، فإنه سيحاول التوصل إلى صفقة ادعاء مع النيابة وبموجبها يتنحى عن العمل السياسي مقابل عدم محاكمته.
وأضاف ليبرمان “حزب الليكود سيفوز في الانتخابات (في 9 نيسان/أبريل المقبل)، لكن على الأرجح أنه إذا تقرر تقديم لائحة اتهام ضد بنيامين نتنياهو قبل الانتخابات، فإن احتمال أن يشكل حكومة جديد يراوح الصفر. ولذلك فإنني لا أستبعد إمكانية أن يتوصل نتنياهو إلى صفقة ادعاء قبل الانتخابات”.
كما اتهمت زعيم المعارضة الإسرائيلية السابقة ورئيسة حزب “هتنوعا” تسيبي ليفني باغتنام كرسي السلطة لكي لا يذهب إلى السجن، وقالت خلال حدث ثقافي في نتانيا: “نتنياهو سيبقى محافظاً على السلطة، لاعتقاده أن مغادرته لكرسي رئاسة الحكومة سيكون إلى السجن”، مشيرةً إلى أن بقاء نتنياهو في السلطة سيعطيه أماناً، ومع ذلك لا يمكن أن يكون أحد شريكاً له.
ويواجه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي تهمة بتلقّي رِشى، وقضايا فساد، وفق ما أفادت المدعية القضائية في دولة الاحتلال الإسرائيلي، ليئات بن آري.
وأوصت الشرطة الإسرائيلية العام الماضي، بتقديم لوائح اتهام بشُبه “الارتشاء والاحتيال وإساءة الأمانة”، في 3 ملفات حققت فيها مع نتنياهو عدة مرات، تتعلق بالحصول على هدايا ثمينة من رجال أعمال مقابل تقديم تسهيلات لهم
وكان النائب العام الإسرائيلي قد أيّد يوم 5 يناير الجاري، تقديم لائحة اتهام ضد رئيس حكومة الاحتلال، بتهمة الرشوة وأيد سجنه، فيما لا تزال التحقيقات مستمرة معه.
وفي ( 26 ديسمبر) صادق الكنيست على مشروع قانون حول حل نفسه وإجراء انتخابات مبكرة يوم 9 أبريل المقبل بالقراءة النهائية، وخلال التصويت أيد 102 من النواب حل الكنيست، مقابل صوتين عارضا مشروع القانون، أحدهما نائب عن حزب الليكود، وبذلك تكون الحملة الانتخابية قد انطلقت رسمياً في “إسرائيل”.
يؤكد خبراء في الشأن الإسرائيلي، أن نتنياهو في موقف محرج للغاية وقد دخل نفق مظلم ستكون نهايته السجن.
وترجح استطلاعات الرأي فوز القوى اليمينية في الانتخابات وإعادة انتخاب نتنياهو رئيساً للوزراء للمرة الرابعة على التوالي بنسب منخفضة للغاية، وفي المقابل تحطم حزب العمل (أبرز منافسي نتنياهو) بشكل غير مسبوق منذ تشكيله.
وعلى ضوء تلك التطورات الحاصلة داخل دولة الاحتلال بملف الانتخابات، يؤكد خبراء في الشأن الإسرائيلي، أن نتنياهو في موقف محرج للغاية وقد دخل نفق مظلم ستكون نهايته السجن.
طريق نتنياهو نحو السجن
ويقول محمد مصلح، الخبير في الشأن الإسرائيلي، إن : “الضغوطات والإبتزازات والفضائح التي تلاحق نتنياهو من كل مكان ستكون بمثابة الضربة القوية والموجعة التي ستسقطه عن كرسي الحكم، خاصة بعد أن اشتد عود المعارضة ضده”.
وذكر في تصريحات خاصة لـ”نون بوست”، أن الخيارات المتاحة أمام نتنياهو قليلة جدًا ومن بينها أن يعلن الاستقالة قبل الانتخابات ويفجر المفاجئة الكبيرة وغير المسبوقة، لكن ذلك لن يتم إلا في إطار حصوله على وعود من قبل القضاء الإسرائيلي بعدم محاكمته ودخوله السجن.
ويشير مصلح إلى أن إعلان نتنياهو الاستقالة مقابل عدم محاكمته ستكون المفاجئة الكبيرة، وقد تتسبب في قلب كافة الأوضاع داخل دولة الاحتلال وتعيد بعثرة كافة الأوراق الحزبية، وستكون نكسة لها نتائج خطيرة وكبيرة ستستمر لسنوات طويلة.
في حين رأى المحلل في الشأن الإسرائيلي، ياسر سمارة، أن نهاية نتنياهو قد اقتربت كثيرًا، وكافة المواقف والمؤشرات التي تخرج من “إسرائيل” تؤكد أن موعد نزوله عن كرسي الرئاسة قد اقترب أكثر من أي وقت مضى.
قب الإعلان عن الانتخابات المبكرة، قال نتنياهو إنه يأمل أن يكون الائتلاف الحالي لحكومته هو النواة للتحالف المقبل، ملوحاً إلى إمكانية سيطرة حزب الليكود الذي يتزعمه على الائتلاف المقبل
وفي تصريحات خاصة لـ”نون بوست”، يوضح سمارة أن قضية الفضائح تشتد يومًا بعد يوم وحل نتنياهو الوحيد في حل رفض دخول السجن والمحاكمة، هو التنازل عن كرسي الرئاسة والتوصل لاتفاق مع الجهات القضائية داخل دولة الاحتلال.
ولفت أن كل حديث نتنياهو عن الانتخابات ومشروعه السياسية وقرب فوزه وتجهيزه لحكومة جديدة قوية، مجرد حديث إعلامي يخالف تمامًا الواقع الذي يعيشه هو وحزبه المترنح، مؤكدًا أن الأيام المقبلة ستكون حبلى بالمفاجئات الكبيرة التي ستقلب دولة الاحتلال بأكملها.
وعقب الإعلان عن الانتخابات المبكرة، قال نتنياهو إنه يأمل أن يكون الائتلاف الحالي لحكومته هو النواة للتحالف المقبل، ملوحاً إلى إمكانية سيطرة حزب الليكود الذي يتزعمه على الائتلاف المقبل، الذي حصل على 30 مقعداً في انتخابات الكنيست عام 2015.
وينص القانون الإسرائيلي على إجراء الانتخابات البرلمانية كل 4 سنوات في شهر نوفمبر، لتشكيل حكومة جديدة مدتها 4 سنوات تشكل عبر أكبر الأحزاب حصولاً على مقاعد بالكنيست، بعد فرز أصوات الناخبين. ويبلغ عدد مقاعد الكنيست 120 مقعداً، ويستلزم حصول الحزب المكلف بتشكيل الحكومة على 61 مقعداً، وفي حال عدم حدوث ذلك يكلف الحزب الأعلى من حيث المقاعد بتشكيل حكومة ائتلافية من كل الأحزاب.
وجاء قرار حل الكنيست الإسرائيلي عقب فشل التوصل إلى صيغة لإقرار قانون التجنيد الذي يلزم اليهود المتطرفين في دولة الاحتلال “الحريديم” بتأدية الخدمة العسكرية الإلزامية، فيما تعارض ذلك الأحزاب الدينية، مثل يهوديت هتوراة وشاس والبيت اليهودي.