تعاني المدارس في العالم العربي من ضعف كبير في الوسائل التعليمية، وكذلك الطرق التدريسية المملة، فقد اعتمدت معظم المدارس على طريقة التلقين، غيّبت الكثير من الطرق، كطريقة التعلم من الأقران، وطريقة حل المشاكل، والتعليم بشكل مجموعات، مما أصاب مدارسنا بضعف في تنمية عقلية الطلبة وإنضاجها وتطويرها ، مما ألقى هذه الإهمال بعاتقه على شخصية المتعلم، فقد أصبح المتعلم في كثير من الأحيان لا يملك سوى الشهادة الورقية ، يعبر مراحل متعددة وهو لم يتقدم على مستوى القناعات والمهارات .
نظرة عامة عن التعلم من الأقران :
التعلم من الأقران هو استخدام الأقران في الأنشطة المنظمة لإتاحة المزيد من الفرص أمام التلاميذ لممارسة ما قد تعلموه في المحتوى الدراسي، ويختلف عن التعليم التعاوني في أنه يتطلب أن يقوم المعلم بتعليم التلاميذ كيف يمكنهم أن يقوموا بأداء الأنشطة المطلوبة ،ويتطلب أن يسلك التلاميذ على أنهم متدربين ومدربين .
تفتقر مدارسنا التربوية والتعليمية من طرق التدريس الحديثة، وكذلك تشكو قلة تنويع في الطرق التعليمية
فيما تعتبر من طرق التدريس التي يتم بواسطتها تدريس التلميذ بواسطة زملائه في الصف الدراسي أو المدرسة.
وقد وجد أنه يسهم بشكل فعال في تنمية مهارات الطالب في معظم الجوانب الأكاديمية خاصة إذا تم توجيه الطالب الذى يقوم بعملية التدريس إلى كيفية التعامل مع الطالب المتعلم .
ويذهب بعض الباحثين : ” أنها قيام أفراد التلاميذ بتعليم بعضهم بعضاً ، وقد يكون القرينُ المعلم من نفس العمر ، أو الفصل للتلميذ ، أو يعلوه عمراً أو مستوى مدرسياً “
فيما يرى آخرون : ” قدرة الطالب على تعديل أو تغيير المهارات لدى قرينه ”
ما سبب غياب هذه الطريقة في مدارسنا ؟
تفتقر مدارسنا التربوية والتعليمية من طرق التدريس الحديثة ، وكذلك تشكو من قلة تنويع في الطرق التعليمية، فمعظم المعلمين يعتمدون على طريقة واحدة ، وهي طريقةُ الإلقاء، يلقي الأستاذ ويستمع الطالب، مما جعل كثير من الطلبة يشردون عن الفصل الدراسي، فهو متواجد جسداً داخل وعقله يفكر خارج الدرس .
يعزو كثيرٌ من التربويين أن غياب هذه الطريقة هو عدم معرفة الكوادر التربوية بها أو بتفاصيلها وكيفية تفعيلها في القاعة الدراسية .
اسعد القاسم التربوي في مدارس نينوى العراقية الأهلية في اسطنبول ، في تصريح خاص لنون بوست جاء فيه : ” أن غياب هذه الطريقة هو نتيجة عدم التركيز على فكرة التعاون بين الطلبة ، وسيكون الاهتمام بشكل مفرط في الطالب المتفوق ، مما يولّدُ الغيرة لدى الأقران، وكذلك جهل الكوادر التربوية بهذه الطريقة، وعدم درايتهم بها ، واعتماد كثير من المدرسين على طريقة واحدة، لسهولة التعلم مع طريقة الإلقاء حصراً “.
وأفاد تمام دخان استاذ الفيزياء في إحدى المدارس السورية في تركيا : ” انعدام تأهيل المعلم ليكون موجهاً لتلاميذه طريقة التعلم، مع كثافة المنهاج الدراسي، وتعداد الأهداف في الدرس الواحد الأمر الذي يجعل الوقت ضيقاً، لإعطاء فرصة للطالب أن يقوم بدور المعلم “.
فيما يغيب التوجيه من وازرة التربية في مطالبة الاساتذة بتطبيق طرق متعددة في التعليم ، وانعدام المراقبة الحقيقية من قبل المشرفين التربويين ، الذين انحصر دورهم على زيارة المدرسة بشكل تقليد
يضيف دخان : ” أن فصل المراحل التعليمية في أوقات دوام مختلفة ، مما يحول دون أن يقوم أحد طلاب الثانوية بتعليم طلاب الأبتدائية ، بالإضافة لوجود ظاهرة السخرية التي طغت على الجيل الحالي “.
وأوضح دخان : ” أن غياب خطط التعليم من بداية العام الدراسي ، وهذه مهمة الإدارة ، بتوزيع الأدوار وإعداد البرامج والخطط المسبقة ، فضلاً عن غياب التحفيز المادي والمعنوي الذي يتبع طرق متعددة في التعليم “.
وفي نفس السياق يقول دخان : ” الحصص الكثيرة للمعلم التي تكون عبئاً في التحضير وتأهيل الطلاب ليقوموا بهذه الطريقة “.
فيما يغيب التوجيه من وازرة التربية في مطالبة الاساتذة بتطبيق طرق متعددة في التعليم ، وانعدام المراقبة الحقيقية من قبل المشرفين التربويين ، الذين انحصر دورهم على زيارة المدرسة بشكل تقليد ، وفي كثير من الأحيان يكون المدرس على علم مسبق بزيارة المشرف ، مما يكون مستعداً لها .
كيف نطبق هذه الطريقة بصورة فعالة ؟
من أبرز إيجابيات هذه الطريقة أنها تتيح للطالب بأخذ دور الاستاذ ، بالإضافة ان بعض الطلبة يشعر بالراحة حينما يقوم بإيصال المعلومة قرينٌ له ، فيكونوا في حالة تقارب وكذلك تنعدم الحساسية من طلب إعادة الفكرة أكثر من مرة ، على العكس تماماً مما يوجد داخل الحجرات الدراسية ، فينزعج كثيرٌ من الاساتذة بإعادة الفكرة لمراتٍ متعددة .
ولكي نصل الى تطبيق حقيقي لهذه الطريقة التعليمية المهمة ، يتوجب على مديريات التربية توجيه كوادرها لتطبيق طرق متعددة ، ولا سيّما تلك الطرق التي تدفع الطلبة للتفاعل في الحجرات الدراسية ، لنستطيع بعدها إزالة هذا البرود الحاصل في القاعة الدراسية ، وتحويل الدرس من مجرد معلومات تلقينية يلقيها الاستاذ إلى صف حي يتفاعل فيه المعلم والمتعلم في غرس القناعات والمعلومات بشكل مؤثر .
المحور الأهم في العملية بشكل عام ، هو قناعة الاستاذ بهذه الطريقة ومحاولة تطبيقها ، ولو كان خارج أسوار المدرسة
وللوصول الى طريقة فعالة في تطبيق التعلم من الأقران ، فأهم شيء هو تدريب الطلاب على العطاء والحرص على تعليم زملائهم الذين يحتاجون لإعادة الدرس لمرات متعددة ، وكذلك التركيز على أن يكون الهدفُ منها التعاون ، بالإضافة لوضع خطة لتدريب الطالب الذي سيقوم بدور المعلم ، مع الاهتمام بتكليف المتدرب نفسه أن يقوم بصناعة الوسيلة التعليمية .
المحور الأهم في العملية بشكل عام ، هو قناعة الاستاذ بهذه الطريقة ومحاولة تطبيقها، ولو كان خارج أسوار المدرسة، وبإمكانه كذلك تكليف الطلبة أصحاب القدرات العقلية بتدريس مجموعة من زملائهم ، مقابل إعفائهم من بعض الواجبات ، لكي يتحول واجبهم من النظري الى العملي ، ونكون قد كسبنا تعليم الطلبة الضعفاء ، وفي نفس الوقت تقوية قدرات الطلبة الاذكياء .
وبعد هذه الجولة السريعة مع طريقة تعليمية مهمة ، ينبغي على وزارات التربية في العالم العربي بتطوير كوادرها وتنميتهم باستخدام هذه الطريقة والطرق الأخرى ، وتحويلها من مجرد مشاريع نظرية الى عملية يكون عليها متابعة بشكل دوري من قبل المشرفين ومديريات التربية ، ووضع الخطط والمناهج الملائمة لتطبيقها .