ما الذي يجعل إلهان عمر محقة فيما قالته بشأن أيباك؟

aipac_conference_ap_img1

ترجمة وتحرير: نون بوست

خلال عطلة نهاية الأسبوع، قال زعيم الأقلية في مجلس النواب، كيفين مكارثي، إنه سيسعى إلى فرض عقوبات رسمية على عضوتين مسلمتين في الكونغرس ألا وهما إلهان عمر ورشيدة طليب، لأن الانتقادات التي وجّهتاها للاحتلال الإسرائيلي في فلسطين كانت مقيتة أكثر من تصريحات عضو الكونغرس، ستيف كينج، الذي دافع عن تفوق العرق الأبيض. لكن، ما الذي حفز مكارثي لتوجيه اتهامات كاذبة ضد إلهان والقول إنها معادية للسامية؟ الجدير بالذكر أن إلهان عمر كتبت على حسابها على تويتر: “كل شيء يتعلق بالمال”. وأشارت لاحقا إلى أنها كانت تتحدث عن الأموال التي تدفعها لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية المعروفة باسم أيباك، وهي منظمة ضغط قوية مؤيدة لـ”إسرائيل”، للسياسيين الأمريكيين.

بحلول صباح يوم الاثنين، طلبت أيباك من حلفائها إدانة تصريحات إلهان عمر، واعتبارها معادية للسامية لأنها قالت إن اليهود الأثرياء يسيطرون على العالم. وقد نشرت القيادة الديمقراطية بيانا يُدين إلهان، لتجرّئها على الإشارة إلى أن الناس يميلون إلى تصديق أشياء غير صحيحة. بصفتي يهوديًا ومواطنًا إسرائيليًا، وعضوا محترفا في جماعات ضغط أو بالأحرى ناشطا، أعترف بأن أيباك تعتمد بشكل كبير على المال. إن الدولارات هي التي تحركها، وأقول هذا من منطلق تجربتي الشخصية.

لا زلت أذكر ما قاله متطوع ديمقراطي محلي من أيباك وهو يجلس في غرفة جلوس فيكتوريا، عندما أوضح أنه يرغب في جمع 5 آلاف دولار لحملتنا، كما قال إنه يود أن يرى فيكتوريا تتخذ موقفًا علنيًا بشأن قضيتين تتعلقان بالإيرانيين؛ العقوبات ومبيعات الأسلحة ل”إسرائيل”

خلال سنة 2006، وفور تخرجي من الجامعة، حصلت على وظيفة في الكونجرس لأكون بذلك أول شخص يفوز في سباق الكونجرس الديمقراطي طويل المدى في ولاية أوهايو. كانت مديرتي، فيكتوريا ولسين، وهي طبيبة جميلة لديها موقف معارض فيما يتعلق بالشؤون الدولية. لقد كانت تشك في القوة العسكرية وتعارض الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. بعد حوالي شهر من فوزنا في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية، كنا نكافح لجذب الانتباه أو الحصول على الدعم المالي، لكن أحدا لم يقدم لنا الدعم، وبالتالي، لم تكن لدينا فرصة للفوز. مع ذلك، تواصلت إحدى منظمات العمل السياسي معنا، لكنها لم تكن “قائمة إميلي”، على الرغم من أن فيكتوريا كانت مؤيدة لحق المرأة في القيام بما تشاء بجسدها، كما لم تكن أيضا اتحاد عمال أو حتى رابطة أطباء، بل كانت أيباك.

لا زلت أذكر ما قاله متطوع ديمقراطي محلي من أيباك وهو يجلس في غرفة جلوس فيكتوريا، عندما أوضح أنه يرغب في جمع 5 آلاف دولار لحملتنا، كما قال إنه يود أن يرى فيكتوريا تتخذ موقفًا علنيًا بشأن قضيتين تتعلقان بالإيرانيين؛ العقوبات ومبيعات الأسلحة لـ”إسرائيل”، وبعض المواضيع الأخرى التي يهتم بها عدد قليل جدا من الناخبين في المنطقة.

لقد كنت أنا وفيكتوريا مؤيدين للسلام ولكن ليس لـ”إسرائيل”. لقد كنا غير راضين عن ذلك، وكان الأمر أشبه بمقايضة. كنا يائسين للغاية لذلك قرأت الأوراق التي تركها لنا هذا المتطوع، والتي تتحدث عن موقف أيباك، وكتبت بيانًا قلت فيه إن فيكتوريا تدعم موقف أيباك بشأن القضيتين وأنها وافقت على التحدث عنهما، ومن ثم قمت بنشره على الإنترنت. وعلى الفور، وصلت الشيكات عبر البريد. وفي نهاية المطاف، لم نربح، لكن المال ساعدنا في الاقتراب أكثر من الفوز.

أخجل من قول إن جميع هذه الخطوات كانت من أجل المال. لم نكن قادرين على فعل ذلك بطريقة أخرى. وبالتأكيد، يتجاوز نفوذ أيباك المال نظرا لأن قوتها تتمثل في تنظيمها الرائع، حيث قاموا ببناء فرع محلي وأرسلوا مبعوثا محليا تطوعيا من الديمقراطيين، الذي قام بتسهيل المساهمات بعد ذلك. كما اهتمت المنظمة بالحملة الانتخابية لفيكتوريا أكثر من أي شخص آخر. وتعتبر جماعات الضغط في الكابيتول هيل الأفضل من الناحية العملية، حيث يقع تنسيق عمليات سفر مسؤوليهم إلى الأراضي المقدسة بطريقة بارعة. لكن المال يعد أمرا أساسيا للنظام بأكمله.

تعتبر أيباك وشركاؤها، بما فيهم الصهاينة المسيحيين والمقاولون العسكريون، بمثابة ركيزة أساسية للاحتلال الإسرائيلي

من الناحية التقنية، لا تقدم أيباك مساهمات سياسية. بدلا من ذلك، وكما يشير بفخر على موقعه على الإنترنت، يقوم أعضاء تابعين “لنادي الكونغرس”، بجمع الأموال والتبرع بها بشكل مباشر، سواء كأفراد أو من خلال لجان العمل السياسي التي أنشأتها كل من أيباك وأعضاؤها. لقد كانت عمر على حق عندما تطرقت إلى هذا الموضوع. كما لا تقتصر هذه الديناميات على القضية الإسرائيلية-الفلسطينية فقط. ولا يوجد أي سبب يجعل الأمريكيين يتضايقون ويتفاجؤون مما قلته أنا وعمر.

في الحقيقة، يعمل كل من الاتحاد القومي الأمريكي للأسلحة وجماعة المدافعين عن حق المواطن الأمريكي في اقتناء الأسلحة النارية، بالطريقة نفسها، وهي ذاتها المعتمدة من قبل شركة “إكسون موبيل” و”لوبي الوقود الأحفوري”. لكن، بما أن كل من عمر وطليب أصبحتا من أهم الناطقات باسم الحركة التي تهدف لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، فإن نزع الشرعية منهما يعد بمثابة هدف رئيسي للوبي الإسرائيلي.

تعتبر أيباك وشركاؤها، بما فيهم الصهاينة المسيحيين والمقاولون العسكريون، بمثابة ركيزة أساسية للاحتلال الإسرائيلي. ودون دعم الكونغرس، سيُقوّض مشروع حزب الليكود المناهض لفلسطين والمؤيد للاحتلال بشكل جذري. ولا يمكن الاستغناء عن المال الذي تنفقه أيباك وبقية اللوبي لإنجاح هذا العمل، وهو السبب الذي يدفعهم للاستمرار في الإنفاق، مشيرين إلى أن هذا المشروع غير معادي للسامية.

نحن نشهد تزايدا في معاداة السامية في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن عمر وطليب لا تدعمان هذا المبدأ، حيث لطالما كانتا حليفتان لي ولليهود الذين يناضلون من أجل السلام والمساواة العرقية ودحر الفاشية. ويشمل المعادون للسامية النازيين والسياسيين البيض الذين شاركوا وقُتلوا في احتجاجات شارلوتسفيل، والذين وصفهم دونالد ترامب “بالأشخاص الجيدين للغاية”، ومؤيد حملة “اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” الذي قتل المصلين في حادثة إطلاق نار كنيس بيتسبورغ.

المجموعات اليهودية الشبابية المتواجدة في الولايات المتحدة تتفق مع رأيي ورأي النائبة عمر، وهو الأمر الذي يثير إزعاج اللوبي الإسرائيلي

لقد استعرض اللوبي الإسرائيلي قوته كرد على تغريدة عمر. وقد عبر جميع أعضاء الكونغرس، بما في ذلك القادة الديمقراطيون الذين كنت أدعمهم، عن استيائهم كذلك. ووقع استعراض هذه القوة خلال الشهر الماضي من خلال وضع قانون غير دستوري في مجلس الشيوخ يحظر الخطابات التي تروج لحملات المقاطعة لـ”إسرائيل”. طوال 12 سنة، كنت أخفي شعورا بالعار لإسداء النصح لفيكتوريا بتأييد الأوراق الموقفية لأيباك والمزيد من الخزي لعدم بذل جهد كاف لوقف اضطهاد الشعب الفلسطيني.

لقد قررت التحدث الآن لأنها قد تكون فرصتي الأخيرة. وعلى الرغم من أنني في الخامسة والثلاثين من عمري، إلا أنني أواجه الموت. وفي الوقت الذي أكتب فيه هذا المقال، أجلس مع زوجتي في قاعة الانتظار الخاصة بغرفة الطوارئ في مستشفى سانتا باربرا، وأنزف ببطء من معدتي. أما أنبوب التغذية الذي وضع لي قبل أربعة أيام فهو عاجز عن شفائي بشكل صحيح.

علاوة على ذلك، أفقد القدرة على البلع، لأنني أعاني من مرض تصلب جانبي ضموري، وهو مرض عصبي لا يفهمه أحد، ولا علاج له، وقد استفحل في جسدي منذ 28 شهرا، وأصابني بشلل منذ ذلك الحين. إن يدي لا تتحرك ولا يكاد أحد يفهم تمتمتي، لذلك أستخدم تقنية مذهلة تقوم بتعقب تحركات عيني والسماح لي بكتابة هذه الكلمات ببطء باستخدام إشارات بؤبؤ عيني. في الحقيقة، هذه هي فرصتي للتكفير عن ذنب مناصرتي لليهودية، والإعراب بحرية عن رفضي للاضطهاد الذي يُرتكب تحت اسمي، ولا أنوي السماح لعقبة صغيرة مثل مرض “تصلب جانبي ضموري” من منعي.

إن المجموعات اليهودية الشبابية المتواجدة في الولايات المتحدة تتفق مع رأيي ورأي النائبة عمر، وهو الأمر الذي يثير إزعاج اللوبي الإسرائيلي، خاصة وأنهم يُسوّقون لأفكارٍ مفادها أن الاحتلال غير أخلاقي وغير شرعي وغير إنساني. ودفع هذا السبب كل من أيباك وزملائها الآخرين إلى إسكات الأصوات الناقدة لـ”إسرائيل” من خلال اتهامهم بمعاداة السامية والادعاء أنه لا أحد يمكنه التحدث عن استخدام اللوبي الإسرائيلي للمال لتعزيز قوته وسلطته.

لا أتوقع أنني سأظل على قيد الحياة إلى أن يتحرر الشعب الفلسطيني. لكنني لا زلت على أمل أن يشهد ابني الصغير على ذلك

أما الحقيقة القبيحة فتتمثل في أن اللوبي الإسرائيلي، على غرار جماعات الضغط القوية الأخرى التي يقودها اليهود على حد سواء، تقوم باستخدام أموالها بشكل استراتيجي وفعال. ولا ينبغي الاستياء من الأشخاص الذين يتطرقون إلى هذا الموضوع، ومعظمهم من المسلمين والشعوب الملونة، بل من معاناة الشعب الفلسطيني واعتماد الحزب الجمهوري على فكرة معاداة السامية.

لا أتوقع أنني سأظل على قيد الحياة إلى أن يتحرر الشعب الفلسطيني. لكنني لا زلت على أمل أن يشهد ابني الصغير على ذلك. وإذا تمكن من عيش هذه اللحظات، سيكون ذلك لأن اليهود الأمريكيين الشباب يقومون بالتأمل الذاتي الصادق الذي دُرّس لهم من قبل أسلافنا، والفخر بتقاليدنا المرتبطة بالعدالة والانضمام إلى النضال مع زملائي من الساميين أمثال عمر.

المصدر: ذا نايشن