هل تتفق المعارضة الموريتانية على مرشح لمنافسة نظام العسكر؟

b6ba419e-00e5-427f-9a97-d4cc4dbd0324_cx2_cy1_cw98_w1023_r1_s

كثّفت أحزاب المعارضة الموريتانية، مشاوراتها وجهودها لتقديم مرشّح توافقي، ينافس مرشّح السلطة في الانتخابات الرئاسية المبرمجة منتصف العام الحالي، مشاورات حثيثة ينتظر أن تفرز مرشحا يحظى بثقة أغلب أطياف المعارضة، وله أن ينافس بقوة على منصب الرئاسة رغم صعوبة المسألة، فنظام العسكر لن يتخلى عن هذا المنصب الأبرز في البلاد لمدني بسهولة.

المسار الأخير للإعلان

قادة أحزاب التحالف الانتخابي المعارض، أجمعوا في ختام مشاوراتهم على مسألة التقدم بمرشح موحد للانتخابات الرئاسية المقررة منتصف 2019، وفق قول رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية “تواصل” الإسلامي محمد محمود ولد السييدى، الذي قال أيضا، إنهم يبحثون الآن المسار الأخير المتعلق بإعلان مرشحهم والتمهيد لخوض الانتخابات ومنافسة مرشح السلطة.

وأكد ولد السييدى، خلال مقابلة مع قناة “المرابطون” الفضائية الخاصة، أن قادة المعارضة الذين سبق أن أعلنوا نيتهم المشاركة في الانتخابات الرئاسية، سلكوا خلال عملية اختيار مرشح موحد، طريقًا محكمًا وواضحًا، كما ناقشوا أهم الطرق التي ستفيد الطيف المعارض في حالة حدوث شوط ثانٍ في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وتسعى المعارضة الموريتانية للتقدم بمرشح موحد للانتخابات الرئاسية منتصف 2019، يكون قادر على جمع كلمة جميع أطياف المعارضة، وذلك لمواجهة مرشح السلطة الذي تشير المعطيات المتوفرة إلى أنه وزير الدفاع الحالي محمد ولد الغزواني، الذي يعتبر الصديق والمقرب للرئيس المغادر للسلطة محمد ولد عبد العزيز.

من المنتظر أن تبدأ اللجنة المكلفة باختيار مرشح المعارضة، في استقبال الترشحات من خارج أحزاب المعارضة ومن داخلها

من بين المواصفات والمعايير التي يجب أن تتوفر في هذا المرشح الموحد، “أن يكون جامعاً لأكبر عدد من الموريتانيين الراغبين في التغيير، ومستوعبا لطموحات ومطالب كل فئات وأعراق المجتمع، وأن يكون قادرا على المنافسة، مقنعا وملتزما ببناء دولة المؤسسات والقانون والمواطنة، ويجسد برنامج التغيير الذي حملته المعارضة الديمقراطية منذ عقود”.

إلى جانب تقديم مرشح موحد عن المعارضة، تعكف لجنة خاصة من هذه الأحزاب على وضع اللمسات الأخيرة على البرنامج الانتخابي، الذي سيدخل به هذا المرشح الموحد الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويتضمن هذا البرنامج الخطوط العريضة لرؤية المعارضة لتسيير الحكم في حال نجاحها في الانتخابات الرئاسية.

مهمة صعب لتعدّد العقبات

عدم الإعلان عن اسم المرشّح الموحد، الذي سيواجه في انتخابات يونيو القادم، الجنرال محمد ولد الغزواني، المرشح الذي اختاره الرئيس محمد ولد عبد العزيز ليكرس بعده إدامة نظامه السياسي واستمرارية حكم العسكر، إلى الآن يؤكّد صعوبة مهمة المعارضة في الوصول إلى اسم جامع.

وتواجه المعارضة الموريتانية العديد من المشاكل، تمنع توافقها على مرشح موحد، أبرزها تعدد المشارب والاختلافات الإيديولوجية، وما يجمعها في الغالب هو معارضتها للنظام، الذي قرر الدفع بوزير الدفاع الحالي محمد ولد الغزواني كمرشح رئاسي، وبدأ تحركاته في وقت لا تزال مواقف المعارضة متباينة حول المرشح الذي ستنافسه به.

 

من المنتظر أن تبدأ اللجنة المكلفة باختيار مرشح المعارضة، في استقبال الترشحات من خارج أحزاب المعارضة ومن داخلها، إذ سيقدم كل قطب سياسي في المعارضة، مرشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، وستتولى اللجنة مهمة التواصل مع هؤلاء المرشحين وعرض البرنامج الانتخابي، والشروط التي طرحتها المعارضة مقابل الدعم.

ومن بين الأسماء التي طرحت، نجد كل من محمد ولد مولود (رئيس حزب اتحاد قوى التقدم)، ومحفوظ ولد بتاح (رئيس حزب اللقاء الديمقراطي)، وبيرام ولد الداه ولد اعبيدي (رئيس حركة “إيرا” الحقوقية، وهو مرشح حزب الصواب ذي الميول البعثية)، والسفير والوزير الأول الأسبق سيدي محمد ولد ببكر، وعضو مجلس الشيوخ السابق الشيخ ولد سيدي ولد حننا.

شروط المعارضة لانتخابات نزيهة

بالتوازي مع بحثها عن مرشّح موحد، وجهت مجموعة من أحزاب المعارضة في موريتانيا، قارب عددها 20 حزباً سياسياً، قبل أيام، مطالب إلى الحكومة الموريتانية للتوافق على قواعد وأسس تضمن “شفافية ونزاهة” الانتخابات الرئاسية. وأعلنت أحزاب المعارضة، في رسالة موجهة إلى الحكومة أنها ترغب في أن تكون ممثلة في “اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات”، وهي اللجنة التي تتولى الإشراف على الانتخابات، وتواجه الكثير من الانتقادات.

وقالت أحزاب المعارضة إن التحضير الجيد للانتخابات يجب أن يبدأ بـ “تهدئة الأوضاع وخلق مناخ سياسي طبيعي”، داعية إلى التخلي عن “منطق المجابهة والصدام”، والكف عن “شيطنة المعارضة وقمع الحركات السلمية، والسجن التعسفي، والتوقف عن ملاحقة المعارضين من طرف القضاء”.

تمتلك المعارضة الموريتانية، فرص كبير للفوز في حال قدّمت مرشحا واحدا، وشاركت كقوة متماسكة وسلِمت من التشرذم والتفتّت

كما شددت المعارضة على ضرورة ضمان “حياد الدولة والإدارة والجيش”، وقالت إن هذه الأجهزة يجب أن تكون “في خدمة الجميع، بدل تسخيرها لطرف سياسي معين، واحترام قانون التعارض الوظيفي، وعدم استخدام المال العام في أغراض سياسية انتخابية”، وهي أمور قالت المعارضة إنها سبق أن لاحظتها في الانتخابات التشريعية والجهوية والمحلية، التي شهدتها البلاد شهر سبتمبر/أيلول الماضي.

كما تضمنت مطالب المعارضة مراجعة اللائحة الانتخابية والملف الانتخابي “بطريقة شفافة ونزيهة”، بالإضافة إلى فتح الباب أمام تسجيل الموريتانيين في الخارج على اللائحة الانتخابية من أجل الحصول على حقهم في التصويت، وفق نص العريضة التي خلصت إلى ضرورة “تنظيم انتخابات توافقية حرة وديمقراطية، ووضع الأسس السليمة لعملية انتخابية لا غبن فيها ولا تدليس، تتم عبر التشاور والتشارك، ويطمئن لها كل الفرقاء ويعترفون بالنتائج التي ستسفر عنها”.

حظوظ كبيرة للفوز لكن

تشكّل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في شهر يونيو/ حزيران المقبل، محطة صراع قوي بين أركان النظام الحاكم، والقوى السياسية المعارضة الطامحة إلى إحداث تغيير على مستوى الرئاسة. وتسعى المعارضة إلى كسب الرهان رغم صعوبة المهمة.

ويرى الناشط السياسي الموريتاني حسين حمود، أن المعارضة في بلاده تمتلك كل الحظوظ للفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لو وظفت مقدراتها السياسية و الشعبية بشكل صحيح و مناسب و في وقته، وفق قوله.

وأرجع حسين حمود هذه الحظوظ في تصريح لنون بوست، إلى “وجود رغبة شعبية كبيرة في التغيير، فضلا عن كون الطرف المنافس أصبح ورقة محترقة شعبيا فهو لم يعد يمتلك شيء يقدّمه لشعب، سوى توظيف المال العام و إدارات الدولة  و هذا ممنوع قانونا، و الالتجاء إلى  التزوير بشكل فج لكي يضمن الفوز و هذا ما حصل في الانتخابات الماضية.”

ويؤكّد الناشط السياسي الموريتاني، أن التزوير وألاعيب النظام في رئاسيات 2019 مخاطرة كبيرة، “وسبق أن طالبت المعارضة الموريتانية بضرورة وجود مراقبين دوليين للانتخابات، وذلك لوضع حدّ أمام إمكانية التلاعب بالانتخابات.

تخشى المعارضة الموريتانية التزوير

رغم هذا التفاءل الكبير، يستدرك حسين حمود ويقول، “الواقع العملياتي إن صح التعبير للمعارضة شيء آخر تماما فهي للأسف مشرذمة بين صراعات الأقطاب، بين التكتل و المنتدى، و بين معارك الايدولوجيا الإسلاميين و اليسار.”

وأشار حمود أيضا، إلى مسألة التمويل وما تمثّله من عائق رئيسي أمام أحزاب المعارضة، لأن “الحملة المقبلة ستحتاج موارد ضخمة جدا”، وختم حمود قوله بـ “إذا استطاعت المعارضة حسم مرشحها بسرعة و تجاوز هذه العقبات في الشهور الثلاثة المتبقية فستنجح  في سباق الرئاسيات و إلا فتفشل مجددا و كل شيء سيكون مرهونا بتطورات الأيام القادمة.”

تمتلك المعارضة الموريتانية، فرص كبير للفوز في حال قدّمت مرشحا واحدا، وشاركت كقوة متماسكة وسلِمت من التشرذم والتفتّت قبيل موعد السباق الرئاسي الذي ينتظر أن يكون الأكثر سخونة وإثارة في تاريخ البلاد، فهل تفلح في ذلك وتنهي حكم نظام العسكر الذي حكم البلاد لعقود دون أن تشهد تحسن يذكر؟