البداية كانت مع تشكل جبهة النصرة وظهورها على المشهد السوري في شباط 2012 وقتها كانت الجبهة لا تمتلك القوة التي بحوزتها في الوقت الحالي وكانت تعمل بالخفاء دون ظهور يذكر , عبر الأساليب المعتمدة لديهم مثل السيارات المفخخة وتفجير المباني والخطف .
في بداية 2013 أعلنت جبهة النصرة بيعتها لتنظيم القاعدة, قبل يوم من إجتماع دول الإتحاد الأوروبي الذي كان سيناقش تسليح الجيش السوري الحر , ومع مرور الأيام حدثت إشكالات وخلافات حيث أصدر أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم القاعدة في العراق والذي يعرف بـ “دولة العراق والشام الإسلامية” أصدر بيان يعلن تبعية النصرة لتنظيمه رغم أن كلا التنظيمين يتبعان للقاعدة , حدثت إشكالات وخروقات أدت لإنشقاق عدد كبير من قيادات النصرة وإنضمامها لجماعة البغدادي مما أدى لتنامي قوة الطرف المحسوب على العراق .
وحسب وكالات وقنوات فضائية يرجح أن تنظيم دولة العراق والشام في غالبية مقاتليه وقياديه هم من الأجانب الأمر الذي يميزه عن النصرة والتي كانت أكثرية قياداتها ومقاتليها هم سوريون , تشربوا فكر القاعدة على مدى الأشهر المنصرمة , وجود هكذا كيانات ظهرت من العدم وعدم ظهور أمراءها على العامة واقتصارهم على أوامر وأشرطة يوتيوب , وإرتداء مقاتليها الأقنعة السوداء وارتكاب مقاتليها ممارسات مشابهة لحد كبير من ممارسات النظام السوري دفع الكثير من السوريين للتشكيك في تبعيتها للنظام , إذ أشارت بعض التقارير الصحفية لصحف عريقة مثل الغارديان والإكونومست أن مقاتلي دولة العراق والشام الذين يسيطرون وحدهم على حقول النفط في منطقة الجزيرة السورية ويقومون بضخه للنظام السوري باتجاه الساحل مقابل مبلغ كبير يقدر بـ 220 مليون ليرة شهريا ً يتم تسليمه عبر وساطات من الطرفين (تقارير أخرى تشير لـ 120 مليون ليرة يوميا ً) , كل هذا بالتأكيد ليس خفيا ً على الغرب والولايات المتحدة الذين يعلمون كل مايحدث في سورية عبر أقمارهم ومخابراتهم وإعلامهم , بذلك تتجلى الصورة للعيان بأن النظام السوري يمول هذه الجماعات المتطرفة بشكل أو بآخر .
ربما مايميز القاعدة في سورية عن القاعدة في العراق هو الحاضنة الشعبية , ففي العراق هم منبوذون حسب مايشير الإعلام بذلك أما وللأسف ماحدث في سورية من مجازر وقصف همجي إرتكبه النظام السوري دفع الكثير من السوريين إما للإنضمام لهم والأخذ بمنهجهم , أو التعاطف معهم واحتضانهم مما شكل لهم حاضنة شعبية تهدد مستقبل البلاد , إلا أن ممارسات هؤلاء المقاتلين في بعض الأحيان من إعتقال وتعذيب وخطف وطلب الفدية كل تلك الممارسات تشبه لحد كبير ممارسات فروع الأمن التي تتبع للنظام السوري .
بالنسبة للصدام معهم فقد حدثت عدة مشاحنات أبرزها مقتل أحد قيادات الحر في الساحل السوري وهو قائد لواء العز بن عبد السلام , والصدام الآخر كان في مدينة الرقة التي تبرز النسبة الأكبر منهم فيها إلى جانب ريف إدلب , حيث حدث عدة إشتباكات قبل عيد الفطر بأيام بين مقاتلي دولة العراق والشام وألوية أحفاد الرسول التي تتبع للجيش الحر , أدت تلك الإشتباكات التي حدثت داخل المدينة وعلى أطرافها إلى شل حركة المدينة والسبب الذي يرجحه الأهالي هو بسبب تحكم جماعة القاعدة بكل الأمور الحياتية للمدينة والإعتقالات التعسفية التي تمارسها حيث كان آخرها إعتقال الأب باولو داليليو وإختفاءه دون معرفة مكانه إلى جانب إعتقال رئيس المجلس المحلي عبد الله الخليل لعدة أيام ثم تم الإفراج عنه , في حين تشير مصادر أخرى بأن الخلاف الرئيسي كان بسبب أحد حواجز دولة العراق والشام التي أصرت على تفتيش سيارات ألوية أحفاد الرسول , كل تلك الصدامات أدت لاشتباكات وتفجير سيارات مفخخة بجانب مقارات ألوية الأحفاد وتصفية قادتهم بين معتقل وقتيل وجريح يرفضون علاجه , وانتهاء الأمر بإخارجهم من المدينة .
المرصد السوري لحقوق الإنسان والذي يسعى لتوثيق جميع الإنتهاكات بدوره صرح لقناة سكاي نيوز العربية على لسان رامي عبد الرحمن أن مقاتلي دولة العراق والشام الإسلامية في الرقة يحتجزون مايقارب 1500 شخص محسوب على الحراك الثوري في المدينة .
يبقى السؤال، عن مدى إستفادة السوريين من القاعدة في بلادهم، ضمن ثورة قامت لضمان حقوق الجميع وفق دولة ديمقراطية تسع الجميع.