انتهي مؤتمر وارسو للسلام والأمن في الشرق الأوسط بإشارة أمريكية بعصر جديد من التعاون لمواجهة التحديات الإقليمية، بعد أن كان ملعب وارسو الوطني لكرة القدم الذي اختارته بولندا لبحث قضايا المنطقة ملعبًا للدبلوماسية الإسرائيلية بامتياز، فقد استطاعت فيه بناء خططها وتحركاتها حتى أثمرت عن تسجيل أهداف كثيرة، كان أبرز هذه الأهداف اختراقها للدفاعات العربية التقليدية التي يبدو أنها انصهرت وبدأت تتلاشى وهي تدخل التطبيع العلني مع “إسرائيل” التي ربما لهذه الأسباب وصف رئيس وزرائها ما يجري بوارسو بـ”الأمر الاستثنائي” و”نقطة تحول تاريخية”.
ووسط هذه الأجواء الملبدة بالتطبيع، لا غرابة أن يخشي وزراء عرب من مواجهة الميكروفونات والكاميرات، فهم يدركون أن مهمتهم في بولندا تتجاوز غاية المؤتمر المعلنة (مواجهة النفوذ الإيراني)، وتلك غاية تبرر لكثير منهم – في اعتقادهم على الأقل – التقارب مع العدو الحقيقي، وفي اللقاءات التي تحظى بتغطية إعلامية قد لا يُقال كل شيء عن التطبيع مع “إسرائيل”، غير أن تلك المتكتَّم عليها حين تتسرب فإنها تكشف مراحل متقدمة بلغها السباق العربي المحموم نحو التطبيع مع “إسرائيل” التي تكسب حلفاء عرب يجلسون إلى جوار نتنياهو، أمَّا إيران فقد اُستبعدت وشُيطنت.
من تمنُّع معلن إلى انخراط يتجاوز التطبيع إلى التضامن والمناصرة
لم يكن الملف الفلسطيني هو الوحيد الذي نوقش على طاولة المشاركين، فقد زاحمه بنفس الأهمية ملف إيران الذي لم يختلف المجتمعون بشأنه، واتفقوا على أن طهران – التي لم تُدع إلى المؤتمر – مبعث القلق وأساس وتهديد الأمن والسلام في المنطقة، ونظامها هو “النظام الإرهابي الأول في العالم” حسب وصف نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس.
إن كان وزير خارجية الإمارات قد استرعى بتصريحاته الانتباه فإن تصريحات مسؤولين آخرين لم تكن بالضرورة أقل تفهمًا لمواقف “إسرائيل”
اجتماع وزراء خارجية السعودية والإمارات والبحرين في جلسة على هامش مؤتمر وارسو للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط، الذي نظم برعاية أمريكية، قد يبدو عاديًا، لكن المستغرب هو التفاصيل المحيطة بهذا اللقاء الذي نُظَّم بنوع من التكتم ووراء الأبواب المغلقة، وكان مغلقًا أمام وسائل الإعلام.
هذا المقطع المصَّور سُرب عبر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل سحبه، لكن الرسالة منه وصلت عبر تصريحات وزراء خارجية الدول الخليجية الثلاثة، فقد أبدى وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، في الدقيقة الـ13 من التسجيل، تفهمه للأنشطة العسكرية الإسرائيلية التي تمارسها “إسرائيل” في سوريا باعتبارها دفاعًا عن النفس كما يصفها، متجاوزًا بذلك حد التطبيع إلى التعاطف مع “إسرائيل” ومناصرتها.
وإن كان وزير خارجية الإمارات قد استرعى بتصريحاته الانتباه فإن تصريحات مسؤولين آخرين لم تكن بالضرورة أقل تفهمًا لمواقف “إسرائيل”، لا سيما عندما تأتي في مقابل إيران، إذ أقر وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة بأنه اليوم يعتبر خطر إيران تحديًا أهم من القضية الفلسطينية، وقال آل خليفة: “نشأنا على أن الخلاف الفلسطيني الإسرائيلي هو أهم مسألة يجب حلها، ولكن رأينا تحديًا أكبر في تاريخنا الحديث مصدره الجمهورية الإسلامية في إيران”.
ليس ذلك التصريح الأخير الذي جاء على لسان الوزراء الثلاث خلال المؤتمر، فوزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير كانت تصريحاته موجهة لإيران، وفي كلمته التي تم تسريبها عبر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، قال الجبير: “إيران تزعزع الوضع في لبنان، وتدعم حركة حماس والجهاد الإسلامي اللتين تضران السلطة الفلسطينية، وتمول الميليشيات في سوريا والعراق، وهي التي تنقل وتهرب السلاح إلى الجماعات الإرهابية، وتبني مصانع أسلحة في السودان، وتنشر الفوضى في إفريقيا وإندونيسيا وتايلاند”، وتابع: “ليس لهذا النظام أخلاقيات فهو يقتل الدبلوماسيين ويفجر السفارات ونحن لا نفعل مثل هذه الأشياء”.
نتنياهو وحده مَنْ يعود بنجاح دبلوماسي من وارسو دون أن يدفع مقابله شيئًا، فقد جمع مؤتمر “السلام والأمن في الشرق الأوسط” في العاصمة البولندية رئيس الوزراء الإسرائيلي بمسؤولين عرب على طاولة واحدة للمرة الأولى
كلام الجبير وزميليه الإماراتي والبحريني في شؤون مشابهة لم يكن مقررًا أن يخرج إلى العلن، بل لم يكن من المفترض أن يخرج إلى الإعلام رسميًا، فتلك الجلسة التي جرت لم يُدع إليها الإعلام، لكنها سُربت من مصدر إسرائيلي ولهدف ما، ويبدو أنه الهدف نفسه الذي عُقد من أجله مؤتمر وارسو وأوضحه الأمريكيون مرارًا في تصريحاتهم على مدى يومين.
فإيران هي العدو في الشرق الأوسط و”إسرائيل” لم تعد كذلك، ولا بأس في تقاسم مسؤولين عرب الخبز معها على مائدة العشاء، وهذا ما حدث فعلاً وشكَّل منعطفًا تاريخيًا على حد وصف وزير الخارجية الأمريكي، أما نائب وزير الخارجية الأمريكي فقالها بشكل أوضح “الاعتداءات الإيرانية قرَّبت بين العرب و”إسرائيل”، فهل حقًا خطر إيران فعلاً ما قرَّب بين “إسرائيل” وذاك الصنف من العرب؟
في حقيقة الأمر، سمع الإعلام تباهيًا إسرائيليًا بتحول تاريخي تحقق لتل أبيب عبر اجتماعات مؤتمر وارسو للشرق الأوسط، لم يكن مطلوبًا إسرائيليًا – ربما من المطبعين العرب الجدد – أكثر من ربط الصلات مع تل أبيب وإن كان سرًا، وإذ بهم الآن يبدون لا مجرد التعاطف بل مناصرة صريحة للمحتل.
عرب التطبيع في وراسو
نتنياهو وحده مَنْ يعود بنجاح دبلوماسي من وارسو دون أن يدفع مقابله شيئًا، فقد جمع مؤتمر “السلام والأمن في الشرق الأوسط” في العاصمة البولندية رئيس الوزراء الإسرائيلي بمسؤولين عرب على طاولة واحدة للمرة الأولى، وجلس نتنياهو خلال فعاليات المؤتمر إلى جانب كل من وزير الخارجية اليمني خالد اليماني، ووزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة.
جلس نتنياهو خلال فعاليات المؤتمر إلى جانب كل من وزير الخارجية اليمني خالد اليماني
وقبل أن يُحاط نتنياهو بالوزراء العرب الذين يجتمع ببعضهم لأول مرة، قد تكون صورة تاريخية بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي أهم ما تحقق بالنسبة لمنظمي المؤتمر، وتعلن عن حقبة جديدة تتقاسم فيها السعودية والإمارات ومعهما البحرين الخبز مع “إسرائيل” بحسب وصف نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس.
وعلى هامش الحدث، التقى نتنياهو في مقر إقامته في وارسو وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، وعلى حسابه في موقع تويتر، علَّق نتنياهو على صور وتسجيل مصور جمعه بابن علوي بالقول: “يسرني الالتقاء بكم مرة أخرى، القرار الشجاع الذي اتخذه السلطان قابوس بدعوتي إلى زيارة سلطنة عمان يحدث تغييرًا في العالم”.
حتى أولئك الذين لم يلتق بهم نتنياهو حصل منهم أيضًا على موقف موحَّد جعل فيه إيران أولوية قصوى بدلاً من القضية الفلسطينية، ليخرج بعد ذلك على وسائل للإعلام معلنًا أن المسؤولين العرب المشاركين في مؤتمر وارسو فضلوا التركيز على بحث “مسألة إيران” بدلاً من القضية الفلسطينية التي احتلت سابقًا مركز الصدارة، لكن الآن يؤكدون ضرورة التعامل مع مسألة إيران أولاً وبالدرجة الأولى”.
نتنياهو حصل أيضًا على وعد بتوحيد القوى ضد إيران، خاصة من الجانب السعودي، فقد أطلق الجبير الكثير من التصريحات النارية والمهمة، من بينها أن الحضور في مؤتمر وارسو – وفق ما أراد نتنياهو – أجمعوا على أن أبرز التحديات التي يواجهونها هي دور إيران المزعزع لأمن واستقرار المنطقة، وذكرت القناة العبرية الـ”13″ (العاشرة العبرية سابقًا)، على لسان الجبير أن “إيران تلعب دورًا مدمرًا في منطقة الشرق الأوسط”.
في تصريحات أخرى تؤكد الموقف السعودي المتماهي مع الرغبات الإسرائيلية، قال الجبير لقناة “الإخبارية” السعودية: “الضغوط الاقتصادية تزداد على إيران والضغوط السياسية أيضًا ستزداد، ونأمل أن تعدل إيران سياساتها وتحترم القوانين الدولية ومبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى ومبدأ حسن الجوار وتكف عن دعمها للإرهاب”.
حضرت مؤتمر #وارسو حول مستقبل السلام والأمن في الشرق الاوسط ، وأجمع الجميع بأن التحديات التي تواجهنا يتصدرها الدور الايراني في زعزعة أمن واستقرار المنطقة.
— Adel Aljubeir عادل الجبير (@AdelAljubeir) February 14, 2019
وبعد أن نشر مكتب نتنياهو مقطع الفيديو المسرَّب، كتب الجبير سلسلة تغريدات على صفحته الرسمية على “تويتر”، عن مشاركته في مؤتمر “وارسو”، لكنها لم تخل من سيرة إيران، وفي تغريدة أخرى، حاول الجبير أن يصلح ما أفسده بتصريحاته أمام وسائل الإعلام إلى جانب تصريحات حلفائه الخليجيين، وأضاف “مؤتمر وارسو تناول القضية الفلسطينية، وأوضحت المملكة موقفها الثابت من القضية الفلسطينية المبنية على مبادرة السلام العربية”.
وكما قال نتنياهو، أظهر مؤتمر وارسو وجود دول عربية “منفتحة” على إقامة علاقات رسمية مع “إسرائيل”، فقد تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو تظهر طرح أسئلة على الجبير عن احتمال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، دون رد.
في المستقبل ستقوم علاقات دبلوماسية مع اسرائيل – هذا ما صرح به وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة المشارك في مؤتمر وارسو. ردا على سؤال عن موعد حدوث اختراق في العلاقات مع اسرائيل وامكانية دعوة نتنياهو لزيارة البحرين قال: هذا سيتحقق عندما يتحقق ويتحقق في نهاية المطاف pic.twitter.com/mro9wPzzmo
— إسرائيل في الخليج (@IsraelintheGulf) February 14, 2019
ويؤكد قول نتنياهو ذلك ما نشرته “سفارة إسرائيل في الخليج” (حساب افتراضي معرَّف على تويتر تابع للخارجية الإسرائيلية وأعلنت افتتاحها مؤخرًا بشكل رسمي) على لسان وزير خارجية البحرين، إشارته إلى “علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في المستقبل”.
وحسبما نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، قال الوزير: “هذا سيحدث عندما يحين وقته”، وأضاف أنه يعتقد بأن “ذلك سيتحقق في نهاية المطاف”، وذلك في رد على سؤال فحواه: “ما موعد حدوث اختراق في العلاقات مع إسرائيل وإمكانية دعوة نتنياهو لزيارة البحرين؟”.
المؤتمر اختصر بالنسبة لـ”إسرائيل” مراحل من التطبيع العلني مع دول عربية وصفها نتنياهو بالمهمة، فتباحث مع مسؤوليها علانية وحيدوا القضية الفلسطينية وناقشوا عداوة إيران
ويأتي ذلك تأكيدًا لما نقلته وسائل إعلام مختلفه عن القناة الـ13 للتليفزيون الإسرائيلي أن وزير الخارجية البحريني عقد لقاءً سريًا مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية سابقًا تسيبي ليفني على هامش مؤتمر ميونخ للأمن في عام 2017، وأكد لها اهتمام البحرين بتطبيع العلاقات مع “إسرائيل”.
لم يكن مستغربًا إذًا أن يصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤتمر وارسو بـ”الاستثنائي”، فالمؤتمر اختصر بالنسبة لـ”إسرائيل” مراحل من التطبيع العلني مع دول عربية وصفها نتنياهو بالمهمة، فتباحث مع مسؤوليها علانية وحيدوا القضية الفلسطينية وناقشوا عداوة إيران، متطلعين لحقبة جديدة من التطبيع مع “إسرائيل” أكثر من اهتمامهم بحقوق الشعب الفلسطيني.
تاريخ من التطبيع يتكشف.. ما قبل “وارسو” ليس كما بعده
المشاركة جنبًا إلى جنب في المؤتمر ولقاءات نتنياهو لعرب على هامش الحدث وحول مائدة عشاء واحدة، وكذلك تبادل عبارات الود، كلها بدت وكأنما تهيئ المنطقة لعصر جديد، ويسميه الأمريكيون عهدًا جديدًا من التعاون في مواجهة التحديات بالشرق الأوسط، وهم الذين تحينوا اللقاء للترويج لخطة تروم تصفية القضية الفلسطينية، ويبشرون بطرحها قريبًا.
فقد كشف مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنير عن موعد عرض الخطة الأمريكية المُقترحة للسلام بين “إسرائيل” والفلسطينيين، المعروفة بـ”صفقة القرن”، وقال للمشاركين في الجلسة المغلقة لمؤتمر وارسو إن مبادرة السلام ستُعرض بعد الانتخابات الإسرائيلية، المقرر إجراؤها في الـ9 من أبريل/نيسان المقبل.
لكن يبدو السؤال ملحًّا، هل كان حديث الصفقات ليروَّج لولا مناخ عربي ملبد بالتطبيع مع من يحتل الأرض ويهِّود المقدسات؟ ليست بجديدة الاتصالات واللقاءات السرية بين مسؤولين عرب وموفدين منهم غير رسميين من الجانب الإسرائيلي، لكن كثيرًا ما كان الحرج يدفع أولئك إلى النفي، لم يعد ذلك الشعور موجودًا اليوم، ولم تعد “إسرائيل” نفسها تتكتم، لم لا تفعل؟ فقد صار التطبيع جماعيًا وفي العلن، يدير ظهره لقضية العرب المركزية، وينشد شراكة مع “إسرائيل” إن لم يكن حلفًا.
إنه نمط من السلوك اتسعت وتيرته كما يبدو إلى دول عربية لا تربطها معاهدات سلام مع تل أبيب، نذكر مثلاً ما كشفته “القناة الـ13 العبرية” عن تواصل منتظم ولقاءات وجهًا لوجه وانسجام تام بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد في أعقاب توقيع الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، عندما سمحت الإمارات لـ”إسرائيل” بفتح ممثلية دبلوماسية على أراضيها داخل مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في أبو ظبي.
القناة الإسرائيلية تذكر وقائع التطورات بين الطرفين بما أصبح ليس كشفًا إنما تتويجًا لجهود حثيثة واتصالات سرية لأعوام أفضت إلى تلك المرحلة التي ارتقت إلى أعلى المستويات، وبحسب القناة، جمع الطرفان بالدرجة الأولى الملف النووي الإيراني والعمل ضده، ويبدو الأمر وكأن مواجهة إيران باتت الذريعة التي تُساق من أطراف إقليمية من بينها الإمارات لتبرير علاقاتها المتنامية بـ”إسرائيل” سرًا وعلنًا.
وفي تفاصيل ما ذكرته القناة الإسرائيلية، هناك 3 رحلات سرية كانت منتظمة أسبوعيًا من مطار بن غوريون إلى مطار أبو ظبي، تخللت تلك المرحلة سحابة صيف بعد توتر إثر اغتيال القيادي الفلسطيني محمود المبحوح على يد الموساد في دبي عام 2010، وهو ما رممته واشنطن من خلال وساطة أعادت المياه إلى مجاريها بعد أن تعهدت تل أبيب بعدم القيام باغتيالات أخرى في الإمارات.
القناة الإسرائيلية الثانية تضيف كشفًا أكبر وربما أخطر، وتقول إن 4 من الدول العربية التي تقيم علاقات رسمية مع “إسرائيل” زارها نتنياهو سرًا العام الماضي، دون أن يكشف عنها
يُضاف ذلك إلى ما كشفته القناة الإسرائيلية نفسها عن زيارة رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي السابق للعاصمة الرياض سرًا عام 2014، حينها كسرت السعودية أحد محرماتها ودُشَّن على أرض بلاد الحرمين اللقاء الأهم في علاقات السعودية و”إسرائيل” بين تامير باردو والأمير بندر بن سلطان رئيس مجلس الأمن القومي السعودي آنذاك.
قبل ذلك بعام، شكَّل توقيع الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى دافعًا لرفع وتيرة التنسيق بين الرياض وتل أبيب، أما عام 2017 فكان التحول النوعي في التقارب الإسرائيلي السعودي برعاية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وكان هذا العامان هما الأبرز في تاريخ الاتصالات السرية بين الرياض وتل أبيب، وفقًا لما كشفه وثائقي للمحلل السياسي في القناة الثالثة عشرة الإسرائيلية براك رفيد.
والآن، فإن القناة الإسرائيلية الثانية تضيف كشفًا أكبر وربما أخطر، وتقول إن 4 من الدول العربية التي تقيم علاقات رسمية مع “إسرائيل” زارها نتنياهو سرًا العام الماضي، دون أن يكشف عنها، نتنياهو نفسه كشف ذلك في رحلة عودته من بولندا، وقال للصحفيين مزهوًا إنه يعكف على إحداث تطور كبير في العلاقات بين “إسرائيل” والدول العربية في المستقبل القريب.
إذًا علاقات خرجت من الأدراج إلى علنية المشهد بين الثلاثي الخليجي وتل أبيب، وساعدها في ذلك مؤتمر وارسو الذي سقطت خلاله الأقنعة، حتى بدا جليًا أن ما قبل انعقاد هذا المؤتمر لن يكون كما بعده بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، فالقضية الفلسطينية تتعرض لمحاولة تصفية بينما رئيس الوزراء الإسرائيلي يصول مزهوًا بخبز مشترك مع العرب.