صعدت قوات النظام والميليشيات التابعة له من قصفها على المناطق الآهلة بالمدنيين الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة المسلحة في أرياف إدلب الجنوبية والشرقية وحماة الشمالية وحلب الجنوبية، حيث شهدت هذه المناطق قصفًا عنيفًا بقذائف الدبابات والمدفعية الثقيلة، وتقع هذه المناطق ضمن المنطقة المعزولة التي أقرها اتفاق سوتشي بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للوصول إلى حل جذري للمنطقة.
وبحسب نص الاتفاق فمن المفترض عدم تعرض المنطقة للقصف من كلا الطرفين (المعارضة والنظام وميليشياته)، بالإضافة إلى سحب الأسلحة الثقيلة من خطوط التماس وقبول الجهات بالبنود، إلا أن النظام لم يلتزم بالاتفاق بينما تمسكت المعارضة ببنود الاتفاق ومن بينها سحب سلاحها الثقيل.
النظام يقصف أرياف حماة وإدلب وحلب
استهدفت مدفعية قوات النظام والميليشيات التابعة له الأحد 17 من فبراير/شباط أكثر من 19 قرية وبلدة بريف حماة الشمالي والغربي، حيث طال القصف كلًا من قرى التوينة بقذائف الهاون والشريعة بالمدفعية الثقيلة، والزكاة والأربعين والجيسات بريف حماة الشمالي، وبلدات تل الصخر واللطامنة بالصواريخ والمدفعية الثقيلة، كما قصفت قوات النظام مدينة قلعة المضيق بالريف الغربي من مدينة حماة ومحيطها وقرى الحويز وجسر بيت والراس والحمرا، بالقذائف والمدفعية الثقيلة.
وفي السياق استهدفت قوات النظام مدن وبلدات ريف إدلب الجنوبي والشرقي بقذائف المدفعية والصواريخ مما أدى لوقوع عدد من الشهداء والجرحى من المدنيين، حيث تركز القصف على مدينتي معرة النعمان وخان شيخون، مما أسفر عن سقوط 3 سيدات فضلًا عن وقوع عشرات الجرحى من بينهم أطفال.
في حماة استشهد شاب من مدينة كفر زيتا بريف المدينة الشمالي وأصيب آخرون بالقصف المدفعي الذي طال قلعة المضيق غرب حماة، كما طال قصف قوات النظام والميليشيات التابعة له بلدات اللطامنة وكفرزيتا وأطراف بلدة كفرنبودة وقرى الزكاة ولطمين والصياد وجابرية والجنابرة وتل هواش شمال مركز المدينة
وشهد يوم السبت 16 من فيراير/شباط قصفًا عنيفًا براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة طال كلًا من مدن خان شيخون ومعرة النعمان مما أسفر عن مقتل 5 مدنيين في خان شيخون و3 في معرة النعمان وإصابة أكثر من 15، فضلًا عن تدمير عدد من منازل المدنيين، كما قصفت قوات النظام بلدات الهبيط وكفرسجنة وأم جلال في ريف إدلب الشرقي، بالصواريخ والقذائف المزودة بالقنابل العنقودية مما أدى لأضرار مادية في ممتلكات المدنيين.
وفي حماة استشهد شاب من مدينة كفر زيتا بريف المدينة الشمالي وأصيب آخرون بالقصف المدفعي الذي طال قلعة المضيق غرب حماة، كما طال قصف قوات النظام والميليشيات التابعة له بلدات اللطامنة وكفرزيتا وأطراف بلدة كفرنبودة وقرى الزكاة ولطمين والصياد وجابرية والجنابرة وتل هواش شمال مركز المدينة، بينما استهدفت ميليشيا النظام قرى العريمة والكركات والحويز والشريعة وجسر بيت والراس، بقذائف الدبابات وصواريخ المدفعية.
وشهدت أرياف حماة الشمالية والغربية وأرياف إدلب الجنوبية والشرقية خلال الأيام القليلة الماضية تصعيدًا غير مسبوق في قصف قوات النظام للقرى والبلدات الآهلة بالمدنيين، حيث استشهد أكثر من 30 شخصًا منذ 13 من فبراير/شباط الحاليّ، فضلًا عن أكثر من 129 جريحًا في صفوف المدنيين، واستهدفت قوات النظام المنطقة بأكثر من 1256 قذيفة لـ56 منطقة، بحسب توثيق مركز المعرة الإعلامي.
وقال منسقو الاستجابة في سوريا في بيان نشر على صفحتهم في فيسبوك: “منطقة خفض التصعيد شهدت قصفًا ممنهجًا من قبل قوات نظام الأسد وروسيا رغم الاتفاقية الموقعة بين الدول الضامنة، للاتفاق تركيا ـ روسيا”، وذكر البيان أن قوات النظام ومراكز القوات الروسية في مناطق سيطرة النظام استهدفت أرياف حماة وإدلب بقذائف المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ العنقودية والبالستية بأكثر من 40 مدينة وبلدة خلال الساعات القليلة الماضية، حيث شمل القصف 21 نقطة في حماة و14 نقطة في إدلب و5 نقاط في حلب، وهذه المناطق ضمن المنطقة المنزوعة السلاح بحسب بنود اتفاق سوتشي.
كما أدان فريق منسقي الاستجابة الأعمال العدائية ضد المدنيين في المنطقة التي تقوم بها قوات النظام وميليشياته، مؤكدًا أن الأعمال العدائية الجارية في المنطقة لم تكن تحدث لولا موافقة روسيا، كما اعتبر منسقو الاستجابة أن هذه الهجمات لخلق أزمات إنسانية في المناطق المحررة لإفراغها من سكانها وذلك ضمن الإستراتيجية التي اتبعتها قوات النظام منذ أكثر من أربع سنوات.
كما دعا بيان الفريق المجتمع الدولي والجهات الدولية إلى إيقاف الأعمال الإرهابية التي تقوم بها قوات النظام، فيما طالب المحكمة الجنائية الدولية بتوثيق جرائم الإبادة التي تقوم بها قوات النظام وميليشياته المحلية والخارجية.
القصف يهجر المدنيين من منازلهم
نزحت عشرات العائلات من قرى وبلدات أرياف حماة الشمالية والغربية نحو الحدود السورية التركية، نظرًا لتصعيد قوات النظام وميليشياته القصف على المنطقة، بينما نزحت عائلات أخرى من مدن وخان شيخون ومعرة النعمان نحو بلدات حدودية مع تركيا، ويترافق ذلك مع أوضاع إنسانية سيئة للغاية نظرًا لشدة البرد وعدم قدرة الأهالي تحمل تكاليف النقل وتأمين السكن.
وتحاول قوات النظام تهجير السكان المحليين من القرى والبلدات الواقعة على الطرق الدولية التي تعتبر الشريان الرئيسي الذي تسعى إليه قوات النظام والميليشيات الإيرانية بالإضافة إلى حليفته موسكو التي تراوغ مجددًا مع أنقرة للسيطرة على المنطقة.
وتبدو عمليات القصف التي يشنها النظام على المنطقة بإشراف روسي لنزوح الأهالي من مناطقهم وتسهيل دخول قوات النظام ولعل سيطرة تحرير الشام على أبرز المناطق التي تدخل في الطريق الدولي، هي خطوة باتجاه تسليمها للنظام، وخاصة مع تغييرها للافتاتها السوداء على الطرق الدولية، بينما تزداد مخاوف المدنيين هناك من المصير المجهول الذي يواجههم في الأيام القادمة بالتزامن مع الفشل التركي والروسي للوصول إلى اتفاق نهائي يراعي كل المصالح والحلفاء في الدرجة الأولى.
كيف ردت المعارضة على خرق النظام؟
ردت قوات المعارضة المسلحة في ريف حماة الشمالي على مصادر القصف المدفعي الذي استهدف مناطق سيطرتهم إثر تكثيف النظام وميليشياته قصفهم على منازل المدنيين، حيث استهدفت فصائل المعارضة تجمعات قوات النظام بمدينتي محردة وصوران وبلدتي سلحب وقمحانة ومعسكر جبل زين العابدين بأرياف حماة الشمالية، ومدينتي السقيلبية ومصياف وقرية أصلية بالريف الغربي من مركز المدينة بصواريخ الغراد، مما أسفر عن وقوع عدد من ميليشيا قوات النظام.
تبدو قوات النظام قد أخذت الضوء الأخضر لتنفيذ خطتها التي تتضمن تهجير سكان المنطقة المحليين في المرحلة الأولى ثم الضغط على أنقرة عبر حليفتها موسكو لشن عملية عسكرية ضد تحرير الشام التي تتخذها السبيل الوحيد للسيطرة على المنطقة
وبدا رد قوات المعارضة على مصادر انطلاق الصواريخ باتجاه مناطق سيطرتها ضعيف جدًا مقارنة مع قصف قوات النظام للمراكز الحيوية التي يعيش بها آلاف المدنيين، وأخذ جيش العزة أحد فصائل المعارضة في ريف حماة مسؤولية الرد على خرق قوات النظام في المنطقة دون أن تحرك هيئة تحرير الشام التي سيطرت على مناطق الوطنية للتحرير في الفترات السابقة ساكنًا، لأنها مشغولة في إصدار واجهتها المدنية والسياسية في المنطقة.
تبدو قوات النظام قد أخذت الضوء الأخضر لتنفيذ خطتها التي تتضمن تهجير سكان المنطقة المحليين في المرحلة الأولى ثم الضغط على أنقرة عبر حليفتها موسكو لشن عملية عسكرية ضد تحرير الشام التي تتخذها السبيل الوحيد للسيطرة على المنطقة، بينما يواجه المدنيون خطرًا شديدًا هو النزوح مرة أخرى بعد تهجيرهم من شرق السكة الحديدية العام الفائت، وفي الوقت ذاته تسعى أنقرة للسيطرة على شرق الفرات بينما تراوغ موسكو في إدلب للضغط على أنقرة لوقف عمليتها العسكرية، ولا تبدو هناك حلول جذرية للمنطقة طالما تتفاوت المصالح بين دول عظمى تختفي لديها حقوق الإنسان وحريته.