ترجمة وتحرير: نون بوست
مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، من المحتمل أن تشكل الحروب الإسرائيلية في الشرق الأوسط تحديًا مباشرًا للرئيس الذي روّج لنهج “أمريكا أولًا” في السياسة الخارجية، والذي عُرف أنه من الصعب التنبؤ بتصرفاته على الساحة الدولية.
وفي حين أعلن الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن عن استمرار دعمه لإسرائيل في حربها ضد حماس، إلا أن إدارته أصدرت أيضًا تحذيرات بشأن الأوضاع الإنسانية المتردية في غزة والخسائر الكبيرة في صفوف المدنيين.
وخلال حملته الانتخابية، دعا ترامب إلى إنهاء الحرب بين إسرائيل وغزة ووعد بـ”إحلال السلام في الشرق الأوسط“، دون أن يفصح عن أي خطط محددة، بينما قال لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أكتوبر/ تشرين الأول “افعل ما عليك فعله“.
وشعر الكثيرون في إسرائيل بالارتياح عندما علموا بفوز ترامب، رغم أن الخبراء منقسمون حول ما إذا كانت ولايته الثانية قد تشجع إسرائيل، أو قد تؤدي إلى تقليص الدعم الأمريكي لها، نظرًا إلى أن ترامب كان هذه المرة أكثر انعزالية بشكل عام تجاه الحلفاء. وإليك ما يجب معرفته.
ماذا قال ترامب عن إسرائيل وحماس في حملته الانتخابية؟
دعا ترامب بشكل عام إلى إنهاء الحرب في غزة، لكنه لم يقدم خطة واضحة حول كيفية تحقيق ذلك. ففي خطاب فوزه الذي ألقاه هذا الأسبوع، زعم بشكل غير دقيق أنه “لم تكن هناك حروب” خلال إدارته، مضيفًا أنه على عكس ما يقوله منتقدوه “فأنا لن أبدأ حربًا، بل سأوقف الحروب”.
وحاول ترامب أيضًا جذب الناخبين اليهود والمسلمين على حد سواء، أحيانًا من خلال مواقف متناقضة بشأن النزاع في الشرق الأوسط. فعلى سبيل المثال، احتفى ترامب بالعملية العسكرية الإسرائيلية التي اغتالت خلالها إسرائيل قائد حماس يحيى السنوار، وقال إن نتنياهو “يؤدي عملًا جيدًا”. وبعد ساعات، التقى مع زعيم أمريكي من أصول عربية في ميشيغان، كان قد وافق في وقت سابق على دعمه، ووعد بأنه سيحقق السلام في المنطقة، حسبما أفادت صحيفة “واشنطن بوست”.
وفي إحدى فعاليات المتبرعين في مايو/ أيار، قال إنه يدعم حق إسرائيل في مواصلة “حربها على الإرهاب”، وتفاخر بسياساته في البيت الأبيض تجاه إسرائيل، ووعد بسحق الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات.
يقول نهاد عوض، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، إن الناخبين العرب والمسلمين الذين شعروا بـ “الخيانة” من دعم الحزب الديمقراطي لإسرائيل، سيراقبون ما إذا كان ترامب سيتمكن من إقناع إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية، على سبيل المثال من خلال مفاوضات أوسع مع السعودية، التي يُعتبر ولي عهدها مقرّبا من ترامب.
في أبريل/ نيسان، أبدى ترامب تشككه بشأن حل الدولتين، حيث قال لمجلة “تايم”: “كان هناك وقت اعتقدت فيه أن حل الدولتين يمكن أن ينجح. والآن أعتقد أن حل الدولتين سيكون صعبًا للغاية”. (في ولايته الأولى، كان قد اقترح خطة شاملة لإقامة دولة فلسطينية مفككة محاطة بإسرائيل، ومنح إسرائيل ترخيصًا واسعًا لضم المستوطنات اليهودية والسيطرة الأمنية على الأراضي التي تحتلها).
وقال عوض: “نحن لسنا ساذجين”، مشيرًا إلى “حظر قدوم المسلمين” إلى الولايات المتحدة من بعض الدول، والذي فرضه ترامب خلال رئاسته السابقة. لكنه أضاف: “لكن بعد أن شارك في التواصل مع العرب الأمريكان خلال حملته، سنعطيه فرصة”.
ومن جانبه، قال أحمد مرسي، الزميل الزائر في مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية، في بيان له إن ترامب وفريقه “من المرجح أن يدفعوا باتجاه وقف إطلاق النار أو اتفاقات سلام مؤقتة لإظهار قدرتهم على صنع السلام” بعد وعود الحملة الانتخابية، لكن بالنظر إلى علاقة إسرائيل الوثيقة بترامب وحلفائه، فإن مثل هذه التحركات “من غير المرجح أن تحسن ظروف الفلسطينيين أو تخلق مسارًا ذا مغزى نحو إقامة دولة فلسطينية”.
ما هي علاقة ترامب بنتنياهو؟
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب يشاركان في حفل التوقيع على اتفاقات أبراهام في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض في 15 سبتمبر/ أيلول 2020.
كان نتنياهو من أوائل الذين هنأوا الرئيس السابق على فوزه هذا الأسبوع، حيث كتب على وسائل التواصل الاجتماعي أن هذا الفوز “يُعد بداية جديدة لأمريكا وإعادة تأكيد على التحالف العظيم بين إسرائيل وأمريكا.” ومن جهته، قال وزير الأمن القومي اليميني المتطرف في حكومة نتنياهو، إيتمار بن غفير، إنه متأكد من أن ترامب سيتفق مع إسرائيل بشأن سن قوانين مثل عقوبة الإعدام للفلسطينيين المدانين بالإرهاب.
وأظهر نتنياهو تفضيلًا واضحًا لترامب خلال انتخابات سنة 2024، وقال أشخاص مطلعون على الوضع لصحيفة “واشنطن بوست” إنه كان يحاول استعادة ثقة ترامب بعد أن أغضبه بتهنئة جو بايدن على فوزه في انتخابات 2020.
خلال ولايته الأولى، نقل ترامب السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس واعترف بمرتفعات الجولان كجزء من إسرائيل، وهي قرارات رحّب بها الكثيرون في إسرائيل ولكنها خالفت عقودًا من السياسة الخارجية الأمريكية وأغضبت العديد من الفلسطينيين.
كما أقرت إدارته في 2019 أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية لا تنتهك القانون الدولي. وكانت السياسة الأمريكية المتبعة منذ أكثر من 40 سنة قد اعتبرت أن التوسع الإسرائيلي في الأراضي المحتلة منذ حرب 1967 يشكل عقبة رئيسية أمام تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وقال نتنياهو في بيان في ذلك الوقت: “إسرائيل ممتنة للغاية للرئيس ترامب ووزير الخارجية بومبيو ولجميع أعضاء الإدارة الأمريكية لموقفهم الثابت في دعم الحقيقة والعدالة”.
كما تفاوضت إدارة ترامب على اتفاقات أبراهام، وهي مجموعة من المعاهدات لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وأربع دول عربية، وهي الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، وهو ما خالف الإجماع التقليدي في السياسة الخارجية الذي كان يعتبر السلام مع الفلسطينيين شرطًا لاندماج إسرائيل الكامل في العالم العربي. وفي مراسم التوقيع سنة 2020، أشاد نتنياهو بترامب قائلاً إنه “قائد حاسم”، مضيفًا أنه “وقف بلا تردد إلى جانب إسرائيل”.
وقال دوف واكسمان، وهو أستاذ الدراسات الإسرائيلية في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، إن رئاسة ترامب “قد تكون نعمة ونقمة على نتنياهو”.
وحسب واكسمان، يمكن أن يكون ترامب منفتحًا على الاعتراف بتغيير خريطة إسرائيل، مع ضم جزء على الأقل من الضفة الغربية رسميًا. وقد يكون ترامب مستعدًا أيضًا لدعم استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي في غزة، على حد قوله.
وأضاف واكسمان أن ترامب قد يكون أكثر استعدادا من الرؤساء السابقين لقطع المساعدات العسكرية عن إسرائيل، والتي بلغت مليارات الدولارات سنويًا على مدى عقود، مضيفًا: “لطالما أعلن ترامب عن نفوره من المساعدات الخارجية الأمريكية. وقد يتساءل عما إذا كانت الولايات المتحدة تحصد ثمار مثل هذه المساعدات”.
المصدر: واشنطن بوست