إسطوانة حديدية محشوة بالمنشورات التي تُطلق من المدافع فتتناثر على أرض العدو، هكذا كانت تبدو القذائف الدعائية قبل ظهور وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، فالتأثير النفسي على جيش وسكان العدو كانا من أهم عناصر الحرب منذ العصور القديمة، أمّا اليوم، فلم يعد هناك داعٍ لايصال المنشورات الدعائية، فقد حلَّت القوة الناعمة محل القوة الخشنة، والحرب الهجينة محل الحرب الكلاسيكية، والأقمار الصناعية محل المدافع.
الانتصار دون خوض المعارك
يقول رجال المخابرات مازحين إن أول من استخدم أسلوب التأثير النفسي الدعائي هي حواء التي أغوت آدم وجعلته يرتكب الذنب الذي ما زلنا نتحمل عواقبه جميعًا، وفي حقيقة الأمر، كان الصينيون القدماء أول من صاغ قواعد الحرب الإعلامية في القرن السادس قبل الميلاد، إذ جاء في كتاب “فن الحرب” للقائد العسكري الصيني البارز سون تزو أن أفضل انتصار هو الانتصار دون خوض المعارك، وصاغ آنذاك الفكرة الأساسية للحرب الإعلامية التي تقول إن أعظم فن لشن الحروب يتلخص في استهداف عقول الأعداء لا على مدنهم.
جاء في كتب التاريخ أن الحيثيين استطاعوا خداع الجيش المصري من خلال التضليل ونشر الشائعات
وعلى الرغم من أن مصطلح الحرب الإعلامية لم يظهر إلا في النصف الثاني من القرن العشرين، إلا أن أساليب الحرب الإعلامية قديمة قدم الزمن، فمثلاً نجد في النصوص المقدسة القديمة أمثلة على ذلك، إذ تأتي التوراة على قصة الملك جدعون الذي لجأ إلى مختلف حيل التضليل لينتصر على غريمه الأكثر عددًا (جيش المديانيين)، إذ استطاع من خلال نشر الأخبار الكاذبة إحداث انشقاق في صفوف العدو.
كما جاء في كتب التاريخ أن الحيثيين استطاعوا خداع الجيش المصري من خلال التضليل ونشر الشائعات، إذ أرسلوا اثنين من البدو بقصص كاذبة حول جيش الأعداء وحلفائه، مدَّعين أنهم لا يزالون بعيدين جدًا قرب حلب في شمال الشام، ما اُضطر الفرعون رمسيس الثاني إلى التخلي عن مواصلة اقتحام قادش والعودة إلى مصر، وفي واقع الأمر كان العدو مختبئًا على الجانب الآخر من النهر؛ ليس بعيدًا من معسكر الملك.
لقد جرى تطوير التقنيات الإعلامية خطوة بخطوة، فقبل ظهور الآت الطباعة كانت الحرب الإعلامية تُشن بمساعدة المضللين والمندسين ومروجي الإشاعات؛ أي باستخدام العنصر البشري أساسًا، وقد حدثت أول ثورة في الحرب الإعلامية في القرن الـ15، بعد اختراع آلة الطباعة على يد يوهان جوتنبرج. حينها ظهر ما سُمي بـ”المنشورات الطائرة”، التي أضحت فيما بعد سلاحًا إعلاميًا في نزاعات أوروبا الدينية.
الملك جدعون الذي لجأ إلى مختلف حيل التضليل لينتصر على غريمه الأكثر عددًا
وتكمن المسألة في رواج نظرية تعاقب الإمبراطوريات في أوروبا القرون الوسطى، وهذه النظرية تقول بوجود مملكة عالمية تنتقل من دول إلى أخرى مع تعاقب العصور، وكانت الإمبراطورية الرومانية تعتبر أول مملكة عالمية، وبيزطة المملكة الثانية، وبعد سقوط الإمبراطوريتين، دارت السجالات حول أحقية إعلان مقر المملكة العالمية التالية.
في تلك الفترة تحديدًا ظهرت في أوروبا أفكارًا عن أن موسكو تتطلع إلى الفوز بلقب روما الثالثة كوريثة للإمبراطورية البيزنطية، ما جعلها في مواجهة إعلامية مع الأوروبيين والفاتيكان بشكل خاص، حيث وجد الباحثون 62 منشورًا طائرًا ضد روسيا من نماذج إصدارات القرن الـ16، ومعظم هذه المنشورات صدرت تحديدًا إبَّان الحرب الليفونية التي استمرت ربع قرن، وفيها صوَّر الأوروبيون روسيا على أنها “بلد للهمج والعبيد العدوانيين الخانعين أمام حكامهم الطغاة”.
ويحتفظ الأرشيف الألماني اليوم بإحدى المنشورات التي تم تحريرها من مدينة نورمبرج عام 1561، وجاءت فيها الكلمات التالية: “أخبار شنيعة ورهيبة، جديدة تمامًا، لم يُسمع بها من قبل، تتحدث عن أعمال وحشية يرتكبها الموسكويون ضد الأسرى الميسيحيين من ليبونيا. أعمال تُقترف ضد الرجال والنساء، ضد العذارى والأطفال الذين يُلحق بهم الأذى في ديارهم كل يوم”.
وقد أُرفق هذا النص برسوم توضيحية عن الأعمال التي يدور الحديث عنها، ويمكن اعتبار تلك الوثيقة أول واقعة مثبتة تاريخيًا من وقائع الحرب الإعلامية. ومن أبرز الأمثلة على ما تم الترويج له آنذاك من معلومات ما ورد في مذكرات الدبلوماسي الإنجليزي جيرم جورسي إذ ذكر أن حرس القيصر إيفان الرهيب قتلوا في مدينة نوفجرت 700 ألف شخص، علمًا وأن عدد سكان المدينة آنذاك لم يكن يتجاوز 40 ألفًا.
البروبوجندا.. التأثير النفسي في أرض المعركة
هكذا بدأت المنشورات الدورية تمارس تأثيرها على تكوين الرأي العام منذ القرن الـ17، وتجدر الإشارة إلى أن ألمانيا كانت موطن أولى الصحف الإخبارية الدولية المطبوعة، وكان تُطبع فيها -بالإضافة إلى الأخبار- مقالات حيوية ذات طابع اجتماعي ديني، منها تلك التي كان يكتبها مارتن لوثر منتقدًا الكنيسة الكاثوليكية، وحينها ظهر لأول مرة مصطلح “البروبوجندا”؛ أي بحق النشر والتعميم بحسب الترجمة الحرفية لهذه الكلمة اللاتينية، إذ أسس بابا روما مجمع نشر الإيمان، وكان على هذا المجمع أن يساعد في توحيد الجهود الرامية إلى نشر مبادئ الكنيسة الكاثوليكية، ما كان من شأنه أن يؤثر في كسب الصراع الأيديولوجي والحربي ضد البروتستانت.
نابليون بونابرت: “أتوجس خيفة من ثلاث جرائد أكثر مما أتوجس من مائة ألف مقاتل“
أما في روسيا، فقد ظهرت أولى الصحف في عهد الإمبراطور بطرس الأكبر، الذى أولى أهمية استثنائية لوسائل التأثير النفسي من خلال المطبوعات الدورية، وكانت “جازيتة سانت” تنقل على صفحاتها وقائع الحرب التي اندلعت عام 1700 بين روسيا والسويد، من أجل السيطرة على سواحل بحر البلطيق، وقد استمرت الحرب 20 عامًا، وانتهت بهزيمة الململكة السويدية، وهكذا -خلافًا للحرب الليفونية الفاشلة التي خاضها إيفان الرهيب لشق ممر إلى البلطيق- يعود سر نجاح بطرس الأكبر في حرب الشكال كذلك إلى ظهور أول صحيفة روسية.
سعت كل من روسيا والسويد في زمن الحرب إلى تبرير تصرفاتهما وتشويه صورة الخصم، وقد وصفت إحدى المجلات السياسية في هولندا الأنباء الواردة عن الحرب بين روسيا والسويد بالشكل التالي :”إن الأخبار التي تصلنا عن الحرب من الأطراف المتنازعة لا يمكن الوثوق بها، فما هو مفيد لهم يتحدثون عنه كما لو أنهم ينظرون إلى عبر عدسة كبيرة، وما هو غير مفيد لهم، إما أن يهملوه أو يشككون في صحته.
بالتالي استخلص بطرس الأكبر العبرة من أسلافه القياصرة الروس، ومنذ تلك اللحظة اكتسبت الحرب الإعلامية صفة عنصر كامل الجدارة بين عناصر المواجهة العسكرية، وهكذا أدَّى الانتصار في حرب الشمال إلى ظهور إمبراطورية جديدة فقدت معها الدعاية الغربية التي طالما تحدثت عن مطامع موسكو في كسب لقب “روما الثالثة”.
ومن حين لآخر كانت تظهر في الصحافة الغربية أقاويل جديدة عن خطط روسيا التوسعية، جوهرها أن بطرس الأكبر أعد خطة للاستيلاء على كامل أوروبا وأوصى ذريته بتنفيذها، فعلى سبيل المثال، حاول نابليون تصوير عدوانه على روسيا كإجراء وقائي لحماية الحضارة الغربية من مطامع روسيا التوسعية، وفي إطار الحرب الإعلامية، كان على نابيلون بونابرت أن يثبت أن روسيا هي المعتدية لتبرير حملته عليها، وقد قام إدولف هتلر بعد قرن ونصف بالأمر نفسه.
وفي محاولة منه للحصول على دعم من ممالك أوربا، أعلن نابليون أن هدف حملته هو تمكين الغرب من قهر قوة الحراب الفظة والانتصار على الشرق، وفي هذا الشأن، كان نابيلون يعوِّل على ما تقوم به الصحافة من عمل نشط لجهة ما يخوضه من صراعات، ومن المعروف عنه قوله: “أتوجس خيفة من ثلاث جرائد أكثر مما أتوجس من مائة ألف مقاتل“، ومن هذا المنطق، كانت دعاية نابليون فعالة إلى حد كبير في المرحلة الأولى من الحرب.
لكن في النهاية مُني الإمبراطور الفرنسي بهزيمة، فكان عليه أن يبرر تلك الهزيمة بطريقة ما، وهنا برزت صور من نوع آخر في تقنيات الحرب الإعلامية، حيث كُللت النصوص الدعائية بالكاريكاتير، وصُوِّر جنود أعداء نابليون في هيئة لا تمت بالبشر بصلة، في حين ترسخت صورة الدب كرمز لروسيا وحكامها حتى الآن.
المعارك الدعائية في تاريخ الحروب
الدعاية السوداء في زمن الحرب
بعد قرن تقريبًا من هزيمة جيش نابليون ظهرت نقطة انعطاف في تطور الحرب الإعلامية وممارستها، إذ توصلت البلدان المشاركة في الحرب العالمية الأولى إلى ضرورة استحداث هيئات خاصة للتأثير الدعائي والنفسي، فظهر في بريطانيا ما سُمي بـ”مكتب الدعاية الحربية”، وفي فرنسا ظهرت “هيئة الدعاية الحربية”، وكان الإنجليز أبرع من مارس الدعاية في الحرب العالمية الأولى، وأول من توصل إلى فكرة صنع القنابل والقذائف وحتى الألغام الدعائية، وحينها ظهر لأول مرة مفهوم “الدعاية السوداء”.
دعاية الفظائع والأهوال لعبت دورها، فأصبح الرأي العام كله ضد الألمان
كتب البريطانيون عن أن الألمان كانوا يُلقون بالأسرى المقتولين للخنازير كعلف، ثم اعترفوا بأن الأمر لم يكن كذلك، لكن دعاية الفظائع والأهوال لعبت دورها، فأصبح الرأي العام كله ضد الألمان. وفي إنجلترا نفسها وكذلك في أمريكا أدَّت مواد إعلامية كهذه إلى فيض من المتطوعين الراغبين في التوجيه إلى أوروبا لقتال الألمان.
لكن الحرب الإعلامية لم تنته بانتهاء الحرب العالمية الأولى، بل إن أحداثها الأهم كانت لا تزال طي المستقبل، وشكلت الحرب العالمية الثانية ميدان اختبار لأساليب التأثير النفسي الجديدة، إذ أبدى النازيون منذ وصولهم إلى السلطة اهتمامًا كبيرًا بمسألة الدعاية، وقد زُينت صالة المؤتمر الحزبي الذي عقده النازيون في نورمبرج عام 1936 الشعار التالي: “الدعاية ساعدتنا في الوصول إلى السلطة، والدعاية ستساعدنا في الاختفاظ بها، وستساعدنا على الاستيلاء على العالم”.
وهكذا استحدثت القيادة الهتلرية وزارة المعارف الشعبية والدعاية، التي ترأسها الدكتور في الفلسفة جوزيف جوبلز، وتحت إشرافه تزايد تدريجيًا عدد البرامج الدعائية الموجهة إلى الخارج، وكان هتلر أول شخص يقوم بمحاولة التأثير الإعلامي الشامل على شعوب البلدان الأخرى، مثلاً، كانت البرامج الإذاعية التي تُبث باللغة العربية من برلين أهم عناصر الدعاية الألمانية في الشرق الأوسط.
بعض أشكال الدعاية النازية
وفي هذا المجال، تجدر الإشارة إلى ان النجاحات التي حققها قائد قوات التحالف الهتلري إرفين روميل في مصر أتاحت للدعاية الألمانية توطيد مواقعها بين المستمعين العرب. آنذاك، كان العملاء الفاشيون يؤكدون للمصريين علنًا أن هتلر هو سليل النبي محمد، وأن زعيم النازيين الألمان اعتنق الإسلام وهدفه المقدَّس هو تحرير جميع الشعوب العربية من سلطة الإمبرياليين الغرباء، كما أخذوا يلقبون هتلر بـ”أبو أحمد”.
في هذا السياق، نلاحظ شبهًا مباشرًا بين هتلر ونابليون الذي كان وقتها يطلق الشائعات عن انتقاله إلى الإسلام أثناء حملته على مصر، وقد حصل هناك على لقب “علي بونابرت باشا”، كما جاء في كتاب “الدعاية والشائعات والرأي العام”، لكن خصوصية الدعاية النازية في استمالة العرب كانت تتميز أساسًا بالعداء لليهود، وكثيرًا ما كانوا يقارنون بينهم وبين العرب، ويقولون إن “العرب كرماء إلى درجة الإفراط بينما اليهود بخلاء إلى درجة الحقارة، وفي حين أن العرب شجعان ذوي روح قتالية عالية، فإن اليهود جبناء رعاديد”.
في فيتنام على سبيل المثال، أُستخدمت في البرامج الإذاعية والمنشورات الدعائية طرائق التأثير النفسي الجديدة كالعويل الناجم عن الرعب وعويل النساء والأطفال والموسيقى الجنازية البوذية
أما النصف الثاني من القرن العشرين فقد شهد ما يزيد على مائة حرب ونزاع مسلح، وفي سياق تلك المواجهات جرى تطوير وتحسين نظرية التأثير الإعلامي النفسي وممارسته، وعلى سبيل المثال، استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية إبَّان الحرب في كوريا الخبرات التي تراكمت في سنوات الحرب العالمية استخدامًا فعالاً، بما في ذلك الخبرات عند النازيين الألمان الذين استفاد الأمريكيون كثيرًا من خبراتهم.
وعلى قاعدة المنظومة الجديدة بعد الحرب العالمية الثانية، تأسس في أمريكا ما عُرف بـ”مجلس الحرب النفسية”، الذي عُني بتكوين واختبار الطرائق والأساليب الجديدة في هذه الحرب وبإعداد الكوادر لها. في فيتنام على سبيل المثال، أُستخدمت في البرامج الإذاعية والمنشورات الدعائية طرائق التأثير النفسي الجديدة كالعويل الناجم عن الرعب وعويل النساء والأطفال والموسيقى الجنازية البوذية، وكانت تُبث أيضًا صرخات وحوش تحاكي أصوات عفاريت الغابات وأرواحها المخيفة؛ ما كان من شانه أن يؤثر على العقلية البوذية في الشرق الأقصى.
كما جرى في سياق حرب فيتنام التركيز على البث التليفزيزني كوسيلة جديدة للتأثير الدعائي على نطاق واسع، حتى أنه تم توزيع هذه الأجهزة الدعائية الجديدة في بعض الماطق جنوب فيتنام، وقد حاولت القوى الأخرى المعادية للولايات المتحدة التصدي للحرب النفسية الأمريكية وأن ترد بالمثل.
استخدمت أمريكا في البرامج الإذاعية والمنشورات الدعائية طرائق التأثير النفسي الجديدة في حرب فيتنام
على سبيل المثال، كان المنشور الورقي الموجه إلى الجنود الأمريكيين من أصول إفريقية فعال جدًا، وقد تحدث عن أن الأمريكيين الزنوج يشكلون 11% فقط من سكان أمريكا، في حين تبلغ نسبتهم في صفوف الجيش الأمريكي في فيتنام 30%، أما عدد القتلى منهم فيصل إلى 40%، في إشارة غير مباشرة إلى أن الزنوج يُقدَّمون في هذه الحرب كقرابين من أجل مصلحة العرق الأبيض.
وفي أوائل ثمانيات القرن الماضي، بعد انتخاب رونالد ريغان رئيًسا لأمريكا، أُعيد النظر في دور وسائل الإعلام في العمليات النفسية وفي منظومة الأمن القومي الأمريكي، كما تم اختيار أساليب جديدة للتأثير النفسي الموجه إلى الجمهور في الداخل أثناء غزو القوات الأمريكية لغرينادا (في جزر الهند الغربية في البحر الكاريبي) عام 1983، وبنما عام 1989، كما كانت حرب الخليج الثانية عام 1991 أحد النزاعات العسكرية التي ترسخت في مجراها الإستراتيجية الجديدة للحرب النفسية الأمريكية.
الحروب التقليدية لم تعد تعد ضرورية طالما يمكن غزو أي بلد إعلاميًا من خلال استخدام التكتولوجيا الحديثة
وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي، انتهت الحرب العالمية الإعلامية الأولى، وأصبح عمل الإذاعات الغربية نافلاً لا لزوم له، ومع تطور الإنترنت والمحطات الفضائية انهار نظام البث الإذاعي الكلاسيكي الموجه، إذ أخذت الفضائيات تنوب تدريجيًا عن المحطات الإذاعية الموجهة، ولم يبق من عمالقة الدعاية الأمريكية سوى إذاعة الحرية، التي ما زالت تبث كالسابق برامجها إلى كل من روسيا وبيلاروسيا وأوكرانيا.
وفي مطلع القرن الـ21 كُسر احتكار الإعلام الغربي للأخبار على الصعيد العالمي، وقاد ذلك إلى حالة من الذعر في الدول الغربية، حتى أن الكونغرس الأمريكي أعد مشروعًا لمكافحة الدعاية الخارجية، وفي يناير/كانون الثاني عام 2017، نُشر تقرير مشترك لوكالة المخابرات المركزية وووكالة الأمن القومي ومكتب التحقيقات الفيدرالي عن تقويم نشاط روسيا ونواياها بصدد الانتخابات الأمريكية عام 2016، وكان نصف هذا التقرير مكرسًا للفضائيات الروسية وتأثرها على سير الانتخابات الرئاسية التي جاءات بدونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
اليوم، تطورت أراء المفكرين الصينيين الذين صاغوا قواعد الحرب الإعلامية حتى وصلت حد الكمال، فالحروب التقليدية لم تعد تعد ضرورية طالما يمكن غزو أي بلد إعلاميًا من خلال استخدام التكتولوجيا الحديثة، ويكمن جوهر الحرب الإعلامية اليوم في أن يفرض طرف مُثُله وقيمه على الطرف المستهدف، وبواسطة وسائل الإعلام الإكترونية بات من السهل إعادة برمجة وعي الناس وخلق منظومات جديدة للقيم.