ترجمة وتحرير نون بوست
خلال الأشهر التسعة الأولى من الجولة الحالية من محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مرت أشهر طويلة مريرة من إقناع الطرفين بالعودة إلى طاولة المفاوضات، وكانت كل الأطراف متفقة على شيء واحد وهو “تفاني جون كيري في هذه العملية”.
كان وزير الخارجية الأمريكية مستمرًا في جهوده الدؤوبة للبدء في عملية السلام المتوقفة منذ فترة طويلة، ويدفع بكل جهده ناحية اتفاق، إلى الحد الذي نفّر بعض المسؤولين منه، ووزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعالون وصفه “بالمهووس”.
والآن، وبعد أن مضى الموعد النهائي لإتفاق إطاري في أبريل، بدون اتفاق وتوقفت المحادثات، لم يكن مفاجئًا أن يصيب الإحباط كيري، وظهر هذا الإحباط في تصريحاته في اجتماع مغلق في واشنطن للجنة الثلاثية التي تضم خبراء ومسؤولين من أمريكا وأوروبا الغربية وروسيا واليابان. حذر كيري من أن إسرائيل “تخاطر بأن تصبح دولة فصل عنصري (آبارتهايد)” إذا فشلت محادثات السلام.
كيري ألقى باللائمة على كلا الجانبين في عدم إحراز تقدم، قائلاً إ”ن تغييرًا في القيادة في كلا الجانبين قد يكون أمرًا جيدًا لعملية السلام”.
“يجب التأكيد على حل الدولتين باعتباره البديل الحقيقي الوحيد، لأن حل الدولة الواحدة يعني أن إسرائيل ستصبح دولة فصل عنصري، بمواطنين ناقصي الأهلية أو ذوي درجة ثانية، أو ألا تكون إسرائيل دولة يهودية”.
التصريحات نشرها موقع ديلي بيست الأمريكي، وأعقبها غضب من اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، وتوالت التصريحات التي تصف كلمات كيري بأنها “مذهلة ومخيبة للآمال”، إلى الحد الذي دعا لجنة طوارئ إسرائيل – وهي منظمة يقودها أحد المحافظين الجدد “بيل كريستول” – يقول “لقد حان الوقت لجون كيري أن يتنحى عن وزارة الخارجية، أو للرئيس أوباما أن يطلق النار عليه”.
كيري اعتذر! قال “إذا استطعت أن أعيد الشريط، سأختار كلمة مختلفة”. لقد قال إن اختيار كلمة “الآبارتهايد” فتحت النار عليه من قبل خصومه السياسيين، على الرغم من أن بعض القادة الإسرائيليين استخدموا كلمات مماثلة في الماضي.
إيهود باراك قال في 2010، إنه “في دولة لا يستطيع فيها ملايين الفلسطينيين أن يصوتوا، تصبح هذه دولة فصل عنصري” وهذه كلمات أقوى كثيرًا من التي استخدمها كيري.
لكن لماذا استخدام هذه الكلمة أثار الجدل إلى هذا الحل؟ يُعتقد أن هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها مسؤول أمريكي في الخدمة باستخدام كلمة “الفصل العنصري” فيما يتعلق بسياسات إسرائيل في الضفة الغربية، وعندما استخدم جيمي كارتر الكلمة في عنوان كتاب له “فلسطين: السلام أو الفصل العنصري” أحدث ضجة كبيرة، لكن المسؤولين الأمريكيين دومًا ما يتفادوا تأطير النقاش حول حل الدولتين في “السلام أو الآبارتهايد”. وفي حملته الانتخابية عام 2008 صرح أوباما بشكل علني أن “إقحام مصطلح مثل الآبارتهايد، أمر يزيد الشحن العاطفي، وغير دقيق من الناحية التاريخية، وهو أيضا خلاف ما أعتقده”.
ربما لا يريد المسؤولون استخدام هذه الكلمة في سياق دولي، لأنه من الممكن مقارنتها فورًا بسابقة جنوب أفريقيا والعقوبات التي طُبقت عليها، والعزلة الدولية التي نجمت عن نظام الفصل ذاك. الولايات المتحدة بالطبع لا تريد عزل إسرائيل، ودلالات “الآبارتهايد” قوية للغاية.
ومع ذلك، فإن الحقيقة تبقى واحدة، وما قاله كيري يؤكد ذلك، فعندما قال إنه يتمنى التراجع عن استخدام الكلمة، لم يعن أنه يسحب ما قاله، فالمظالم التي تقوم بها إسرائيل حقيقية وتتفاقم، بغض النظر عن الصياغة!
المصدر: ميدل إيست مونيتور