قالت منظمة “هيومان رايتس ووتش” في تقرير صادر عنها نشر على صفحتها على الانترنت أن بلغاريا بدأت في “خطة احتواء” للحد من عدد طالبي اللجوء داخل أراضيها.
وأضافت المنطمة أن تنفيذ الخطة تم جزئياً بطرد سوريين وأفغانوغيرهم ممن عبروا الحدود مع تركيا بصورة غير قانونية، وتم تنفيذ الطرد بإجراءات موجزة دون مراعاة للإجراءات السليمة.
وأوضحت المنظمة في التقرير الصادر عنها في 84 صفحة بعنوان “خطة الاحتواء: طرد واعتقال السوريين وغيرهم من طالبي اللجوء والمهاجرين” يوثق لكيفية لجوء شرطة الحدود البلغارية للعنف المفرط خلال الأشهر الأخيرة في إعادة طالبي اللجوء إلى تركيا بإجراءات موجزة.
ويقول التقرير أن على بلغاريا وضع حد لطرد طالبي اللجوء إلى الحدود التركية، والتوقف عن استخدام العنف المفرط من قبل حرس الحدود، وتحسين معاملة المحتجزين وظروف الاحتجاز في مراكز الشرطة ومراكز احتجاز المهاجرين.
مدير برنامج حقوق اللاجئين في “هيومان رايتس ووتش” بيل فريليك قال : “ليس غلق الباب أمام اللاجئين بالطريقة المناسبة للتعامل مع زيادة أعداد طالبي الحماية الطريق الصحيح، ببساطة، هو أن تفحص السلطات البلغاية طلبات ملتمسي اللجوء، وأن تعاملهم بشكل لائق”.
وقالت المنظمة أنه في الآونة الأخيرة لم تكن بلغاريا بلدا مضيفا للاجئين بأعداد كبيرة، موضحة أن بلغاريا سجلت استضافة نحو 1000 طالب للجوء سنوياً في المتوسط خلال العقد الماضي، إلا أن هذا الأمر تغيّر عام 2013 حين استقبلت أكثر من 11000 شخصا، أكثر من نصفهم هربوا من القمع والحرب الدامية في سوريا.
وضيف التقرير أنه بالرغم من كل علامات الإنذار المبكر التي كانت متوفرة، إلا أن بلغاريا لم تكن مستعدة لكل هذه الزيادة، وفي 5 فبراير/2014 قال تقرير صادر عن وزارة الداخلية البلغارية :”حتى منتصف عام 2013 لم تكن بلغاريا مستعدة نهائيا لتدفق اللاجئين المتوقع”.
و وثقت “هيومان رايتس ووتش” إخفاق بلغاريا في إمداد الوافدين الجدد بالمساعدات الإنسانية الأساسية في 2013، بما في ذلك الغذاء والمأوى في مراكز الاستقبال التي غالبا ما تفتقر إلى التدفئة، والنوافذ، والصرف الصحي المناسب، كذلك كشفت المنظمة أيضا عن أوضاع الاحتجاز المزرية والمعاملة القاسية في مراكز الاحتجاز؛ وقصور فادح في إجراءات اللجوء، بما في ذلك تأخير تسجيل طلبات اللجوء لفترات طويلة؛ وأوجه قصور في معاملة الأطفال المهاجرين غير المصحوبين ببالغين، وعدم تعيين أوصياء قانونيين عليهم، وعدم وجود برامج حقيقية لدعم ودمج اللاجئين المسجلين.
وفي 6 نوفمبر 2013، ستحدثت الحكومة البلغارية سياسة جديدة لمنع الدخول غير القانوني من الحدود التركية.
السياسية الجديدة هذه التي تدعى “خطة الاحتواء” تنطوي على نشر 1500 فرد من مسئولي الأمن على الحدود، يساعدهم حرس إضافيين من دول أخرى بالاتحاد الأوروبي، من خلال وكالة مراقبة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، فرونتكس. كما بدأت بلغاريا في بناء سياج على امتداد 33 ميلا مع الحدود التركية.
أجرت “هيومان رايتس ووتش” مقابلات مع 177 لاجئا، وطالب لجوء، ومهاجرا من مناطق مختلفة من كل من بلغاريا وتركيا. من بين هؤلاء، أعطى 41 شخصا بيانات تفصيلية لـ 44 حادثاً يخص 519 شخصا على الأقل ألقت شرطة الحدود البلغارية القبض عليهم، وأعادتهم إلى تركيا، وفي بعض الحالات استخدمت العنف ضدهم.
قال “عبد الله”، وهو طالب لجوء أفغاني تم إجراء مقابلة معه في تركيا في يناير 2014، أن شرطة الحدود البلغارية ضربته هو وآخرين فور أن ألقت القبض عليهم، وأظهر لـ “هيومان رايتس ووتش” ندوبا في جسده خلال المقابلة.
قال: “بعد أن ضربوني، اقتادتني الشرطة لضابط أعلى رتبة الذي أشار إلى حذائه كما لو أنني كنت سببا في اتساخ الحذاء”.
وأضاف: “ثم أمر الجندي بضربي. في البداية، ضربني بقبضته في بطني ثم بعقب بندقيته على ظهري حتى سقطت، ثم لكمني في صدري بينما كنت مستلقيا. كسر عظمة من فقرات ظهري… ظلوا يضربون رأسي وظهري. في البداية ضربني جندي واحد ثم تدخل آخر. حاولت الهرب لكنهم أمسكوا بي وضربوني أكثر. ظلوا يضربونني بينما كانوا يسحبونني إلى السيارة. وضعوا ثلاثة منا في المقعد الخلفي لسيارة جيب. لم أفكر وقتها في الألم، كل ما كنت قلقا بشأنه هو زوجتي وطفلي”. حيث انفصل عنهما مع اقتراب الشرطة.
قال عبد الله أنه مكث في السيارة وظلت تسير بهم لنحو 30 إلى 45 دقيقة، وتوقفت، ثم بدأ في المشي: “أثناء سيرنا ظل شرطي يضربني بعصاه. مشينا نحو 200 متر وكنت أتعرض للضرب طوال الطريق. حين وصلنا إلى الحدود، أشار الجندي إلى الاتجاه نحو تركيا”.
إلا أنه وبمساعدة من الاتحاد الأوروبي، يقول التقرير أن الوضع الإنساني تحسن في بلغاريا في 2014، لكن هذا الأمر يتزامن مع سياسة الإعادة، والانخفاض الحاد في أعداد القادمين من طالبي اللجوء الجدد، وانخفاض بواقع 27 % عن عدد اللاجئين في البلاد الذين تم استقبالهم في 2013.
وأصدرت المفوضية الأوروبية “إجراءات مخالفة” ضد السلطات البلغارية، داعية إلى الإجابة على مزاعم مخالفة قواعد الاتحاد الأوروبي بإعادة اللاجئين السوريين بإجراءات موجزة.
قال بيل فريليك: “ظروف الاستقبال في بلغاريا تحسنت مقارنة بالظروف بالغة السوء التي شهدناها في أواخر عام 2013”. وأضاف: “لكن هذا التطور هو أقل إثارة للإعجاب عندما ينظر إليه في سياق جهود بلغاريا لمنع طالبي اللجوء من تقديم طلبات اللجوء، والتي تنتهك الالتزام بقانون اللاجئين في بلغاريا”.
وأشار مجلس الوزراء البلغاري إلى سياسته الجديدة باعتبارها “خطة لاحتواء الأزمة”. لكن “أزمة” الهجرة التي واجهتها بلغاريا في 2013 يجب أن ينظر إليها في سياقها الصحيح: في أول خمسة أسابيع من عام 2014 ـ في الوقت الذي نجح فيه 99 من طالبي اللجوء في العبور من تركيا إلى بلغاريا ـ دخل أكثر من 20 ألف لاجئ سوري إلى تركيا، البلد الذي تعيد إليه بلغاريا طالبي اللجوء. تستضيف تركيا حاليا أكثر من سبعمائة ألف سوري، وفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين.
قال بيل فريليك: “تواجه بلغاريا، بالتأكيد، تحديات إنسانية وقدرتها على الاستجابة لهذا التحدي محدودة”. وأضاف: “حتى مع قدرتها المحدودة، رغم ذلك، فإن دفع الناس للعودة إلى الحدود ليس الأسلوب السديد لاحترام حقوق اللاجئين، وطالبي اللجوء، والمهاجرين”.