حذرت وكالة “أسوشيتد برس” من تفاقم أزمة الطاقة في مصر خلال شهور الصيف الحارة، وقالت إنها تمثل تحديًا للرئيس القادم المقرر انتخابه في مايو الجاري.
وقالت الوكالة في تقرير نشرته أمس – الأحد – إن انقطاع الكهرباء ضرب أحياء عديدة في القاهرة يوميًا في شهور الشتاء عندما يكون استهلاك الكهرباء أقل، ومع قدوم شهور الصيف فإن أزمة الطاقة من المتوقع أن تتفاقم؛ وهو ما سيخلق مسئولية سياسية عاجلة للرئيس القادم.
وأضافت أن الحكومة تجاهد للحد من تأثير انقطاع الكهرباء ونقص الوقود.
مصر، التي كانت يومًا ما مصدرًا للغاز الطبيعي، رفعت من وارداتها من الوقود، بما فيه بعض الأنواع الأغلى والأكثر ضررًا بالبيئة مثل المازوت؛ لإبقاء محطات الوقود تعمل.
وقالت الوكالة “الأسبوع الماضي، اتخذ مجلس الوزراء خطوة لا تحظى بقبول شعبي، وقرر رفع أسعار الغاز الطبيعي للمنازل، حيث تضاعف السعر 3 مرات في بعض الحالات؛ وذلك للتخلص من أموال الدعم العملاقة التي تدفعها الحكومة للطاقة وكذلك من أجل تخفيض الاستهلاك”.
كما أن الحكومة وافقت أيضًا الشهر الماضي على استيراد الفحم – للمرة الأولى – للمساعدة في تشغيل صناعة الصلب المتعثرة، وهو ما أثار احتجاجات من وزيرة البيئة الدكتورة “ليلى إسكندر”.
وتعاني القاهرة منذ أشهر عديدة من انقطاعات متكررة للكهرباء، يستمر الواحد منها ساعة أو ساعتين، وفي المحافظات الأخرى تكون الأوضاع أسوأ، إلى الحد الذي جعل مصابيح الطوارئ التي تعمل بالبطاريات إحدى السلع المنتشرة في الشوارع.
ونقلت الوكالة عن شاب يُدعى “محمد أحمد” يمتلك مغسلة في منطقة الدقي بالقاهرة، أن الانقطاع يؤثر بشكل مباشر على عمله، حيث تُغلق المغسلة على ما فيها من ملابس، ولا يستطيع العاملون فتحها، مما يجعل المواد المستخدمة في التنظيف الجاف تدمر الملابس.
وأشارت الأسوشيتدبرس أن الأزمة حصاد العديد من العوامل المتراكمة على مدار سنوات، والتي تفاقمت بشكل كبير منذ ثورة 25 يناير التي أطاحت بالديكتاتور حسني مبارك.
آبار الغاز الطبيعي التي اعتمدت عليها مصر لسنوات قد بدأت في النضوب، وإنتاج الطاقة من آبار جديدة سيستغرق سنوات، كما أن شركات الغاز والنفط العاملة في تلك الحقول تراجعت بشدة عن العمل في البلاد بعد ثلاث سنوات من عدم الاستقرار، بل إن سوء الآداء الحكومي كان عاملاً مهمًا في تنفير شركات النفط والغاز، فالحكومة مدينة بأكثر من 4.5 مليار دولار لتلك الشركات.
أحد حقول الغاز في شمال الإسكندرية كان من المفترض أن يدخل حيز العمل بالفعل، وأن يرفع الإنتاج المصري بنسبة 18٪ على الأقل، إلا أن “شريف إسماعيل” وزير البترول المصري صرح أن الحقل لن يدخل الخدمة قبل 4-5 سنوات.
الحكومة من جانبها تحاول الحفاظ على دعم الطاقة – الذي أكل أكثر من خُمس الميزانية خلال العام الماضي – لكن إصلاح نظام الدعم الحكومي لأسعار الطاقة لا يزال القضية الأصعب، حيث يعتمد الملايين على أسعار الطاقة الرخيصة، وبالتالي فإن تغيير هذا النظام ربما يؤدي إلى انفجار شعبي.
القائد السابق للجيش المشير “عبد الفتاح السيسي” الذي يُرى بصورة مؤكدة على أنه الفائز في الانتخابات الرئاسية المقررة في مايو الجاري، أشار إلى أنه ينوي القيام بإصلاحات، كما أنه يحظى بموجة من التأييد من وسائل الإعلام، بعد إطاحته بالرئيس الإسلامي محمد مرسي في يوليو الماضي. ولكن السؤال ما إذا كانت صورته كبطل قومي ستُترجم إلى قُدرة سياسية من أجل تخفيض الدعم الحكومي على الطاقة؟
ونقلت الوكالة عن “مجدي نصر الله” الأستاذ بالجامعة الأمريكية في القاهرة، أن الأمر يحتاج إلى قرارات جادة لا تحظى برضاء شعبي.
انقطاع الكهرباء المتكرر كان أحد أسباب خروج المظاهرات التي أدت إلى الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي، وهذا ما يجعل الأمر أصعب كثيرًا بالنسبة للسيسي.
تحت حكم مرسي، ساعدت قطر الحكومة المصرية عبر تصدير الغاز المسال إلى القاهرة، التي سلمته مباشرة للشركات المسؤولة عن التصدير، مما حرر الإنتاج المحلي لمصر وجعله مخصصًا فقط للاستهلاك الداخلي، لكن بعد الإطاحة بمرسي، أوقفت قطر دعمها لحكومة العسكر في مصر.
ورغم تدخل عدد من دول الخليج الكبرى (السعودية والكويت والإمارات) الذين أغدقوا على مصر بـ12 مليار دولار، إلا أن المستقبل على المدى القريب لا يبشر بحدوث تغييرات جذرية.
و”عبدالفتاح السيسي” رئيس مصر القادم، يقف أمام معضلة حقيقية تتمثل في المحافظة على الدعم الشعبي الذي حصل عليه خلال الأشهر الماضية، وحل الأزمة التي تبدو كل حلولها مرفوضة شعبيًا.