تواجه المنظومة العدلية في السودان تحديات ضخمة نتيجة للحرب المستمرة منذ 19 شهرًا، بين الجيش السوداني وحلفائه وميليشيا الدعم السريع والميليشيات الأخرى المتحالفة معها، ما أثّر بشكل كبير على عمل المحاكم وأداء النيابات والشرطة كذلك.
تعرضت العديد من المؤسسات العدلية للتخريب والتدمير، وعلى إثر ذلك فُقدت العديد من الملفات القضائية الهامة، مع عدم وجود نسخ احتياطية من البيانات والمعلومات، إضافة الى ذلك في بعض الولايات لا يستطيع المواطنون الوصول إلى العدالة، حيث توقفت المحاكم وغابت كل أشكال الدولة في المناطق الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الدعم السريع.
ومن الأمثلة التي تدل على تدهور النظام القضائي، الحادثة قضائية التي أثارت عندما أدانت محكمة الطفل في عطبرة، في 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، طفلة بالغة من العمر 15 عامًا بتهم خطيرة تشمل تقويض النظام الدستوري وإثارة الحرب ضد الدولة، بالتعاون مع القوات المتمردة على حدّ وصفهم، ولم تكتفِ المحكمة بالقرار الصارم فقط، بل قررت وضع الطفلة تحت تدابير الرعاية والإصلاح، من خلال مراقبتها من قبل الشرطة لمدة 6 أشهر، وقد تم تسليمها إلى وليها مع تعهُّد بحسن رعايتها.
كما تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي خبر اعتقال الطالب عمر أحمد عبد الهادي أثناء توجُّهه من كردفان إلى الولاية الشمالية للجلوس لامتحانات الشهادة الثانوية المؤجّلة من العام 2023، وتم توقيفه والحكم عليه بالسجن 5 سنوات بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع، وأبدت لجنة المعلمين السودانيين استياءها من هذه الحادثة، عبر بيان وصفت فيه أن مثل هذه الأحداث تثير القلق حول تدمير النسيج الاجتماعي وانتشار خطاب الكراهية، في وقت تفتقر فيه الحكومة إلى ردّ الفعل على حدّ وصفها.
ونحاول في التقرير التالي تسليط الضوء على الآثار الكارثية التي تعرضت لها المنظومة العدلية في السودان بفعل النزاع، والتحديات الشاخصة أمام الإصلاح المؤسسي والقانوني المأمول، مع نظرة للمستقبل في ظل إنتشار خطابات الكراهية وحالة الاستقطاب الإثني الحاد، ودخول الحرب السودانية إلى مرحلة حاسمة مع سيناريوهات محتملة للتقسيم تلوح في الأفق.
تعطيل القضاء وتحديات التقاضي
المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان أنور حماد تحدث إلى “نون بوست” عن التأثيرات الواضحة التي لحقت بالمنظومة القضائية في السودان، خاصة على النيابة العامة والمحاكم، وأوضح أن الحرب التي اندلعت في 15 أبريل/ نيسان 2023 أثّرت بشكل كبير على قدرة الأفراد على الوصول إلى القضاء، مرجعًا ذلك إلى عدة أسباب، منها ما يتعلق بـ”التكلفة المالية الباهظة لنفقات التقاضي”.
وأشار حماد إلى التعقيدات التي تواجه إجراءات سير الدعوى بسبب صعوبة حضور أطراف النزاع إلى المحاكم التي تعمل، لا سيما أن بعض القضايا تتطلب أن تنظرها محاكم في مناطق النزاع ذاتها، ومع ظروف الحرب أصبحت المحاكم في تلك المناطق معطلة بسبب المعارك على حد ذكره.
وأضاف أن “المحاكم في المناطق الآمنة أيضًا باتت تعاني من ضغط هائل بسبب الكمّ الكبير من القضايا التي لم تكن في الحسبان، في ظل ضعف الكادر البشري والفني”.
واعتبر أن “هروب المسجونين من السجون الواقعة في مناطق الحرب أثّر سلبًا على رغبة الناس في التقاضي”، واصفًا أن التوجه المالي للجريمة أدى إلى “انتشار جرائم الأموال والأمن والمخدرات”. موضحا أن الوضع النفسي للقضاة المنتدبين للعمل في المناطق الآمنة بعد نزوحهم من الخرطوم أيضًا أثّر على العدالة، و”ترك أحكامًا غير منصفة في كثير من القضايا” بحسب وصفه.
واستعرض حماد بعض التحديات التي تواجه النظام القضائي حاليًا، مشيرًا إلى “ضعف الكادر البشري الموجود في المحاكم الولائية مقارنة بحجم ونوع القضايا”. وأضاف: “هناك أيضًا ضعف في الجانب الفني واستمرار استخدام النهج التقليدي في إدارة إجراءات الدعاوى”.
ونوّه إلى أن “النفقات القضائية المرهقة للمواطنين، وصعوبة الوصول إلى الأشخاص الفارّين من مناطق النزاع، وضياع الملفات القديمة، والتدخلات الأمنية في بعض قضايا الحريات، وتأثير الفقر والحاجة على عدالة الإجراءات”، تعدّ من التحديات الكبيرة التي تواجه المواطنين في المناطق التي تعمل فيها سلطة الدولة.
كما أشار إلى أن “الكثير من المحاكم توقفت عن العمل في مناطق الحرب أو في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة”، مؤكدًا أنه “حتى الآن لم يصدر منشور رسمي لتدارك الوضع الجديد”، وأن “المحاكم في مناطق الصراع فقدت الكثير من البيانات نتيجة الحرق والإتلاف”، ما يمثل تحديًا إضافيًا أمام النظام العدلي في السودان.
انتهاكات القانون الإنساني
رغم تأكيد أطراف النزاع في السودان التزامها باحترام قواعد القانون الدولي الإنساني في اتفاقات وبيانات علنية شتى منذ اندلاع الأعمال العدائية، من بينها إعلان جدة، الذي نُشر في مايو/ أيار 2023، إلا أن الأمور على أرض الواقع مختلفة تمامًا، وانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية التي لا تسقط بالتقادم لا يمكن حصرها في تقرير صحفي واحد.
أبرز هذه الجرائم الحملات الانتقامية التي قامت بها ميليشيا الدعم السريع في شرق ولاية الجزيرة، بعد انشقاق حليفها السابق كيكل وانضمامه إلى الجيش السوداني، أدّت إلى نزوح ما يقدَّر بنحو 135 ألفًا و405 أفراد (27 ألفًا و81 أسرة) في الفترة ما بين 20 و30 أكتوبر/ تشرسن الأول 2024، بحسب مصفوفة تتبُّع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة.
في الصدد ذاته، اتهم مؤتمر الجزيرة (كيان مدني) قوات الدعم السريع بقتل 1237 شخصًا في شرق وشمال ولاية الجزيرة منذ 20 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في ظل عمليات تهجير استهدفت أكثر من 400 قرية.
كما ذكرت منصة “نداء الوسط” أن “عدد الشهداء في مدينة الهلالية المحاصرة من قبل ميليشيا الدعم السريع قد وصل إلى أكثر من 452 شهيدًا، برصاصها وتسميمها لمياه الشرب في أحد آبار المناطق، إلى جانب توزيعها لمواد غذائية سامّة” بحسب وصف المنصة.
وقال توم بيرييلو المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، إن التقارير التي تفيد بأن جنود قوات الدعم السريع قاموا بتسميم مئات السودانيين في قرية الهلالية صادمة للضمير.
وفي سياق آخر، قدّرت منظمة إنقاذ الطفولة عدد الأطفال دون الـ 18 عامًا ممّن نزحوا جرّاء الحرب في السودان بـ 5.8 ملايين طفل، بينهم 2.8 مليون طفل دون سن الخامسة ومرحلة ما قبل الدراسة، وأن 3.2 ملايين فتاة في السودان يواجهن مخاطر العنف الجنسي والزواج المبكر القسري والاغتصاب بسبب الحرب.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب في السودان بما يجنّب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جرّاء نقص الغذاء، بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18، وخلفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 13 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
من جانب آخر، كشف تقرير حديث صادر عن مختبر الأبحاث الإنسانية في جامعة ييل الأمريكية، عن رصده لاتّساع رقعة المقابر في عدد من مناطق ولاية الجزيرة، تتضمن كلًّا من مدن السريحة ورفاعة، وذلك بين 29 سبتمبر/ أيلول و31 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، وأفادت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان بتسجيل 47 حالة اغتصاب طالت النساء في ولاية الجزيرة، وذلك جراء اجتياح الدعم السريع للمنطقة وسفك دماء الرجال بدم بارد، وفقًا لتعبيرها.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن قوات الدعم السريع قتلت وجرحت واحتجزت تعسفًا أعدادًا كبيرة من المدنيين، واغتصبت النساء والفتيات خلال الهجمات في جميع أنحاء ولاية الجزيرة السودانية. ونظرًا إلى حجم وخطورة التهديد الذي يواجهه المدنيون، من الضروري أن تستخدم بريطانيا رئاستها لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة خلال نوفمبر/ تشرين الثاني للدعوة إلى تدابير تتخذها الأمم المتحدة، لنشر بعثة لحماية المدنيين في السودان بحسب وصفها.
وفي تقرير آخر لهيومن رايتس ووتش أصدرته أواخر يوليو/ تموز 2024، قالت إن الأطراف المتحاربة في السودان، خاصة قوات الدعم السريع، ارتكبت منذ بدء النزاع الحالي أعمال اغتصاب واسعة النطاق، بما فيها الاغتصاب الجماعي، وأجبرت النساء والفتيات على الزواج في الخرطوم، عاصمة البلاد.
ويوثق التقرير الصادر في 89 صفحة بعنوان “الخرطوم لم تعد آمنة للنساء: العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في عاصمة السودان“، العنف الجنسي على نطاق واسع، بالإضافة إلى الزواج القسري وزواج الأطفال أثناء النزاع في الخرطوم ومدن أخرى.
من جهتها، فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقًا جديدًا في انتهاكات واسعة وقعت بإقليم دارفور غربي السودان، صنّفتها منظمات حقوقية بأنها ترقى إلى جرائم حرب وإبادة جماعية، ويتوقع صدور مذكرات توقيف بحقّ متهمين في تلك الجرائم.
محاكمات بتهمة إثارة الحرب ضد الدولة
عانى الكثير من السودانيين في ظل الحرب الحالية من انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان تشمل الاعتقالات التعسفية والتعذيب وأحكام الإعدام، إلى جانب انتهاكات أخرى خارج نطاق القانون.
يرى قانونيون أن هذه الممارسات تزيد من تعقيد الأزمة، وتدفع بحالة الانقسام المجتمعي، وأنه يجب على ميليشيا الدعم السريع وقف الانتهاكات الجسيمة ضد الإنسانية التي ترتكبها بحق السودانيين، وعلى النظام العدلي الذي يعمل في بعض ولايات السودان أن يقوم بدوره بحيادية تامة، بعيدًا عن التأثيرات السياسية والعسكرية التي تضعف قدرته وتفقده ثقة المواطنيين.
في هذا الصدد تحدثت المحامية نون كشكوش، عضو مجموعة “محامو الطوارئ”، عن تفاصيل حول استغلال السلطات السودانية للمادتَين 50 و51 من القانون الجنائي في محاكمة الأفراد، بتهم تتعلق بـ”تقويض النظام الدستوري وإثارة الحرب ضد الدولة”.
وذكرت كشكوش أن “80% إلى 90% من المتهمين بهذه المواد ينتمون لقبائل في دارفور وكردفان، والتي تعتبرها السلطات حواضن للدعم السريع”، مشيرة إلى أن “المحاكمة قد تستند أحيانًا على مجرد صورة أو عبارة في هاتف المتهم، مع ضعف واضح في البيانات التي تعتمد عليها المحاكم في إدانتهم”، على حد وصفها.
وأضافت كشكوش في حديثها لـ”نون بوست”، أن “الإشكال يبدأ من لحظة القبض، الذي يتم عادة عبر الخلية الأمنية التي تعتبر إعادة تدوير لجهاز أمن النظام السابق، حيث يتم احتجاز الأفراد لشهور من دون السماح لهم بمقابلة محامين”. مؤكدة أن “النيابة، التي من المفترض أن تشرف على عمليات القبض والتحري، أصبح وجودها صوريًا”، مضيفة أن هذه المحاكمات “تفتقر إلى أدنى معايير المحاكمة العادلة”.
في السياق ذاته، تحدثت كشكوش عن قضايا التعذيب والإساءة التي يواجهها المتهمون الذين حُكم عليهم بالإعدام في السودان بموجب المادتَين 50 و51 من القانون الجنائي، وأوضحت كشكوش أن “أغلب القضايا التي تم الحكم فيها على الأشخاص بالإعدام يتم احتجازهم في سجن مركزي اتحادي، حيث يعانون من أذى نفسي شديد نتيجة للإساءة والمعاملة المهينة، بالإضافة إلى تعرضهم للتعذيب الجسدي”.
ونوهت كشكوش أنه “رغم أن السودان وقّع على اتفاقية مناهضة التعذيب، للأسف لا يتم احترام بنودها، ويستمر تعرّض المحكومين بموجب المادتَين 50 و51 لهذه الممارسات”، بحسب ذكرها.
حرب على أجساد النساء
من جانب آخر، تحدثت كشكوش أيضًا عن الأوضاع السيّئة التي تعاني منها النساء في مناطق النزاع، قائلة: “تعرضت النساء لأشكال متعددة من الانتهاكات، من قتل واعتقال على يد طرفي النزاع، إضافة إلى التهجير القسري والنهب، غير أن الجريمة الكبرى هي الاغتصاب الذي يعدّ جريمة حرب”.
وأردفت أن “النساء في الخرطوم ودارفور وكردفان والجزيرة تعرضن لجرائم عنف جنسي، تشمل التحرش والاستعباد الجنسي والاختطاف، ما ترتبت عنه آثار نفسية وجسدية خطيرة” على حد ذكرها.
فيما يتعلق بوضع النساء المعتدى عليهن في ولاية الجزيرة، وخصوصًا في شرق الجزيرة، أشارت كشكوش إلى أن “المئات منهنّ محتجزات الآن ويواجهن صعوبة في الحصول على الخدمات الضرورية، ما تترتب عنه مشكلات صحية مستقبلية، كحالات الحمل غير المرغوب والأمراض المنقولة جنسيًا”.
وفي سياق يتعلق بالبلاغات الموجهة ضد رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك ورفاقه من قادة تنسيقية تقدم، اعتبرت كشكوش أنها “بلاغات سياسية بحتة، ورغم أنها تستند إلى القانون الجنائي لسنة 1991، فإنه يمكن اعتباره قانونًا مصادِر للحقوق والحريات، وظلَّ كسيف مسلط على رقاب السياسيين المؤمنين بقيم الحرية والديمقراطية والعدالة ودولة القانون والدستور”.
وأردفت أن “هناك تراجعًا في حالة حقوق الإنسان في السودان، مع عودة واضحة لأساليب النظام السابق”، مردفة: “ردة في حالة حقوق الإنسان، وردة لأساليب النظام القديم متمثلًا في النيابة العامة الحالية والحكومة المسيطرة، وتلك البلاغات متوقعة منهما”، على حد وصفها.
تحديات الإصلاح
يعتقد خبراء أن الإصلاح القانوني والمؤسساتي يجب أن يتم في سياق عملية عدالة انتقالية شاملة تفضي إلى مصالحة وطنية في المحصلة، وأن الضمان الوحيد لعدم تكرار الانتهاكات في مستقبل السودان هو إصلاح حقيقي وجذري لمؤسسات الدولة التي اكتسبت تاريخًا دمويًا وحاضرًا مأساويًا من سجلّ انتهاكات حقوق الإنسان.
تحدث المحامي والباحث القانوني محمد أزهري عن التحديات التي تواجه عملية إصلاح النظام العدلي في السودان، مشيرًا إلى أن العقبة الأساسية تكمن في “كيفية التوافق على شكل الانتقال القادم والترتيبات الدستورية التي سيترتب عنها الإصلاح القانوني”.
وأوضح أزهري في حديثه لـ”نون بوست” أن هذا الإصلاح قد يتم عبر “عدالة انتقالية أو عن طريق مفوضيات مستقلة”، مشيرًا إلى أن مستوى مشاركة المدنيين سيكون حاسمًا، سواء كان ذلك خلال الفترة الانتقالية أو في المؤتمر الدستوري الذي سيكون بعد توقف الحرب.
وأضاف أن “النقاش في القضايا العسكرية قد يطغى على قضايا إصلاح المؤسسات العدلية مثل القضاء والنيابة”، وهو ما قد يقلّل من التركيز اللازم لإصلاح تلك المؤسسات. ولفت إلى أن التدمير الكبير الذي طال الأجهزة العدلية وضياع العديد من الملفات والقضايا، يضع تحديات كبيرة أمام إعادة التأهيل.
وفي سياق الإصلاح المؤسساتي، أضاف أزهري أن “غياب الرؤية التفصيلية لإصلاح الجهاز القضائي”، الذي بدأت مراحله الأولى في فترة الحكومة الانتقالية برئاسة حمدوك، جعل النظام يعود إلى نقطة الصفر بعد انقلاب 25 أكتوبر.
آفاق المستقبل
وفيما يخصّ عملية إعادة البناء، أشار أزهري إلى أن “التحدي الأكبر يكمن في ارتباط إعادة بناء المؤسسات العدلية بعملية إعادة الإعمار العامة”، حيث قد يتم التركيز على مؤسسات أخرى وتأجيل إعادة بناء المؤسسات العدلية.
وأشار أيضًا إلى أن الجهاز القضائي “لا يعمل بكامل طاقته في ظل الحرب الحالية، وخاصة في مناطق سيطرة الدعم السريع”، مضيفًا أن هذا الوضع أدّى إلى تراجع الثقة في الجهاز القضائي، حيث يرى البعض أن “القضاء في السودان أصبح مخصصًا للجيش فقط” على حد وصفه.
وتابع قائلًا: “الحرب عززت الانقسام الاجتماعي، وستؤثر عملية توزيع الثروة والسلطة، بما في ذلك السلطة القضائية، على مستقبل البلاد، ما يثير المخاوف من خضوع النظام العدلي للمحاصصات السياسية في مستقبل البلاد” بحسب تعبيره، وأشار أزهري إلى أن الجهاز القضائي قد لا يكون بمنأى عن الصراع بين العسكريين، “الذين قد يسعون للسيطرة عليه لوأد أي عدالة مستقبلية”.
وعن دور المجتمع الدولي والمجتمع المدني، قال أزهري إن “دور المجتمع الدولي سيكون توفير الدعم المالي والاستشاري لإعادة التأهيل بعد انتهاء الحرب”، بينما يرى أن “دور المجتمع المدني سيتوزع على 3 مراحل: إعداد وتصميم تصورات جدّية للإصلاح المؤسساتي في هذه الفترة من تاريخ السودان، الى جانب المشاركة أثناء التفاوض الدستوري لتحقيق مكاسب جيدة في قضية الإصلاح القانوني، ثم الرقابة لضمان تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بعد الحرب”.
ويرى مراقبون أن الإعلام يواجه تحديات عديدة تعيق من دوره في مراقبة وكشف الحقائق للرأي العام، وتوثيق ونشر تقارير عن الوضع العدلي في السودان، كصعوبة الوصول إلى المعلومات وصعوبة التحقق منها، إلى جانب الوضع الأمني المضطرب، والقيود التي تفرضها أطراف النزاع على الإعلام، إضافة إلى التحديات اللوجستية ودمار البنية التحتية.