تشهد محافظة السويداء أقصى جنوب سوريا، حالةً أمنية متردية وسط غياب كامل للخدمات المقدمة من حكومة النظام، منذ تسليم المختطفات لدى تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” نهاية العام الماضي، إضافة إلى المعاناة التي تحملها أهالي المدينة من قوات النظام وتنظيم الدولة بعد نقله إلى بادية المحافظة، فأهالي المدينة حاولوا تجنيب المحافظة ويلات الحرب التي واجهتها أقرانها من المحافظات السورية خلال الأعوام الفائتة، إلا أن النظام استبعد هذا المنظور الذي اتخذه عقلاؤها للمحافظة على أبنائهم من الانجرار في الحرب الدائرة داخل الأراضي السورية.
النظام يعزز وجوده في محافظة السويداء
النظام يلتف على أهالي السويداء لتعزيز وجوده
أرسلت قوات النظام تعزيزات عسكرية على مراكزها العسكرية في محافظة السويداء في 20 من فبراير/شباط، وضمت التعزيزات حاملات جند وعناصر وأسلحة ثقيلة وخفيفة انتشرت على معظم الحواجز الموجودة على الطرق الرئيسية في المحافظة، ومن بينها حاجز بلدة الثعلة وفي الريف الغربي من السويداء وحاجز بلدة أم ضبيب شرقي السويداء وحاجز قرب بلدة شهبا شمال المحافظة.
جاءت تعزيزات النظام على خلفية توتر شهدته المحافظة في الأسابيع القليلة الماضية، وهي اختطاف أكثر من 15 عنصرًا من قوات النظام والشرطة التابعة للأسد في المحافظة، حيث هاجمت مجموعة عسكرية يتزعمها فداء العنداري حاجزًا في منطقة المقوس على طريق ظهر الجبل واختطفت 8 عناصر تابعين لفرع أمن الدولة، فيما عادت المجموع وخطفت 7 عناصر من شرطة النظام قرب دوار العنقود في المدينة.
يعيش في مدينة السويداء أكثر من 60 ألف شاب مطلوب لأجهزة النظام الأمنية، منهم بسبب تخلفهم عن الخدمة وآخرين بتهم سياسية
الاعتقالات التي نفذتها مجموعة العنداري ضد قوات النظام جاءت على خلفية اعتقال أحد الحواجز لوالد فداء العنداري، عصام العنداري المطلوب بتهمة جنائية، ولم يطلق العنداري سراح العناصر المعتقلين في المدينة لساعات بعد إطلاق سراح والده من قوات النظام، وذلك بوساطة اجتماعية من أهالي المنطقة وعقلائها حسب مصادر مطلعة من داخل المحافظة، واعتبر معارضون لنظام الأسد أنه اتبع هذه الطريقة لبسط سيطرته وحواجزه داخل المدينة من خلال التوتر الذي عاشته المحافظة لأيام، ويدرك النظام مدى صعوبة السيطرة على المدينة، إضافة إلى حاجته لشبان المدينة للخدمة في صفوف قواته، بينما قالت أجهزة النظام الأمنية إن هذه التعزيزات لمحاربة مجموعات التخريب أي العصابات التي تخطف أبناء السويداء.
التجنيد هدف الأسد في السويداء
تحاول قوات النظام بسط حواجزها على مداخل المدن والبلدات في محافظة السويداء، لتثبيت وجودها العسكري في المنطقة إضافة إلى السيطرة الكلية عليها بعد المحاولات السابقة من أهالي الجبل عدم الانجرار في الحرب الدائرة، إلا أن النظام بحاجة ماسة لشبان المدينة لتجنيدهم في صفوفه، ومن خلال وجوده في المدينة سيتمكن من ضبط آلاف الشبان المتخلفين عن الخدمة.
أعلنت قوات شيخ الكرامة في محافظة السويداء الجمعة 22 من فبراير/شباط تشكيل فصيل عسكري جديد يحمل اسم درع شيخ الكرامة، بالتزامن مع تعزيزات النظام نحو المحافظة
يذكر أن رأس النظام السوري ادعى نهاية العام الماضي أنه بسبب تخلف الشبان عن الخدمة الإلزامية في صفوفه تمكن تنظيم الدولة من اختطاف أكثر من 30 امرأة قرب بادية السويداء، في حين اعتبر ناشطون أن النظام يصر على تجنيد شبان المدينة رغمًا عن قادتها ومشايخها من الطائفة الدرزية، فهو لا يستثني من السوريين أحدًا، طالما أنهم داخل الحدود السورية.
ويعيش في مدينة السويداء أكثر من 60 ألف شاب مطلوب لأجهزة النظام الأمنية، منهم بسبب تخلفهم عن الخدمة وآخرين بتهم سياسية، نظرًا لمشاركتهم في المظاهرات ومعارضتهم للنظام، حيث تحاول الفصائل الدرزية التي تسيطر على المنطقة وبقيادة مشايخها، منع حملات التجنيد التي يشنها النظام، إضافة إلى تهديداتهم المباشرة لمسؤولي النظام في المحافظة.
قوات درع شيخ الكرامة تحذر قوات النظام من إهانة أبناء المدينة
درع شيخ الكرامة تحذر قوات النظام
أعلنت قوات شيخ الكرامة في محافظة السويداء الجمعة 22 من فبراير/شباط تشكيل فصيل عسكري جديد، يحمل اسم درع شيخ الكرامة، بالتزامن مع تعزيزات النظام نحو المحافظة، وحملت قوات درع شيخ الكرامة شعار “أرض وعرض ودين”، على نهج شيخهم السابق وحيد البلعوس، واعتبروا أن مهمة التشكيل “الدافع عن كرامة أرضهم وحقوقهم بالعيش في كرامة وعزة وإباء”.
وذكر البيان الذي نشرته صفحة قوات شيخ الكرامة على صفحتها في فيسبوك أنه لم يتشكل لمواجهة قوات النظام وإنما للعمل والحفاظ على الأمن والاستقرار في المحافظة، ومنع عمليات الخطف التي انتشرت في الآونة الأخيرة، دون استثناء من الجهات كافة، وحتى من عناصر النظام، وأكد البيان أن قوات النظام أخوتهم وأبنائهم، كما أيدوا تحركات النظام لتحقيق الأمن في المحافظة.
وأضاف البيان: “نحذر من تبعات أي اعتداء على كرامة المحافظة، والكرامة معروفة للجميع ومبادئها لا تتغير، أعلناها سابقًا ونقولها اليوم، لا اعتقالات تعسفية في الجبل ولا توقيف بالقوة للمواطنين من المطلوبين للخدمة أو المطلوبين السياسيين، ونرفض بشكل قطعي زج المواطنين تحت آلة التعذيب في السجون المعروفة للقاصي والداني، بالمعاملة غير الإنسانية فلا ضمانات وللأسف نقضت عهود كثيرة من المسؤولين بخصوص هذا الأمر، وهم يتحملون المسؤولية كاملة طالما أن سجونهم للتعذيب والقتل واحتقار كرامة المواطن”.
تعيش محافظة السويداء منذ القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في الربع الأخير من العام الماضي، على وقع الفلتان الأمني، حيث شهدت المدينة الكثير من حالات الاختطاف وعمليات النهب
ودعا البيان أبناء المحافظة في صفوف قوات النظام، الابتعاد عن الاستفزازات أو التجاوزات التي تعكر أمن المحافظة وتجعل أهالي المدينة وقود حرب لا رابح فيها، وتشكلت القوات من عدة فصائل عسكرية مسلحة ضمت كل من قوات شيخ الكرامة وقوات فرسان الكرامة وقوات درع شيخ الكرامة وقوات قليب الكرامة، ومهمتها حسب ما ذكرت الحفاظ على أمن المنطقة إضافة إلى مواجهة كل أنواع الانتهاكات بحق أبنائها وحتى من قبل أجهزة النظام الأمنية.
وتعيش محافظة السويداء منذ القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في الربع الأخير من العام الماضي، على وقع الفلتان الأمني حيث شهدت المدينة الكثير من حالات الاختطاف وعمليات النهب إضافة إلى ملاحقة المتخلفين عن الخدمة الإلزامية في صفوف قوات النظام.
الخدمات عقاب جماعي لأهالي السويداء
تفتقر مناطق سيطرة النظام في مختلف المحافظات السورية للكثير من الخدمات مما تسبب بأزمات احتجاجية وتذمر من مواليي النظام الذين حاولوا تلميع صورته في السنوات السابقة وسط تدهور مستمر لمقومات الحياة.
وتفتقد مدن وبلدات محافظة السويداء لمادة المازوت التي تستخدم كوسيلة للتدفئة، حيث حرمت المحافظة من مخصصاتها لمواجهة برد الشتاء، إضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة في المحافظة، كأقرانها من المحافظات السورية.
اعتبر معارضون للنظام من أبناء المحافظة أن عملية غياب الخدمات تأتي كعقاب جماعي لأبناء المدينة، خاصة بعد تذمرهم في وجه قوات النظام
وتسبب غياب الخدمات في احتقان شعبي ضد قوات النظام، حيث اعتصم أهالي منطقة شهبا في ريف المحافظة الشمالي الخميس 21 من فبراير/ شباط أمام شعبة حزب البعث التابعة للنظام، احتجاجًا على تردي الوضع الخدمي في المنطقة، وطالب المحتجون بتحسين الواقع الخدمي وتأمين مخصصاتهم من المحروقات، بالتزامن مع موجة الغلاء التي تكسح الأسواق في مناطق سيطرة قوات النظام.
ووعد رئيس شعبة الحزب المحتجين بتحسين الوضع الخدمي في المنطقة، بينما أكد الأهالي المعتصمون تنفيذ اعتصام آخر في حال لم تنفذ مطالبهم، وتشهد محافظة السويداء نقصًا تامًا في الخدمات ومن أبرزها انقطاع التيار الكهربائي حيث تقوم مؤسسات النظام بتقنين ساعات الكهرباء، بينما لا يجد أهالي السويداء وسائل تدفئة سوى الكهرباء، بالتزامن مع ارتفاع سعر لتر المازوت إن وجد إلى 600 ليرة سورية وأسطوانة الغاز إلى أكثر من 10 آلاف ليرة سورية.
وإلى ذلك اعتبر معارضون للنظام من أبناء المحافظة أن عملية غياب الخدمات تأتي كعقاب جماعي لأبناء المدينة، خاصة بعد تذمرهم في وجه قوات النظام ومؤسساته، وتخلف آلاف الشبان من أبنائهم عن الخدمة الإلزامية كما اعتبروا أن هذه المرحلة امتدادًا لعملية نقل داعش إلى البادية لإحكام السيطرة على أبناء المحافظة.