بدأ صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشاره جاريد كوشنر، جولته للشرق الأوسط والمقرر أن يزور خلالها كل من الإمارات وسلطنة عمان والسعودية والبحرين وقطر بجانب تركيا، برفقة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط جايسون غرينبلات، والمبعوث الخاص إلى إيران براين هوك.
الزيارة تحمل العديد من التساؤلات عما يحمله صهر ترامب في جعبته في الوقت الذي قالت فيه شبكة “سي إن إن” الأمريكية أن هدف الجولة يتمثل في “إطلاع الحلفاء على خطة الإدارة الأمريكية لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”، المعروفة إعلاميًا باسم “صفقة القرن”.
كوشنر وخلال مقابلة له مع قناة “سكاي نيوز” الأمريكية، الإثنين الماضي، قال إن جولته “ستتجنب التركيز على موضوع المصالحة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي”، وبدلاً من ذلك ستسلط الضوء على “السماح للناس بحياة أفضل”، الأمر الذي أثار بعض علامات الاستفهام عن ملامح التوجه الأمريكي الجديد حيال القضية الفلسطينية، إذ من المقرر أن تقدم واشنطن خطتها للسلام بعد الانتخابات الإسرائيلية المقررة في الـ9 من أبريل/نيسان المقبل.
وتتزامن الجولة مع الحملة الدبلوماسية التي تقودها تل أبيب علانية للتقرب من دول الخليج، عبر سلطنة عُمان والإمارات والسعودية، حيث يخيم قلق مشترك من سياسات إيران، فيما تروج السلطات الإسرائيلية إلى ضرورة التكاتف العربي للتصدي للتهديد الإيراني في المنطقة، الأمر الذي لاقى ترحيبًا من بعض العواصم الخليجية.
قبلة الحياة لابن سلمان
تعد زيارة كوشنر للرياض ولقاءه ولي العهد محمد بن سلمان هي الأولى له منذ تورط الأخير في جريمة مقتل جمال خاشقجي في مقر قنصلية بلاده في إسطنبول أكتوبر الماضي، وبعيدًا عما دار داخل المباحثات فالبعض يراها قبلة حياه يمنحها صهر الرئيس الأمريكي لصديقه وحليفه المقرب.
ورغم تجاهل كوشنر التطرق لقضية خاشقجي خلال لقائه مع ابن سلمان، فإن اللقاء في حد ذاته – وفق “سي إن إن” – يأتي في إطار جهوده غير المباشرة للتخفيف من آثار الجريمة على ولي العهد الذي يتعرض لتنديد غربي كبير، وصل إلى المطالبة بملاحقته قضائيًا وتعريض مستقبل علاقات بلاده بدول أوروبا للخطر.
صحيفة “واشنطن بوست” تعتبر زيارة صهر ترامب فرصة كبيرة لابن سلمان لمواصلة مساعيه الرامية إلى إعادة تأهيله دوليًا، رغم أن الاستخبارات الأمريكية أعربت عن اعتقادها بأنه هو من أصدر الأوامر بقتل الصحفي جمال خاشقجي، لكن إدارة ترامب تتجاهل هذا الأمر.
انتقد نفتالي بينيت وزير التعليم الإسرائيلي وزعيم حزب “البيت اليهودي” اليميني، خطة السلام التي تعمل عليها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ووصفها بـ”الخطر المباشر” الذي يهدد “إسرائيل”
البيت الأبيض في بيان له أعلن أن مستشار الرئيس الأمريكي بحث “عملية السلام” في الرياض العاهل السعودي ونجله، مضيفًا أنه والمسؤولين السعوديين “ناقشوا – بناء على المحادثات السابقة – تعزيز التعاون بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وجهود إدارة الرئيس دونالد ترامب لتسهيل السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.
كما التقى الوفد نفسه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة، دون أن يُعلن عن فحوى الاجتماع، لكن أردوغان قال قبل الاجتماع إن المباحثات ستتناول “الاقتصاد والقضايا الإقليمية خاصة”، كما أجرى مباحثات مع السلطان قابوس في سلطنة عمان، تناولت تعزيز التعاون بين البلدين، وجهود الإدارة الأمريكية للتوسط من أجل السلام.
كوشنر وولي العهد السعودي
صفقة القرن
كوشنر خلال مقابلته الأخيرة مع “سكاي نيوز” استعرض الخطوط العريضة لمقترح السلام المزمع، مشيرًا أنه سيواصل البناء على كثير من الجهود التي بذلت في الماضي بما في ذلك اتفاق أوسلو، الأمر الذي يتطلب تنازلات من كلا الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي.
وأضاف أن المقترحات الأمريكية تشمل أيضًا خطة سياسية شديدة التفصيل وتتناول في الحقيقة تعيين الحدود وحل قضايا الوضع النهائي، وكانت CNN قد كشفت مطلع الشهر الحاليّ أيضًا، أن كوشنر ووفده سيفصحان عن بعض التفاصيل الاقتصادية لخطة السلام لعدد من الدول العربية الثرية، في إطار سعيهما للحصول على دعم مادي لهذه الخطة.
ما أثير بشأن صفقة القرن والمقترحات الأمريكية لتفعيلها أثار حالة من القلق والريبة لدى الفلسطينيين الذي رفضوا مناقشة أي مقترحات مع واشنطن منذ اعترافها بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل” في ديسمبر 2017، حيث علق كبير المفاوضين صائب عريقات على تلك الخطة بأنها ستنشئ “معازل للفلسطينيين”.
التكتم الواضح الذي خيم على كثير من الاجتماعات التي عقدت على هامش الجولة، فضلاً عن غياب التفاصيل دفع البعض إلى أن الجولة لم تحقق أهدافها بعد
وفي المقابل انتقد نفتالي بينيت وزير التعليم الإسرائيلي وزعيم حزب “البيت اليهودي” اليميني، خطة السلام التي تعمل عليها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ووصفها بـ”الخطر المباشر” الذي يهدد “إسرائيل”، معلقًا على مقابلة كوشنر التي قال فيها إن خطته سوف تشمل ترسيم الحدود وحل قضايا الوضع النهائي في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وقال بينيت: “يوجد خطر واضح وفوري نراه مباشرة أمام أعيننا، ويكمن في تأسيس دولة فلسطينية”، متهمًا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالموافقة على الخطة، مضيفًا “نتنياهو وترامب ينسقان فيما بينهما توقيت إعلان الخطة ليكون بعد الانتخابات الإسرائيلية مباشرة”، وتابع بالقول: “في الانتخابات المقبلة، السؤال المطروح هو: اليمين أو فلسطين”.
لقاء كوشنر والرئيس التركي رجب طيب أردوغان
إرهاصات الفشل
التكتم الواضح الذي خيم على كثير من الاجتماعات التي عقدت على هامش الجولة فضلاً عن غياب التفاصيل دفع البعض إلى أن الجولة لم تحقق أهدافها بعد، وهو ما ألمحت إليه “رويترز” التي أفادت أن بعض تفاصيل تلك الخطة “المسربة” تشير إلى أنه لم يتحقق تقدم يذكر فيما يتعلق بالوفاء بالمطالب العربية.
مصدران قالا إن منهج كوشنر لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لم يحقق تقدمًا على ما يبدو منذ جولته السابقة في المنطقة في شهر يونيو/ حزيران، إذ إنه ركز إلى حد بعيد على مبادرات اقتصادية على حساب اتفاق الأرض مقابل السلام الذي يعد محوريًا بالنسبة للموقف العربي الرسمي، بحسب الوكالة.
مساعي الرئيس الأمريكي في البحث عن نجاح خارج الحدود عبر جولة صهره ومستشاره من الواضح أنها لم تؤت ثمارها ليواجه وحده مصيرًا مجهولًا خاصة مع قرب الانتخابات الرئاسية
فيما أشار مصدر آخر إلى أن الخطة لم تأخذ في الاعتبار على ما يبدو المطالب العربية التي جرى إقرارها سابقًا بشأن وضع القدس وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.
ترامب الذي يعاني من ضغوط داخلية غير مسبوقة تعززت بما كشفه محاميه السابق، مايكل كوهين، خلال جلسة استجواب أمام لجنة المراقبة في مجلس النواب الأمريكي أمس الأربعاء حين قال: “ترامب ترشح للانتخابات لتلميع صورته ولزيادة ثروته وسلطته وليس من أجل خدمة أمريكا”، مضيفًا “أخجل لأنني أعرف طبيعة ترامب، هو شخص عنصري وغشاش”.
مساعي الرئيس الأمريكي في البحث عن نجاح خارج الحدود عبر جولة صهره ومستشاره من الواضح أنها لم تؤت ثمارها ليواجه وحده مصيرًا مجهولاً خاصة مع قرب الانتخابات الرئاسية في الوقت الذي تتراجع فيه شعبيته جراء سياسته الحمائية التي ساهمت في توتير علاقات أمريكا مع حلفائها وتعريض مصالحها في الخارج للخطر.