“أشعر بالخجل لأنني شاركت بالتغطية على تصرفات ترامب غير المشروعة بدلاً من الاستماع إلى ضميري، لأنه شخص عنصري ومحتال وغشاش، إقراري بأنني مذنب في شهادتي سابقًا هي خطوة مني من أجل أن يفهم الأمريكيون شخصية الرئيس، والسيد ترامب وصفني بالواشي لمنعي من قول الحقيقة، وهذا ما تقوم به أجهزة المخابرات عادة”.
بعد هذه الشهادة التي أدلى بها مايكل كوهين المحامي السابق للرئيس دونالد ترامب، لم يعد كاتم أسرار الرئيس الأمريكي يريد أن يكتم سره، فقد أدلى كوهين بشهادته أمام لجنة الرقابة والإصلاح الحكومي في مجلس النواب، ليكشف المستور عن شخص ترامب وأعماله وسلوكه السياسي، ويهدد رئاسة ترامب أكثر من أي وقت مضى.
مدفوعات “السكوت”
في جلسة استماع متلفزة مثيرة في الكونغرس يوم الأربعاء، أدلى محامي ترامب السابق بشهادته أمام اللجنة النيابية في مجلس النواب، وقال مايكل كوهين إنه يشعر بالعار لأنه شارك في التستر على أعمال ترامب التي وصفها بـ”غير المشروعة”، بدلاً من الإصغاء إلى ضميره، وأكد أنه سيقدم وثائق تثبت مخالفات قانونية قام بها الرئيس.
وأعرب كوهين عن أسفه عن ولائه السابق لترامب، بعدما كان عمله – كما قال – التغطية على أفعال موكله “القذرة”، معلنًا تحمله مسؤولية جرائمه “ومن بينها تلك التي يمكن أن تورط رئيس الولايات المتحدة”.
من المحتمل أن يستغل الادعاء شهادة كوهين و”الشيك” الذي وقَّعه ترامب شخصيًا، في إعداد دعوى قانونية ضد الرئيس استنادًا لمخالفته قانون تمويل حملات الدعاية الانتخابية
كوهين الذي كان اليد اليمنى لترامب، وعمل لصالح مؤسسته في ذلك الوقت، أقر على نفسه بالكذب وانتهاك القوانين وإجراءات تمويل الحملات الانتخابية، لكنه يقول إنه فعل ذلك بتوجيه من ترامب نفسه وحماية له.
ومنذ أشهر قليلة، حُكم علي كوهين بالسجن 3 سنوات بسبب الإدلاء بإفادات كاذبة للكونجرس، وخرقه قوانين تمويل الانتخابات، بالإضافة إلى تهم أخرى يتعلق بعضها بعمله السابق مع الرئيس الأمريكي، إلا أنه لم يُنفَّذ الحكم حتى الآن بسبب المساعدة التي يقدمها للتحقيقات المستمرة باحتمال تواطؤ حملة ترامب مع روسيا.
ولم يقتصر كوهين في شهادته على هذا الاعتراف، بل قدم ما وصفه بالدليل على انتهاك ترامب القانون خلال وجوده في سُدة الرئاسة، ومن بين ذلك، عدة وثائق تشمل نسخة من المدفوعات النقدية التي قدمها الرئيس ترامب من حسابه الشخصي بعد أن أصبح رئيسًا ليسدد لكوهين مبالغ التغطية التي دفعها للتغطية على علاقته مع نجمة أفلام إباحية كي لا تؤثر عليه.
شيك موقع من دونالد ترامب منحه لكوهين كي يسدد جزءًا من المبلغ الممنوح لستورمي دانيلز
وخلال الجلسة، سلَّم كوهين إلى اللجنة نسخة من “شيك” بقيمة 35 ألف دولار، عليه توقيع ترامب، في 1 من أغسطس 2017، وهو واحد في سلسلة قال إنها كانت لتعويضه عمَّا سدَّده لدانيلز بعد تولي ترامب منصبه، وقال كوهين إن الابن الأكبر لترامب، شارك في توقيع شيك آخر مرة أخرى بمبلغ 35 ألف دولار، ما دفع دونالد ترامب الابن إلى نشر عدة تغريدات خلال جلسة الأربعاء، متهمًا كوهين بالسعى للحصول على وظيفة في البيت الأبيض، وقال: “يريد فقط أن يكون مشهورًا”.
ومن المحتمل أن يستغل الادعاء شهادة كوهين و”الشيك” الذي وقَّعه ترامب شخصيًا، في إعداد دعوى قانونية ضد الرئيس استنادًا لمخالفته قانون تمويل حملات الدعاية الانتخابية، وتقضي القوانين الاتحادية بأنه لا يجوز أن تتجاوز تبرعات الأفراد للحملات الانتخابية مبلغ 2700 دولار في كل انتخابات، ولا بد أن تكون معلنة.
وفي انتهاك لقوانين تمويل الحملات الانتخابية، كان كوهين قد أقر بذنبه العام الماضي في قضية دفع أموال قبل انتخابات عام 2016 الرئاسية لشراء صمت نساء أقمن علاقات مع ترامب، وذكر حينها أنه دفع ما مجموعه 280 ألف دولار للعارضة السابقة بمجلة “بلاي بوي” الإباحية كارين ماكدوغال والممثلة الإباحية ستورمي دانيالز لشراء صمتهما بعدما هددتا بفضح العلاقات التي ادعتا أنهما أقامتاها مع ترامب خلال حملته الانتخابية.
وكان ترامب قد نفى هذه العلاقة، كما نفى علمه بأي مبالغ سُددت لإخفائها، في حين تؤكد ماكدوغال أن علاقة “عاطفية استمرت على مدى 10 أشهر في 2006 و2007” بينها وبين ترامب أي بعد بضعة أشهر من زواج الأخير من ميلانيا نوس وولادة ابنهما الأصغر بارون، كما تؤكد دانيالز أن ترامب أقام معها علاقة حميمة عام 2006.
أكد كوهين لأول مرة أن ترامب كان يعلم بنية موقع “ويكيليكس” نشر بريد إلكتروني مقرصن يضر بمنافسته الرئاسية في حينها هيلاري كلينتون
وفي شهادة سابقة الشهر الماضي، قد تزيد من متاعب ترامب، أقر كوهين بأنه دفع أموالاً لرجل عام 2015 من أجل التلاعب باستطلاع رأي على الإنترنت لإعطاء الأفضلية لترامب بعد إعلان الأخير خوض السباق الرئاسي.
وأكد كوهين تقريرًا نشرته “وول ستريت جورنال“، وذكرت فيه أنه في أوائل عام 2015 تلقى رئيس شركة تقنية صغيرة يدعى جون غوغر 50 ألف دولار في برج ترامب لكتابة برنامج إلكتروني، في محاولة للتلاعب في نتائج استطلاع للرأي أجرته قناة “سي إن بي سي” عبر الإنترنت، وكان الهدف من ذلك مضاعفة عدد الأصوات لصالح رئيسه قبل الحملة الرئاسية.
وأعُيدت الكرَّة في استطلاع آخر لموقع “درادج ريبورت” الشهير بين أوساط المحافظين، وكان كوهين – الذي دفع لغوغر أيضًا لكي ينشئ له حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لاسمه – أيّد العناصر الأساسية التي أوردتها الصحيفة.
رسائل البريد الإلكتروني المسروقة
في قضية أخرى تثير أسئلة قانونية، أكد كوهين لأول مرة أن ترامب كان يعلم بنية موقع “ويكيليكس” نشر بريد إلكتروني مقرصن يضر بمنافسته الرئاسية في حينها هيلاري كلينتون، وهو أمر كان ترامب قد نفى أيضًا علمه به في وقت سابق.
وقال كوهين إنه كان في مكتب ترامب في يوليو/تموز 2016 عندما اتصل روجر ستون، “المحتال القذر” كما يصف نفسه، والمستشار السياسي لترامب، بالمرشح الجمهوري للرئاسة آنذاك، مضيفًا أن ستون أخبر ترامب أنه تحدث مع مؤسس ويكيليكس جوليان أسانج، الذي أخبره بأنه “سيكون هناك رسالة بريد إلكتروني في غضون يومين من شأنها أن تدمر حملة كلينتون”.
قد تزيد شهادة كوهين من الضغط القانوني والسياسي على الرئيس الجمهوري، لكن يبدو أنه لم يكشف المعلومات التي قد تغرق رئيسه السابق
وسارعت “ويكيليكس” إلى نفي هذا الأمر بقولها إن أسانج “لم يسبق له إجراء مكالمة هاتفية مع روجر ستون”، في حين كتب ستون في رسالة بالبريد الالكتروني “بيان السيد كوهين غير صحيح”، لكنه لم يحدد أي جزء من العبارة التي كان يقصدها، كذلك اتهم مولر ستون بالكذب على الكونغرس بشأن اتصالاته مع آخرين فيما يتعلق بالبريد الإلكتروني لـ”ويكيليكس”.
وقالت وكالات استخبارات أمريكية إن رسائل البريد سُرقت في إطار حملة روسية لاختراق أجهزة الكمبيوتر ونشر دعاية تهدف إلى بث الخلاف في الولايات المتحدة وتعزيز فرص نجاح ترامب في الانتخابات، فقد دفعت رسائل البريد الإلكتروني الخاصة باللجنة الوطنية الديمقراطية، وتُعرف اختصارًا بالهيئة الرسمية الحاكمة للحزب الديمقراطي الأمريكي، إلى إسفين بين مؤيدي كلينتون ومنافسها على مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة، السناتور بيرني ساندرز، ورغم فوز كلينتون بالترشح، إلا أن هذا الخلاف أضعف فوزها بانتخابات الرئاسة الأمريكية أمام ترامب.
روجر ستون المستشار السياسي لترامب
وبحسب خبراء قانونيين، إذا كان ترامب قد علم ووافق على جهود روسية لاختراق البريد الإلكتروني للجنة الوطنية في الحزب الديمقراطي لإحراج كلينتون، وهي الرسائل التي نشرها فيما بعد موقع “ويكيليكس”، فمن الممكن أن يستغل المدعون ذلك في رفع دعوى على الرئيس بتهمة التآمر.
قد تزيد شهادة كوهين من الضغط القانوني والسياسي على الرئيس الجمهوري، لكن يبدو أنه لم يكشف عن المعلومات التي قد تغرق رئيسه السابق، فعن السؤال المركزي الذي لا يزال يشغل الولايات المتحدة، وهو إن كان هناك تواطؤ بين روسيا وحملة ترامب للتأثير في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، نفى كوهين أن يكون لديه دليل قاطع، لكنه أضاف أن شكوكًا تساوره.
برج ترامب في موسكو
التواطؤ المحتمل بين روسيا وحملة ترامب هو موضوع رئيسي في التحقيق الذي يقوده المحقق الخاص روبرت مويلر، الذي أرَّق الرئيس خلال عامين في منصبه، وقد يزيدها تعقيدًا مثول كوهين أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ للحديث عن هذه المسألة الأكثر حساسية، وهي تواصل فريق ترامب مع الروس خلال الحملة الانتخابية في 2016، واحتمال وجود تواطؤ بين الطرفين من أجل هزيمة هيلاري كلينتون، وهو ما ينفيه ترامب وموسكو بشدّة.
في شهادته الأخيرة كشف كوهين أن ترامب وجَّه مفاوضات بشأن مشروع عقاري في موسكو خلال سباق البيت الأبيض، في الوقت الذي أعلن فيه أنه ليس لديه مصالح تجارية في روسيا
يُضاف إلى ذلك ما قاله كوهين أيضًا عن علاقات ترامب التجارية مع روسيا، ففي شهادته الأخيرة كشف كوهين أن ترامب وجَّه مفاوضات بشأن مشروع عقاري في موسكو خلال سباق البيت الأبيض، في الوقت الذي أعلن فيه أنه ليس لديه مصالح تجارية في روسيا، وهو ما سبق أن أكده تحقيق لموقع “بازفيد” الإخباري الأمريكي، الذي كشف أن ترامب وجَّه كوهين كي يكذب على أعضاء الكونغرس بشأن مفاوضات الرئيس الأمريكي مع الروس لبناء برج سكني في موسكو.
وفي حين كان المرشح ترامب آنذاك يؤكد للجمهور أنه لا يملك أي نشاط تجاري بروسيا، أوضح الموقع أيضًا أن ترامب كان قد أظهر دعمًا لخطة وضعها كوهين تقضي بزيارته لما كان مرشحًا رئاسيًا إلى روسيا في أثناء الحملة الانتخابية والاجتماع شخصيًا بالرئيس فلاديمير بوتين والتفاوض بشأن البرج السكني.
وسبق أن شهد كوهين بأن ترامب أوضح له خلال الحملة الانتخابية في 2016 أن عليه أن “يكذب ويقول” إن المفاوضات لبناء برج يحمل اسم ترامب في موسكو انتهت قبل بدء الانتخابات التمهيدية في الولايات في حين أن المحادثات استمرت في الواقع شهورًا بعد ذلك، لكن كوهين اعترف في أغسطس/آب الماضي بأنه كذب على الكونغرس في بيان أدلى به عام 2017 قال فيه إن المحادثات انتهت في يناير/كانون الثاني 2016 بدلاً من يونيو/ حزيران من ذلك العام.
برج ترامب في نيويورك
ومن الممكن أن يستغل المدعون شهادة كوهين في رفع دعوى يتهمون فيها ترامب بالتآمر الجنائي بالشهادة كذبًا أمام الكونغرس فيما يتعلق بصفقة عقارية في موسكو جرت مناقشات بشأنها لفترة طويلة لكنها لم تنفذ، وذلك بحسب ما نقلت “رويترز” عن المدعي الاتحادي السابق ديفيد سكلانسكي.
ومن الممكن أن يدرس المدعون ما إذا كان ترامب قد خالف القوانين الانتخابية الاتحادية بالسعي للحصول على مساهمة في حملة الدعاية من شخص أجنبي فيما يتعلق بلقاء تم في يونيو/حزيران 2016 بين أعضاء كبار في حملته كان أحدهم ابنه دونالد ومحام روسي على صلة بالكرملين، وبمقتضى القانون الأمريكي لا يمكن لحملات الدعاية في انتخابات الرئاسة أن تقبل أو تسعى للحصول على تبرعات من أجانب.
أي تأثير محتمل لمثل هذه الشهادة؟
كوهين (52 عامًا) هو أحد أعضاء فريق حملة ترامب الانتخابية المتهمين بخرق القانون، لكنه الوحيد الذي يعد من دائرة ترامب المقربة، وعلى مدى 12 عامًا، شغل منصب نائب رئيس “مؤسسة ترامب” في نيويورك، والتي تضم المشاريع التجارية المرتبطة بالعقارات التابعة لترامب حيث يعد المحامي أحد أهم المقربين منه.
بمقتضى الدستور الأمريكي يمكن للكونغرس أن يعلن عدم أهلية الرئيس للحكم ويعزله من منصبه لارتكابه “جرائم كبرى أو مخالفات قانونية”
لكن كوهين انقلب على ترامب في العام الماضي، وألقى بالمسؤولية في هذه الجريمة على ترامب الذي أدار عملية دفع الأموال، وهو يتعاون الآن مع الادعاء بعد إقراره بالذنب في التهرب من الضرائب والاحتيال على البنوك وانتهاك قوانين تمويل الحملات الانتخابية، وربما شجَّعه على ذلك سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب بعد انتخابات التجديد النصفي في العام الماضي، وكانوا قد دعوا كوهين إلى تقديم أدلة.
لذلك يستحق مثول المحامي الشخصي السابق لترامب الاهتمام، فهو قدَّم شهادته بينما يراقب رئيسه السابق في العمل من مقامه في فيتنام حيث يلتقي الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، وفي حين لم يعلق البيت الأبيض على شهادة كوهين، جاءت ردة فعل ترامب أفي أثناء وجوده خارج البلاد بعدما أغضبه كوهين بشهادته، رغم أن مسؤولي إدارة الرئيس يصرون على أنه سيظل مركزًا على قمته مع الزعيم الكوري، وفي تغريدة له على “تويتر” اتهم ترامب من فيتنام “الموظف السابق بالكذب”.
Michael Cohen was one of many lawyers who represented me (unfortunately). He had other clients also. He was just disbarred by the State Supreme Court for lying & fraud. He did bad things unrelated to Trump. He is lying in order to reduce his prison time. Using Crooked’s lawyer!
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) February 27, 2019
ولم يفوت ترامب فرصة لاتهام كوهين بالكذب والتزييف قائلاً إن اهتمامه مُنصب على الكذب على المحققين الفدراليين للحصول على عقوبة سجن مخففة، كما سخرت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ماكبي ساندرز من شهادة كوهين أمام المشرِّعين قائلة: “من المثير للضحك أن تعطى فرصة أخرى لكذاب مثل كوهين لنشر أكاذيبه”.
وبينما حظي كوهين بتعاطف من الديمقراطيين، سعى الجمهوريون إلى التشكيك في مصادقيته، حيث اتهم العضو الجمهوري في مجلس النواب الأمريكي جيم جوردان كوهين بارتكاب 4 جرائم فيدرالية مختلفة خلال فترة امتدت سنوات مدفوعًا بأطماع شخصية، واستخدم سلطته بشكل متكرر بهدف الخداع، لكن الديمقراطيين لا يهتمون بذلك، ووجه كلامه إلى كوهين قائلاً: “يريدون استخدامك فقط، يريدون أن يجدوا شخصًا ما يقول شيئًا من أجل أن يطيحوا بالرئيس”.
وكما كان متوقعًا، ركز الجمهوريون في أسئلتهم التي وجَّهوها لكوهين على مصداقية كوهين، وحاول بعضهم تقويض كوهين خلال جلسة الاستماع، حيث قال العضو الجمهوري جيمس كومر: “لا أعتقد أن مايكل كوهين قادر على قول الحقيقة”، وقال مارك ميدوز، وهو جمهوري تحدّى مرارًا وتكرارًا مصداقية كوهين خلال الجلسة، إنه لا يعرف ما إذا كانت جلسة الاستماع قد فعلت أي شيء لتعزيز الشفافية”.
دونالد ترامب وهيلاري كلينتون خلال حملة الرئاسة الأمريكية 2016
لكن كوهين بدا هادئًا في الغالب تحت سيل الأسئلة الساخنة التي تلقاها من الجمهوريين، وحذرهم من ارتكاب نفس الخطأ الذي ارتكبه في حماية ترامب، قائلاً: “فعلت نفس الشيء الذي تفعلونه الآن، وقمت بحماية ترامب لمدة 10 سنوات، وكلما زاد عدد الأشخاص الذين يتبعون ترامب كما فعلت بشكل أعمى زادت معاناتهم من نفس العواقب التي أواجهها”.
انتقادات كوهين بها جوانب أخلاقية، لكن بها أبعاد سياسية عديدة، لعل أهمها احتدام الصراع بين الجمهوريين والديمقراطيين، فعلى عكس ما رأه الجمهوريين في شهادة كوهين، اعتبر رئيس لجنة الإشراف والإصلاح الديمقراطي إيلايجا كامنغز شهادة كوهين “مقلقة للغاية، ويجب أن تثير قلق جميع الأمريكيين”، وأضاف “أن شهادته ساخنة جدًا، وأعتقد أنها بداية عملية استجواب للرئيس بهدف عزله”.
وبمقتضى الدستور الأمريكي يمكن للكونغرس أن يعلن عدم أهلية الرئيس للحكم ويعزله من منصبه لارتكابه “جرائم كبرى أو مخالفات قانونية”، ومن الممكن أن توجه لترامب أيضًا اتهامات جنائية بعد أن يترك منصبه، لكن على مدى عشرات السنين ظل موقف وزارة العدل الأمريكية أنه لا يمكن لرئيس أن يواجه اتهامات جنائية خلال فترة رئاسته رغم أن بعض المحامين يختلفون مع هذا الرأي.
قد يمثل فرصة للديمقراطيون في مجلس النواب لشحذ سكاكينهم من أجل التدقيق في القضايا المالية والأعمال الخاصة بترامب، ويمكن أن تقدم لهم شهادة كوهين مزيدًا من الذخيرة
كذلك لم تخل شهادة كوهين من الدلالات السياسية، إذ جاءت شهادة كوهين، في الوقت الذي يعقد الرئيس قمته التاريخية الثانية مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون في هانوي، وكذلك في الوقت الذي يستعد فيه الكونغرس للتقرير النهائي للتحقيق في احتمال تواطؤ حملة ترامب مع روسيا، وهو ما قد يمثل فرصة للديمقراطيون في مجلس النواب لشحذ سكاكينهم من أجل التدقيق في القضايا المالية والأعمال الخاصة بترامب، ويمكن أن تقدم لهم شهادة كوهين مزيدًا من الذخيرة.
كما سلطت شهادة كوهين الضوء على عدد من المخاطر القانونية التي قد يواجهها ترامب، إذ من المحتمل أن يواجه ترامب اتهامات بالتحايل الضريبي فيما يتصل بإعلان تقديرات منخفضة عن الواقع لثروته من أجل خفض الضرائب، وذلك حسب الخطوات التي اتبعها. وربما يدرس المدعون ما إذا كانت مؤسسة ترامب الخيرية قد ارتكبت احتيالاً فيما يتعلق ببيع صورة له بالمزاد، فقد اتهم كوهين ترامب بتوجيه المؤسسة الخيرية لدفع مبلغ 60 ألف دولار له، كان مشتر قد دفعها للحصول على اللوحة، وقال كوهين إن ترامب احتفظ بالمبلغ لنفسه.