ترجمة وتحرير: نون بوست
دعا حزب العمال البريطاني المعارض، حكومة بلاده إلى تبرير قرارها القاضي بفرض حظر كامل على حزب الله اللبناني. في الواقع، لم يعارض حزب العمال فكرة الحظر، التي وافق عليها البرلمان يوم الثلاثاء، لكن متحدثا باسم الحزب شكّك في صحة الأدلة التي كانت وراء توسيع نطاق هذا الحظر، الذي فُرض سابقا على بعض الأطراف من جماعة حزب الله منذ سنة 2001 ومن ثم على جناحها العسكري منذ سنة 2008.
قبل عملية التصويت، أورد المتحدّث أن “وزارة الداخلية أصدرت سابقا قرارها بعدم توفُّر دليل كاف على انطباق معايير الحظر على الجناح السياسي لحزب الله، كما أن بعض الوزراء من مجلس العموم البريطاني تبنّوا الموقف ذاته في السنة الماضية، والذي لم يتغير إلى يومنا هذا”. كما حذّر المتحدّث من أن الحظر قد يؤثر على العلاقات الدبلوماسية مع لبنان. ففي الشهر الماضي، فاز حزب الله بثلاث حقائب وزارية ضمن الحكومة اللبنانية، بما في ذلك وزارة الصحة، بعد جدل سياسي دام شهورا عقب الانتخابات.
تشكّل حزب الله لأول مرّة بعد الغزو والاحتلال الإسرائيلي للبنان في الثمانينيات، كما ساعد حكومة بشار الأسد في سوريا على هزيمة قوات المتمردين منذ سنة 2012. وقد زعم وزير الداخلية البريطاني، ساجد جاويد، أن الحظر ضروري لأنه لم يعد بالإمكان التمييز بين الأجنحة السياسية والأخرى المسلحة للجماعة. في المقابل، حذّر المحللون والسياسيون من أن هذه الخطوة قد تضر بالارتباط الذي يجمع بين المملكة المتحدة ولبنان الذي يعاني بالفعل من الهشاشة السياسية والاقتصادية. وفي هذا السياق، أفاد مدير مجلس تعزيز التفاهم العربي البريطاني، كريس دويل، لموقع “ميدل إيست آي” أن هذه الخطوة محفوفة بالمجازفات، في ظل محاولات المملكة المتحدة للتعامل مع المجتمع السياسي والمدني اللبناني.
تعرّض زعيم حزب العمل البريطاني المعارض، جيريمي كوربين، في وقت سابق لانتقادات شديدة من قبل حكومة المحافظين والعديد من الأطراف الأخرى على خلفية عقده لاجتماع سنة 2009 أشار فيه إلى أنه يعتبر كلا من حزب الله وحركة حماس الفلسطينية “أصدقاء” للمملكة المتحدة
علاوة على ذلك، تساءل دويل: “هل ستقدم هذه الخطوة فوائد موثوقة لصالح المملكة المتحدة، وهل ستساعدنا فيما يتعلق بمسألة الأمن وغيرها من المسائل؟ في الواقع، أعتقد أنها ستجعل الحياة أصعب بكثير مما كانت عليه داخل لبنان. وبما أن حزب الله هو أحد الركائز الأساسية في السياسة اللبنانية، أعتقد أنه سيصعّب مهمة مسؤولي السفارة البريطانية الذين يحاولون البروز كقوة إيجابية وفعالة داخل لبنان”.
من جهتها، رحّبت “إسرائيل” بهذه الخطوة، في حين رفضها وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، مشيرا إلى أنه “لن يكون لها أي تأثير سلبي على لبنان”. وأوضح أيضا أن حزب الله “سيحظى دائما بتأييد مؤسسات الدولة وكل الشعب اللبناني” ما دام احتلال “إسرائيل” للأراضي الفلسطينية قائما. وقد تواصل موقع “ميدل إيست آي” مع حزب الله يوم الثلاثاء للحصول على رد، لكن لم يصدر أي بيان حتى الآن في هذا الخصوص.
زعيم حزب العمال المعارض، جيريمي كوربين (وسط الصورة) ينتظر مع وزيرة الخارجية في حكومة الظل البريطانية، إيميلي ثورنبيري (على اليمين) والمرشح البرلماني المرتقب عن ضاحية بروكستاو، غريغ مارشال.
تعرّض زعيم حزب العمل البريطاني المعارض، جيريمي كوربين، في وقت سابق لانتقادات شديدة من قبل حكومة المحافظين والعديد من الأطراف الأخرى على خلفية عقده لاجتماع سنة 2009 أشار فيه إلى أنه يعتبر كلا من حزب الله وحركة حماس الفلسطينية “أصدقاء” للمملكة المتحدة.
وقد دافع كوربين عن رأيه مشيرا إلى أنه استخدم هذه الكلمة لخدمة المصلحة المشتركة، وهو يؤيّد مشاركة كل من حماس وحزب الله في عملية السلام نظرا لأهمية الدور الذي يلعبانه في الشرق الأوسط. في هذا الإطار، نقلت الصحيفة الأسبوعية اليهودية “جويش كرونيكل” عن كوربين قوله إنه “لن تتحقق عملية السلام في المنطقة ما لم تكن هناك محادثات بين “إسرائيل” وحزب الله وحماس. وأعتقد أن الجميع على علم بذلك”.
يتجلّى تأثير حزب الله في المملكة المتحدة في المسيرات التي يقع تنظيمها في يوم القدس العالمي في مدينة لندن، حيث تُقام مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين
في المقابل، انتقد عدد من أعضاء حزب العمال، خلال جلسة نقاش في البرلمان البريطاني يوم الثلاثاء، ما اعتبروه فشل وزير الداخلية في حكومة الظل، نيك توماس سيموندز، في تأييد قرار حظر حزب الله. وحيال هذا الشأن، صرحت النائبة في مجلس العموم البريطاني عن حزب العمال، لويز إيلمان، أنها لم تكن سعيدة حيال عدم قدرة الوزير في حكومة الظل “على تقديم الدعم الكامل والمناسب لقرار حظر منظمة حزب الله الإرهابية”، مضيفة: “أننا لا نعتبر حزب الله صديقا لنا، وقد توفرت اليوم فرصة سانحة كنا قادرين على استغلالها للتعبير عن رأينا بشكل صريح”.
مسيرة يوم القدس العالمي
بمقتضى قرار الحظر الجديد، يُواجه أنصار حزب الله عقوبة بالسجن لمدة عشر سنوات. ويتجلّى تأثير حزب الله في المملكة المتحدة في المسيرات التي يقع تنظيمها في يوم القدس العالمي في مدينة لندن، حيث تُقام مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين. تجدر الإشارة إلى أن هذه التظاهرة السنوية انطلقت في الأصل في إيران، ونظمتها اللجنة الإسلامية لحقوق الإنسان. ويرفع المشاركون في هذه التظاهرة السنوية أعلام حزب الله. وقد انتقد عمدة مدينة لندن الحالي، صادق خان، دعم حزب الله خلال المسيرة.
اعتبر كريس دويل أن دفاع بعض الجماعات البريطانية عن حزب الله كان غير مفيد إلى حد كبير
فيوم الاثنين، نشر خان تغريدة على حسابه على تويتر، أكد فيها موافقته على قرار حظر حزب الله، وتأثير ذلك على مسيرة يوم القدس العالمي، حيث كتب قائلا: “نحن لا نرحب بمعاداة السامية وجرائم الكراهية في مدينتنا. لقد أعربت مرارا وتكرارا عن قلقي الشديد إزاء الدعم الذي يحصل عليه حزب الله في مسيرة القدس السنوية في لندن. وأعبّر عن ترحيبي بالقرار الذي اتخذه وزير الداخلية بعد أن استجاب أخيرًا لهذه المخاوف”.
من جهة أخرى، اعتبر كريس دويل أن دفاع بعض الجماعات البريطانية عن حزب الله كان غير مفيد إلى حد كبير. وأضاف قائلا إن “هناك شريحة صغيرة من المجتمع البريطاني ترغب في المشاركة في هذه المسيرة ورفع أعلام حزب الله معتقدين أنهم بذلك يبلون حسنا، ولكنني لا أعتقد أن هذا الأمر مفيد. في الحقيقة، أعتقد أنه يؤدي إلى نتائج عكسية. ولكنني لست متأكدا إلى أي مدى قد يكون عدم الخوض في ذلك في العلن مفيدا”.
المصدر: ميدل إيست آي