قبل أيام كنت و صديقي الفرنسي الأصل نتابع مسرحية المرشحين للانتخابات السورية و بينما نتجاذب أطراف الحديث حول تداعيات الموضوع و أثره على الملف السوري ألتفت إلي وقال أنتم العرب مضحكون قلت لماذا أجاب: منذ أن بدأت الاهتمام بالمجال السياسي و أنا أحاول أن أرى لمعارضي أنظمة الحكم لديكم مواقف حقيقة تظهر فيها قدرتها على الفعل والتغير و لم أجد بل غاليا ما تكون عبارة عن ردات فعل عاطفية تصب في نهاية المطاف في مصلحة الأنظمة الحاكمة
جاملته بإبتسامة صفراء وقلت له باللكنة الشامية العربية ( فهمان عين الله تحرسك)
الانتخابات العربية (قياس مع الفارق)
قبل التعريج حول عنوان المقال لا بد من الإشارة لأمر غاية في الأهمية و هو حالة المقارنة و الإسقاط اللامنطقي ما بين ديمقراطية الإنتخابات العربية الوليدة منذ أحداث الربيع و بين التجارب الغربية التي وصلت إلى ما هي عليه عبر نفق طويل و مظلم و طريق محفوف بالموت و التضحية و العمل و الجد و البناء أستغرق ما يزيد على 5 عقود متتالية من العمل الدؤوب ، فحري بنا أن نقيم و ننقد ما يجري اليوم انطلاقا من الواقع الذي نمر فيه بكل تحدياته و عقاباته مع مراعاة الخصوصة التاريخية و الإجتماعية للمنطقة
النظام السوري (صناعة الفعل)
كنت قد ذكرت في مقالمنشور سابق مرتبط بالموضوع عن حداثة اهتمام النظام بالانتخابات كمرجح لاستحقاقه المشروعية من عدمها و فصلت في يجب فعله و الحلول المقترحه .
من خلال المتابعة الأخيرة لتفاعل النظام مع حدث الانتخابات نجد الحرص الشديد من قبله ينصب حول إبراز صورة ديمقراطيتة بنسبة تكون أكثر من أي وقت مضى و محاولة إبراز ذلك خاصة للعالم الغربي بحيث يحصل على أكبر قدر من المشروعية لاستمراره على حاله ، النظام يدرك تماما أن العالم الغربي يعلم طبيعة التزوير التي ستعتري الانتخابات التي من المقرر أن يفوز فيها بشار الأسد على منافسيه (الأصدقاء الأعداء) لكن و كما أشرت فإن النظام يسعى لتخفيف نسبة الرفض العالمي له عبر إظهاره قدر أكبر من الديمقراطية في الانتخابات بما لا يغير على طريقة الذي اختار المضي فيه ، تلك الديمقراطية التي ستمنح القوة لحليفه الروسي الدولي أن يحصل على مكاسب أكبر في ظل احتدام الصراع مع القطب الأمريكي مؤخرا وتفاقم أزمة أوكرانيا .
مؤخرا شهدنا تطبيق الهدنة في حمص تسير و لأول مرة بلا أي خروقات من قبل النظام ، نستطيع أن نصف ذلك بمثابة إثبات حسن نية للعالم الغربي تصب نفس السياق الذي ذكرته آنفا
الشعب السوري و المعارضة ( ردة الفعل)
المتابع لإعلام النظام و مؤيديه في خطابهم للشعب السوري و المعارضة يصل إلى نداء واحد وواضح يحاول النظام توجيه من يعاديه إليه و هو (إحرقوا كل الوسائل التي لديكم لإثبات تزويرنتائج الإنتخابات )
و هنا السؤال لنا جميعا من الجديد الذي سيتم تحقيقة في حال إثبات ذلك !! بل السؤال الأهم من الجديد الذي غاب عن الرأي العام العالمي في هذا الأمر لنوصله إليه ؟؟! في ظل يقيننا أن الإنتخابات ستحصل على أي حال و أنه لا نقاش فيها على موقع الأسد الإبن
علينا كشعب سوري و معارضة أن نخرج من أتون الشراك التي ينصبها لنا النظام في كل مرة وينجح في تحقيق مل يريد على أكتافنا
لو كنت في مصاف السياسين الفاعلين في هذا الأمر لصببت الجهد الأكبر ليس في إثبات تزوير الانتخابات السورية ، بل بعدم إثبات مشروعيتها من الأساس مع الإهتمام بكشف زيف كل التفاصيل التي يحاول النظام تصديرها للرأي العام على أنه توجه ديمقراطي جديد من خلال قراءة متتابعة لكل ما يصدر عنه و تفدينها بأحداث بتاريخه الأسود الطويل عبر العقود الأربعة الماضية وانتهاء بشلال الدم السوري الذي سكف في الثورة و الذي يحاول مجددا الصعود عبره إلى سدة الحكم
في نهاية المطاف ، قد أثبتت التجارب أنه ما من مستبد سبيقى كما أثبت التاريخ أن وعي الشعوب هو المسبب الأول في تحررها و رحيل الطغاة