يزدحم سوق الهواتف الذكية بالكثير من الشركات المصنعة التي تُلقي مع كل موسم جديد عشرات الأجهزة، تتنافس فيما بينها للاستحواذ على أكبر حجم من السوق النشط، بمزايا جديدة تفتقد في معظم الأحيان في واقع الأمر، للابتكار والمزايا النوعية؛ إذ أكثر ما هنالك أن تزداد دقة الكاميرا وجودة الصورة، يتحسن التصميم وتتغير مواضع المزايا على الشاشة، تقوى متانة الغلاف، وتزدداد سعة البطاريات بضعة أمبيرات، وننبهر نحن وندفع عصارة ما جمعناه طوال السنة ثمناً لنسخة مطورة من الهاتف السابق.
مؤتمر MWC2019، حمل مزايا ابتكارية بالفعل للهواتف الذكية التي كُشف عنها في نسخة هذا الموسم، مزايا ترسم توجهاً محتلفاً كلياً عن التوجهات التي صبغت القطاع القائم أصلاً على الابتكار
وكمثال عملي؛ أعلنت كل من سامسونج، وإل جي، وهواوي، عن دعم شبكة الجيل الخامس في هاتف جديد من هواتفها الرائدة التي كشفت عتها خلال المؤتمر، على الرغم من عدم توفر هذا الشبكة بعد عملياً، لكن الشركات وفرت دعماً للمعيار استعداداً لإطلاق الشبكة التي توفر سرعات إنترنت تزيد 20 ضعفاً عن شبكة الـ 4G، الآن؛ هل نعتبر هذه ميزة ثورية؟ بالطبع لا، لأن هذا ببساطة تحصيل حاصل، شبكة الجيل الخامس كانت ستأتي بأي حال، ودعم الهواتف الذكية لها أيضاً كان سيأتي بطبيعة الحال!
على أن مؤتمر MWC2019، حمل مزايا ابتكارية بالفعل للهواتف الذكية التي كُشف عنها في نسخة هذا الموسم، مزايا ترسم توجهاً محتلفاً كلياً عن التوجهات التي صبغت القطاع القائم أصلاً على الابتكار، لأكثر من عقد من الزمان، بدءاً من الهواتف المزدانة بشاشات قابلة للطي، أو تلك القابلة للارتداء، إلى دعم تقنيات البلوك تشين ومحافظ للعملات الرقمية.
وفي هذا التقرير، لا نريد أن نعدد أهم ما كشف عنه من الأجهزة الذكية، فهذا دور المواقع التقنية، أما نحن، فنرصد هنا أهم الابتكارات الجديدة كلياً التي أعلن عنها ومن شأنها أن تشكل التوجهات المستقبلية لمجال صناعة الهواتف الذكية في المستقبل وتؤثر على القطاع برمته، فيما لو نجحت وأثبتت جدارتها لدى المستهلكين بطبيعة الحال.
شاشات مطوية
لا شك أن الشاشات القابلة للطي، هي النقلة الثورية الأبرز فيما كشفته الشركات المصنعة للهواتف الذكية خلال MWC19، ففي حين كشفت كل من سامسونخ (Galaxy Fold) وهواوي (Huawei Mate X) عن هواتف تتمتع بالفعل لأول مرة شاشات قابلة للطي، من اليوم الأول للمؤتمر، تدفقت حتى اليوم الجمعة، آخر أيام المؤتمر، الإعلانات من بقية الشركات عن هواتفها القابلة للطي، حتى لا تكاد شركة شهيرة أو أقل شهرة، وإلا وعرضت صوراً لهاتفها المقبل القابل للطي، أو حددت موعداً للكشف عن تفاصيله، بما فيها شركات أوبو وموتورولا وإلي جي، وحتى آبل على ما تسرب، ليعلنوا مجتمعين أن المستقبل لهذه الموجة من الهواتف القابلة للطي، لا سيما وأن الأجهزة التي أعلن عنها بهذا الخصوص تضمنت بالفعل مزايا متقدمة.
خرجت إل جي بهاتفها LG V50 ThinQ 5G، حيث وعلى خلاف الرائج زودته بغطاء حماية يتضمن شاشة ثانوية، مما يسمح بتحويل الجهاز إلى هاتف قابل للطي، ولكن بشكل مختلف، وسعر أوفر من هاتفي سامسونج وهواوي.
تتمثل المشكلة الرئيسية في هذه الهواتف بكونها باهظة الثمن، لتصل إلى 2299 يورو لهاتف هواوي، وتبدأ من 1980 لهاتف سامسونج، وهو ما أطلق نكاتاً من قبل رواد شبكات التواصل، تتندر من أن أحد ميزات الأجهزة الجديدة عدم إمكانية اقتنائها!
وريثما تتضح معالم التوجه الجديد، خرجت إل جي بهاتفها LG V50 ThinQ 5G، حيث وعلى خلاف الرائج زودته بغطاء حماية يتضمن شاشة ثانوية، مما يسمح بتحويل الجهاز إلى هاتف قابل للطي، ولكن بشكل مختلف، وسعر أوفر من هاتفي سامسونج وهواوي.
كاميرات وعدسات
في الواقع، لقد كسرت شركة لايت Light مسبقاً الحدّ الأقصى لما يمكن أن تطمح إليه الشركات، عندما أعلنت العام الماضي عن هاتف بمجموعة كاميرات و16 عدسة!
تجمع هذه الكاميرات الصور التي تُلتقط من كل عدسة منها ثم تُعالجها لتكون صورة واحدة مع أفضل الألوان وتفاصيل العمق والألوان
لكن هذا لم مقنعاً بقدر كاف لأن الهاتف ذاته لم يكن مدعماً بالمزايا التي تليق بهاتف فيه 16 عدسة، فلم تنجح التجربة، لكن شراكة بين لايت وشركة HMD Global أطلقت هاتف Nokia 9 PureView الذي يمتاز بست كاميرات خلفية، وكاميرا أمامية، وبالرغم من ذلك، يتمتع الهاتف بكل المزايا التي تجعل منه هاتفاً رائداً!
وتأتي الكاميرات الخلفية كلها بدقة 12 ميجابكسل، اثنتين منها للتصوير الملون، و 3 للتصوير أحادي اللون، وكاميرا التصوير ثلاثي الأبعاد أو ما يُعرف بـ ToF، وعدسات Zeiss الاحترافية.
وتجمع هذه الكاميرات الصور التي تُلتقط من كل عدسة منها ثم تُعالجها لتكون صورة واحدة مع أفضل الألوان وتفاصيل العمق والألوان، كما يمكنها تصوير صور خام RAW لتتيح للمحترفين تحريرها لاحقاً.
ومايدل أيضاً على أن المستقبل يتجه نحو التعدد المستفيض بالكاميرات والعدسات؛ الشراكة التي أعلنتها لايت مع كل من سوني وشاومي، والتي تهدف لجعل الهواتف الذكية قادرة على أخذ صور بجودة كاميرا DSLR، على ما أعلن لايت.
وفي نفس السياق، كشفت أوبو Oppo عن تقنية التقريب البصري حتى 10x لأول مرة في العالم، وذلك بعد 5 سنوات من إطلاقها نفس الميزة لكن 5X، وهو ما يعني في حال ظهورها تطوراً كبيراً في كاميرات الهواتف الذكية.
بصمة راحة الكف
يعتبر هاتف إل جي LG G8 ThinQ أول هاتف ذكي في العالم يدعم المصادقة عن طريق بصمة أوردة اليد، وتزعم الشركة أن التقنية الجديدة أكثر أماناً من تقنية التعرف على بصمات الأصابع. وتعمل الميزة بالجمع بين كاميرات التصوير ثلاثي الأبعاد ToF Z وحساسات الأشعة تحت الحمراء، وأوضحت إل جي في مدونتها، الأمر، بالقول: “تحدد بصمة أوردة اليد من خلال التعرف على الشكل والسمك والخصائص الفردية الأخرى للأوردة في راحة اليد”، وترى إل جي أن “وضع يد مسجلة مسبقاً أمام الكاميرا الأمامية لجزء من الثانية هو كل ما يتطلبه الأمر لفتح LG G8 ThinQ وجميع محتوياته”.
هاتف ملبوس
على خلاف سامسونج وهواوي حتى TCL التي كشفت عن مجموعة هواتف قابلة للطي، استغلت شركة “نوبيا” تقنية شاشات OLED القابلة للطي لتطوير ساعة Nubia Alpha التي تتمتع بشاشة كبيرة قابلة للثني أكثر من 100 ألف مرة دون تأثر، بقياس 4 بوصات وبأبعاد تقترب من 5:1 كونها تأتي طولية، ومزايا إضافية من بينها كاميرا بدقة 5 ميغا بيكسل وذاكرة رام بسعة 1 جيجا بايت مع سعة تخزين داخلية 8 جيجا بايت، مع نظام أندرويد، ما يجعلها أقرب للهاتف الذكي القابل للارتداء.
بطارية أم بنك طاقة؟
شركة إنرجايزر، كشفت عن هاتف ذكي مزود ببطارية ذات سعة هائلة تبلغ 18 ألف ميلي أمبير، ما يجعل من هاتف Energizer Power Max P18K Pop أقرب إلى بنك طاقة ضخم، مع أعلى سعة بطارية على الإطلاق تتواجد في هاتف ذكي، والتي تضمن إجراء ما يصل إلى 90 ساعة من المكالمات والاستماع إلى 100 ساعة من الموسيقى ومشاهدة مقاطع فيديو بشكل مستمر لمدة 200 ساعة على شحنة واحدة، وفق الشركة.
هذا العمر المديد للبطارية يثير شهية جميع المستهلكين، إلا أن ضخامة الجهاز منفّرة إلى أقصى حد، ما يجعل من الصعب التبنأ بأن فكرة البطارية المعمرة مع هذه الضخامة ستطغى على ميزة الشحن السريع على سبيل المثال، والتي تشهد مزيداً من التطور والانتشار لدى الشركات المنتجة، يصعب القول إنها ستمثل اتجاهاً مستقبلياً!
تقنيات البلوك تشين
بعد أشهر من أول حديث لها عن هاتف يرتكز على تقنية البلوك تشين، أعلنت شركة HTC أخيراً، أن المستهلكين سيتمكنون بدءاً من شهر مارس من شراء هاتفها الذكي HTC Exodus الداعم لتقنية البلوك، في محاولة لإنشاء هاتف ذكي تم تصميمه لشبكة الويب اللامركزية، لاستقطاب المتعاملين بالعملات الرقمية المشفرة، مع وعدها بتوفيره حماية أفضل للبيانات ومعاملات محمولة أكثر أمانًا.
لا يعتبر HTC Exodus أول هاتف يقوم على تقنية البلوك تشين، إذ سبقه هاتف Finney من شركة Sirin Labs الذي أعلنت عنه في نوفمبر الماضي
يضم الهاتف نحو 20 تطبيقاً جديداً متخصصاً بالمجال العملات الرقمية، بما في ذلك تطبيق Numbers الذي يتتبع بيانات المستخدم عن المشي والنوم والقيادة وغيرها، ثم يسمح له ببيع بياناته الخاصة إلى أطراف ثالثة. ويتمتع هاتف HTC Exodus بإمكانية الوصول إلى عدد من التطبيقات اللامركزية الجديدة (المعروفة باسم Dapps) المتواجدة في متجر تطبيقات لا يدار من قبل أي شركة محددة، بحيث تستفاد هذه التطبيقات بشكل محدد من العتاد الخاص بالهاتف.
وفي الواقع، لا يعتبر HTC Exodus أول هاتف يقوم على تقنية البلوك تشين، إذ سبقه هاتف Finney من شركة Sirin Labs الذي أعلنت عنه في نوفمبر الماضي، وهو بدوره هاتف ذكي يقدم لمستخدميه تجربة تكنولوجيا البلوك تشين المحمولة والمتكاملة مع محفظة التشفير الباردة المضمنة، وجرى تصميم نظام التشغيل كنسخة معدلة من نظام أندرويد أوريو 8.1 معتمدة من قبل جوجل للتغلب على التحديات الأمنية المرتبطة باستخدام وتخزين العملة الرقمية المشفرة على الأجهزة المحمولة، ويتيح نظام التشغيل الوظائف الفريدة لهاتف Finney، بما في ذلك محفظة التشفير الباردة للتخزين وتشغيل التطبيقات اللامركزية DApps وتطبيق محفظته التشفير المدمجة، وهو نظام أمان إلكتروني متعدد الطبقات قائم على التعلم السلوكي، طبقاً للبوابة العربية للأخبار التقنية.
وبالإضافة لهذا، ضمنت سامسونج في هاتفها الرائد Galaxy S10 محفظة مدمجة للعملات الرقمية، بحيث يمكن للمستخدمين تخزين عملات بيتكوين واثيريوم والعملة الرقمية المرتبطة بالجمال Cosmo Coin في المحفظة.
هذه التحديثات، تعزز بمجملها من بناء توجه نحو دعم المزيد من الهواتف الذكية لتقنية البلوك تشين ومحافظ العملات الرقمية في المستقبل.
الآن دعنا نتخيل، أن جميع هذه التقنيات اجتمعت في جهاز واحد، كيف سيبدو؟
المصدر: أسطرلاب