لم يمض وقت طويل على لعبة “الحوت الأزرق” التي أثارت الجدل في مختلف دول العالم لما أثير بشأن تسببها في إقدام الكثير من الشباب والأطفال على الانتحار كأحد مقتضيات التحدي الذي يستمر 50 يومًا، حتى طفت على السطح لعبة أخرى، البعض يعتبرها امتدادا لها وإن كان أخرون يعتبرونها إفرازا جديدًا للثورة الالكترونية الهائلة.
تحدي “مومو”.. لعبة فرضت نفسها مؤخرًا على منصات برنامج التواصل الشهير “واتس اب”، تبدأ بصورة فتاة ذات عيون جاحظة وابتسامة مخيفة، ترسل رسائل تهديد للضحية إن لم يستجب لتعليماتها والتي في الغالب تكون إتمام اللعبة حتى النهاية، الأمر الذي أثار ضجة عالمية خاصة بعدما أثير بشأن تسجيل أول حالة انتحار في الأرجنيتن بسبب تلك اللعبة لفتاة تبلغ من العمر12 عامًا.
اللعبة وإن كانت حديثة العمر إلا أنها فرضت نفسها بصورة قوية في بعض الدول على رأسها مصر، والتي تحركت كبار الهيئات بها تحذيرًا من هذا التحد الذي ربما يهدد حياة ملايين الأطفال، فما السر وراء هذا الجدل؟ وهل تستحق اللعبة فعلا كل هذا القلق والخوف إلى الحد الذي يصدر لأجلها فتوى بالتحريم؟
مرحبا أنا مومو
«مرحبًا أنا مومو».. بهذه الجملة ترسل اللعبة رسالة على حساب الضحية على “واتس اب” في ساعات الفجر، مصحوبة بصورة مشوهة الملامح يقال إنها مأخوذة من متحف الفن المرعب بالصين، ثم تتبعها برسالة أخرى بها بعض المعلومات الشخصية عن الشخص المطلوب، وهو ما يثير في نفسه الشك والقلق.
وفي حال عدم الرد تكون هناك رسالة أخرى “أنا أعرف كل شيء عنك»، تتبعها بسؤال : «هل تود تكملة اللعبة معي؟»، وبعد الموافقة على البدء ترسل رسالة آخري«أن لم يتم الالتزام بتعليماتي سأجعلك تختفي من على الكوكب دون أن تترك أثرًا».. ومن هنا تبدأ مرحلة سقوط الضحية في الفخ.
العديد من التقارير أشارت إلى أن اللعبة تشجع الأطفال على إيذاء أنفسهم بعد إرسالهم صورًا عنيفة عبر الواتس أب، فيما كشفت صحيفة «بوينوس ايريس تايمز» عن تسجيل أول حالة انتحار لفتاة تبلغ من العمر 12 عام في الأرجنتين ارتبط بسبب وفاتها بهذه اللعبة.
فوفقا لعدد من الجمعيات البريطانية مثل جمعية مركز الإنترنت الآمن في بريطانيا (The UK Safer Internet Centre) فإن الأمر لا يعدو مجرد خدعة لا أساس لها من الصحة
الشرطة الأرجنتينية لا تزال تحقق في تلك القضية بعدما شغلت الرأي العام، كما تواصل بحثها عن شاب يبلغ من العمر 18 عامًا يُزعم أنه اتصل بها قبل وفاتها، في محاولة للوقوف على ملابسات الحادث ومدى مسئولية تلك اللعبة عن الجريمة.
جهات التحقيق هناك ذكرت أن «نية الفتاة هي تحميل الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي كجزء من التحدي الذي يعزو إليه لعبة مومو»، وتابعت: «تم اختراق الهاتف للعثور على لقطات ودردشات WhatsApp الخاص بالفتاة والآن يتم البحث عن المراهق المزعوم الذي تبادلت معه تلك الرسائل».
سارة فايد، مرشدة تربية إيجابية لبنانية تعمل في جدة منذ 8 سنوات، قالت في حديثها لـ “بي بي سي”، إنها تلقت شكاوي من أكثر من أم بخصوص “مومو”، مضيفة وهي الأم لطفل في الرابعة أن الأهل “كانوا بحاجة لصدمة” ليتنبهوا لخطر الشاشات الإلكترونية، من تلفاز وهاتف محمول وكومبيوتر لوحي (تاب) وغيرها.
وأشارت إلى أن “التربويين يحذرون من خطر الشاشات بغض النظر عن مثل هذه الأمور المرعبة”، موضحة “ابني صغير ولا أرسله إلى أي مكان وحده. الأمر ذاته ينطبق على الإنترنت: إن تركته يستخدم الإنترنت وحده فكأني أرسلته وحده إلى مكان بعيد وغريب. فنحن لا نعرف ما الذي يتعرضون له”.
هلع كبير بسبب اللعبة
بين الحقيقة والخدعة
خلال الأيام الماضية نشرت إحدى الأمهات على مجموعة “الغربتليات (المغتربات) السوريات في بريطانيا” صورة لرسالة قالت إن إدارة مدرسة ابنها في بريطانيا أرسلتها للعائلة، وجاء فيها أن إحدى الطالبات الصغيرات (في الصف الأول) قالت إنها كانت تلعب بهاتف أمها المحمول وتشاهد موقع يوتيوب فظهر لها وجه مخيف، فضغطت عليه، كما أن أطفالا آخرين اشتكوا من طلاب أكبر كانوا يخيفونهم بقصص عن شخصية مخيفة شاهدوها على الإنترنت.
لكن شاب هذه الرواية بعض التشكيك من قبل عدة جهات، فوفقا لعدد من الجمعيات البريطانية مثل جمعية مركز الإنترنت الآمن في بريطانيا (The UK Safer Internet Centre) فإن الأمر لا يعدو مجرد خدعة لا أساس لها من الصحة، كما نقلت “بي بي سي” عن صحيفة الغارديان.
بعض الروايات أشارت إلى أن صورة “مومو” ظهرت كإعلان خلال بعض حلقات مسلسل الأطفال البريطاني (Peppa Pig) الذي يتمتع بشعبية كبيرة
فيما نفت بعض الجمعيات في بريطانيا ورود أي بلاغات تشير إلى استلام أشخاص مثل هذه الرسائل التي تدفعهم إلى إيذاء أنفسهم، بينما قال جيم واترسون المحرر الإعلامي لصحيفة الغارديان: “إن التغطية الإخبارية لتحدي مومو دفعت المدارس والشرطة للتحذير من المخاطر المفترضة لهذا التحدي، الأمر الذي أدى بدوره إلى نشر مزيد من الأخبار التي تحذر من هذا التحدي”.
We want to clear something up regarding the Momo Challenge: We’ve seen no recent evidence of videos promoting the Momo Challenge on YouTube. Videos encouraging harmful and dangerous challenges are against our policies.
— YouTube (@YouTube) February 27, 2019
جمعية المجتمع الوطني لحماية الأطفال من العنف (NSPCC) في لندن قالت إنها تلقت اتصالات من صحفيين أكثر من آباء قلقين للاستفسار عن هذا الموضوع، وفق الصحيفة البريطانية، فيما أكدت الشرطة هناك أنها لم تتلق أي بلاغ عن أطفال أذوا أنفسهم بسبب “مومو”.
بعض الروايات أشارت إلى أن صورة “مومو” ظهرت كإعلان خلال بعض حلقات مسلسل الأطفال البريطاني (Peppa Pig) الذي يتمتع بشعبية كبيرة، بينما فندتها أخرى بزعم أنه قد تم تحميل نسخ غير رسمية من المسلسل وأضيف لها لقطات من صورة اللعبة، ما دفع موقع “يوتيوب” ذاته للتعليق عبر تغريدة على حسابه على “تويتر”: “لم نعثر على أي دليل حاليا بخصوص مقاطع فيديو تروّج لتحدي مومو. هذا ضد سياستنا”.
البعض يرى أنها امتداد للعبة الحوت الأزرق
جدل في مصر
إن كانت اللعبة تسببت في إحداث حالة من الجدل في الأوساط العالمية فالوضع في مصر أعمق بكثير، فبعد أيام قليلة من انتشارعها على وسائل التوصل الاجتماعي، حذَّر المجلس القومي للطفولة والأمومة (حكومي)، الأطفال وأولياء الأمور من اللعبة، مؤكدة أنها تُهدد حياة الأطفال.
عزة العشماوي، الأمين العام للمجلس، أفادت أن خط نجدة الطفل تلقى بلاغًا يفيد بإطلاق لعبة جديدة تسمّى تحدي مومو (Momo challenge) تهدد حياة الأطفال، مشيرة إلى أنه تم إطلاقها عبر تطبيق “واتس آب”، وهي لعبة جديدة تؤدى إلى الانتحار، انطلقت في بلدان عديدة حول العالم.
وفي بيان لها أضافت أن “اللعبة المميتة تبدأ بتحدٍ يسمي تحدي مومو عن طريق متحكم غامض، يقوم بإرسال صور عنيفة الطابع إلى طفل عبر تطبيق واتس أب، أو من خلال الألعاب عبر الإنترنت، ويقوم من خلالها بتهديد الفتيان الصغار في حال رفضوا اتباع الأوامر التي تطلبها منهم، والتي تصحبها رسالة مخيفة تستهدف بعض مستخدمي “واتس آب”، وتقوم بتهديدهم بأنها تعرف الكثير من المعلومات عنهم كما تشجع الأطفال على القيام بأعمال مؤذية أو وضع أنفسهم بمواقف خطرة”.
دار الإفتاء المصرية، الجمعة الماضية، حذرت في بيان لها من المشاركة في اللعبة، داعيًة الجهات المعنية لسرعة تجريمها بشتى السبل، ومَنْعَها بكل الوسائل الممكنة
رئيسة مجلس الأمومة ناشدت الجهات المعنية، بضرورة إدراج مثل هذه الألعاب تحت مظلة الجرائم الالكترونية، مشددة على أن أمن أطفالنا وسلامتهم هي مسئولية مشتركة بين جميع أجهزة الدولة، كما ناشدت في الوقت ذاته أولياء الأمور بضرورة متابعة ألعاب أطفالهم باستمرار حتى لا يقعوا فريسة سهلة للقرصنة الإلكترونية، والتي قد تعرض حياتهم للخطر، داعية أولياء الأمور بالاتصال بالخط الساخن لنجدة الطفل “16000” للحصول على المشورة النفسية الصحيحة فى التعامل مع مثل هذه المواقف مع الأطفال.
الأمر لم يتوقف عند الحماية المجتمعية للأطفال من اللعبة فحسب، بل دخل الدين بدوره على الخط، الأمر الذي أضفى مزيدًا من الأهمية على التحدي الذي بات على قائمة الموضوعات الأكثر حضورا على منصات السوشيال ميديا في مصر خلال الأيام القليلة الماضية.
دار الإفتاء المصرية، الجمعة الماضية، حذرت في بيان لها من المشاركة في اللعبة، داعيًة الجهات المعنية لسرعة تجريمها بشتى السبل، ومَنْعَها بكل الوسائل الممكنة، مناشدة الآباء متابعة أولادهم والحرص على معرفة الألعاب التى يلعبونها للوقاية من شر هذه الألعاب حيث أنه يُقال إن الرسائل المصاحبة للصورة تُشجع الأطفال إما على القيام بأعمال مؤذية لأحبائهم، أو وضع أنفسهم بمواقف خطرة، أو حتى الانتحار.. بحسب البيان