ترجمة وتحرير: نون بوست
كتب: ناديجدا أليكسيفا وإيرينا طارين
بحسب نائب رئيس الدولة، فؤاد أقطاي، تتوقع تركيا صنع مقاتلة الجيل الخامس بحلول سنة 2023. وبعد ثلاث سنوات أخرى، ستجري أول رحلة تجريبية. كما أشار إلى أنه يجب تشغيل الطائرة سنة 2031.
عموما، تشارك الشركات الأجنبية في المشروع التركي، إلا أن أنقرة تعتزم تطوير محرك المقاتلة ومعداتها بشكل مستقل. وبحسب الخبراء، سيسمح صنع مقاتلة من الجيل الخامس لتركيا بالحد من اعتمادها على الولايات المتحدة. وفي وقت سابق، منعت واشنطن تسليم طائرات إف-35 إلى الجانب التركي، نظرا لأن أنقرة وقعت عقدا مع موسكو لشراء أنظمة إس-400 الروسية.
في شأن آخر، بحلول سنة 2023، ستُقدم تركيا مقاتلة من الجيل الخامس، كما من المقرر إجراء أول رحلة تجريبية سنة 2026، بحسب ما صرح به نائب الرئيس التركي، فؤاد أقطاي. ووفقا للسياسي التركي، ستدخل هذه المقاتلة في الخدمة ضمن سلاح الجو التركي بحلول سنة 2031. وبحسب الخبراء، يتمثل المشروع في مقاتلة الجيل الخامس تي إف إكس، التي تعمل الشركة التركية لصناعات الفضاء على تصنيعها. وفي المستقبل، ستحل المقاتلة الجديدة محل مقاتلات إف-16 القديمة، التي جمعت في أنقرة بموجب ترخيص من الشركة الأمريكية لوكهيد مارتن.
مستوى متقدم
خلال سنة 2013، ظهرت خطط تطوير طائرة سلاح الجو الوطني في أنقرة للمرة الأولى. وفي ذلك الوقت، كانت الإستراتيجية طويلة المدى. وبحسب توقعات القيادة التركية آنذاك، كان من المنتظر أن تبدأ المقاتلات في الخدمة ضمن القوات الجوية للبلاد بحلول سنة 2060 كحد أدنى. ومنذ البداية، اعتمدت أنقرة على التعاون الدولي في عملها على هذا المشروع. وفي حزيران/ يونيو من سنة 2013، وقعت وزارة الدفاع التركية اتفاقية حول الشراكة التكنولوجية مع شركة ساب الأوروبية، وقد طوّر مصمصون سويديون ثلاث خيارات لتصميم طائرة مقاتلة مميزة.
نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي
خلال سنة 2013، أكدت مصادر عديدة عن الدوائر الصناعات العسكرية التركية، أن أنقرة ستُنفق ما بين 31 و33 مليار دولار على تنفيذ مشروع تي إف إكس، علما وأن هذه الأموال ليست سوى جزء من مجموع النفقات التركية لإعادة تجهيز القوات الجوية. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر من سنة 2017، أكد نوريتين جانكي، وزير الدفاع التركي آنذاك، أن العمل مستمر على تطوير مقاتلة تي إف إكس.
في هذا الصدد، نقلت وكالة الأناضول عن وزير الدفاع السابق، قوله: “سنمر بجميع مراحل المشروع في أقرب وقت ممكن، ولن يحدث أي تأخير”. وأضاف جانكلي أن شركاء تركيا من مختلف البلدان شاركوا في صناعة المقاتلة المجنحة. وعبّر المسؤول التركي، عن دعمه لبلاده على مسألة التنويع في عدد الدول المتعاونة معها وتجنب الاعتماد على دولة واحدة دون غيرها. وفي هذا الشأن قال موضحا “إذا كنت تقتصر على التعاون مع شركة واحدة أو دولة واحدة فقط، فستواجه مشاكل متنوعة في مراحل معينة من تنفيذ المشروع”.
على الرغم من أن تركيا تتعاون بنشاط مع الشركات الأجنبية، فإنها تنوي صناعة المحرك الخاص بالمقاتلة الجديدة بنفسها
في كانون الثاني/ يناير من سنة 2017، وقعت الشركة التركية لصناعات الفضاء وشركة بي إيه إي سيستمز، الواقعة في المملكة المتحدة، اتفاقية تعهّد بموجبها الجانب البريطاني بمساعدة زملائه الأتراك في العمل على مشروع تي إف إكس. وخلال موفى سنة 2017، نشرت منظمة الشفافية الدولية الخصائص التكتيكية والتقنية الأولية التي يجب أن تتمتع بها المقاتلة التركية المستقبلية. ومن المفترض أن يُقدر أقصى وزن للإقلاع حوالي 27 طن، وطول جناحيها 12 متر. كما سيتجاوز السقف العملي للطائرة 16 كيلومتر.
على الرغم من أن تركيا تتعاون بنشاط مع الشركات الأجنبية، فإنها تنوي صناعة المحرك الخاص بالمقاتلة الجديدة بنفسها، فضلا عن تطوير أسلحة أخرى. وبحسب الخبراء، من خلال صنع أنقرة لمقاتلات تركية على أراضيها، ستسعى لتطوير عدد من الصناعات الأخرى، بالإضافة إلى خلق فرص عمل جديدة. ووفقا لما أوضحته الشركة التركية، ستكون مقاتلة تي إف إكس قادرة على التفاعل مع الطائرات المقاتلة الأمريكية إف-35.
في هذا الصدد، صرح المدير التجاري لمجلة “أرسنال أوتشيستفا” الروسية، أليكسي ليونكوف لقناة آر تي الروسية أنه “لا يجب التفاجؤ من عزم الجانب التركي على تطوير المقاتلة بمساعدة الشركات الأجنبية لأن هذه الطريقة متداولة إلى حد ما في عالم الصناعات العسكرية”. وأضاف لينوكوف “هذه الطريقة هي المرحلة الأولى في تطوير صناعة الطيران العسكري. وقد تتمثل الخطوة التالية في التخلي عن العديد من الأجزاء الموردة. وفي نهاية المطاف ستتمكن أنقرة من تطوير إنتاج مستقل تماما”.
في سياق متصل، أشار الخبير إلى أنه لا يزال من السابق لأوانه الحكم على مدى نجاح المشروع التركي. في المقابل، تطرح تساؤلات من قبيل “إلى أي مدى ستكون الموارد المالية والبشرية كافية لدى تركيا؟”. وعلى العموم، تملك تركيا إمكانيات كبيرة للانتقال إلى إنتاج مقاتلاتها الخاصة. كما أضاف الخبير أن أنقرة اكتسبت خبرة واسعة في تجميع طائرات إف-16، برخصة أمريكية.
رجب طيب أردوغان
على صعيد آخر، يتبنى رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية الروسي، إيفان كونوفالوف، وجهة نظر مماثلة. وقال في مقابلة جمعته مع وكالة روسيا اليوم: “تريد تركيا أن يكون لها مجمع صناعي عسكري، يصنع نوعية أسلحة خاصة بها. إضافة إلى أنه في الوقت الراهن، يوجد عدد قليل فقط من الدول القادرة على القيام بذلك”.
أضاف كونوفالوف: “تنتج العديد من الدول طائرات مختلفة، عن طريق استيراد مكوناتها من الشركاء الأجانب. وفي الحقيقة، تعتمد صناعة الدفاع في جميع الدول إلى حد ما على الموردين، وتعتبر روسيا والولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا الدول التي تنتج طائراتها كاملة بشكل خاص دون استيراد مكوناتها من الجهات الأجنبية. وأفاد كونوفالوف بأنه “من المحتمل أن يحقق المجمع الصناعي العسكري التركي تقدمت كبيرا، غير أن ذلك لن يكون ممكنا بحلول سنة 2023، ورغم ذلك تصر أنقرة على تحقيق ذلك”.
عموما، لا تعد صناعة مقاتلة الجيل الخامس “تي. إف. إكس” مشروع الدفاع الوحيد الذي تسعى تركيا لإنجازه. ومن جهته، ذكر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 2017، أنه “يتوجب على تركيا سنة 2023 وبمناسبة احتفالها بالذكرى المئوية لتأسيس جمهورية تركيا، التغلب على الاعتماد الخارجي فيما يتعلق باستيراد الأسلحة”.
تواجه أنقرة بشكل دوري مشاكل بسبب التعاون الوثيق مع الشركات الأجنبية، ولعل ما حدث معها أثناء صنع دبابة ألتاي خير دليل على ذلك
تجدر الإشارة إلى أن نية تركيا في الاستغناء عن استيراد الأسلحة لا تقتصر فقط على الإدلاء ببعض التصريحات في هذا الشأن أو تسريب بعض البيانات، حيث بدأت تركيا في إنتاج كميات كبيرة من الأسلحة الصغيرة، لتصبح منتجا ومصدرا رئيسيا للبنادق والشوزن. وفي الواقع، على الرغم من انخفاض أسعار الأسلحة التي تنتجها في الوقت الراهن، إلا أن أغلبها تقوم على الحلول التقنية المقترضة. علاوة على ذلك، ظهرت الأسلحة الصغيرة المطورة ذاتيًا في تركيا في الفترات الأخيرة.
في الحقيقة، تواجه أنقرة بشكل دوري مشاكل بسبب التعاون الوثيق مع الشركات الأجنبية، ولعل ما حدث معها أثناء صنع دبابة ألتاي خير دليل على ذلك؛ حيث رفضت الشركات الأوروبية المشاركة في المشروع بسبب أزمة العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، ما أدى إلى تعليق الإنتاج. لكن، تمكنت تركيا في تشرين الثاني/ نوفمبر من السنة الماضية من استئناف عملية صنع هذا النوع من الدبابات.
تخفيض مستوى التبعية
أظهرت الأحداث التي جدت خلال السنوات الأخيرة أن تركيا تجمعها بعض الخلافات مع شركائها ليس فقط في إطار العمل المشترك من أجل صناعة الدفاع، بل أيضا فيما يتعلق بإمدادات الأسلحة. وفي وقت سابق، قررت تركيا خلال سنة 2006، شراء 100 مقاتلة من الجيل الخامس من طراز “اف.35” من الولايات المتحدة الأمريكية. وكان من المفترض أن تحل المقاتلات الجديدة محل “إف.16 الصقر المقاتل” و”إف.4 فانتوم الثانية” في أسطول السلاح الجو التركي.
من جانب آخر، كان من المقرر، أن يكون العقد ساري المفعول لمدة 20 سنة. في الوقت نفسه، شارك الجانب التركي بشكل مباشر في صناعة المقاتلة الجديدة، جنبا إلى جنب مع غيره من شركاء الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي، على غرار بريطانيا وإيطاليا وهولندا وكندا واستراليا والنرويج والدنمارك.
إف.35 لايتنيغ الثانية. سلاح جو
كانت صفقة إمداد تركيا بمقاتلات “إف.35” تحت التهديد بسبب رغبة أنقرة في شراء منظومة الصواريخ الروسية المضادة للطائرات “أس-400”. والجدير بالذكر أن وزارة الخارجية التركية أعلنت عزمها على إبرام صفقة مع موسكو من أجل الحصول على منظومة الدفاع الجوي في نيسان/ أبريل سنة 2017، وإبان ذلك أعلن الجانبين على توقيع على عقد ذي صلة.
في الواقع، أثار هذا القرار غضب واشنطن التي هددت بفرض عقوبات على الجانب التركي، حيث يعتقد البيت الأبيض أن تسليم مقاتلات “إف.35” إلى دولة سوف تنشر داخل أراضيها أنظمة دفاع جوي روسية الصنع، أمر غير مقبول. وعلى الرغم من إعلان القيادة التركية عن عدم نيتها في التراجع عن عقد الصفقة مع موسكو، إلا أن ذلك لم يمنع واشنطن من محاولة الضغط على شريكها في حلف الناتو.
من جانبه، صرح وزير الدفاع الأمريكى بالوكالة، باتريك شاناهان، في الثاني من آذار/ مارس الحالي، أنه خلال الشهرين الماضيين التقى مع وزير الدفاع خلوصي آكار، خمس مرات، وتطرق خلال جميع المحادثات إلى الصفقة الروسية التركية. وأشار إلى أن بلاده ترفض إمداد تركيا بمقاتلات “إف.35″، في حال لم تتخلى أنقرة عن منظومة “أس-400”. ووفقاً للخبراء، فإن رغبة أنقرة في التخلص من الحاجة إلى التفاوض مع واشنطن بشأن شروط توريد الأسلحة والمعدات دفعها إلى تطوير المجمع الصناعي العسكري الخاص بها.
تُعرف واشنطن بعدم التزامها بالاتفاقيات وقدرتها على إلغائها في جميع الأوقات، لذلك لا يصدق الجانب التركي أنقرة ويتوقع عدولها عن قرارتها في أي وقت
بحسب الخبير الروسي إيفان كونوفالوف، تهدف الإجراءات التي اتخذها الجانب التركي إلى خفض مستوى الاعتماد على الولايات المتحدة، التي فرضت في وقت سابق شروطا من أجل إمداد تركيا بمقاتلات “إف.35”. كما تحاول أنقرة منذ فترة طويلة اتباع سياسة مستقلة في هذا المجال وعدم الاعتماد على الناتو. في المقابل، أضاف كونوفالوف، أن مشروع صناعة مقاتلة “تي إف. إكس” يجري تنفيذه في إطار الهدف الذي أعلنت عنه القيادة التركية منذ فترة طويلة، والذي يتمثل في استبدال الواردات في صناعة الدفاع. ومن خلال تنفيذ هذا المشروع وغيره، تستطيع أنقرة إثبات استقلالية مجمعها الصناعي العسكري عن الولايات المتحدة.
في الواقع، تُعرف واشنطن بعدم التزامها بالاتفاقيات وقدرتها على إلغائها في جميع الأوقات، لذلك لا يصدق الجانب التركي أنقرة ويتوقع عدولها عن قرارتها في أي وقت. علاوة على ذلك، تعد الدول الأوروبية بمثابة شريك رئيسي لتركيا في مجال صناعة الدفاع، ولكن بمجرد أن تهدد الولايات المتحدة بفرض عقوبات يتوقف التعاون. لذلك، تريد أنقرة الخروج عن سيطرة الولايات المتحدة وشركائها في حلف الناتو، وذلك بحسب ما توصل إليه كونوفالوف.
المصدر: روسكايا فيسنا