لم تعرف جبال إقليم كشمير وهضابها وسهولها السلم والوئام منذ أكثر من نصف قرن، فهذه المنطقة بقيت موضع خلاف بين كل من دولتين حتى قبل الاستقلال عن بريطانيا، ومنذ أن نالت شبه القارة الهندية استقلالها عام 1947، طالب الكشميريون بحل للنزاع الذي لم يُحسم عما إذا كان ينبغي أن يكون الإقليم مستقلاً أو جزءًا من الهند أو باكستان.
في سبيل ذلك خاضت الدولتان 3 حروب، نتج عنها تهجير العديد من سكان الإقليم المسلمين إلى باكستان التي تبنت قضيتهم، وجعلتها شرطًا أساسيًا للسلم والاستقرار في شبه القارة الهندية، أمَّا أبناء كشمير الذين هُجِّروا إلى باكستان فإنهم لم ينسوا قضيتهم، وحملوا السلاح ضد ما يعتبرونه احتلالاً هنديًا لبلادهم، وحملت الحكومات الباكستانية المتعاقبة أيضًا لواء القضية الكشميرية التي كانت ولا تزال المحرك الرئيسي للسياسة الداخلية في باكستان.
أمَّا الأحزاب الكشميرية فقد باتت أشبه بالفسيفساء كثيرة العدد، متباينة الأحجام، متعددة الاتجاهات، بعضها يطالب بالانضمام إلى الهند، وبعضها الآخر يسعى للانضمام إلى باكستان، ويرى فريق ثالث في استقلال كشمير عن كلا الدولتين وسيلة للخلاص، ويمكن تقسيم الأحزاب الكشميرية من حيث الأداء الوظيفي إلى قسمين أساسيين: أحزاب سياسية تنتهج وسائل المقاومة السياسية لتحقيق أهدافها، وجماعات جهادية عسكرية مسلحة.
حركة المجاهدين.. “اخترت مسدسًا عوضًا عن القلم للرد بنفس اللغة”
عام 1988، وبعد سنوات من تضييق الخناق على المعارضة السياسية في الجزء الذي تديره الهند من كشمير، اندلعت الاحتجاجات بعد انتخابات الولاية المتنازع عليها قبل أشهر، ووسط هذه التوترات، ظهرت جبهة تحرير جامو كشمير (JKLF)، وهي جماعة مؤيدة للاستقلال كانت تريد أن تكون كشمير منفصلة عن كل من الهند وباكستان.
ظهرت عدة مجموعات مسلحة أخرى، بعضها يستمد الدعم من داخل الشطر الهندي من كشمير، بينما يستقر الآخرون في باكستان
وسرعان ما انضمت جماعات أخرى إلى النزاع ، وقامت بدور رائد في الاحتجاجات والهجمات على قوات الأمن الهندية، في حين تخلت جبهة تحرير جامو كشمير عن العنف عام 1994، وأعلنت الجبهة في وادي كشمير، تحت قيادة ياسين مالك، “وقف إطلاق النار لأجل غير مسمى”، وبحسب ما ورد حلت جناحها العسكري، والتزمت بالنضال السياسي لتحقيق هدفها المتمثل في الاستقلال للمنطقة بأكملها في الدولة الأميرية السابقة.
في السنوات التالية، ظهرت عدة مجموعات مسلحة أخرى بعضها يستمد الدعم من داخل الشطر الهندي من كشمير، بينما يستقر الآخرون في باكستان، حيث ظهرت حركة المجاهدين – التي عُرفت سابقًا باسم حركة الأنصار – من الاحتجاجات عام 1988، متشبثة بإيديولوجية مؤيدة لباكستان، وتنشط بصفة أساسية ضد القوات الهندية في منطقة كشمير المتنازع عليها بين الهند وباكستان، وسبق أن دعت الهند إلى مغادرة الإقليم حتى يمكنها الانضمام إلى باكستان، كما اتخذت الحركة موقفًا دينيًا صريحًا، بالمقارنةً مع علمانية جبهة تحرير جامو كشمير التي نمت لتأتي في طليعة الحركة المسلحة.
ويتزعم الحركة الشيخ فضل الرحمن خليل، الذي وقَّع فتوى في فبراير1998 دعا فيها لمهاجمة المصالح الأمريكية والغربية، وتدير الحركة معسكرات تدريب في شرق أفغانستان، وقد مُنيت بخسائر في صفوفها من جراء القصف الصاروخي الأمريكي على معسكرات التدريب التابعة لأسامة بن لادن بمدينة خوست في أغسطس 1998، الأمر الذي جعل زعيم الحركة يصدر الفتوى السالفة الذكر للانتقام من الولايات المتحدة.
فضل الرحمن خليل حركة المجاهدين
وعلى خلفية ذلك وضعت وزارة الخارجية الأمريكية فضل الرحمن خليل في قائمة أصدرتها عام 1999 ضمن الذين لهم علاقة بأسامة بن لادن المتهم الرئيسي في هجمات 11 سبتمبر، كما أمرت الولايات المتحدة بتجميد الحسابات المصرفية والأرصدة المالية لحركة المجاهدين، وقرر البنك المركزي الباكستاني تجميد حسابات الحركة في إطار التعاون الباكستاني مع الولايات المتحدة في حملتها الرامية إلى مواجهة الإرهاب، وهو القرار الذي وصفه المتحدث باسم الحركة في إسلام أباد عمار مهدي بأنه “قاس وظالم”.
وفي الأسبوع الأول من شهر أكتوبر/تشرين الأول 2001، أعلنت منظمة إسلامية لحقوق الإنسان أن السلطات الباكستانية اعتقلت فضل الرحمن خليل زعيم حركة المجاهدين الكشميرية التي تتخذ من باكستان مقرًا لها، وبعد 3 سنوات، أُدرجت حركة المجاهدين التي تعمل بشكل قانوني في باكستان ضمن قائمة أمريكية تضم 40 شخصية ومنظمة تعتبرهم واشنطن على علاقة بالإرهاب الدولي، وكذلك فعلت الحكومتان الهندية والبريطانية.
تتسلح الحركة بمدافع رشاشة خفيفة وثقيلة وبنادق هجومية وقذائف هاون ومتفجرات وصواريخ خفيفة، لكن لا تُعرف مصادر تمويل الحركة – التي تعمل بشكل قانوني في باكستان – لكن بعض المصادر الغربية تشير إلى تلقيها دعمًا ماليًا من تبرعات تأتيها من باكستان وكشمير ودول أخرى، كذلك لا يُعرف مصدر تسليحها، ويُحتمل أن تكون سوق السلاح الباكستانية والأفغانية مصدرًا مهمًا للحركة، وقد ذكرت تقارير أمريكية أن حركة المجاهدين لها روابط بجهاز المخابرات الباكستاني.
حقيقة أن معظم المتمردين في جنوب كشمير هم من السكان المحليين يجعل التشدد أكثر خطورة، فقتل كل متشدد محلي يوِّلد اثنين آخرين
نفذت الحركة عشرات الهجمات على قوات الأمن الهندية، من الغارات على غرار حرب العصابات على الأفراد والقوافل إلى هجمات انتحارية كاملة، وفي عام 2016، أدى مقتل قائد الحركة المتشدد برهان واني من قوات الأمن الهندية إلى احتجاجات واسعة النطاق في أنحاء كشمير، حيث حضر عشرات الآلاف جنازته في بلدة ترال، وأثار القتل احتجاجات واسعة النطاق في أنحاء الإقليم، وبلغت ذروتها في حملة قوات الأمن الهندية التي ما زالت مستمرة حتى الآن، التي تشمل عمليات القتل خارج نطاق القانون والاحتجاز وتشويه المتظاهرين ببنادق الرصاص.
ويرجع الفضل إلى واني – الذي كانت له شعبية واسعة بين جيل الشباب في وسائل التواصل الاجتماعي – في إحياء نوع من التشدد بين الأغلبية المسلمة في الجزء الذي تديره الهند من كشمير، وإضفاء الشرعية عليه، حتى بات التحدي الذي تواجهه الحكومة الآن هو قتال الأيدولوجية التي روج لها واني، وهذا يظهر بوضوح في استمرار المشاعر المتأججة بسبب قتله، الأمر الذي أدَّى إلى تجدد موجة العنف ودفع سكان كشمير إلى حمل السلاح.
ومنذ عام 2016، غيَّر الجيل الجديد من مقاتلي حركة المجاهدين وجه التمرد في شطر كشمير الخاضع لإدارة الهند، حيث اتخذت الحركة من السكان الأصليين عناصر لها، فبعض المقاتلين الجدد متعلمون بشكل كبير، ويقولون إنهم يحملون السلاح لأنهم يشعرون بأنهم لا يملكون خيارًا في مواجهة أعمال قوات الأمن الهندية في كشمير.
يرجع الفضل إلى برهان واني في إحياء نوع من التشدد بين الأغلبية المسلمة في كشمير
وفي الوقت الحاليّ، تمتلك الحركة شبكة ضخمة من المقاتلين في مناطق شوبيان وكولغام وبولواما في جنوب كشمير، حتى تحول هذا الجزء من الإقليم إلى معقل جديد للمتمردين، وبحسب البعض، فإن حقيقة أن معظم المتمردين في جنوب كشمير من السكان المحليين يجعل التشدد أكثر خطورة، فقتل كل متشدد محلي يوِّلد اثنين آخرين، كما أصبحت جنازات المتمردين قضية أيضًا، حيث يشارك فيها آلاف الأشخاص.
ووفقًا للأرقام الرسمية لقوات الأمن الهندية، فإن حركة المجاهدين تضم 87 مقاتلاً محليًا و6 مقاتلين أجانب في الجنوب، وفي الأجزاء الشمالية من المنطقة، لدى الحركة 15 مقاتلاً محليًا و5 مقاتلين أجانب، كما تقول البيانات، يوجد في كشمير الوسطى 6 مقاتلين محليين فقط، حاليًّا، هناك ما مجموعه 119 مقاتلاً نشطًا من الحزب في كشمير، وفقًا لبيانات قوات الأمن الهندية.
ويرأس حركة المجاهدين محمد يوسف شاه، المعروف أيضًا باسم سيد صلاح الدين، وباتت الحركة تُعرف باسم حزب المجاهدين منذ عام 1989، ومقره في مظفر أباد عاصمة الجزء الباكستاني من كشمير، ويضم نحو 10 آلاف مسلح أغلبهم من الكشميريين والباكستانيين إلى جانب بعض الأفغان والعرب الذين شاركوا في الحرب الأفغانية السوفياتية، ورغم أن السلطات الأمريكية صنفت زعيم الحزب كـ”إرهابي دولي”، لكن المجموعة لا تزال ناشطة في كشمير الباكستانية.
عسكر طيبة.. الوجه الآخر للعمل الخيري
تأسست جماعة عسكر طيبة (LeT) عام 1990 من أستاذ الهندسة السابق في جامعة بنجاب الباكستانية حافظ محمد سعيد، وكانت واحدة من أبرز الجماعات المسلحة التي تعمل في الأراضي الباكستانية، وزُعم أنها ترسل مقاتلين عبر خط السيطرة إلى منطقة كشمير التي تديرها الهند، ووفقًا لبيانات قوات الأمن الهندية، فإن المجموعة لديها أكبر وجود للمقاتلين في شطر كشمير الخاضع لإدارة الهند، حيث يوجد 129 مقاتلاً نشطًا.
في حين يقول سعيد إن جماعة الدعوة تهتم بالرفاهية الإسلامية، ترى واشنطن ترى أن هذه الجماعة ما هي سوى واجهة لتنظيم عسكر طيبة
نفذت المجموعة سلسلة من الهجمات ضد قوات الأمن الهندية عندما بدأت الحركة الكشميرية المسلحة في التصعيد في أوائل التسعينيات، وفي عام 2008، ألقت الهند باللوم على جماعة “طيبة” في هجمات مومباي التي وقعت في 7 من ديسمبر/كانون الأول، وراح ضحيتها 195 شخصًا وأصيب 327، وذلك عندما اقتحم مسلحون فنادق ومحطة للسكك الحديدية، واتهمت الهند والولايات المتحدة سعيد بأنه “العقل المدبر” للهجوم، مما دفع الولايات المتحدة لوضع مكافأة قدرها 10 ملايين دولار للقبض عليه، هو ومجموعته المدرجة أيضًا من الأمم المتحدة.
بعد 9 سنوات من الهجمات العنيفة، أفرجت السلطات الباكستانية عن رجل الدين حافظ سعيد، رغم أنها تقول إنها اتخذت خطوات للسيطرة على جماعة عسكر طيبة، لكن الأجنحة الخيرية للجماعة – جماعة الدعوة ومؤسسة فلاح إنسانيات – تواصل العمل بحرية في جميع أنحاء البلاد، وينفي سعيد وجود أي صلة مع جماعة “عسكر طيبة”، لكنه رئيس جماعة الدعوة، كما أن حافظ عبد الرؤوف رئيس مؤسسة فلاح إنسانيات، هو أيضًا رجل مطلوب بسبب عمله المزعوم مع جماعة “عسكر طيبة”.
وفي حين يقول سعيد إن جماعة الدعوة تهتم بالرفاهية الإسلامية، ترى واشنطن أن هذه الجماعة ما هي سوى واجهة لتنظيم عسكر طيبة، لذلك أعادت باكستان فرض الحظر على الجمعيتين الإسلاميتين المرتبطتين بحافظ سعيد في أعقاب هجوم في 14 من فبراير/شباط الماضي، وصادرت أصول وأموال الداعية المطلوب لدى واشنطن، الذي تم رفع الإقامة الجبرية عنه العام الماضي، يوكان يُنظر إلى وضع سعيد رهن الإقامة الجبرية منذ يناير/كانون الثاني 2016 على أنه جاء بتعليمات من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ينفي حافظ سعيد مزاعم اتهامه بالإرهاب
وفي الآونة الأخيرة، حاولت الجماعة الدخول في الساحة السياسة وإطلاق حزب سياسي باسم رابطة ميلي الإسلامية (MML)، لم يُسمح للحزب بالتسجيل في انتخابات 2018، لكن مرشحيه خاضوا الانتخابات كمستقلين في جميع أنحاء البلاد، لكنهم لم يفزوا بأي مقاعد.
في كشمير التي تديرها الهند، تنشط المجموعة في الجزء الشمالي من الإقليم، وهناك 54 من المقاتلين الأجانب الذين تسللوا إلى كشمير من باكستان، و14 من المقاتلين المحليين في المنطقة الشمالية، حسب بيانات قوات الأمن الهندية، مع وجود 43 مقاتلاً محليًا و8 مقاتلين أجانب في جنوب كشمير، وفي وسط كشمير، تضم المجموعة اثنين فقط من المقاتلين المحليين و8 مقاتلين أجانب.
“جيش محمد“.. كلمة السر في إشعال فتيل الحرب مجددًا
عام 2000، أعلن جيش محمد (JeM) مسؤوليته عن معظم الهجمات البارزة في كشمير وعلى أهداف في أماكن أخرى من الهند في الآونة الأخيرة، وكانت الجماعة التي تتخذ من باكستان مقرًا لها، وتدير شبكة من المعاهد الدينية هناك أيضًا محور الادعاءات الهندية بأن جارتها “ترعى” الهجمات على الأراضي الهندية، وعلى الرغم من أن الهند وضعته على لائحة الإرهابيين الخاصة بها، ولكنها لم تستطع لليوم أن تدرج اسمه على القوائم الدولية.
في 14 فبراير 2019، أعلنت جماعة جيش محمد مسؤوليتها عن هجوم بولواما، حيث تعرضت حافلة تابعة للشرطة العسكرية الهندية تحمل أفراد أمن على طريق جامو سريناكر السريع للهجوم من قبل مفجر انتحاري يقود سيارة
تأسست المجموعة من مسعود أزهر، وهو عضو سابق في مجموعة حركة المجاهدين ومصنف كـ”إرهابي” من الولايات المتحدة، مع وجود مطالبات دولية لوضعه على قائمة الإرهابيين الخاصة بمجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدة، حيث يُعتقد أن أزهر له صلات بتنظيم “القاعدة” وتتورط مجموعته في إرسال مقاتلين إلى أفغانستان لمحاربة قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة.
أسس أزهر “جيش محمد” بعد إطلاق سراحه من الهند عام 1999، مقابل أكثر من 150 رهينة محتجزين على متن رحلة طيران هندية تم اختطافها وتحويل مسارها إلى قندهار في أفغانستان، ويُقال إن أزهر شكَّل “جيش محمد” بدعم من أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة وحركة طالبان الأفغانية، وفقًا للأمم المتحدة.
تورطت مجموعة “جيش محمد” عدة هجمات انتحارية بارزة وهجمات أخرى ضد أهداف هندية منذ تشكيلها، بما في ذلك هجوم عام 2001 على البرلمان الهندي في نيودلهي وعلى الجمعية التشريعية في شطر كشمير الخاضع لإدارة الهند، كما ارتبط اسمه بهجوم أوري عام 2016، الذي أودى بحياة 23 شخصًا على الأقل في معسكر لقوات الأمن الهندية في كشمير التي تديرها الهند، وهجوم باثانكوت على القاعدة الجوية الهندية في وقت سابق من ذلك العام، مما أسفر عن مقتل 8 أشخاص على الأقل في غارة على سلاح الجو الهندي.
هجوم بولواما الذي أعلنت أعلنت جماعة جيش محمد مسؤوليتها عنه
وفي 14 من فبراير 2019، أعلنت الحركة مسؤوليتها عن هجوم بولواما، حيث تعرضت حافلة تابعة للشرطة العسكرية الهندية تحمل أفراد أمن على طريق جامو سريناكر السريع للهجوم من مفجر انتحاري يقود سيارة، مما أسفر عن مقتل 42 شخصًا على الأقل، وكان هذا أكثر الهجمات دموية على تراب كشمير لعقود.
كانت هذه شرارة الصدام العسكري الأخير بين البلدين الجارين الهند وباكستان اللتين تتنازعان السيادة على إقليم كشمير المنقسم بينهما منذ عام 1947، وبعد هذا الهجوم، أعلنت الحكومة الباكستانية أنها استولت على مجمع ضخم لجيش محمد في مدينة باهاوالبور بوسط البلاد، بعد أيام، قال وزير الخارجية الباكستاني إن رئيس المجموعة المسلحة مسعود الأزهر كان في البلاد، لكنه لم يقدم المزيد من التفاصيل.
وتقول قوات الأمن الهندية إن هناك 56 مقاتلاً من حركة “جيش محمد” ينشطون في كشمير، مع 33 أجنبيًا و23 من السكان المحليين، وكان الانتحاري الذي قاد سيارته إلى القافلة الأمنية في بولواما أحد الكوادر المحلية في “جيش محمد”، وهو عادل دار البالغ من العمر 20 عامًا، وهذه أول مرة يُنفَّذ فيها هجوم انتحاري واسع النطاق من عنصر محلي.
هل تواجه هذه الجماعات الهزيمة؟
لا يقتصر الأمر على ما سبق استعراضه من جماعات مسلحة على أرض كشمير التي يعدها البعض جنة الله في أرضه بل يوجد ما لا يقل عن 9 جماعات متشددة رئيسية في شمال باكستان وإقليم البنجاب، أهمها حركة طالبان باكستان وجماعة تركستان بيتاني وجماعة الملا نذير شبكة حقاني ومجموعة غول بهادور.
الأوضاع المضطربة مستمرة على الحدود الباكستانية مع الهند في منطقة كشمير؛ لذا فإن استفادة تلك الجماعات لا تزال موجودة
يُضاف إلى ذلك قوة المسلحين المذهبيين، وخاصة تلك الجماعات المسلحة المناوئة للشيعة ممن يظهرون أنفسهم على أنهم دعاة السلام ـ والحرب أيضًا ـ في تلك الدولة، فمنذ عام 2004 و2005، كانت تلك القوة تنشر أجنحتها بشكل منتظم في مقاطعة بلوشستان، مستهدفة بشكل رئيسي طائفة الهزارة العرقية الشيعية التي تعيش هناك.
وبات الانتشار الجغرافي لتلك الجماعات اليوم يعد أمرًا غير مسبوق من حيث قدرتهم على الضرب أو على إلحاق شلل بالحياة في المناطق التي لهم تأثير عليها، هذا فضلاً عن تنظيم الدولة “داعش” الذي أنشأ قاعدةً له في باكستان، وأطلق عليها اسم “ولاية خراسان”، واتخذها عاملاً على تكثيف جهوده بشكل ملحوظ لتوسيع شبكته في تلك البلاد.
فهل يمكن للجماعات المسلحة مع هذا الانتشار والتأثير أن تواجه هزيمة ساحقة في يوم ما؟ يرى أغلب المحللين أن الدولة تتمتع بقوة أكبر بكثير من تلك الشبكة العسكرية الباكستانية كلها، إلا أن الدولة في الوقت الحاليّ لا تريد أن تسحب البساط من تحتها لأسباب عدة، ففي مقاطعة البنجاب، معقل الجماعات المسلحة الطائفية، تتمتع جماعة لاشكاري جانغاوي والجماعة الأم لها “سيباهي صحابه باكستان” بحضور انتخابي قوي هناك، ترجع أسبابه بشكل كبير إلى حماية الدولة التي تمتعوا بها خلال الحكم العسكري تحت قيادة الجنرال برويز مشرف رئيس باكستان الأسبق.
كما أن المؤسسة العسكرية القوية في الدولة لها سلوكيات متناقضة تجاه تلك الجماعات، فعلى الرغم من أنه ينظر لكوادرها على أنهم أعداء لعلاقتهم بحركة طالبان، فإنهم يعملون على تحقيق العديد من المصالح الأخرى، ومع استمرار الأوضاع كما هي، لا تزال المرحلة النهائية في قضية أفغانستان بعيدة مع حرص باكستان على أن يكون لها دور كبير فيها، كما أن الأوضاع المضطربة مستمرة على الحدود الباكستانية مع الهند في منطقة كشمير، لذا فإن استفادة تلك الجماعات لا تزال موجودة.