قضت محكمة مصرية اليوم – الثلاثاء – بمنع قيادات الحزب الوطني المنحل وهو الحزب الحاكم إبان فترة حكم الديكتاتور حسني مبارك من الترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة.
وجاء في منطوق الحكم أن المحكمة قضت “بعدم السماح لقيادات الحزب الوطني المنحل وأعضاء لجنة السياسات وأعضاء المجالس المحلية ومجلسي الشعب والشورى التابعين للحزب المنحل من خوض انتخابات مجلس الشعب المقبلة.”
وأضافت “كان في ترشح قيادات الحزب الوطني ناقوس للخطر وانبعاث للقلق داخل الشعب المصري بعودة الحزب؛ الأمر الذي تستجيب معه المحكمة لطلب المدعية.”
وأقامت الدعوى محامية – بمبادرة شخصية منها – واختصمت فيها كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الداخلية ورئيس اللجنة العليا للانتخابات بصفتهم.
وقالت المحكمة في حيثيات الحكم “إن مصر مُقبلة على عهد جديد يتطلع فيه الشعب المصري بعد أن قام بثورتين مجيدتين إلى حياة كريمة تبتعد عن الفساد والاستبداد الذي شاب النظامين السابقين” وذلك في إشارة إلى انتفاضة 2011 ضد مبارك والاحتجاجات الحاشدة التي انتهت بالانقلاب العسكري وعزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في يوليو 2013.
وستجري انتخابات مجلس الشعب في وقت لاحق هذا العام لكن لم يتحدد موعدها بعد. والمجلس هو الغرفة الوحيدة بالبرلمان بعد إلغاء مجلس الشورى في التعديلات الدستورية التي أُقرت في يناير الماضي في استفتاء قاطعته المعارضة المصرية.
ويطرح الحكم تساؤلات عديدة بداية من عما إذا كانت الرغبة السياسية تتوافر لتطبيقه أم لا، في الوقت الذي يُعاد فيه إنتاج نظام مبارك بشكل كامل.
فقد أعلن محامي حسني مبارك “فريد الديب” عن نية الديكتاتور المخلوع التصويت لعبدالفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فيما تساءل “خالد داوود” المتحدث الرسمي باسم حزب الدستور “هل من الصدفة أن جميع بقايا الحزب الوطني يدعمون المشير عبد الفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة”؟!
ومن ناحية أخرى، ومع الصيت شديد السوء الذي يتمتع به القضاء المصري، كونه مسيسًا وغير نزيه، فإن الحكم قد يعكس توجهًا لدى قطاع داخل السلطة الحاكمة الجديدة في مصر، يريد إقصاء الوجوه القديمة من نظام حسني مبارك، لصالح إنتاج نخبة جديدة، تمرر نفس السياسات القديمة لنظام مبارك، خاصةً فيما يتعلق بالإبقاء على مكتسبات الشرطة والجيش مع الحفاظ على تميز خاص للجيش في النظام الجديد.
وطبقًا لعدد من الأوراق البحثية التي صدرت مؤخرًا، فإن الجيش المصري يحاول الحفاظ على مكتسباته التي استطاع الحصول عليها في الفترة الأخيرة، لا سيما بعدما تزايد نفوذ وزارة الداخلية المصرية على حساب الجيش، وهو ما ظهر جليًا في الهبوط الدراماتيكي للميزانية العسكرية المصرية من 12٪ عام 1990 إلى قرابة 2٪ مع بداية العقد الجاري، في الوقت الذي تصاعدت فيه مكاسب الشرطة بمستوياتها الإدارية المختلفة.
ولا يمكن استبعاد احتمالية كون القاضي “كريم حازم عبد الهادي” الذي نظر القضية، قد اتخذ القرار بعيدًا عن أي حسابات سياسية، إلا أن هذا الاحتمال سيفتح الباب أمام التساؤل الأول، عما إذا كان الجيش سيسمح بإنفاذ مثل هذا القرار، في الوقت الذي بدأ فيه رموز الحزب الوطني المنحل في العودة إلى السطح من جديد.
وكانت المحكمة الإدارية العليا قضت بحل الحزب الوطني في أبريل 2011 بعد نحو شهرين من الإطاحة بمبارك.