ترجمة وتحرير: نون بوست
يتناقش عدة أشخاص متحلقين حول أكواب شاي وكعك جزائري من متعهد طعام معروف في قاعة الاستقبال في مقر زرالدة الرئاسي. وهناك نجد، الوزير الأول، أحمد أويحيى، ووزير العدل، الطيب اللوح، ورئيس المؤسسة العسكرية، أحمد قايد صلاح، ومستشار الرئيس، الطيب بلعيز (الرئيس الحالي للمجلس الدستوري)، فضلا عن وزير الشؤون الخارجية، عبد القادر مساهل. كان سعيد بوتفليقة موجودا هنا أيضا وكان الجميع يتهامسون. لكن حينها، لم يكن القرار قد اتُّخذ بعد بشأن ترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة من عدمه.
تتمثل الفكرة من وراء ذلك في إيجاد حيلة دستورية أو ثغرة قانونية لتجنب سيناريو انتخابات مكلفة من الناحية الشكلية. لكن، هل يعقل تأجيل الانتخابات الرئاسية؟ وكيف؟ هل يمكن تعديل الدستور لتحويل فترة الخمس سنوات إلى سبع سنوات والسماح بالتالي لرئيس الدولة بالبقاء في السلطة حتى النهاية؟ لكن لا يسمح الوقت بذلك، كما تفتقر صفوف النظام للتماسك الكافي لتجربة هذا الخيار. هل يمكن الإعلان عن أن الأمر يتعلق بمسألة أمن وطني؟ يمكن استخدام التوترات الاجتماعية والمظاهرات في الشوارع كذريعة، وهو أمر شديد الخطورة. فكيف يُمكن إذا تجنب هذه المهزلة؟
كان رئيس أركان الجيش هو الشخص الوحيد الملتزم للصمت. في الواقع، كان صمته بليغا. وقد بدأ الآخرون يفهمون أنه لن يسمح بالتنحي، حيث كان يعلم أن طموحات رئاسية تحوم حول الطاولة، وسيسعى البعض إلى فرض عشيرة أخرى في الرئاسة. في الوقت ذاته، لا يتحمس شقيقا الرئيس وشقيقته كثيرا لإشراك بوتفليقة في سباق قد يخلو من أي معنى، سوى لإدامة حكمه الذي استمر 20 سنة.
يدور حديث عن عقد “مؤتمر وطني” بعد الانتخابات الرئاسية. ويتعلق الأمر “بإعادة صناعة” المؤتمر الوطني لكانون الثاني/ يناير من سنة 1994 الذي كان ينبغي عليه الجمع بين الحكومة والمعارضة لإنهاء المرحلة الانتقالية الناجمة عن إلغاء انتخابات 1992 التشريعية
في مرحلة ما، يظهر بوتفليقة في ثوب نوم وبطانية فوق ساقيه، على كرسيه المتحرك الذي يدفعه حارس رئاسي شاب برفق. وقد همس موجها حديثه للمجتمعين، الذين وقفوا على عجل وأرهفوا أسماعهم في محاولة لفك شيفرة كلمات الرئيس الذي قال: “سأجعل الجميع يشعرون بالارتياح. إذا تعين علي المغادرة، سأغادر”. ثم يعود الرئيس إلى غرفته. وأشار أحد مستشاري الرئاسة إلى أنها “طريقة للقول إنه يستطيع الانسحاب وعدم الترشح، لأنه متعب وليس لديه لا الوقت ولا القدرة على التحضير للخلافة. لكن قد يكون هذا الأمر خدعة أيضا. ففي حال اتُخذ قرار الإبقاء على بوتفليقة لفترة جديدة ونهائية، فستكون هذه الخطوة صادرة عنه شخصيا أو عن إخوته، كما لو أنه يقول لهم: “نحن جميعا في القارب ذاته”.
بعد بضعة أسابيع، وتحديدا في العاشر من شباط/ فبراير، ترشح بوتفليقة لخلافة “نفسه” في رسالة موجهة إلى الجزائريين. في الحقيقة، لا أحد قادر على الجزم بهوية مؤلفي هذه الرسالة، إذ من الممكن أن يكون بعض المستشارين وشقيقيْ الرئيس قد قدموا له هذا النص، فيما كُشف عن بصمة رئيس الوزراء، أحمد أويحيى، الذي تمت استشارته في صياغة هذه الرسالة. وكان النص واضحا، حيث جاء فيه: “لم أعد أتمتع بالقوة الجسدية ذاتها، وهو الأمر الذي لم أخفه أبدا عن شعبنا. لكن الرغبة الثابتة في خدمة الوطن لم تغادرني أبدا”. كما لم تغادره أيضا رغبته في أن يموت رئيسا، الأمر الذي يعد نوعا من التظاهر بالشجاعة أمام هذا النظام الذي طرده مثل “شيء قذر” في بداية الثمانينيات، بعد اختفاء مرشده، هواري بومدين.
لمحة. الولاية الخامسة لبوتفليقة بعين المصمم الجزائري
مع ذلك، سيكون من الضروري “بيع” الولاية الخامسة. ويعلق المحيط الرئاسي على ذلك بالقول: “إن السؤال الحقيقي هو: ماذا سيحدث في اليوم التالي للانتخابات، في 19 نيسان/ أبريل؟”. يتعين ملء فراغ منصب الرئاسة دون رئيس قادر على أداء مهامه، وخلق رواية خيالية جديدة والتظاهر بسير الأمور على ما يرام. وفي زرالدة، يدور حديث عن عقد “مؤتمر وطني” بعد الانتخابات الرئاسية. ويتعلق الأمر “بإعادة صناعة” المؤتمر الوطني لكانون الثاني/ يناير من سنة 1994 الذي كان ينبغي عليه الجمع بين الحكومة والمعارضة لإنهاء المرحلة الانتقالية الناجمة عن إلغاء انتخابات 1992 التشريعية وتعيين اليمين زروال رئيسا للبلاد.
في 16 شباط/ فبراير، أوضح عبد المالك سلال، المدير السابق للحملة الانتخابية للمرشح بوتفليقة ورئيس الوزراء السابق، أنه “سيكون مؤتمرًا توافقيًا وطنيًا يشارك فيه الجميع. وسنتوصّل إلى استراتيجية جديدة لاستكمال بناء الجزائر”. وتصر أطراف من قصر زرالدة الرئاسي على أن المعارضة ستكون مدعوة، ولكن هناك فرص ضئيلة لحضور الأحزاب المنشقة عن خط بوتفليقة في هذا المؤتمر الذي قد يُعقد، وفقا لعدة مصادر، في شهر حزيران / يونيو.
سيملأ اقتراح إنشاء منصب نائب للرئيس على سبيل المثال، الفراغ البروتوكولي من جهة، وإعداد مرشح يحظى بتوافق الآراء من جهة أخرى
أما رسميا، فيهدف مشروع هذا المؤتمر الوطني الشامل إلى إجراء تعديلات جديدة على الدستور. تجدر الإشارة إلى أنه في غضون 20 سنة، عُدّل القانون الأساسي أربع مرات. وشكل تعديل سنة 2008، الذي سمح لبوتفليقة بالترشح للانتخابات للمرة الثالثة، أحد نقاط التوتر بين الرئاسة “ودائرة الاستعلام والأمن” السابقة (الخدمات السرية، التي تم حلها سنة 2016). وقد كان هذا الأمر غير مسبوق.
كما يهدف ذلك إلى تنشيط المشهد السياسي، و”تخدير” المعارضة قبل تمرير الولاية الخامسة بالقوة في نهاية المطاف، خاصة وأن المعارضة فشلت في تشكيل جبهة مشتركة وأُبطلت فكرة تقديم مرشح واحد لمواجهة بوتفليقة. وخلال اجتماع مع قادة المعارضة في 20 شباط/ فبراير، ذكر المحامي الناشط، مصطفى بوشاشي، أنه “ليس من الممكن الاتفاق على مرشح في غضون 24 ساعة في الوقت الذي عجزنا فيه عن القيام بذلك طيلة خمس سنوات”.
كما فسر مصدر حكومي بأن “الأمر يتعلق بإطلاق مسارات لضبط هرم السلطة بشكل أفضل في ظل رئيس غائب وضعيف”. وسيملأ اقتراح إنشاء منصب نائب للرئيس على سبيل المثال، الفراغ البروتوكولي من جهة، وإعداد مرشح يحظى بتوافق الآراء من جهة أخرى. وقد قال مصدر أمني: “لقد تشاورنا مع أشخاص، وأصدقاء مقربين، ومحامين أيضا بشكل سري. لقد أردنا البحث عن مسارات لإدارة المسائل المعقدة”.
لكن في 22 شباط/ فبراير، آلت خطط زرالدة إلى فشل ذريع، حيث خرج عشرات الآلاف من الجزائريين إلى الشوارع للاحتجاج ضد الولاية الخامسة، وبالتالي، قلب الشعب الموازين. ويفسر ضابط مخابرات ذلك قائلا: “لقد تلقينا إشارات حول أهمية التعبئة منذ الدعوات الأولى مجهولة الهوية على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد أُعلم القصر الرئاسي بذلك. لقد كان هناك ذعر لا يمكن إنكاره”. فهل تمثل سبب ذلك في إعلان رئاسة الجمهورية في اليوم السابق للمسيرات، أي في 21 من الشهر الجاري، عن تنقّل بوتفليقة في الرابع والعشرين إلى جنيف من أجل “إقامة قصيرة بهدف إجراء فحوص طبية دورية”؟ قد يكون ذلك أحد الأسباب.
قال ضابط المخابرات: “لم يكن الجهاز الأمني راضيا عن التطورات التي يشهدها الوضع الراهن، وقد حثّ السياسيين على الاستجابة للضرورة الملحة ومحاولة العثور على حل من أجل تهدئة الأمور من جهة، وإقصاء الشخصيات التي لا تحظى بشعبية على غرار أحمد أويحيى من جهة ثانية”
تجدر الإشارة إلى أن عاصفة 22 شباط / فبراير سبقتها موجات غضب أخرى. ففي برج بوعريريج، شرق البلاد، استمرت المظاهرات الليلية لمدة أسبوع. وفي خنشلة، تجمّع مئات الشباب أمام مبنى البلدية وطالبوا العمدة بإزالة ملصق بوتفليقة العملاق. وقد نفذ العمدة ذلك، وانتشرت صور شباب يدوسون على صورة الرئيس على نطاق واسع. أما في عنابة شرق البلاد، فأزال عدد من الشباب صورة بوتفليقة من مبنى البلدية، ومزّقوها وداسوا عليها.
من جانبه، أفاد كاتب العمود، عابد شريف، أنه “في أحد الأيام، أخبرني ضابط سابق في جيش التحرير الوطني، الذي يعرف بوتفليقة عن كثب، أن الطريقة الوحيدة لدفعه للتنازل عن الكرسي الرئاسي ستكون عبر عرض شريط فيديو عليه تُداس فيه صورته. إنه يتمتع بكبرياء عال، لدرجة أنه قد يستقل أول طائرة ويغادر البلاد!”. فهل شاهد بوتفليقة هذه الصور؟ في الواقع، يشكك كثيرون في ذلك، خاصة وأن العزلة في قصر زرالدة مُحكمة.
في الأثناء، لا زال التوتر داخل المعسكر الرئاسي قائما. في هذا الصدد، قال ضابط المخابرات: “لم يكن الجهاز الأمني راضيا عن التطورات التي يشهدها الوضع الراهن، وقد حثّ السياسيين على الاستجابة للضرورة الملحة ومحاولة العثور على حل من أجل تهدئة الأمور من جهة، وإقصاء الشخصيات التي لا تحظى بشعبية على غرار أحمد أويحيى من جهة ثانية”، لا سيما وأن أويحيى يعد من أبرز أسباب شعور المتظاهرين بالغضب، إذ يتهمونه بالابتزاز عن طريق زرع الخوف.
الغضب: في منطقتي خنشلة وعنابة، أزال المتظاهرون صورة بوتفليقة وداسوا عليها
جاء في مكالمة هاتفية دارت بين مدير الحملة الانتخابية لبوتفليقة، عبد المالك سلال، وعلي حداد، رئيس منتدى رؤساء المؤسسات المعروفة أيضا بنقابة أرباب العمل، الذي يمثل مصدرا ثابتا للدعم بالنسبة لرئيس الجمهورية، في 27 شباط/ فبراير الماضي، أن “هذه هي الرؤوس الأخرى التي ستسقط”. وقد سُرّبت هذه المحادثة عن قصد ووقع تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد شنّ رجل الأعمال النافذ الذي نجح في التقرب من المحيط الرئاسي، علي حداد، هجوما مضادا مشيرا إلى “أنهم” يخافون من توسّع رقعة المظاهرات في جميع أرجاء البلاد. ويعتقد بعض المعلقين أن حداد كان يشير إلى الأجهزة الأمنية في المكالمة، في المقابل يزعم آخرون بأنه كان يتحدث عن أطراف مقربة من بوتفليقة.
من جهته، عمل سلال على طمأنة رجل الأعمال، متطرقا إلى احتمال تدخل رجال الدرك الذين يتمتعون بثقل، من أجل التصدي للمتظاهرين. وواصل حداد حديثه مفيدا أنه “ينبغي أن نصمد لغاية الثالث من آذار/ مارس. إن هذه هي مهمتنا”. تجدر الاشارة إلى أن هذا التاريخ مثل الموعد النهائي لتقديم ملفات الترشح للانتخابات الرئاسية. وفي إشارة إلى المقربين من الرئيس بوتفليقة والذين زعزعتهم المظاهرات الحاشدة التي عرفتها الجزائر منذ أولى مظاهر التعبئة في 22 شباط/ فبراير، قال سلال: “لقد أخبرتهم بأننا نعتمد على الله وعلى الدولة، لكنهم ترددوا”. في حين أضاف علي حداد، الذي يتولى رئاسة أول مجموعة جزائرية للأشغال العامة: “نعم، ينبغي أن نقوم بتعبئة شعبنا كي لا ينضموا إلى المظاهرات يوم الجمعة، سنقوم بإعداد طبق الكسكسي لهم”.
يوم الجمعة الموافق لغرّة آذار/ مارس، حطمت الاحتجاجات ضد الولاية الخامسة لبوتفليقة أرقاما قياسية. ووفقا لمصادر أمنية، قُدّر عدد المتظاهرين في الجزائر العاصمة وحدها بحوالي 800 ألف متظاهر، وهو ما لم يحدث منذ ما يقرب من 20 سنة. وقد قال سلال، المعروف بنكاته المريبة في بعض الأحيان: “سنتنقل إلى عين وسارة (الواقعة في جنوب الجزائر على بعد 200 كيلومتر) وفي حال كان المتظاهرون يملكون أسلحة كلاشنكوف، حسناً، سنقوم بتبادل إطلاق النار. أين المشكلة في ذلك؟”
علاوة على ذلك، ادعى سلال بأنه أوصى عمارة بن يونس، وهو الوزير السابق ورئيس حزب الحركة الشعبية الجزائرية، وأحد أنصار بوتفليقة، “بالنقاش والمزاح” مع المعارضين لترشح رئيس الدولة، في حال تدخلوا لمحاولة الوقوف في طريقه. وأخيراً، كان سيُلغى تنقل سلال إلى عين وسارة في الأول من آذار/ مارس، حيث كان من المفترض أن يلتقي مع شيوخ أحد الزوايا، وهم جماعات دينية تقليدية، من أجل الحصول على مباركتهم للرئيس المنتهية ولايته. وفي اليوم التالي، كان من المتوقع أن يتنحى سلال عن رئاسة حملة بوتفليقة، التي تولى إدارتها منذ 11 شباط/ فبراير، ليُستبدل بعبد الغني زعلان، وهو وزير الأشغال العمومية والنقل وبيروقراطي يتسم بالتكتّم.
من المؤكد أن الاقتراحات المتعلقة بولاية “انتقالية” لمدة سنة واحدة، “ومؤتمرا وطنيا” وانتخابات رئاسية مبكرة، لن تكون كافية لتهدئة غضب الشارع أو لعلاج الشعور بالإذلال الذي يثقل كاهل المجتمع الجزائري بأكمله
وفقا لتكهنات سكان العاصمة الجزائرية، فإن الشخص الذي أدار حملة بوتفليقة خلال الانتخابات الرئاسية الثلاثة الأخيرة لسنوات 2004 و2009 و2014، يعد ضحية لهذا التسجيل الذي انتشر على نطاق واسع، علما وأنه يطمح سرا لنيل منصب نائب الرئيس، أو حتى لخلافة بوتفليقة. وقد شهد علي حداد بدوره بعض الانتكاسات أيضا، حيث نأى ثلاثة أعضاء مؤثرين في منتدى رؤساء المؤسسات بأنفسهم عن هذه النقابة. وقد قام رئيس مجلس إدارة شركة أليانس للتأمينات، حسن خليفاتي، بتجميد عضويته، كما نسج محمد العيد بن عمر، رئيس إحدى أهم الشركات المتخصصة في الصناعات الغذائية في البلاد، على منوال خليفاتي واستقال من منصبه كنائب رئيس لمنظمة رؤساء المؤسسات.
في سياق متصل، أعرب الرئيس المدير العام لمجموعة سوجميتال، الذي يعرف بقربه من رئيس الوزراء، محمد أرزقي أبركان، عن تمرده من خلال رسالة مفادها أنه: “على خلفية التعليقات المهينة التي وردت في حق سكان ولاية تيزي وزو، التي صرح بها رئيس المنتدى، يعتبر من غير الأخلاقي بالنسبة لي التظاهر بالصمت”. وفي التسجيل، تحدث حداد عن سكان منطقة القبايل قائلا: “في نهاية المطاف، يرغب الجميع في الاستفادة من الأموال”. وفي أعقاب هذا التعليق، تقلص نفوذ كل من فريق المرشح بوتفليقة وأنصاره، كما أُضعف تأثير حداد. وحيال هذا الشأن، يشرح المصدر الرسمي للمجلة مع ابتسامة عريضة تعلو محياه: “لن يحظى حداد بمكان في مرحلة ما بعد بوتفليقة. لقد كان من المفترض أن يدرك هذه الحقيقة بطريقة أو بأخرى”.
تتمثل المرحلة المقبلة في التفاوض حول رحيل بوتفليقة، بعبارة أخرى، “كيف يمكن طمأنة الشارع دون الإخلال بالتوازن داخل النظام؟ وكثيرا ما تم تداول هذا السؤال في صفوف صناع القرار في الأيام الأخيرة، الذي تتجسد إجابته في الإعلان المنسوب إلى بوتفليقة، عند تقديم ملف ترشحه للانتخابات في الثالث من آذار/ مارس من قبل المدير الجديد لحملته.
بعد مرور 20 سنة، قد يتركنا الشخص الذي كان من المفترض أن يضع حدا للفترة الانتقالية الناجمة عن الحرب الأهلية في تسعينيات القرن الماضي، في مرحلة انتقالية أخرى.
من المؤكد أن الاقتراحات المتعلقة بولاية “انتقالية” لمدة سنة واحدة، “ومؤتمرا وطنيا” (فكرة مطروحة منذ انطلاق المفاوضات المذكورة آنفا) وانتخابات رئاسية مبكرة، لن تكون كافية لتهدئة غضب الشارع أو لعلاج الشعور بالإذلال الذي يثقل كاهل المجتمع الجزائري بأكمله. ويلخص أحد المصادر في قصر زرالدة الوضع قائلا: “هذه التسوية القصوى التي توصل إليها المحيط الرئاسي والجيش ومختلف أقسام الدولة”، فيما قال طرف مقرب من السرايا: “لا تحدثني عن الانتخابات. سوف ننظم الجنازات!”.
بهذا الشكل، يمكن لبوتفليقة أن يغادر السلطة مثلما استلمها، من خلال انتخابات رئاسية مبكرة. ففي سنة 1998، كان الرئيس السابق زروال، في خلاف مع “الأجهزة الأمنية” حول كيفية إدارة العفو العام الخاص بالإرهابيين، ما دفعه إلى تقليص مدة ولايته. وبعد مرور 20 سنة، قد يتركنا الشخص الذي كان من المفترض أن يضع حدا للفترة الانتقالية الناجمة عن الحرب الأهلية في تسعينيات القرن الماضي، في مرحلة انتقالية أخرى.
في هذا الصدد، يعلق وزير سابق قائلا: “تتمثل المفارقة الأخرى في أن بوتفليقة، الذي أراد تغييب الجيش قبل 20 سنة، سيترك الضابط الأعلى رتبة في تاريخ البلاد، أي رئيس أركان الجيش، خلفه. وما يمكن استخلاصه هو أن النظام يستمر من خلال الحفاظ على الركائز الأساسية وهي الأمن والنفط، بالتالي، فإن خط أنابيب للغاز ومجموعة من الثكنات سيكونان كافيان”.
المصدر: لوبوان