في تاريخ الأمم والشعوب محطات ولحظات تحول كبرى، وفي دفاتر التاريخ تفاصيل تغيب عن المتداول وحكايات انكسار ونجاح، أهملها المؤرخون عمدًا حتى لا يظهروا للعامة مساؤى الأنظمة القمعية السلطوية وغير العادلة المخفية، وحتى لا يظهر عيب أو خطأ في نظام الحكم.
هذا الجانب المهمل يقبع جزء منه في التاريخ الإسلامي، فثمة قصص لثورات وانتفاضات وحركات عفوية كثيرة قام بها المهمشون في عصور مختلفة للخلافات الإسلامية، لكن مؤرخي البلاط – الذين يخافون من توثيق الواقع حتى لا تغضب السلطة عليهم – كانوا يكتبون فقط ما يُرضي النظام القائم.
لبيان الذي حل بالأمة في زمن الخلافة، نكشف الغُمام الذي يحجب وقائع وأحداث في حقبة من تاريخ الإسلام، يُراد لها أن تبقى طي الكتمان، والأمر يتعلق بتتابع الثورات صدرًا من عهد السلف، وما آلت إليه أحوال الناس بعد كل ثورة تكللت بالغلبة والقهر وعقب كل ثورة أُحبطت في مهدها أو في أي من مراحلها.
الثورة في زمن الخلافة
عرف التاريخ العربي والإسلامي عددًا من الثورات أو حركات التمرد والانقلابات، بدءًا من الثورة على الخليفة عثمان بن عفان عام 35 هجريًا، التي سُميّت بالفتنة الكبرى، وتمثلت بخروج فصائل من الجيوش المرابطة في البصرة والكوفة ومصر إلى المدينة المنورة، حيث حاصرت منزل عثمان لأربعين يومًا، ومن ثم تسللت مجموعة منها إلى داخل المنزل واغتالت الخليفة.
كانت ثورة الحسين بن علي عام 61 من الهجرة في كربلاء بالعراق، الأشهر في التاريخ الإسلامي، رغم محدودية نتائجها العسكرية ومدتها الزمنية
وكان خروج هؤلاء لأسباب عدة، إذ كانوا يطالبون الخليفة بعدد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية، أهمها وقف تكدس الأموال وفساد أقاربه والمساواة بين المسلمين في العطاء، وقد أدى اغتيال عثمان الذي أعقبه اختيار الإمام علي بن أبي طالب للخلافة، إلى فتح باب الفتنة على مصراعيه وكانت سببًا في انقسام المسلمين إلى فريقين حتى يومنا هذا.
مثّلت حركة الخوارج ضد الإمام علي تمردًا ذا خلفيات سياسية ودينية بسبب موقفهم من نتائج التحكيم بين الإمام علي ومعاوية بن أبي سفيان، وأدى هذا التمرد إلى حرب النهروان التي انتصر فيها علي على الخوارج، من دون أن ينهي وجود الحركة على المستوى العقائدي.
ثم كانت ثورة الحسين بن علي عام 61 من الهجرة في كربلاء بالعراق، الأشهر في التاريخ الإسلامي، رغم محدودية نتائجها العسكرية ومدتها الزمنية، فالحسين قال إنه خرج للإصلاح في أمة جده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي كانت ثورة ذات خلفية دينية وسياسية، ترفض مبايعة الخليفة الأموي يزيد بن معاوية بسبب انحرافه عن نهج الرسول والخلفاء الراشدين في الحكم والسلوك.
لكن ارتدادات مقتل الحسين مع مجموعة من أهل بيته وأصحابه كانت كبيرة ومستمرة، تجلّت بثورات لاحقة خرجت تطلب الثأر للحسين، بدءًا من ثورة التوابين بزعامة سليمان بن صرد الخزاعي عام 64 هجريًا، ومعركة عين الورد مع الجيش الأموي عند حدود الجزيرة الفراتية، التي انتهت بمقتل زعيم الثورة وفشلها، بالإضافة إلى ثورة مسلم بن عقيل بن أبي طالب الذي ثار على حكم يزيد وانتهت الثورة بإعدامه على يد والي الكوفة والبصرة عبيد الله بن أبي زياد.
ثم جاءت حركة المختار الثقفي التي أنشأت تنظيمًا سريًا عقائديًا عرف بالكيسانية بايعت محمد بن الحنفية، نجل الإمام علي، وقامت بالثأر من قتلة الحسين، فقبضوا على شمر بن ذي الجوشن وخولي بن يزيد الأصبحي وعمر بن سعد بن أبي وقاص وعبيد الله بن زياد وحرملة بن كاهل الأسدي وقتلوهم شر قتلة.
كما عرف التاريخ الإسلامي ثورات وحركات تمرد أخرى، أبرزها ثورة زيد بن علي بن الحسين ضد الحكم الأموي، حيث اصطف كثير من المسلمين خلفه وعقدوا له البيعة والعهد على الوفاء في مواجهة هشام بن عبد الملك الذي كان على رأس البيت الأموي، وحددت ثورة زيد بن علي أهدافها منذ اليوم الأول في عقد اجتماعي فريد تتلخص بنوده في القضاء على الظلم والتصدي للظالمين ونصرة المستضعفين وإعادة توزيع الأعطيات والأموال بالعدل والمساواة على مستحقيها.
إلا أن ثورة زيد بن علي لم يكتب لها النجاح، وقُضي عليها مبكرًا حيث استمال هشام بن عبد الملك طبقة الأغنياء والوجهاء من أتباع زيد بالتهديد بسحب أموالهم والتسلط عليهم مما حداهم بنقض بيعتهم له ولم يثبت معه إلا الفقراء والمظلومين الذين لا يخشون المواجهة.
أول ثورة ضد الإقطاعيين
ساهمت سياسات الدولة العباسية في إنتاج الأزمات الاجتماعية نفسها التي طبعت العصر الأموي، إذ تزايد الاستغلال الطبقي والاجتماعي وتكرس باستفحال الفقر الذي اكتوى به عامة المسلمين في ذلك العصر، خاصة بعد تشكل طبقة أرستقراطية مقربة من السلطة استحوذت على أهم الموارد الاقتصادية الممثلة بالإقطاعات الزراعية بجنوب العراق مستغلة مكانتها لدى السلطة ونفوذها للاستئثار بها باعتبارها إقطاعات تمليك.
لعل أهم الحركات الثورية التي هزت بعنف الدولة العباسية وقوضت استقرارها، تلك الثورة التي عُرفت بـ”ثورة الزنج” التي أنهكت الدولة العباسية
وبسبب النظام الإقطاعي السائد آنذاك، تحول الفلاحون إلى مؤاجرين، وفي كثير من الأحيان كانوا يعملون بالسخرة، كما رفعت الضرائب على الأرض حتى عجز ملاكها عن دفعها، ما استفاد منه الإقطاعيون الكبار الذين ضموها إلى أملاكهم بعد تخلي أصحابها عنها، واستقدموا “عبيدًا” من ذوي البشرة الدكناء (الزنوج) من إفريقيا، والزط (الغجر) من الهند للعمل في الأرض، وتم تسخيرهم للعمل الزراعي، ومن شدّة العمل مات الكثير منهم.
كان من قدر هؤلاء البؤساء، أن يعملوا ساعات عمل طويلة والسياط على ظهورهم إن أظهروا أي تهاون أو تراخ في أثناء ممارستهم لأعمالهم الزراعية في بيئات رطبة تنتشر فيها الأوبئة والأمراض كالمالاريا، مقابل طعام هزيل ورديء لا يسمن ولا يغني من جوع يسمى بالسويق، وهو التمر الممزوج بالدقيق، في وقت تزايدت فيه ثروات أسيادهم بشكل كبير بفعل الأرباح المحققة من خلال هذه الأنشطة الإنتاجية.
ولَّدت هذه الأوضاع غير الإنسانية أرضية مناسبة لبعث الروح الثورية من جديد، فبدأت تظهر إلى العلن العديد من الحركات المعارضة لسياسات العباسيين، ولعل أهم الحركات الثورية التي هزت بعنف الدولة العباسية وقوضت استقرارها، تلك الثورة التي عُرفت بـ”ثورة الزنج” التي أنهكت الدولة العباسية، سواء من حيث إنجازاتها المحققة أم برنامجها الاجتماعي والإنساني الذي ارتكز على منطلقات إنسانية كتحرير العبيد الزنوج ومساواتهم بباقي المسلمين.
انطلقت ثورة الزنج الأولى في أثناء حكم عبد الملك بن مروان بين عامي 65 و86 هجريًا، من واقع الألم والاضطهاد الاجتماعي والاقتصادي بين مستنقعات البصرة وسهولها، ومع أنها بدأت تمردًا لزنوج اُستخدموا كعبيد من شرق إفريقيا، إلا أنها سريعًا اتخذت شكل ثورة اتسعت لتشمل غير الزنوج من المستعبدين والأحرار على حد سواء، حيث تجمّع “الزنوج” تحت قيادة رجل يُسمّى “شير زنجي”، أي أسد الزنوج، وانضم إليهم “الزط” وكثير من عرب العراق الذين اضطهدهم بنو أمية.
كانت بدايات الثورة ناجحة، خاصة بعد السيطرة على جنوب العراق ثم بلاد إيران، والاستيلاء على بلاد “الأهواز” على الحدود الإيرانية العراقية حاليًّا، الأمر الذي حث عبد الملك بن مروان على إرسال الحجاج بن يوسف الثقفي بجيشه من الكوفه للتخلص منهم، وفشلت هذه الثورة، بعد سنوات قليلة جدًا، لأن النزعة الفوضوية التي طبعتها الثورة وهي في قمة مواجهتها أدت إلى تقلص أبعادها الاجتماعية، وقد زاد من تلك النزعة افتقارها إلى برنامج ثوري يصوغ تطلعات وأهداف القائمين بها، ويوضح العلاقة بين القيادة والأتباع.
خطورة هذه الثورة لم تكن واضحة المعالم في العصر الأموي فقط، بل تعدت خطورتها إلى خلافة بني عباس، فقد عادت هذه الثورة عام 255 هجريًا، واستمرت إلى سنة 270 هجريًا في عهد بني العباس الثاني، فكانت الثورة الثانية – التي استمرت مقاومتها 15 عامًا – تحرق المدن وتبيد الزرع، وبرع المؤرخون في تشويهها وتجسيد خطورتها على الأمة الإسلامية في كتاباتهم، فقد ذكروا أن الزنوج استولوا على الأبلة والأحواز وواسط والبصرة وعبادان وكانوا يحرفون بعضها ويستبيحون أكثر سكانها وينهبون ما يجدون من مال وعتاد حتى عم الرعب هذه البقاع وهُددت عاصمة الخلافة بزحف هؤلاء الأوغاد.
إذا كان الحكام، عبر بعض الفقهاء والمؤرخين التابعين لهم، قد نعتوا هذه الحركات بنعوت قدحية شتى من قبيل الكفر والمروق والإلحاد والزندقة، فإن تطور هذه الحركات الاجتماعية سيعرف بدوره صحوات ذات قيمة فكرية ومرجعية مهمة، شأن شخصيات قائدة مثل ابن حمدون وعمران بن شاهين وحركة الزنج والتنظيمات التي تأسست بالحواضر تحت مسميات العيارين والشطار وارتبطت بالحرفيين للدفاع عن الحوانيت والأسواق من غارات السلطات الحاكمة.
أول ثائر بالأندلس
عمر بن حفصون هو أحد أشهر معارضي سلطة الدولة الأموية في الأندلس، عاصر في ثورته 3 من الأمراء الأمويين، وسيطر على مناطق كبيرة في جنوب الأندلس، بعد أن خرج مع مجموعة من المولدين للثورة على بنى أمية عام 265 هجريًا، وجمع جيشًا من العاطلين عن العمل والرعاع والبسطاء، حتى يرفع الظلم الاجتماعي عن المولدين والمهمشين من البربر وغير العرب ويستقل عن المركزية في قرطبة.
حاول بعض المؤرخين أمثال سيمونيت تبرير حركة ابن حفصون، بأن حركته اتخذت فيما بعد “شكلاً أكثر نبلاً، وتحول من زعيم عصابة إلى زعيم حزب وأمة”
لاقت حركته ترحيبًا من أعداد كبيرة من سكان تلك المناطق من المولدين والمستعربين، وبدأ يوسع إمارته، وأصبح بالفعل يملك جيشًا قويًا، قاومته سلطات الدولة بحزم، حيث أرسل أمير قرطبة 3 جيوش متتالية لدحره دون أن تنجح في ذلك، حتى أنهى خليفة الأندلس عبد الرحمن الناصر لدين الله حركة ابن حفصون وخلفائه تمامًا عام 316 هجريًا، بعد 10 سنوات على وفاة عمر بن حفصون نفسه.
اختلفت الرؤى بشأن ثورة عمر بن حفصون على الدولة الأموية في الأندلس، ففي الوقت الذي يذكر التاريخ الرسمي أن بن حفصون كان نصراني الديانة، واعتنق الدين الإسلامي حتى يفسد في أرض المسلمين، تعتبرته المصادر المسيحية ثائرًا وبطلاً قوميًا هدف إلى غاية وطنية سامية وإلى تحرير وطنه من المسلمين، غير أن نفس المصادر لم تنكر كون ابن حفصون قد نشأ سفاحًا وقاطعًا للطرق.
وقد حاول بعض المؤرخين أمثال سيمونيت تبرير حركة ابن حفصون، بأن حركته اتخذت فيما بعد “شكلاً أكثر نبلاً، وتحول من زعيم عصابة إلى زعيم حزب وأمة”، كما وصفه دوزي بأنه “البطل الإسباني الذي لبث أكثر من ثلاثين عامًا يتحدى المتغلبين على وطنه، واستطاع مرارًا أن يجعل الأمويين يرتجفون فوق عرشهم”، وأنه “كان بطلاً خارقًا لم تنجب إسبانيا مثله منذ أيام الرومان”.
وتصف المصادر الإسلامية بأنه من الخوارج على الأئمة، فقد وصفه ابن حيان القرطبي، مؤرخ السلطة حينها، بأنه “إمام الخوارج وقدوتهم، أعلاهم ذكرًا في الباطل، وأضخمهم بصيرة في الخلاف، وأشدهم سلطانًا، وأعظمهم كيدًا، وأبعدهم قوة”، ولكنه ذكر أيضًا أنه لم تحدث أي مجاعة في عهده، وكان الرخاء يعم في إمارته.
فن مواجهة الثورات
عبر مراحل التاريخ الإسلامي، تعددت أساليب الحكام للقضاء على للثورات والاحتجاجات وحالات العصيان والتمرد التي خرجت ضدهم، وارتبط كل أسلوب بمعطيات الفترة التي شهدت الثورة أو التمرد، لكنها لم تخرج عن خيارات القمع والتنازل والتفاوض والعطايا وشق صفوف المعارضين واستخدام سلاحي الشائعات والفتاوي الدينية.
كانت ثورة محمد بن عبد الله بن الحسن الملقب بالنفس الزكية أول ثورة شيعية ضد الحكم العباسي، شهدها الخليفة أبو جعفر المنصور، حيث أعلن خروجه في المدينة المنورة عام 145هجريًا، وبايعه الناس خليفة وبدأ بإرسال ولاته إلى الأمصار، إلى أن جرت المواجهة العسكرية مع الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور الذي انتصر جيشه على جيش محمد النفس الزكية وانتهى القتال بمقتله وسيطرة العباسيين على المدينة.
شكل الترغيب والتلويح بميزات اقتصادية وسياسية أسلوبًا لإجهاض بعض الثورات، خاصة تلك التي استعصت على الحل العسكري
وهكذا كان الخيار العسكري هو الحل الأول لقمع الثورات، والأمثلة على ذلك كثيرة، فعلى سبيل المثال، أرسل الوالي الحر ابن يوسف الجند للقضاء على الثورة التي قام بها المصريون في العصر الأموي احتجاجًا على زيادة الخراج، وكذلك فعل يزيد بن حاتم، سنة 767، حينما ثار الأقباط في مدينة سخا بسبب زيادة الخراج عليهم، فتوجه القائد نصر بن حبيب المهلبي بجيش للقضاء على الثورة.
وفي العصر الطولوني خرج أحمد بن محمد بن طباطبا العلوي المعروف بـ”بغبا الأصغر” سنة 869 على أحمد بن طولون، لكن الأخير نجح في القضاء على الثورة عسكريًا، واندلعت ثورة أخرى في نفس العام في صعيد مصر، عندما خرج إبراهيم بن محمد بن يحيى المعروف بـ”ابن الصوفي العلوي”، فبعث إليه ابن طولون قائده بهم بن الحسن ونجح في القضاء على الثورة، ثم حُمل ابن محمد إلى مصر قبل إطلاق سراحه بعد توبته.
وبحسب ما جاء في كتاب “ثورات مصر الشعبية”، لجأ محمد علي باشا إلى الحل العسكري لتثبيت حكمه والقضاء على الخارجين عليه، ففي 1824، انطلقت الانتفاضة المهدوية من الصعيد وشملت مناطق عدة وتزعم الحركة أحمد بن إدريس والتف حوله ساخطون وغاضبون على التجنيد في الجيش النظامي الذي كان الوالي يؤسسه، ووصل أتباعه إلى 30 ألف رجل، إلا أن قوات تركية وبدوية سحقت الثورة وذبحت آلاف الفلاحين، وأعدمت ضباطًا وجنودًا ساندوا الانتفاضة.
وفي بعض الفترات، ولأسباب متباينة، كان السلاطين والحكام يلجأون إلى الاستجابة لمطالب الثوار حتى لا تتفاقم الأمور، ومن أبرز الثورات التي شهدت الاستجابة لمطالب الثوار ما حدث عام 1804، عندما ثار المصريون على الوالي العثماني خورشيد باشا بسبب الضرائب الجديدة التي فرضها عليهم وسوء الأوضاع الاقتصادية، إذ اجتمع وكلاء الشعب من العلماء والزعماء مثل عبد الله الشرقاوي والزعيم عمر مكرم في دار المحكمة للتشاور، وطالبوا بعزل الوالي وتولية محمد علي باشا مكانه، ولم يملك السلطان العثماني سوى الاستجابة لمطالبهم.
من ناحية أخرى، شكل الترغيب والتلويح بميزات اقتصادية وسياسية أسلوبًا لإجهاض بعض الثورات، خاصة تلك التي استعصت على الحل العسكري، فكان الحكام يلجأون إلى البذخ والعطاء لبعض القوى لتحييدهم وإجهاض ثورتهم، وظهر ذلك واضحًا في العصر العثماني، كما كان بث الشائعات ضمن أساليب القضاء على الثورات وحالات التمرد.
أمَّا الخيار الذي لا ينضب حتى الآن، فهو استعانة الحكام بفتاوى رجال الدين لإجهاض الثورات، ومن ذلك ما حدث في الدولة الإخشيدية، وتحديدًا في عهد الأمير محمد بن طغج الإخشيد سنة 938، عندما أذن للأقباط بتجديد كنيسة أبي شنودة فأفتى بعض الفقهاء بأحقية الأقباط في ذلك، بينما أنكره فريق آخر من الفقهاء، وأمام غضب المسمين، لم يجد الإخشيد بُدًا من الاستعانة بالفقيه أبي بكر بن الحداد، وكان مسموع الكلمة، فأفتى ببقائها دون تعمير، خوفًا من ثورة المصريين المسلمين.