ترجمة وتحرير نون بوست
بالنسبة للمحللة في علم النفس، كريمة لازالي، مؤلفة كتاب حول المعاناة النفسية المرتبطة بالحقبة الاستعمارية، فإن الهبة الشعبية للمواطنين في الجزائر تفسر حسب رأيها برفضهم لوجود رئيس دولة مريض ومسن في الواجهة، لإخفاء مواقع السلطة الحقيقية.
هذه الطبيبة والأخصائية النفسية، تمارس مهنتها في باريس وفي الجزائر العاصمة، كما أن كريمة لازالي هي مؤلفة كتاب مهم حول الآثار النفسية لفترة الاستعمار الفرنسي للجزائر، وهو مجال بحثي لم يحظ باهتمام كبير في كلا البلدين. هذا الكتاب يحمل عنوان “الصدمة النفسية الاستعمارية-بحث في الآثار النفسية والسياسية المعاصرة للقمع الاستعماري للجزائر”.
وقد شهد يوم الجمعة 8 مارس/آذار تحطيم الأرقام القياسية في أعداد الحشود في كامل أنحاء البلاد، التي خرجت للوقوف ضد نظام بوتفليقة. وتعتبر هذه الخبيرة في علم النفس أن هذه التطورات تمثل علامة على الحيوية المبهرة وغير المتوقعة التي أظهرها الشعب الجزائري، الذي قدم للسلطة درسا في التعايش المشترك، ورفض هذا المشهد المزدوج الذي رسمه النظام الحاكم، حيث أنه يتركب من ثنائية الرئيس المريض والمسن، الذي يخفي وراءه موقع السلطة الحقيقية.
قدم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ترشحه للعهدة الخامسة، وذلك رغم اختفاءه عن الأنظار منذ مدة. فما الذي يعنيه لك هذا الترشح الذي جاء ضد كل الرغبات؟
لازالي: إلى حدود اندلاع المظاهرات، فإن ذلك المأزق السياسي كان يخبرنا بشيء خطير حول الجزائر، وهو حالة الحزن والعجز والخمود التي أصيب بها الأفراد في المجتمع الجزائري. وفي الواقع، كيف يمكننا أن نفهم أن هؤلاء الأفراد قبلوا أن يمثلهم رئيس دولة، كلما ظهر في العلن، لاح مريضا جدا وضعيفا ومشارفا على الموت؟
هذه الصورة التي ظهرت أمام المواطنين مرارا وتكرارا جعلتهم يشعرون أنهم أيضا يعيشون حالة من العجز والضعف، ويشعرون بنوع من الإهانة. ولذلك فإن حجم التحركات الشعبية حاليا في كامل التراب الجزائري تشهد على حالة الرفض العام لواقع الحكم، ورفض أن يحكمهم ويمثلهم هذا المشهد الذي تشكل في رأس الدولة.
ن الصعب في الجزائر تحديد من هو الماسك فعلا بزمام القرار
وفي الوقت الحالي، يرفض الناس في الجزائر أن توجه لهم الإهانة وأن تمثلهم هذه الصورة التي فرضت على مجتمع يمثل الشباب فيه الأغلبية. ولذلك فإن ما نشهده الآن هو إعلان مبهج لوجود المواطنين، وعملية رفض مزدوجة: هي من جهة رفض للمشاركة لهذا المشهد الحزين، ومن جهة أخرى رفض للمشهد المزدوج الذي يظهر فيه رئيس دولة المريض والمسن يخبأ وراءه مكامن السلطة الحقيقية.
والديناميكية المواطنية التي تشهدها المظاهرات الآن، تشبه رفع الستار عن شيء كان مغطى. إذ أن المحتجين يبدون كأنهم يسلطون الضوء على ما كان إلى حد وقت قريب مخفيا، من صورة متآكلة لرئيس الدولة، الذي تم وضعه في الواجهة من قبل من يمارسون السلطة بشكل فعلي، والذين لا يزالون إلى حد الآن يتحركون في الخفاء.
إذ أنه إلى حد الآن، من الصعب في الجزائر تحديد من هو الماسك فعلا بزمام القرار، ولماذا يتم اتخاذ القرارات. هذه الضبابية على رأس الدولة، تسمح لأصحاب السلطة بالتملص من مسؤولياتهم.
هنالك حديث كثير حول صحوة الشعب الجزائري.
إن الحراك الشعبي الحالي يجمع بين الكثير من العناصر: فهو في نفس الوقت استفاقة وصرخة حياة مذهلة وغير متوقعة، تمثل مفاجأة سعيدة. والأمر يتجاوز القطر الجزائري، حيث أن هذه الرسالة تبعث الأمل فينا كبشر، لأنها تحدثنا بأن القوة الجبارة للحياة يمكن أن تظهر حتى داخل أكثر الأوضاع يأسا.
ولكن في نفس الوقت، فإن هنالك مخاوف من أن هذه الصرخة الغنية بالروح المدنية والتحضر والتضامن، قد تتعرض لانكسار آخر، مثلما كان عليه الحال في السابق، على يد السلطة الجزائرية.
إلى جانب ذلك، فإن هذا الحس المدني والحراك السلمي يمثلان درسا في التعايش المشترك، أو ما يمكن اعتباره في السياق الجزائري “مصالحة”، وهو أمر لا يمكن أن يكون مفروضا من فوق، مثلما كان عليه الحال مثلا في المبادرة القانونية التي قدمتها السلطة تحت شعار “الوئام المدني”.
إذ أنه إذا كان الجزائريون سيحققون التعايش المشترك ويصححون الأوضاع، فإن هذا يمر حتما عبر روح المواطنة التي تتجسد في الأفعال، أي من خلال الممارسات اليومية التي تعكس الإيمان بالتعايش المشترك في كنف التعددية. وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا في الوقت المناسب، وبعيدا عن التصنع والأوامر المسقطة.
إن السلم لا يأتي إلا من الشعب، فهل سيتم السماح له بتحقيق ذلك؟ هذا هو الرهان الذي ستدور حوله الأيام المقبلة. وهذا لا يمنع، بشكل أو بآخر، أن ما يحدث في الجزائر الآن أمر غير مسبوق وسوف يؤثر بشكل لا رجعة فيه على المجتمع المحلي. فهل وصلنا الآن إلى تلك اللحظة التي تتحقق فيها الروح الجماعية للجزائريين بعد سنوات من البربرية والعنف خلال فترة الاقتتال الداخلي.
إذ أن تلك الفترة والطريقة التي عانى بها الناس، لدرجة أنه تم منعهم حتى من دفن موتاهم، طبعت لوقت طويل الحالة النفسية للجزائريين الذين أصيبوا بالحزن.
لسنوات عديدة، كان هنالك نوع من الاتفاق المسكوت عنه بين السلطة السياسية والمواطنين
وقد جاءت تلك الأحداث لتضاف إلى كارثة الفترة الاستعمارية التي لا تزال ذكرياتها حية في أذهان الجزائريين، الذين عاشوا سنوات في الصدمة النفسية التي تحولت إلى صدمة اجتماعية. وهو ما أدى إلى أننا نرى اليوم الكثير من الجزائريين في جميع أنحاء العالم يشعرون بقلق كبير حول مآلات الحراك وصرخة الحياة التي تشهدها بلادهم.
إذ أن الصحوة الحالية تمثل مسألة مواطنية وقضية هوية بالنسبة لهم، بعد ما عانوه بشكل جماعي من آثار سياسية وتاريخية.
هل يمكنك أن تفسر أكثر فكرتك حول حالة الحزن التي أصابت المجتمع الجزائري؟
لسنوات عديدة، كان هنالك نوع من الاتفاق المسكوت عنه بين السلطة السياسية والمواطنين، كانوا بموجبه يظهرون نوعا من القبول للطريقة التي تعمل بها هذه السلطة السياسية في الخفاء، وعملية التعتيم المستمرة من أجل عدم إطلاع الشعب على مواقع السلطة الحقيقية ومراكز اتخاذ القرار.
ويمكننا اعتبار أنه شيئا فشيء منذ فترة الاستقلال، تم بناء سلطة سياسية تتحرك على مستويين مختلفين، المستوى الأول هو الواجهة والثاني غير مرئي، تتم فيه اتخاذ القرارات وممارسة كل الصلاحيات دون إقامة أي اعتبار للمحكومين.
إضافة إلى ذلك، فإن هذه المسألة المتعلقة بازدواجية المشهد السياسي في الجزائر كانت موجودة حتى خلال حرب التحرير، أين كانت تدور حرب مرئية بين دولتين، وفي باطنها حرب أخرى خفية وداخلية ضد المقاومين القوميين. وهذا البعد الثاني كان دائما يتم إخفاءه وإحاطته بالسرية.
وفي الوقت الحالي، فإن الحراك المواطني هو الذي سلط الضوء على هذه الحقيقة، من خلال تأكيده على أن لعبة الاختباء التي تمارسها السلطة الحقيقية ضد الشعب يجب أن يتم وضع حد لها. وهكذا فإن النظام السياسي تمت تعريته في مستواه الظاهري المموه، الذي كان النظام الحقيقي يتخفى وراءه أمام الشعب، لتتواصل ممارسة السلطة من قبل مجموعات متنافسة على رأس الدولة.
وفي الجزائر، لا يوجد في الواقع أي فراغ في السلطة، بل إن الحقيقة عكس ذلك، إذ أن هنالك حالة تكدس للأطراف المتحكمة في الأوضاع، والتي تتحرك في الخفاء.
وتجدر الإشارة إلى أن المواطنين الجزائريين لا يجهلون هذه الحقيقة، ولكن ما تعرضوا له من تجارب نفسية مؤلمة خلال سنوات الحرب، هو ما أدخلهم في حالة من الخمود، وهذا بالضبط ما كان يعطي انطباعا، إلى حد وقت قريب، بأن الجزائر تعيش حالة من العجز. ولكن في الواقع، هذا العجز لم يكن إلا ظاهريا، لأنه كان يخفي تحته قوى حية.
واليوم، الشباب والأدباء والسينمائيون، والكثيرون غيرهم يشكلون سلسلة من الأصوات غير المرئية تحت الأرض، التي كانت تحفر في الظل لصنع مكان مليء بالحياة، في انتظار أن تحصل على فرصة وفضاء وإذن للخروج للعلن. كل هؤلاء كانوا في الماضي غالبا ما يتعرضون للسحق والتضييق، في ظل حالة العجز التي كانت سائدة. ولكن اليوم نحن نشهد انقلابا في الموازين بشكل مذهل، وهنالك حالة من الحماس والفرحة أثناء المظاهرات الشعبية، مليئة بالحيوية وتستحق المشاهدة فعلا. وكأن أمرا ما كان معطلا ومتوقفا لفترة طويلة ثم عاد مجددا إلى الحركة بشكل رائع.
كيف استقبلتي إعلان الرئيس يوم 3 مارس/ آذار عن تعهده بالتخلي عن السلطة في حالة إعادة انتخابه للعهدة الخامسة، وإقامته لحوار وطني وانتخابات مبكرة؟
إن النظام السياسي في الجزائر يتحرك من خلال تحريك العنف. وهذا يتجسد من خلال استراتيجية الحكم التي تقوم بإطلاق شرارة العنف بين الناس ثم التدخل مدعية أن هذا الشعب يفتقر إلى التعليم والوعي السياسي. إلا أن الأفراد الجزائريين تمكنوا من افتكاك مواطنتهم، التي كانت مصادرة منذ وقت طويل، ووجهوا رسالة للطبقة السياسية مليئة بالتحضر والسلمية.
وأتمنى أن يستمر الحال على ما هو عليه الآن، حيث أن الشعار الغالب في الشوارع هو كلمة “سلمية”. وكل فرد يحرص على الاهتمام بالآخرين أثناء المظاهرات، حتى عند مواجهة الشرطة. وأنا لم أشاهد في حياتي هذا الزخم من التضامن، وهذا الاهتمام بالآخرين وهذه الروح الوطنية التي يسعى كثيرون لخلقها مهما كان الثمن.
وفي كامل أنحاء البلاد، في 44 ولاية جزائرية خرج الناس إلى الشوارع، والأوضاع السياسية باتت مليئة بالحيوية. حيث أن الشباب يقومون بتنظيف الشوارع بعد انتهاء الاحتجاجات. كما لو أن الشعب يسعى لإعادة تشكيل نفسه ليصبح مجتمعا مدنيا بحق، وإعادة إنشاء روح جماعية مدنية وحية، وهو الهدف الذي تعذر القيام به في السابق بسبب الدور المعرقل الذي تلعبه السلطة. وربما تكون هذه المرة الأولى التي يتشكل فيها المجتمع المدني في الجزائر بطريقة عفوية.
إذ أنه ليس هنالك طبقة اجتماعية محددة في الشوارع، بل إن الجميع مشاركون. وليست هنالك لغة غالبة، سواء كانت الفرنسية أو العربية أو البربرية، بل إن كل الجزائريين مستبشرون بالوحدة الوطنية. وحتى الحدود الجغرافية واللغوية والاجتماعية تحطمت وألغيت. ولهذا فإن هذه الهبة الشعبية امتدت أصداؤها إلى كل الدول الأخرى التي تتواجد فيها جالية من المهاجرين الجزائريين، كما هو الحال في فرنسا وكندا والولايات المتحدة.
ألا يمكن اعتبار أن النظام الحاكم يمثل امتدادا للسياسة الاستعمارية التي أساءت للجزائريين من خلال اعتبارهم مجرد سكان أصليين indigènes، وحرمانهم من هويتهم وروحهم الجماعية، وحرمانهم بشكل خاص من القدرة على التفكير والفعل، عبر صنع حالة من غياب المسؤولية، وهو ما تحدثت عنه أنت في كتابك الصدمة الاستعمارية؟
إن آليات عمل الاستعمار تواصلت في الجزائر رغم تحقيق الاستقلال. إذ أن الشعور بعدم إقامة أي اعتبار للفرد، وتواصل ممارسة الانتهاكات، كلها أشياء لم تنته بعد الاستقلال. كما أن تدمير الروح الجماعية كانت واحدة من أخطر برامج الاستعمار، وهو ما مكن الفرنسيين في ذلك الوقت من التوسع في الجزائر وجعل هذه البلاد مستعمرة تابعة لهم. حيث أن السياسة الاستعمارية الفرنسية نجحت من خلال تدمير المجموعة الوطنية والمجتمع التقليدي الذي كان قائما قبل وصول الفرنسيين. وبعد ذلك، واصلت السلطة الجزائرية إثر الاستقلال، نفس الممارسات الممنهجة لتكسير وقتل كل بوادر أو محاولات إقامة مجتمع مدني حقيقي.
هذا الحراك الجماعي قدم درسا في المواطنة والحس المدني لمن يمسكون بالسلطة
ويمكن اعتبار أن حزب جبهة التحرير الوطني قام بإعادة إنتاج المنظومة التي حارب ضدها، حيث أنه جعل من كلمة “مواطنة” شعارا فارغا من أي مضمون، أو كما يرى المفكر فرانتز فانون، فإن ممارسة الحكم، تتم عبر العنف، وتقسيم الشعب إلى من هم مواطنون ومن هم في درجة أدنى، من الذين لم يحصلوا على تعليم كاف ولا يعتبرون متحضرين.
ونلاحظ أيضا وجود انقسام في السلطة السياسية كان ظاهرا في الفترة الاستعمارية بين الجمهورية الفرنسية والمستعمرة الجزائرية. ويبدو أن هذا المشهد الكولونيالي المزدوج تواصل وجوده وكرسته السلطة السياسية في الجزائر. وهو ما يعني أن الاستقلال لم يكن كافيا لتحرير الأراضي الجزائرية من أثر الاستعمار.
هل يعني هذا أن الحراك المواطني الحالي سوف يحرر السلطة السياسية نفسها شيئا فشيئا من موروثها الاستعماري المترسخ فيها؟
إن كلمة كرامة باتت مسموعة كثيرا في الاحتجاجات الشعبية. والأمر هنا يتعلق بالتعامل مع الانتهاكات الاستعمارية التي تمت إعادة إنتاجها بعد الاستقلال من قبل السلطة الجزائرية، بشكل لا يزال متواصلا إلى حد اليوم.
ويبحث الشعب حاليا عن معالجة الصدمات والمتاعب النفسية التي يعاني منها، من خلال عدة انشطة مثل الأدب والشعر والفكاهة وأيضا التضامن. وإلى حد وقت قريب، كان هذا الشعب يبدو ممزقا ومريضا وضعيفا ومنهكا، بسبب سنوات من الاقتتال الداخلي خلال العشرية السوداء في تسعينات القرن الماضي، وبسبب نظام الحكم الشمولي، وكان يبدو خارجا عن قواعد الجمهورية. إلا أن هذا الحراك الجماعي قدم درسا في المواطنة والحس المدني لمن يمسكون بالسلطة.
من خلال استراتيجية شراء السلم الاجتماعي بالاعتماد على أموال البترول، تمكن النظام الحاكم من الإبقاء على سلطته على الشعب. هل انتهى هذا الأمر الآن؟
لقد فهم الشعب الجزائري أن هذه التسويات الداخلية الصغيرة التي تقوم بها الطبقة السياسية، والتي تمارس الفساد، هي في الواقع كلها خيارات تغلق الباب أمام أي مستقبل للبلاد. ومن الطبيعي أن أي شخص يصعب عليه القبول بالعيش في بلد لا يرى فيه أي مستقبل لأطفاله. خاصة وأن السلطة السياسية برمتها تتصرف كما لو أنه ليس هنالك يوم الغد، ولا تتبع أي سياسات للحفاظ على مصالح الأجيال القادمة.
إن هذه السلطة الحاكمة تقوم باستنفاذ الموارد دون التفكير في المستقبل، وهذه في حد ذاته طريقة تفكير تثير الحزن. والسياسيون نفسهم أصبحوا عالقين داخل هذه الفكرة الفظيعة المتعلقة بنهاية العالم، ويشاركون في ترسيخها في أذهان الآخرين وأبناء جيل المستقبل. ولكن ربما لا تكون نهاية العالم هي ما تنتظر الجزائريين، بل قد تكون النهاية سعيدة ويتحرر الجميع من هذه المنظومة الاستعمارية.
أنت كباحثة لم تتوقف يوما عن البحث في الصراعات الأخوية والأبوية في التاريخ الجزائري، هل تعتقدين أننا اليوم أمام إحدى هذه الحالات، سواء من وجهة نظر الشعب أو من وجهة نظر المجموعات الماسكة بالسلطة؟
بالنسبة لي أعتقد أنه لم يكن هنالك شخص يمكن اعتباره أب الأمة الجزائرية. ونحن لا نزال في انتظار هذا الشخص، ولا ندري إن كان سيأتي، أما بوتفليقة فلا يمكن اعتباره في مكانة أب هذا الشعب. فهو ينتمي إلى مجموعة الإخوة الثوريين الذين اكتسبوا شرعية تاريخية أو دينية غير حقيقية، ولكن في كل الأحوال من المؤكد أن الجزائريين لم يكن لديهم أب في أي مرحلة من المراحل السابقة.
إن من يمكن أن يعتبر أب هذه الأمة، هو الشخص الذي يفكر في بناء الوطن بناء على مصالح الأجيال القادمة التي ستأتي بعدنا وستعيش على هذه الأرض. وتبعا لذلك، يجب الحفاظ على الموارد والمقدرات والموروث لهذه الأجيال. وفي الوقت الحالي في الجزائر ليس هذا هو التفكير السائد لدى الأفراد الذين يمارسون السلطة السياسية.
أتمنى أن الجهود الحالية لإعادة بناء المجتمع المدني، التي نشهدها بشكل بارز في الفضاء العام، وتتسم بالحس المدني والمواطني، سوف تؤدي إلى إعادة بناء نسيج اجتماعي جديد، ونسيج سياسي إثر ذلك.
المصدر: ميديا بار