غضب فلسطيني.. رجال عباس يُبرمون اتفاقيات اقتصادية سرية مع “إسرائيل”

cat51931_img330432345

من خلف ظهر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تجري لقاءات سرية ومكثفة بين رجال من السلطة الفلسطينية وحركة فتح ومسؤولين إسرائيليين أمنيين واقتصاديين، لوضع الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة التي سيكون فيها عباس غائبًا عن الساحة السياسية.

اللقاءات التي تجري على قدم وساق وتغلف جميعها بالسرية التامة وتحصل على بند “يُمنع من النشر” شهدت خلال الأسابيع القليلة الماضية تطورًا ملحوظًا واجتماعات شبه دورية بين مسؤولين رفيعي المستوى من السلطة وحركة فتح، وآخرين من المؤسسة الأمنية والاقتصادية في “إسرائيل” وجميعها تمت داخل الغرف المغلقة في مدينة القدس المحتلة.

ورغم أن العديد من التقارير وصلت مكتب الرئيس عباس عن تلك اللقاءات والأسماء التي تشارك فيها والأهداف المرجوة منها، فإن الأخير لم يحرك ساكنًا الأمر الذي يزيد من ضبابية وغموض المشهد الفلسطيني، في ظل مسعى رئيس السلطة شخصيًا ودعواته المتكررة للقاء الإسرائيليين وعلى رأسهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

وخلال شهري فبراير ومارس من العام الحاليّ عقد مسؤولون في السلطة أكثر من 7 لقاءات مع الجانب الإسرائيلي، وشارك في اللقاء شخصيات فلسطينية على رأسها مدير جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، إضافة للقيادي في حركة فتح أشرف العجرمي، وحسين الشيخ والقيادي خليل التميمي، وحضر عن الجانب الإسرائيلي الاقتصادي المعروف رامي ليفي، وكانت تلك اللقاءات برعاية السفير الأمريكي في تل أبيب ديفيد فريدمان.

المرحلة الحساسة

إضافة للملفات السياسية والتجهيز لمرحلة ما بعد الرئيس عباس السياسية، ومحاولة إنقاذ السلطة وإبقائها على شاكلتها الحاليّة المترهلة والقريبة من حافة الانهيار وتمسكها المقدس بالتنسيق الأمني مع “إسرائيل”، كانت هناك ملفات أخرى تحظى بإجماع الحضور وتوصل الطرفان فيها لاختراقة كبيرة ومتقدمة لأول مرة تحدث.

“التعاون الاقتصادي” كان الركيزة التي طفت على اللقاءات السرية بين رجال السلطة والمسؤولين الإسرائيليين، وتم عقد الكثير من الشراكات المهمة في التعاون الاقتصادي، ولعل أهمها فتح مراكز تجارية كبيرة في مدن الضفة والقدس، ومشاريع خدماتية أخرى في التجارة الإلكترونية لتشغيل 50 ألف جامعي في مجالي الهايتك والتجارة عبر التكنولوجيا وجميعها بتمويل أمريكي.

المراكز التجارية التي دائمًا ما كانت تتبع لرجل الأعمال الإسرائيلي الشهير رامي ليفي، وتكتب على كل بواباتها “ليفي”، تم كشف النقاب أن رجال أعمال فلسطينيين يشاركون فيها ولهم نسبة أرباح كبيرة.

أجرى رئيس الحكومة رامي الحمد لله عدة لقاءات مع وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون، كما شارك عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني في مؤتمر (هرتسيليا) عام 2016، وفي الدورة التالية شارك مستشار الرئيس نبيل شعث في المؤتمر، بالإضافة للقاءات المتكررة بين وزراء الحكومة الفلسطينية بالمنسق الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية

ورغم أن “مولات ليفي” أثارت موجه غضب فلسطينية عارمة خلال الشهور الأخيرة بسبب افتتاح فروع لها في مناطق حساسة بالقدس والضفة، فإن السلطة حتى اللحظة لم تحرك ساكنًا بهذا الملف أو حتى تحاول إيقاف هذا التمدد الخطير الذي يضرب الاقتصاد الفلسطيني في مقتل وينمي التبعية للاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي يثير الشوك عن دور مشبوه تلعبه بهذا الملف الحساس.

رغم ادعاء السلطة بأنها ترفض لقاء المسؤولين الإسرائيليين منذ توقف المفاوضات السياسية أواخر العام 2014، فالأشهر الأخيرة شهدت لقاءات متكررة بين شخصيات فلسطينية وإسرائيلية بشكل سري وعلني.

تتباين مستويات مشاركة مسؤولي السلطة بشخصيات إسرائيلية، فعلى سبيل المثال أجرى رئيس الحكومة رامي الحمد لله عدة لقاءات مع وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون، كما شارك عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني في مؤتمر (هرتسيليا) عام 2016، وفي الدورة التالية شارك مستشار الرئيس نبيل شعث في المؤتمر، بالإضافة للقاءات المتكررة بين وزراء الحكومة الفلسطينية بالمنسق الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية.

لقاء الحمد الله مع منسق أعمال حكومة الاحتلال يوآف مردخاي

مسؤولون واقتصاديون أبدوا مخاوفهم من إقامة مراكز تجارية مشتركة بين رجال أعمال فلسطينيين وإسرائيليين تقام في المستوطنات الجاثمة على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، وحذروا من أن تلك المشاريع هدفها الالتفاف على حملات المقاطعة المحلية والخارجية لبضائع المستوطنات وفرض أجندات سياسية على الفلسطينيين عبر البوابة الاقتصادية.

ضرب الاقتصاد الفلسطيني

يقول رئيس غرفة تجارة شمال الخليل نور الدين جردات: “هذه المشاريع مرفوضة لأنها تمس بالوطنية الفلسطينية وتشرع الاستيطان، ومحاولة للالتفاف على حملات المقاطعة”، مضيفًا “أسماء الشخصيات الفلسطينية المتداولة غير منتسبة للغرف التجارية في الخليل، ونشاطهم قد يكون فرديًا”.

وشدد تأكيده على ضرورة أن تكون مقاطعة منتجات الاحتلال وبضائع مستوطنيه التزامًا وطنيًا قبل أن تكون قانونًا، لافتًا إلى أن الدافع وراء إقبال الشخصيات الفلسطينية على تلك المشاريع المشكوك في نواياها، تحقيق أرباح أو تعلقهم بمغريات.

من جانبه قال الاختصاصي الاقتصادي الدكتور سمير عبد الله: “المستوطن رامي ليفي، يختار مناطق مفتوحة ليسهل على الفلسطينيين الوصول إليها، بغرض توسيع تجارته أو لتحقيق أهداف سياسية تخدم المستوطنات غير الشرعية”، وأكد أن الاحتلال يحاول عبر البوابة الاقتصادية أن يحقق إنجازات سياسية لم يستطع التوصل إليها في إطار محادثات التسوية مع الفلسطينيين، مجددًا أهمية زيادة توعية وتثقيف المواطنين بأهمية مقاطعة منتجات الاحتلال كونها تزيد في قوة المحتل اقتصاديًا وتستنزف الموارد الفلسطينية.

رغم أن اللقاءات التي تجري بين مسؤولي السلطة وحركة فتح مع الإسرائيليين تثير دائمًا معها موجه غضب فلسطينية عالية، وسط اتهامات بـ”العمالة” لمن يشارك فيها، فإن طبيعة الملفات التي تفتح في تلك اللقاءات ووصلت حد الشراكة الاقتصادية والسياسية باتت تقلق كثيرًا الفلسطينيين الذين ينتظرهم مستقبل باهت ملامحه لا تبشر بالكثير من الخير

وحث حكومة الحمد الله على توفير الدعم والإسناد للمنتجات الوطنية لمنافسة المنتجات الإسرائيلية، مبينًا أن حكومة الاحتلال تعفي منتجات المزارعين الإسرائيليين من الضرائب والرسوم، وتقدم لهم أسعار المياه بشكل تفضيلي، كما أنها توفر لهم حماية بحيث لا تسمح باستيراد منتجات لها بديل محلي.

من جهته أكد رئيس اتحاد جمعيات حماية المستهلك الفلسطيني عزمي الشيوخي، أن قانون مقاطعة وحظر بضائع وخدمات المستوطنات، يجرم أي تعاون وأي شراكات وأي مشاريع مشتركة مع المستوطن المجرم رامي ليفي في أي مكان من الأراضي المحتلة عام 1967 .

وأكد أن وجود المستوطنات غير شرعي وغير قانوني، وأي مشاريع أو تعاملات فلسطينية تجارية أو صناعية أو زراعية أو اقتصادية، مهما كان نوعها مع المستوطنين بشكل عام، هي تعاملات تتنافى مع قانون حظر ومقاطعة بضائع وخدمات المستوطنات، وتتنافى مع كل الاتفاقات والمعاهدات الدولية والإقليمية.

ورغم أن اللقاءات التي تجري بين مسؤولي السلطة وحركة فتح مع الإسرائيليين تثير دائمًا معها موجه غضب فلسطينية عالية، وسط اتهامات بـ”العمالة” لمن يشارك فيها، فإن طبيعة الملفات التي تفتح في تلك اللقاءات ووصلت حد الشراكة الاقتصادية والسياسية باتت تقلق كثيرًا الفلسطينيين الذين ينتظرهم مستقبل باهت ملامحه لا تبشر بالكثير من الخير على صعيد قضيتهم وما تواجهه من مخاطر.